أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - التوت البري(انغمار بيرغمان)1957:البساطة عندما تصنع فيلما خالدا















المزيد.....

التوت البري(انغمار بيرغمان)1957:البساطة عندما تصنع فيلما خالدا


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 3957 - 2012 / 12 / 30 - 21:28
المحور: الادب والفن
    


التوت البري(انغمار بيرغمان)1957:البساطة عندما تصنع فيلما خالدا
فيلم التوت البري هو من اشهر واعظم افلام المخرج بيرغمان على الاطلاق،ودائما ما يصنف من أعظم عشرة أفلام في تاريخ السينما،وهو على عظمته ولكنه يناقش قصة هي غاية في البساطة ضمن معطيات بسيطة،وايضا دون أن يتلاعب بيرغمان بهذه المعطيات بحيث بدا الفيلم بسيط جدا سلسا على الفهم باستثناء بعض المداخلات لبعض الأحلام الفنتازية التي لم تكن بتلك الصعوبة أيضا...
إذا الدكتور اسحق بورج الذي يبلغ من العمر 78 عاما(Victor seastorm) وهو منسحب تقريبا من كل العلاقات
الاجتماعية حتى لا يحكم على سلوك الآخرين،كسلوك طوعي وربما بسبب هذا قد اصبح وحيدا في شيخوخته...
هذه المقدمة توضح كثيرا وتختصر في نفس الوقت الكثير من معطيات الفيلم،فاسحق وحيد وزوجته متوفية ولكن امه لازالت على قيد الحياة على الرغم من شيخوختها وهو سيتسلم غدا الدكتوراة الفخرية في كاتدرائية لوند...
الفيم يعيد الاعتبار للحياة الماضية...يفكر يتأمل في الماضي،فالنقطة الأولى عن الفيلم بأنه فيلم عن اللحظات التي يعتبر فيها الإنسان نفسه بأن حياته قد انتهت ولم يتبقى له شيء فيها،ومن هذه اللحظات سيبدأ الانسان بمحاسبة نفسه وسيحاسبه الآخرون فاتحا لهم الباب على مصراعيه لابداء أحكامهم عليه...
ويوظف بيرغمان الاحلام في هذا الفيلم،ولكن الأحلام بوصفها طريقة تعبيرية عن الهواجس والذكريات...
فالحلم الأول عندما يرى اسحق نفسه يمشى في شوارع بلده مهجورة...ينظر إلى ساعة بدون عقارب ويجد رجلا ويفاجأ عندما يتأمل في منظره ...يجده رجلا غريب المنظر عينيه مغلقة بشدة وكأنه ليس له وجه أبدا...
يسقط هذا الرجل على الأرض ويتبخر وجهه مخلفا بركة من الدماء،ثم يجد نفسه مسجيا في تابوت..
وهنا نسأل أنفسنا هذا السؤال:هل هو خائف من الموت؟...هل هاجس الموت بدأ يسيطر على تفكيره أو هل أن الموت يقول له بأنه بدأ يقترب منه.
نلاحظ أن فيلم الختم السابع والتوت البري هما الأقوى في فيلموجرافيا بيرغمان،وكلاهما حققا عام 1957،كما ان فكرة الموت هي المواضيع المسيطرة والقوية في هذين الفيلمين...
هناك كنته ماريان(Ingrid Thulin)- التي تألقت في أفلام بيرغمان اللاحقة وخاصة فيلم(الصمت)- التي تقرر أن
تشاركه رحلة الوصول إلى مكان استلام الدكتوراه الفخرية.
يكتشف الدكتور اسحق بأنها تكرهه وتقول له بأنه عجوز أناني عديم الرحمة, مغرور وصلب كمسمار بأنه ليس مهتم إلا بنفسه...الفيلم عن حالة شخصية جدا تحكم على نفسها بلسانها وبلسان ذكرياتها وبلسان الآخرين قبل الموت..إنه فيلم عن الحياة،عن العمر وعن معنى الحياة،حيث يمر على المكان الذي تربى فيه لأول عشرين عاما من حياته..
إنه يعيد ذكرى الأيام والأحلام،حيث ينمو التوت البري...يسترجع ابنة عمه التي كان يحبها ولكن تزوجها أخيه نظرا لضعفه وشاعريته الشديدة.
إذا الماضي في هذا الفيلم,ليس الماضي بكامله...بل لحظات معينة من هذا الماضي معلقة في حياة هذا الرجل ...إننا نعيش في جهل شديد للماضى سوى ما علق منه في أذهاننا...سوى الذي قررنا العودة إليه دائما في كل لحظة،وهذا مضمون رواية الجهل لميلان كونديرا...
الفيلم كما قلنا عبارة عن اختصار لمسيرة انسان يبدو بأن الموت يطرق بابه،وهو يعود إلى الماضي لكي يتذكر ولكن ليس ليكتشف شيئا...والمفارقة في هذا الفيلم بالذات بانه يعتبر ابسط فيلم لبيرغمان-من افلامه القوية على الأقل-ولكنه الأكثر شهرة وربما الأقوى في مسيرته كاملة...
