أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الشعب والنخبة والحاكم بين الديكتاتورية والديمقراطية














المزيد.....

الشعب والنخبة والحاكم بين الديكتاتورية والديمقراطية


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3940 - 2012 / 12 / 13 - 16:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحاكم الذي يتخطى النخبة ويذهب مباشرة إلى الشعب هو ديكتاتور يريد تأسيس نظام حكم ديكتاتوري. قبل الذهاب إلى الشعب، يمر الحاكم الديمقراطي أولا بمصفاة النخبة، التي هي المسؤول الأول والأخير عن وضع وصيانة وتطوير الأصول والقواعد الدستورية والقانونية المنظمة لحركة الوطن كله. لكن عندما يذهب الحاكم مباشرة إلى الشعب متجاوزاً النخبة، هو عندئذ لا يتجاوز النخبة فقط، إنما ينتهك أيضاً القواعد الدستورية والقانونية التي هي في الأصل من صنيعة النخبة ويمضي في اتجاه انعدام القانون وسيادة الفوضى والديكتاتورية. النخبة في كل المجتمعات البشرية وعبر العصور المختلفة تعمل مثل منظم الاشتعال، في غيابها أو تعطلها الغليان والانفجار الأكيد.

لا يستطيع نظام الحكم الديكتاتوري ولا نظام الحكم الديمقراطي أن يستغني عن الشعب أو عن النخبة، بل حتى لا يمكن أن يوجد حاكم ونظام حكم أصلاً وستسود حياة الغابة إذا لم يوجد شعب أو نخبة. هذه الكيانات السياسية القانونية الثلاثة مترابطة بلا انفكاك فيما بينها، بحيث ينفرط العقد السياسي القانوني كله إذا ما بُخس أي منها دوره المرسوم والمستحق دستورياً وقانونياً. وقد تأسست الأنظمة السياسية القانونية الحديثة للدولة الوطنية منذ بدايات القرن السادس عشر في أوروبا الغربية وحول العالم فيما بعد فوق هذه الأعمدة الثلاثة الرئيسية: الشعب، النخبة، الحكام. ثم فوق هذه القواعد الصلبة شيدت دول وطنية حديثة كثيرة، لا تزال الغالبية العظمى ديكتاتورية والأقلية ديمقراطية. وعلى مر تاريخ الدولة الوطنية الحديثة، ظل المحدد الرئيسي لديمقراطية الدولة من ديكتاتوريتها هو طبيعة العلاقة الثلاثية فيما بين الحكام والنخب والشعوب. في كل الأحوال وبصرف النظر عن وجهتها العامة، كانت النخب موجودة ومرتبطة دائماً بالحكام، سواء كان النظام ديكتاتوري أو ديمقراطي. لكن السمة الأساسية للنظام السياسي الديمقراطي في الدولة الوطنية الحديثة كانت دائماً ولا تزال تتجسد في المشاركة المدسترة والمقننة للشعب بدور معلوم ومحدد ومتفق عليه في العملية السياسية.

في الديكتاتورية، ليس ضرورة أن يشارك الشعب النخبة والحاكم في الحكم؛ حتى لو شارك، تكون مشاركته مرحلية ومؤقتة، غير منتظمة ومنظمة ومعلومة ومؤطرة في دستور وقوانين ترضاها الأغلبية ولا تلقى معارضة ظاهرة ومؤثرة من الأقلية. الديمقراطية غير ذلك، إذ لا بد أن يشارك الشعب، ولابد أن تكون مشاركته منتظمة ومنظمة ومدسترة ومقننة ومتفق عليها، وكل ذلك لا يتم إلا من خلال النخبة، التي هي الوحيدة المشتغلة بذلك والقادرة على صيانته وتطويره. كما لا يمكن أن تمارس وتصان وتطور مهنة الطب والهندسة والكيمياء والأدب والفلسفة وعلوم الدين...الخ بغير نخبة قادرة على تعلمها وصيانتها وتطويرها، مهنة السياسة والحكم هي الأكثر تعقيداً وصعوبة وأهمية على الإطلاق، من ثم لا يمكن أبداً لها أن توجد من دون نخبة قادرة عليها. من دون النخبة بحواجزها ومعاييرها الدستورية والقانونية والمهنية العالية، ينفتح فوراً طريق الديكتاتورية السريع بين الحاكم والشعب.

