أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - عن ستانلي كوبريك وسبل المجد1957:















المزيد.....

عن ستانلي كوبريك وسبل المجد1957:


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 3843 - 2012 / 9 / 7 - 19:43
المحور: الادب والفن
    


عن ستانلي كوبريك وسبل المجد1957:
حقق كوبريك المخرج الأمريكي الشهير والمتفرد برؤيته وانتاجه القليل-ثلاثة عشر فيلما على مدى نصف قرن تقريبا-ثلاثة أفلام قبل تحقيقه لفيلم سبل المجد هي بالترتيب:الرهبة والرغبة،وقبلة القاتل،والقتل فيعد الرهبة والرغبة 1953 لذي يرى كوبريك نفسه بأن يحمل فجوات كبيرة لها علاقة بالأداء التمثيلي انتقل لتحقيق فيلم قبلة القاتل الذي يعتبر كما يرى(نورمان كيجان صاحب كتاب ستانلي كوبريك) أقل فيلم لكوبريك تعبيرا عنه فهو فيلم ضعيف في قالب قصة مثيرة تنتمي إلى المذهب الطبيعي.
انتقل كوبريك الذي يعتبر من الجيل الذي لم يدرس السينما بل اعتمد على موهبة وتعلق بالكاميرا وحب للسينما منذ الصغر لتحقيق ما نستطيع قوله أول فيلم كبير له وهو فيلم القتل وهو عبارة عن فيلم تسجيلي لجريمة سرقة ترتكب في الوقت الذي يجري فيه سباق كبير للخيل،وعلى الرغم من أن السيناريو كان منهجي ومحكم،ولكن كوبريك لم يظهر فعليا كمخرج متميز لأسباب نذكر منها أن فيلم القتل ظل معلقا بحبكات وسيناريوهات قدمتها هوليوود مرارا وتكرارا كما أن العنصر الغالب على الفيلم هو الميلودراما مع حياد فكري واضح...هذا الحياد الذي لم يعودنا عليه كوبريك بعد الآن في أفلامه...
فيلم سبل المجد تدور أحداثه في فرنسا عام 1916 ونحن نعرف أن الحرب العالمية الأولى وقعت في عام 1914 وكانت كلا ألمانيا وفرنسا طرفين فيها وهنا يلقى كوبريك نظرة ذات بعد واحد على المؤسسة العسكرية الفرنسية وهي النظرة ذاتها التي منعت الفيلم من الدخول إلى فرنسا حتى عام 1975.
يبدأ الفيلم من محاولة فرنسية لاحتلال موقع استراتيجي تابع للألمان (تل آنت) الجنرال ميرو المسؤول عن الكتيبة 701 يرفض ذلك في البداية مقتنعا باستحالة حدوث ذلك،ولكن ومع بعض الوعود التي تتعلق بالمجد الشخصي يقبل ميرو (شخصية سادية) بذلك....يذهب الجنرال لتفقد حال كتيبته،وهو دائما ما يردد سؤالا:
مرحبا أيها الجندي..هل أنت مستعد لقتل المزيد من الألمان..؟!
يعتمد كوبريك في سرده اسلوبا انتقاديا لاذعا وبأكثر من طريقة،فمن عنوان الفيلم (سبل المجد) الذي يشعرك بأنك ستشاهد فيلما عن بطولة وطنية حربية على الرغم من السبل التي يتحدث عنها كوبريك التي كانت كلها لتحقيق أهداف شخصية،وحتى هذه السبل لم تؤدي سوى إلى الدمار...ميرو سيوكل هذه المهمة إلى الكولونيل برودلاد(كيرك دوغلاس) الذي اعتبر ذات مرة أن هذا الفيلم علامة فارقة في تاريخه بالإضافة إلى كونه أحد أجود ما قدم من أفلام،كان من اشهر المحامين في فرنسا قبل الحرب،ذو شخصية قوية،ومع تردده إلى درجة الرفض خاصة إن الجنرال مونرو يقدم له احصائيات دقيقة عن نسبة الجنود الذين سيقتلون في هذه المعركة وهي نسبة 50% سرعان ما سيقبل بهذه المهمة...
تبدأ المهمة،والفيلم يقدم عملية الاقتحام بحرفية كبيرة،ولكن هذه المعركة ليست لب الموضوع،لأن الموضوع هنا ليس عن معركة وطنية بل هو عن نزاع طبقي لأناس من فئة واحدة..صراع بين قائد يسعى لبطولات شخصية وجنود مذعنين مجبورين على الموت دون تمرد..صراع بين قائد وبين من هو أعلى منه لتحقيق نوع من العدالة التي هي بحد ذاتها عبارة عن تهكم قد يكون مبالغا به قليلا..
الجنرال ميرو عندما يرى تقاعس الفرقة عن التقدم يطلب من قوات المدفعية أن تبدأ بإطلاق النار على موقع الفرقة الفرنسية التي تقوم بالعملية ذاتها معتبرا أن ذلك يحثهم على التقدم كما أن من يموت بهذه الطريقة وبهذا القصف سينال جزاءا عادلا فهذا يعتبر إعداما على جريمة الجبن في الحرب...
الموضوع إذا هو عن فساد أخلاقي في منظومة عسكرية تعتبر أن الغاية تبرر الوسيلة وإذا أردنا عدم أدلجة هذه القصة التي لازالت لها بقايا قادمة فهذه ربما تكون العبرة الوحيدة داخل الفيلم(فساد أخلاقي داخل منظومة عسكرية).