فالتوت البري جملة تعني الكثير لهذا الدكتور...إنها اختصار لحياته الماضية...لحياة الشباب بكل مآسيها، إنها تثير الذكريات الأقوى وذات المدلول الجريح في حياته...التوت البري هو الذكريات والخلود...
يلتقي بفتا(ةBibi Anderson) في طريقها إلى ايطاليا فيقرر أن يأخذها معه،مع العلم أن ابنة عمه قامت بدورها نفس
الممثلة،مع اصدقائها (فكتور واندوراس).
وفي الطريق يحدث حادث عرضي مع سيارة أخرى، فيضطر اسحق لأخذ الرجل وزوجته في نفس السيارة.
هذه النماذج الحياتية التي يدخلها بيرغمان (بشكل عرضي) إلى الفيلم،هي عبارة عن وقفة للتأمل لهذا الرجل ولنا أيضا،فهذا الرجل وزوجته غير متفاهمين أبدا فتقرر ماريان طردهم من السيارة حتى لا يقدموا نموذحا سيئا عن فكرة الزواج للشباب اللذين يركبون معهم.....وللزواج حكاية خاصة عند بيرغمان عندما يستعيدها بيرغمان على شكل شذرات قبل أن يناقشها في أفلام خاصة...
وبذلك تضيع الرحلة رحلة للذكريات ....لاسترجاع الماضي ولتذكر الحياة برمتها...للرحلة للاصطدام مع الحياة مرة أخرى...
الفيلم يناقش ثنائية خالدة بتجريد خالص،وهي ثنائية الحياة والموت من دون أي اقحام لوجهة نظر،بل بيرغمان كان محايدا (على غير عادته) في طرح هذه الأفكار وكأن هذا الفيلم وضعه للتأمل فقط ومعطيا المشاهد الخيارات المتعددة لاستشفاف شيء من حياة هذا الرجل...
عند توقف الدكتور في محطة للبنزين يعامله عامل المحطة بود شديد ويرفض اخذ ثمن البنزين منه...هذا يدل على أن الدكتور يمتلك نقاط مضيئة في حياته وهذا إن لم يدحض اتهامات ماريان ولكنه يدل على الأقل بأنها لم تفهم الدكتور بشكل صحيح...إنه شخص يريد أن يعيش مع ذاته...(مع ذاته فقط)
في هذه الرحلة يدور حوار بين فكتور واندوراس حول الإيمان بالله وفكرة الموت والدين ويتجادلان بقوة حول فكرة وجود الرب...انها البساطة في اتمام عنصر مهم لهذا الموضوع،ألا وهي فكرة وجود الله ومسؤوليته عن ادارة هذا الكون....
اقحام سلس ومرن من دون تعقيدات ومن دون شروحات...انها نظريات تجريدية..فن مجرد عن آلية فهم هذا الكون بحقائقه الأساسية(الموت-الحياة-الشر والخير-الايمان والخلاص).
هل كانت هذه الحياة التي عاشها الدكتور كافية...اعتزل العالم وحقق درجة الدكتوراة الفخرية...ولكن هل كانت كافية؟
إذا القضية برمتها مفتقدة للحبكة المركزية و،ولكن مجرد عناوين من خلال سرد لحياة هذا الدكتور،نموذج حياتي اختاره بيرغمان،وهذا النموذج ليس صعبا بالمرة.
الأحداث في حياة الدكتور هي الأهم...الذكريات هي الجهل بحد ذاته...هي ما يعلق في الذاكرة ويبدو أن ابنة عمه التي تزوجت من اخيه حالة خاصة يتذكرها دائما طوال ما بقي له من حياة...طوال خمسين عاما تقريبا.
ثم تعود الأحلام إلى الواجهة...للأحلام دور كبير ومهم للتعبير بفنتازيا حلمية طبيعية-غير خارجة عن المألوف-عن الهواجس وعن الماضي وعن محاسبة النفس وعن الشعور بالذنب.
في الحلم يطلب منه شخص أن ينظر في المجهر ليتعرف على نوع من البكتيريا وعندما ينظر يرى عينا تنظر إليه...
هل هذه العين العين هي عينه انعكست في المجهر...؟
إذا كان الدكتور متهم بالأنانية لدرجة كبيرة لدرجة أن هذه الصفة بدأت تعلق في ذهنه عن نفسه،فهذه العين هي عينه نفسه،لأنه ببساطة لا يستطيع أن يرى سوى نفسه.
فيلم التوت البري 1957 هو فيلم عن المصير..فيلم عن وقفة في حياة الإنسان عندما تعلق فكرة الموت في ذهنه ويبدأ بحساب نفسه...يبدأ بالنظر إلى الخلف وعن معنى الحياة وما الذي تعنيه بالنسبة إليه،وما الذي حققه فيها أصلا،عن طريق سرد لقصة بسيطة ناقشت بقوة المعاني الكبيرة بتجريدية واضحة محايدة،وهذا نادرا ما نجده عند بيرغمان,
على الرغم من ان التوت البري يعتبر من أقوى أفلام هذا المخرج على الإطلاق...





