أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - بالدستور، المصريون المسيحيون يدفعون الجزية للمصريين المسلمين!














المزيد.....

بالدستور، المصريون المسيحيون يدفعون الجزية للمصريين المسلمين!


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3884 - 2012 / 10 / 18 - 23:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لو افترضنا جدلاً أن سكان بلد ما يعتنقون بالتساوي بالضبط أربعة أديان مختلفة واجتمع مندوبون عنهم في جمعية تأسيسية لوضع دستور لهم جميعاً في الوقت الحاضر والأجيال القادمة في المستقبل وأصر نفر متشدد من الأعضاء على أن يُنص في الدستور على دين محدد بالاسم للدولة، أي من الأديان الأربعة تتبناه الدولة ديناً رسمياً لها؟ كيف سيكون موقف الدولة من مواطنيها أتباع الأديان الثلاثة الأخرى؟ هل يمكن أن تعتنق الدولة أربعة أديان معاً في وقت واحد، لتكون دولة رباعية الأديان، دورة إسلامية ثم دورة مسيحية ثم دورة يهودية ثم دورة بوذية مثلاً، أو خلطة واحدة بالتساوي من الأديان الأربعة؟ وماذا عن ما قد يستجد في المستقبل من اعتقادات وأديان أخرى؟ هل يجوز أن تحجر الدولة على حقوق الأجيال القادمة وتحبسهم داخل معتقد أو دين معين؟ ألم تبدل الأجيال الماضية وتغير وتحرف أديانها ومعتقداتها عشرات المرات؟ ماذا لو اضمحلت وزالت جميع هذه الأديان الأربعة وأصبحت أثراً بعد عين، مثل كثير قبلها لا يزال نفس هؤلاء يتعيشون من ريع معابدها وتذكاراتها؟ أليس من العملي والعدل أن تكون الدولة محايدة تجاه الدين، جميع الأديان التي يعتنقها أبناءها، لأن في وقوفها صف دين معين انحياز وظلم وجور فاضح في حق الدين الآخر أو كافة الأديان الأخرى بالضرورة؟ أليس من الأجدى والأسلم للدولة أن تترك لمواطنيها حرية تنظيم معتقداتهم أديانهم وعباداتهم وشعائرهم وتتفرغ هي للمهام السياسية والإدارية التي وجدت من أجلها؟ هل وجدت الدولة لكي تتعبد ويكون لها دين، أم وجدت لكي تسوس وتحكم، بالعدل والحياد والنزاهة والمساواة الكاملة بين جميع مواطنيها على اختلاف معتقداتهم وأديانهم؟

المادة 4 من مسودة الدستور المقترح تنص على أن "الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة، يختص وحده بالقيام على كافة شئونه،". هذا يعني صراحة أن الأزهر أصبح مؤسسة غير خاضعة لولاية أو سلطة أي مؤسسة أخرى فيما يتصل بكافة شئونها، حتى لو كانت ولاية السلطة التشريعية ممثلة في البرلمان أو السلطة التنفيذية ممثلة في الرئاسة أو السلطة القضائية ممثلة في القضاء. في قول آخر، طبقاً للدستور المقترح الأزهر أصبح دولة داخل الدولة، له الحق في أن يدير شئونه الخاصة بنفسه كيفما يحلو له دون أي تدخل أو رقابة أو محاسبة من أي مؤسسة أخرى على الإطلاق. تضاف إلى تلك البدعة الدستورية بدعة أخرى لا تقل عنها حماقة أو تضاداً لكافة الأصول والأعراف والقواعد والمبادئ القانونية والدستورية الدولية الراسخة حين تحدد هذه المادة أن "مجاله الأمة الإسلامية والعالم كله، ويتولى نشر علوم الدين والدعوة الإسلامية،". هذا يعني صراحة أيضاً أن دستوراً محلياً ينشئ مؤسسة دينية دولية، مهمتها نشر علوم الدين والدعوة الإسلامية في كافة أرجاء العالم، على طريقة "الاختصاص وحده بالقيام على كافة شئونه". مشروع الدستور ينشئ مؤسسة دينية محلية وعالمية في وقت واحد، تقف خارج القانون المحلي والدولي وخارج أي مساءلة أو محاسبة. هل شهد العالم المحترم بدعاً دستورية مثل هذه؟!

