أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - بين خبزنا و دمنا, رسائل















المزيد.....

بين خبزنا و دمنا, رسائل


خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 3951 - 2012 / 12 / 24 - 09:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أحاول دائماً أن أنقل ما يتفاعل به ذهني من أحداث و قضايا تتعلق بالوطن و بالثورة السورية, برأس بارد, كما يقال. حيث أفضل أن أبتعد قدر الإمكان عن العاطفة و عن المشاعر التي تجتاحني بعد حدث دموي يصيب السوريين بأن أكتب بعد وقت يمكنني من التوازن خاصة في أحداث المجازر و التعرض للأطفال و أفلام التي تثير الغرائز و النزعات اللاوطنية و اللاإنسانية.
لكني اليوم, أحس بالخيانة إن لم أكتب شيئاً بعد مجزرة حلفايا اليوم, و سأحاسب نفسي إن لم أنقل هذا الغضب و الحزن إلى من يحب أن يقرأ لي. أتقاطع من كل سوري في هذا
الغضب و أن أعمل جاهداً أن أحوله إلى طاقة إيجابية تفيد هدف انتصار الثورة السورية.
منذ بدايات الاجتياحات الأمنية و العسكرية للمدن و القرى السورية الثائرة حذرنا من لجوء النظام للمجازر الجماعية ذات الطابع الطائفي لسببين منطقيين الأول أن أي نظام استبدادي دكتاتوري لديه سيناريوهات جاهزة لقمع الجماهير الثائرة بدءاً بالتعامل الفظ من التظاهرات السلمية تصل لحد افتعال إقتتال داخلي أهلي يبرر ردود فعله العنفية و آخر هذه السيناريوهات القيام بمجازر مدبرة و اتهام المعارضات أو مجتمعات أهلية محددة بهذه المجازر و السبب الثاني أن النظام السوري امتلك تجربة غنية في الثمانينيات و أغلب الظن أنه يستفيد منها اليوم.
الجانب المضيء في الثورة السورية أنها و حتى اليوم لم تنجر إلى حالة اقتتال أهلي حيث تقوم مجموعات بالقيام باعتداءات أو مجازر تجاه مجموعات أهلية أخرى و بتوصيف أكثر دقة, لم تقم مجموعات سنية متضررة من النظام بالاعتداء على مجموعات علوية رغم تكرر فعل المجازر من كرم الزيتون في حمص مروراً بمجزرة الحولة و التريمسة و اليوم مجزرة واضحة المعالم و لكنها اليوم بأيدي معروفة و ليست أشباح كما هي العادة.
مجازر الخبز بدأت من حلب و بسلاح الجو النظامي و الأكيد ليس سلاح الجو السوري صاحب التاريخ الناصع و الوطني, لتتكرر من حين لآخر و ها هي اليوم في قرية حلفايا الحموية.

الرسالة الأولى: إلى الشعب السوري الثائرالبطل
حلفايا, لم تكن الأولى و لن تكون الأخيرة, و ليعلم السوريون جميعاً هذه الحقيقة. هذا النظام الخائن تتوفر فيه كل شروط الأنظمة الاستبدادية الشمولية الأكثر قسوة و همجية بتاريخ العالم ربما تتجاوز النظام النازي الهتلري و نظام بنوشيه في التشيلي و نظام ميلوسوفتش في يوغسلافيا السابقة بدليل أنه يستخدم اليوم ترسانته من الأسلحة الاستراتيجية ضد شعبه و ليس ضد أعداء الشعب و الوطن. رسالتي, أن أشباهه من الأنظمة تلجأ في فترات ما قبل انهيارها لنوع العنف المتصاعد و الأكثر دموية.
هتلر لم يستسلم بل فضل أن ينتحر على إطلال عاصمته برلين, صدام لم يقتنع بأن أم معاركه خاسرة منذ أن اقتحم الكويت لينتهي بخيانة أحد مقربيه له إلى حبل المشنقة الطائفي, القذافي الذي انتهى بمجرور مياه لم يتراجع عن حروبه الدائمة مع الجميع و ظل يصرخ: من أنتم؟.
النظام السوري لم يرى الشعب السوري يوماً سوى شعباً راكعاً مدجناً خنوعاً لذلك فهو ليس من ضمن حساباته. ينظر إلى روسيا و أمريكا و الصين و إيران و تركيا و اسرائيل بعين الخوف و الوجل لكن السوريين بالنسبة له صفر على الشمال ليس إلا و هذا يشمل كل السوريين بكل انتماآتهم الاجتماعية و الدينية و الطائفية و الأثنية. و ستكشف الأيام القادمة وثائق في خزائن قصوره عن اتفاقيات و معاهدات و أحداث تخبر عن تاريخ من الخيانة و الاجرام بحق الجميع, و هذا برسم الشباب الثائر الذي سيحرر تلك القصور و المراكز الأمنية الاساسية. النظام السوري يسعى للاستفادة من تواطئ العالم معه دولاً و منظمات دولية ما فتأت التسويق لفكرة الحرب الأهلية لتعلن قبل أيام تخوفها من حرب طائفية هي مازالت في أحلامهم و أجنداتهم بينما لم يعترفوا يوماً بأن في سورية ثورة حقيقية ضد نظام استبدادي دموي من أجل الحرية و الكرامة. لذلك يريد هذا النظام أن يوصل الشعب إلى حالة من الجنون أو الهستريا المتعطشة للقتل و للانتقام الطائفي ملاذه الآخير من هذه الحرب.
فوق الجرح ملح, يضع السوريون الثوار و يقبضون على جمر عذاباتهم, دماً و تعذيباً و تهجيراً و جوعاً و مهانةً, داخل الوطن و خارجه لأنهم وصولوا إلى حد التصوف في حب هذا الوطن و في حلمهم بإعادة بنائه بعد أن يزيلوا هذا العار القابع منذ خمسين آذار و ثلاث و أربعين تشرين.