#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مانهاتن 1979(وودي الن): سيرة ذاتية مختصرة عن شخص مشوش ومضطرب ...
- Annie Hall 1977وودي الن): رومانسية عصبية عن شخص لا يقبل الان ...
- ابتسامة ليلة صيف 1955(انغمار بيرغمان):بحث في علاقات متشابكة ...
- آلام المسيح(ميل جيبسون)2004: تأمل لسلوك بشري يبدو معتما وغير ...
- Dream 1955(حلم) لانغمار بيرغمان:متاهة خلقها بيرغمان ولم يعرف ...
- ضد المسيح-المسيح الدجال 2009(لارسون فون تراير): رؤية ذاتية ل ...
- لوليتا (ستانلي كوبريك)1962:قصة سينمائية تغازل في مضمونها روا ...
- أفول المهرج 1953(أنغمار بيرغمان): رؤيا شاملة لعناصر سيقولها ...
- الإمبراطور الأخير 1988:برناردو برتولوتشي:رواية للتاريخ من خل ...
- صيف مع مونيكا 1953(أنغمار بيرغمان):ميلودراما تذكر بالبدايات ...
- عن ستانلي كوبريك وسبل المجد1957:
- حدث ذات مرة في الغرب 1969:سيرجيو ليوني:عن رباعية السباغيتي و ...
- كازانوفا فليني 1976:سقوط فليني في رؤية خاصة أبعدت الشخصية عن ...
- ساراباند 2004: دراما معقدة لعلاقة ناقصة
- مشاهد من الحياة الزوجية 1974 لانغمار بيرغمان: قصة انتهاء زوا ...
- الظمأ(ثلاثة قصص حب غريبة) 1949 لأنغمار بيرغمان:نموذج لأمرأة ...
- TANGO 1998::امتزاج بين الواقعي والاستعراضي في سرد سلس ومتناس ...
- السفينة تبحر 1983 لفدريكو فليني:حضور أوبرالي وكنايات سياسية ...
- العظيم الأخير(إيليا كازان) 1976:تبريرات قصدية لأحداث تغيب عن ...
- البكاء والهمس 1972 (أنغمار بيرغمان):محاولات للوصول إلى أصل ا ...


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - التوت البري(انغمار بيرغمان)1957:البساطة عندما تصنع فيلما خالدا