ثم تحل المصيبة الكبرى لما تضيف نفس المادة الدستورية "وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه،". هذه بحق هي الضربة القاضية لأي دعاوى بمواطنة أو ديمقراطية أو حداثة مزعومة. ثمة مؤسسة دينية محلية ذات نطاق عمل عالمي ومكلفة بنشر علوم الدين والدعوة الإسلامية دون غيرها سوف تأخذ مصروفها من جيوب ودخول المصريين المسلمين وغير المسلمين على قدم المساواة، في حين يفترض أن نشر الدين الإسلامي والدعوة له محلياً وعالمياً سيكون بالضرورة مضاداً لانتشار أديان غير المسلمين وخصماً من أتباعهم. على سبيل المثال، ما هي علاقة أو مصلحة المصريين المسيحيين في نشر العلوم والدعوة الإسلامية حتى يتحملوا مصروفاتها؟ هل الدولة التي تنفق على نشر دين أكثرية سكانها تنفق كذلك، بالتناسب، على نشر الأديان الأخرى؟ حتى لو كان يوجد دين ليس له إلا معتنق شخص وحيد، مواطن مصري واحد، هل تكون الدولة محايدة وعادلة ونزيهة بحق لو أخذت من جيبه أو من دخله القومي لتنفق على دين الأغلبية- الكل ناقص فرد واحد فقط- بينما لا تنفق على دينه أيضاً بنسبته المستحقة، حتى لو كانت واحد إلى تسعين مليون؟ هل هذا الواحد الآخر المخالف دينياً ليس له إسهام ونصيب في الدخل القومي لبلده؟ كيف تنفق الدولة ماله حيث لا رغبة ولا مصلحة ولا اختيار؟

قد قامت الدولة الوطنية الحديثة في الأساس على مبدأ المواطنة، التي تعني المساواة التامة بين جميع المواطنين بصرف النظر عن الدين أو العرق أو اللغة أو الجنس أو غير ذلك. وقد ظل سكان الدول الحديثة يعتنقون ويمارسون الأديان المختلفة بحرية في حدود الدستور والقانون، على قدم المساواة التامة بين كافة المواطنين وكافة الأديان، كبيرها وصغيرها بلا أفضلية أو استثناء. ولم يكن أبداً أن دولة تدعي الحداثة، ناهيك عن الديمقراطية، تبنت ديناً محدداً، حتى لو كان هو الدين الوحيد لسكانها بالكامل ولا يوجد ولا مواطن واحد يعتنق ديناً مغايراً، لأن في ذلك تعدياً واحتكاراً من الدولة لضمير أبناءها. كما أن لا يحق للدولة أن تتدخل في حرية الفكر والتعبير، كذلك لا يحق للدولة إطلاقاً أن تتدخل في حرية الاعتقاد والدين، التي تعتبر من أخص مناطق نفوذ المجتمع المدني ينظمها ويديرها كما يشاء في حدود دستور محايد وعادل بالكامل بين الجميع.

هل يعقل في ظل مواطنة وديمقراطية مزعومة، أن يُجبر المصري المسيحي بنص دستوري على أن يدفع من ماله الخاص ودخله القومي للمصري المسلم لكي ينشر الأخير دينه، ولا يزال يفترى أن هذه "مواطنة" وليست "جزية"؟!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع دستور لسفك الدماء
- احترسوا من فضلكم، الدستور يرجع إلى الخلف!
- حرية التعبير..وصحافة البورنو
- القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
- إشكالية الدستور والشريعة
- تعدد الزوجات جريمة
- حرية الاعتقاد مطلقة في مشروع الدستور المصري!
- العاهرة والجنرال على ميزان القيمة
- أسطورة العرب
- من يكون المتطرف؟
- مربع سياسة ومربع دين، أيهما فوق الآخر؟
- نزاع قديم على السيادة بين الآلهة والعامة في مصر
- في معرفة الله...والنص
- أم عزباء أم امرأة عانس؟
- في الزواج وممارسة الجنس
- حقيقة الصراع السلمي حتى الآن على الوطن مصر
- الدين والديمقراطية والاستبداد
- شهوة الجسد
- حرية الجسد
- حرية الفكر والاعتقاد والإلحاد


المزيد.....




- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - بالدستور، المصريون المسيحيون يدفعون الجزية للمصريين المسلمين!