ستقم محاكمة،وبعد أن يكون عدد المختارين من قبل مونرو مائة شخص يتقلص العدد إلى ثلاثة بتهمة الاعدام بسبب الجبن في مواجهة العدو. وسيتولى الكولونيل برودلاد الدفاع عنهم.
أحد المختارين كان بالقرعة،والآخر كان نتيجة عدم قبوله اجتماعيا،أما الثالث سيختار من قبل رئيسه مباشرة العريف لأنه كان شاهدا عليه في تخليه عن رفيقه في الكتيبة أثناء مهمة استطلاعية وهنا الجبان الفعلي هو من يختار بل ويحكم على الآخرين بالجبن بل سيتولى عملية عملية الاعدام بعد انتصار محاكمة صورية غير مسجلة أصلا.
إذا وبكل المقاييس نرى نظرة ذات بعد واحد فعليا..فكوبريك يقدم كل الشخصيات المنحرفة كحكم على أشخاص آخرين منساقيين إلى قدرهم دون تذمر أو تمرد.
في السجن يشبه أحد السجناء نفسه بالحشرة وهو تشبيه مقصود،فالشجاع الذي اختير بالقرعة يبدأ بعد فترة بالبكاء مثل النساء،والحاصل على وسام الشجاعة مرتين يتصرف بهلوسة حتى يتلقى ضربة على رأسه يصيبه على أثرها ارتجاجا في المخ بينما يبقى الأخير الشاهد الحقيقي على عملية جبن واضحة ومحكوم عليه الآن ظلما بأن جبان ويبقى صامدا حتى النهاية.
مشهد الاعدام سيكون لثلاثة أشخاص أحدهم سيرفض تلقائيا عصبة العينين لأنه فاقد لوعي أصلا وجاء مربوطا على سريره ولآخر سيقبلها وهو يبكي والثالث سيرفضها وهو ينظر في صمت.
نلاحظ أن كوبريك يتبع في هذا الفيلم مسار سردي واضح لا حياد فيه عن أهداف القصة والحبكة التي أرداها كوبريك هي الوصول إلى هذه المحاكمة.
هذا الإعدام سيكون دفعة قوية لباقي الجنود..ليس هناك أشياء أكثر تحفيزا من مشاهدة أشخاص يتعرضون للقتل وأحد طرق الحفاظ على الانضباط قتل رجل بين الحين والآخر وهذه الكلمات الشديدة التي تقولها أحد شخصيات الفيلم،موجهة فعليا للقيادة الفرنسية...مونرو سيقال من منصبه بعد أن قدم برودلاد شهادات تثبت إن قام بإعطاء أوامر بإطلاق المدفعية على أعضاء كتيبته.
في المشهد الختامي (المثير للجدل) والذي كان له أكثر من طريقة ومن وجهة نظر للتفسير،فأعضاء الفرقة 701 مجتمعين في حانة حين يقدم لهم آمر الحانة مفاجأته حين يجلب لهم فتاة ألمانية (سيتزوجها كوبريك في الحياة) أسيرة سيصف جسدها بدعارة واضحة ويطلب منها الغناء فتغني مع دموع تنزل من عينيها:
تغني بلغتها أغنية وطنية أوروبية شهيرة وسينقلب صخب الحانة إلى صمت وسيبدأوون بالغناء معها بلغتهم هم بعد تعرفهم على الموسيقى...يستمع إلى كل ذلك الجنرال برودلاد ويمنحهم بعض الدقائق الإضافية...
هل هذا رثاء للأمة البشرية برمتها...ألمانية محتجزة يبدو أنها مقدمة كهدية رخيصة للدعارة ولجندي هو ذاهب للموت من دون أن يعرف ذلك...هنا يصح أن نقول أننا ضحايا الحرب أي الظروف ومن ثم ضحايا من يقودون هذه الحرب،كما أن الجنرال أصبح محكوما عليه هو الآخر بالموت فحتى بعد أن عرف ما عرفه يبقى عاجزا ويتقبل مصيره بواقعية فهو القائد الآن.
إذا أردنا مشاهدة هذا الفيلم الذي يعتبر باكورة الجدل الفلسفي والانتقادي عند كوبريك فنحن أمام ثلاثة خيارات وكلها متاحة:
أولا أن نشاهد قصة...مجرد قصة لها عنصر سردي قوي وسيناريو تقريري ناجح وممتاز جعل من الفيلم دراما حقيقية لم تقترب في أي مشهد من الميلودراما...ومع أن هذا الخيار مطروح فأنا أرى بأنه مستحيل...
أو فيلم ذو اتجاه واحد مصر على فضح من يقوم على مؤسسة عسكرية،وهو خيار ربما يكون مقنعا ومقبولا أكثر من الخيار الأول،وأما الثالث فهناك إمكانية لتعقيد الأمور أكثر لأن يمتد هذا الفيلم إلى مواضيع وقضايا أخرى من الحرب إلى القائمين عليها إلى الصراع الطبقي إلى حتى نقد أيزنهاور نفسه.
فيلم كوبريك هذا مبنى على نص أدبي حذف منه الكثير حتى يتناسب مع رؤية شخصية لرواية (همفري كوب) بنفس الاسم ومن الجدير ذكره أن كل أفلام كوبريك القادمة ستكون مبنية على نصوص أدبية وأشهر هذه النصوص هو لوليتا عن رواية بنفس الاسم للكاتب الروسي فلاديمير نابوكوف ولكن شهرة هذه الرواية لم تجعل من الفيلم القادم لكوبريك (لوليتا) أفضل أفلامه بل ربما أسوأ أفلامه المتوسطة.