الرسالة الثانية: إلى السوريين على الضفة الأخرى:
إلى أخوتنا و أشقائنا و شركائنا في الوطن, موالين للنظام أم صامين متعففين عن البوح بأعماقكم. المؤامرات الكونية لم تعد حجة بعد دمار البلد و الوطن المقاوم الممانع سقطت اسطورته عندما أطلق النظام أول رصاصة على شباب درعا الغيورين على أعراضهم و لتصل الاسطورة لاستخدام الصواريخ الاستراتيجية ضد أهلكم في القرى و المدن البعيدة عنكم, إلم ترتج الأرض من تحت أقدامكم مع سقوطها على إدلب و حلب و داريا؟؟ مواقفكم و صمتكم أطال من عمر هذا النظام و يطيل من أمد القتل و الخراب الذي سيدق بابكم يوماً و نحن نصلي أن لا يحدث ذلك.
هل فكرتم أن الذي يعيش في السراديب و القصور الفولاذية سيفكر بكم و هو يصدر أوامر القتل و القصف الجبان؟ و هل إذا سمحت له الدول الكبرى بالهرب فسيضعكم في طائرته جميعكم؟ أنظروا إلى صور أبناء عائلته يمرحون و يسهرون في ملاهي دبي , هل لكم مكان معهم؟
و في حال حسم أمره و أراد أن يلجأ للجبال الساحلية, هل ستكونون في مأمن أم أنه سينقل اللعنة معه؟ لعنة الموت و الدمار التي ستسحقنا جميعاً بنارها. فدماء السوريين لن تذهب هدراً و لا بد من القصاص لأنه أول فعل حضاري بعد سقوط هذا الطاغية.
هل كان هناك أدنى مستويات الوطنية و الانسانية و الأخلاق عندما كان يهتف بعض منكم في ملعب كرة القدم في الكويت بأنهم شبيحة للأبد من أجل عيون الأسد الزرقاء؟
لا تزيدوا الشرخ و لا تعمقوا الجروح, أنتم و نحن مصيرنا واحد و ليس لنظام في التاريخ ديمومة البقاء.
أصحوا و أزيلوا غشاوة الأسدية عنكم, تلك الأسدية التي أذاقتكم الذل و المهانة طويلاً.
عودوا للوطن السوري, عودوا لأخلاق السوري الشهم الذي يعرف بفطرته الحق و العدل و عمق الانتماء.
النظام في نزاعه الأخير و ما جنونه هذه الأيام, حيث يجعل من الخبز السوري قربان لدمويته و همجيته, سوى هزيان السقوط.
أنتم من سيعجل بالحسم القادم مع بطولات شباب و شابات سورية أخوتكم و أبناؤكم. لا تجعلوا من مدنكم و قراكم السورية ملاذاً له و لعصاباته لأنه سيضعكم على ابواب حصونه عرضة للنار و الدمار.
قيامكم في وجه هذا الطغيان اليوم, سيغسل عار وقوفكم معه و صمتكم عليه و سيمسح خوفكم و خشيتكم من القادم الذي سنصنعه معاً. البديل هو نحن و أنتم لنعود كلمة واحدة و هي نحن, فقط.

الرسالة الثالثة: إلى العالم:
يبدو أنكم لم و لن تفهموا هذا الانسان الذي ينتمي لوطن اسمه سورية. نجاحكم في دول العالم من الصومال إلى أفغانستان إلى لبنان و العراق أعمى بصائركم عن الذي يعيش في أعماق و وجدان الانسان السوري البسيط. إنسان و إن غدر الزمان به, فهو خلاصة من زهر الياسمين و الجوري مضاف عليها حضارات سومر و آرام و فينيق و آشور و آكاد و زنوبيا و غسان و منذر و حمدان و الناصر صلاح الدين لتتعطر بالمسيحية و بولس الرسول و بعاصمة الخلافة الأموية. هذا الانسان الذي علم العالم الزراعة و أخترع الدولاب و أوجد أول أبجدية في التاريخ, لا تعرفون أو تتغاضون عن عناده و إصراره على نيل حقوقه و إنسانيته من فم المخاطر و إن طال الزمن.
قبل أن تزرعوا فينا غل الدم و الانتقام و التشرزم و التطرف, عودوا إلى تاريخنا و إلى نقاء معدننا و أصالتنا. لن تنجحوا في سياساتكم و إن كنا بأشد الحاجة لدعمكم و مالكم و تفهمكم لمحنتنا. نجاح ثورتنا ليس خطر عليكم لأننا و إن كنا نور هذا الشرق التعس فنحن شعب محب معتدل, عرف و يعرف كيف يتعامل مع الحضارات الانسانية و الدول المجاورة و يعرف كيف يؤثر و يتأثر بها.

الرسالة الرابعة: إلى أهلنا في حلفايا:
هذه رسالة لا ترتق إلى تضحياتكم و إلى دمكم الطاهر الذي امتزج بأرغفة خبزكم. لقد شممت رائحة دمكم عندما نظرت اليوم إلى رغيف خبزي فلم أستطع أن اتناوله بين يدي و إنما شعرت أني في معبد بطولتكم و شآمتكم. أنتم اليوم, و البارحة كانوا أخوة لكم و طالما بقي هذا العار يقبع على سفوح جبل قاسيون سيكون هناك آخرون غيركم, غداً.
على وجه رغيفكم, ارتسمت خارطة العالم و ظهرت هوية جديدة لهذا العصر الأسود عصر الخيانة و الهوان و لكن دمكم الذي خط تضاريس حمراء قانئة هو نفير خلاص هذا العالم من عهره و من خيانته لانسانيته و أخلاقه.



#خالد_قنوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتلجنسيا السورية و سراب الحل السياسي
- سيناريو وطني يوم تحرير الوطن
- أين ذهبت أموال الإغاثة و التبرعات؟؟
- إلى ما قبل قبل العصور الحجرية
- الأكراد السوريون..سوريون أكراد
- ثلاثة مشاهد في اسبوع واحد
- لماذا جرمانا؟
- قصة من مطار مرج السلطان
- سورية الجديدة تحت المظلة الديمقراطية
- نكسة أم انتكاسة؟
- الائتلاف الوطني السوري. ما العمل؟
- المبادرة الوطنية السورية أكثر من ضرورة
- عصفور و شجرة و وطن في سر حكاية الاستاذ ميشيل كيلو
- ماذا بعد؟
- الحرية و الكرامة أهدافاً أساسية للثورة السورية
- هذه الانسانية قالت: -كفى-
- الكم و النوع في عناصر نجاح الثورة السورية.
- عودوا أنا كنتم, سوريون كما كنتم.
- حزب العائلات السورية المختلطة
- دور موسكو في التاريخ و المصير السوري


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: عائلات العسكريين الأوكرانيين القتلى تفشل من ...
- مدفيديف يتحدث عن العلاقات بين روسيا ولاوس
- وسائل إعلام: بولندا تفتح قضية تجسس ضد القاضي شميدت الهارب إل ...
- البرلماني الجزائري كمال بن خلوف: بوتين أعاد لروسيا هيبتها ال ...
- مصر تحذر من -تصعيد خطير- إثر استمرار سيطرة إسرائيل على معبر ...
- النازحون بالقضارف السودانية.. لا غذاء ولا دواء والمساعدات قل ...
- الأسد وانتخابات -البعث-.. -رسائل للعرب-
- الشرطة تفكك مخيم اعتصام موالٍ للفلسطينيين بجامعة جورج واشنطن ...
- بيان إماراتي بعد سيطرة القوات الإسرائيلية على معبر رفح
- -طلائع التحرير- المجهولة تتبنى قتل إسرائيلي في مصر.. ومصادر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - بين خبزنا و دمنا, رسائل