في الديمقراطية، عندما يثور خلاف مستعر مثل الثائر حالياً في مصر حول مشروع الدستور المقرر طرحه للاستفتاء الشعبي عليه بعد يوم واحد، لا يلجأ الحاكم أبداً إلى الشعب قبل التوصل إلى الحد الأدنى من التوافق والرضا من النخبة. هذا هو الدور الأصيل للنخبة، أن تقف ضابطاً منظماً بين الحاكم والشعب، تحول دون فوضى الشعوب واستبداد الحكام معاً. في العملية الديمقراطية، ينتظر من الشعب أن يلعب الدور الذي ترسمه وتقننه له النخبة، لا أن يملي الشعب إرادته على النخبة. في الديمقراطية، الإرادة الحرة والنزيهة للشعب لا تكون إلا في ما تقترحه وتطرحه النخبة عليه من بدائل. والشعب له الحق في أن يختار من بين البدائل التي تضعها النخبة، وأن يبدل ويختار حتى ضمن مكونات وأعضاء النخبة ذاتها، يزيح هؤلاء وينصب آخرين، لكن ليس له أبداً أن يحل محل النخبة في رسم ووضع وتخطيط وتقرير ما يستفتى وما لا يستفتى عله. النخب دائماً تقرر، والشعوب دائماً تختار، والحكام دائماً ينفذون ما تقرره النخب وتختاره الشعوب.

هل يجوز أن يستفتى الشعب في مشروع دستور منعت منه النخبة؟



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان لا يهزمون أبداً بالوسائل الديمقراطية
- الدستور أو الشريعة
- حتى لو خلعت ملابسها في ميدان عام
- اصرفوا رئيس اليمين الباطل
- رئيس في الهواء
- عندما يعتلي الإله سدة الحكم
- كذلك الكلاب تتزوج أفضل من البشر
- في وحدانية وسماوية الجسد والمرأة
- سيدنا الشيخ بديع مع سيدنا الولي مرسي
- في فلسفة الدستور (عبثية المادة الثانية)
- الدين والديمقراطية والديكتاتورية الإسلامية
- في فلسفة الدستور
- العلماء الكهنوت
- وكذب القرآنيون-3
- وكذب القرآنيون-2
- وكذب القرآنيون
- الحكمة الإلهية داء العقل العربي
- بالدستور، المصريون المسيحيون يدفعون الجزية للمصريين المسلمين ...
- مشروع دستور لسفك الدماء
- احترسوا من فضلكم، الدستور يرجع إلى الخلف!


المزيد.....




- أوباما: الولايات المتحدة -قريبة بشكل خطير- من الاستبداد
- نتنياهو: لدينا القدرة على ضرب كل المنشآت النووية الإيرانية و ...
- ترامب يُحدد المدة الزمنية قبل اتخاذ قراره بشأن التدخل العسكر ...
- من الصين وروسيا إلى باكستان.. هل تصمد تحالفات طهران أمام الح ...
- صاروخ سجيل.. ما مميزات السلاح الذي أطلقته إيران لأول مرة على ...
- ترامب لبوتين: -توسط في شؤونك الخاصة-.. ردا على عرضه التوسط ب ...
- إسرائيل وإيران: هل تتّسع دائرة التصعيد بعد الضربات الأخيرة؟ ...
- تحرك طائرة -يوم القيامة- الأمريكية
- وفق القانون الدولي - تنسيق أوروبي أكبر لمكافحة -أسطول الظل- ...
- صحة غزة: 84 شهيدا بنيران جيش الاحتلال منذ فجر اليوم


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الشعب والنخبة والحاكم بين الديكتاتورية والديمقراطية