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدث ذات مرة في الغرب 1969:سيرجيو ليوني:عن رباعية السباغيتي و ...
- كازانوفا فليني 1976:سقوط فليني في رؤية خاصة أبعدت الشخصية عن ...
- ساراباند 2004: دراما معقدة لعلاقة ناقصة
- مشاهد من الحياة الزوجية 1974 لانغمار بيرغمان: قصة انتهاء زوا ...
- الظمأ(ثلاثة قصص حب غريبة) 1949 لأنغمار بيرغمان:نموذج لأمرأة ...
- TANGO 1998::امتزاج بين الواقعي والاستعراضي في سرد سلس ومتناس ...
- السفينة تبحر 1983 لفدريكو فليني:حضور أوبرالي وكنايات سياسية ...
- العظيم الأخير(إيليا كازان) 1976:تبريرات قصدية لأحداث تغيب عن ...
- البكاء والهمس 1972 (أنغمار بيرغمان):محاولات للوصول إلى أصل ا ...
- The Touch1971:قصة حب عادية جدا للصدفة فيها دور كبير
- In The Mood Of Love 2001:سردية هادئة لقصة هي في ذروة العقدة ...
- دراسة مطولة حول فيلم التضحية(أندريه تاركوفسكي)1986: الخلاص ا ...
- الحنين 1983 لأندريه تاركوفسكي: تأملات في شعور بشري خالص
- لفدريكو فليني: مرة أخرى عن ذكريات فلينيAmarcord
- ستالكر أو الدليل لأندريه تاركوفسكي 1980 :المنطقة أو لحظة زوا ...
- زوربا اليوناني 1964:اليكسس زوربا:الرجل المحاصر بين متطلبات ا ...
- Passion of ann 1969 لأنغمار بيرغمان: سرد واضح لشخصيات ضعيفة ...
- ساعة الذئب 1968:بداية الحقبة النفسية لبيرغمان
- سولاريس لستيفن سوديربيرغ: رؤية جديدة لرواية ستا نسلو ليم:سول ...
- الإغواء الأخير للسيد المسيح 1988:أكبر ثورة فكرية في تاريخ ال ...


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - عن ستانلي كوبريك وسبل المجد1957: