أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حرية الاعتقاد مطلقة في مشروع الدستور المصري!














المزيد.....

حرية الاعتقاد مطلقة في مشروع الدستور المصري!


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3862 - 2012 / 9 / 26 - 17:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أنت لن تكون حراً في "الاعتقاد" حقاً إلا إذا كنت حراً أيضاًَ في التعبير عن معتقدك قولاً وفعلاً، عدا ذلك تصبح حرية "الاعتقاد" مجرد عبث لغوي لا أكثر. حتى تتحقق حرية "الاعتقاد" حقيقة لابد أن تكون مربوطة بحرية "التعبير" وحرية "الممارسة" لنفس هذا "الاعتقاد". على العكس من ذلك، يلاحظ أن الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور المصري تقصر حرية الاعتقاد على الطور "الفكري" منها فقط، مستبعدة التعبير اللفظي عن ذلك المعتقد ثم تطبيقه العملي على أرض المجتمع. اعتقد في ما تشاء من أفكار ونظريات مهما كان صوابها أو شططها، بشرط أن لا يخرج منها إلى العلن أو إلى الواقع العملي إلا ما تجيزه الجمعية- العقائد الإسلامية والمسيحية واليهودية وما يدور في فلكها ويزيد من تأكيدها ورسوخها وقداستها. في قول آخر، فكر واعتقد فيما تشاء، في صواب الديانة البوذية أو البهائية أو نظرية تطور وارتقاء الإنسان من القرود أو الدفاع عن حقوق المرأة أو مكافحة الإرهاب والقمع الديني، كل شيء مباح داخل جدران الجمجمة، لكن إياك أن تنطق أو تفعل إلا ما هو مباح لك في نصوص الدستور المرتقب.

دائماً يخاف الإسلاميون بشدة من المجاهرة بالخلاف والانشقاق والمعصية، لدرجة أنهم يكونون في أحياناً كثيرة على استعداد للتسامح في المعصية ذاتها طالما دفنها صاحبها تحت تراب السرية والكتمان ولم يجاهر بها آخرين في العلن. هم لا يعلمون، ولا يريدون أن يعلموا، أبداً أن هذه "المعصية" من وجهة نظرهم قد لا تكون كذلك بالضرورة من وجهة نظر آخرين، أو من وجهة نظر فاعليها على الأقل. دائماً يضعون أنفسهم في مركز النظر والقول والفعل، والكون جميعاً. هذه بالضبط مشكلتهم: لا يرون إلا أنفسهم ومعتقداتهم الصواب، ويتوهمون أن الكون كله يؤيدهم فيها، حتى بما فيه من حيوانات وجمادات. الكون كله يسبح بهم وبعقيدتهم. المجاهرة بالرأي المنشق العاصي المخالف تعكر من صفو وتماسك تلك الوحدانية الكونية الوهمية ويقود إلى تعددية في التعبير والممارسة، في الواقع المجتمعي. هذه التعددية ذاتها هي ألد أعداد الأديان، جميع الأديان بلا استثناء، والدين الإسلامي واحد منها. الأديان تبنى على الواحد المطلق. كيف، إذن، تطلب من الواحد المطلق أن يقبل أو يتعايش مع المتعدد النسبي؟ على هذا الأساس الإسلاميون أعداء بالفطرة للمجاهرة بأي أفكار أو اعتقادات مخالفة، عاصية لما يجاهرون هم به من أفكار ويطبقونه في واقعهم المجتمعي. دائماً الإسلاميون يحلمون بالوحدة ويعبدونها، ولا يكرهون أشد من الفتنة، مرادف التعددية والاختلاف. تجدر الإشارة في هذا المكان إلى أن المنافسة وتداول السلطة، ومن ثم النظرية والممارسة الديمقراطية كلها، مبنية على مفهوم الإدارة بالوسائل السلمية للتعددية والاختلافات والصراعات الطبيعية وسط أي جماعة من البشر.

في الحقيقة، لا حرية "اعتقاد" حقيقية من دون أن تكون مرتبطة بحرية "تعبير" وحرية "ممارسة" معها. ما معنى أن أكون مؤمناً بعقيدة دينية مثل البوذية في ذهني دون أن أكون قادراً على إشهار عقيدتي هذه عبر الكلام عنها إلى من حولي وآخرين، ودون أن أكون قادراً على ممارسة شعائر وعبادات تلك العقيدة في مكان مناسب وآمن. أن تقصر حرية "الاعتقاد" على حرية أن يفكر المرء في شيء مع نفسه في ذهنه فقط وأن تمنعه من الكلام عن ما يفكر فيه أو ممارسته مع الغير يعني أنك تحكم على "اعتقاده" ذلك بالإعدام. هذا اعتقاد موءود، تماماً مثل الجنين الذي لا يخرج، أو لا يسمح له بالخروج، من بطن أمه بعد اكتمال نضجه هناك. إذا لم يخرج منها، هو ميت لا محالة، وهي أيضاً. هكذا الاعتقاد الذي لا يخرج من بطن صاحبه عبر التعبير والممارسة هو اعتقاد محكوم عليه بالموت لا محالة، وعلى صاحبه معه. لماذا تشجيع تكاثر وتوالد وانتشار "اعتقادات" معينة ومحاصرة ووأد أخرى في مهدها؟ أليس هذا تمييزاً عقائدياً صريحا؟ هل هذه هي الحرية التي تريدها وتهبها الجمعية للأمة المصرية، بعد ثورة لا تزال مطالبها الأساسية "الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية"؟

السادة الموقرين أعضاء الجمعية: أين حقوق المواطنة والمساواة حين يعطي المواطن المصري المسلم مطلق الحرية للاعتقاد في إسلامه والحديث عنه وممارسته في كل شئون حياته الخاصة والعامة معاً بينما لا يسمح للمواطن المصري غير المسلم إلا أن يفكر لنفسه، مع نفسه فقط؟ أين الحرية، أين المواطنة، أين المساواة؟



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العاهرة والجنرال على ميزان القيمة
- أسطورة العرب
- من يكون المتطرف؟
- مربع سياسة ومربع دين، أيهما فوق الآخر؟
- نزاع قديم على السيادة بين الآلهة والعامة في مصر
- في معرفة الله...والنص
- أم عزباء أم امرأة عانس؟
- في الزواج وممارسة الجنس
- حقيقة الصراع السلمي حتى الآن على الوطن مصر
- الدين والديمقراطية والاستبداد
- شهوة الجسد
- حرية الجسد
- حرية الفكر والاعتقاد والإلحاد
- عدل ظالم...ومساواة حرام
- مساواة في الدين؟
- بكائية الخضيري على البرلمان المسكوب
- مرجعية الأزهر...لبنة في بناء قديم
- يوم الفرقان: الجمعة 28 يناير 2011
- الديمقراطية كفر بالله؟
- المشروع الإسلامي التجريدي وإشكالية الصراع المحتوم


المزيد.....




- الأزهر يبارك والصحفيون يتحفظون.. قانون الفتوى يثير الجدل في ...
- اضبط الآن بجودة عالية.. تردد قناة طيور الجنة 2025 الجديد على ...
- استقبلوا الفرح في بيوتكم.. ثبت دلوقتي تردد قناة طيور الجنة ا ...
- بابا الفاتيكان يناشد العالم وقف الحرب على غزة
- إلام دعا البابا ليو الرابع عشر خلال أول قداس له بصفته رأس ال ...
- هسه اعرف وحملها.. حل اسئلة اسلامية سادس ابتدائي 2025 الآن حم ...
- “أهم تردد” قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات وعرب سات بج ...
- في أول زيارة خارج الفاتيكان: البابا ليو الرابع عشر في مزار ا ...
- قناة الطفولة الساحرة.. تثبيت تردد قناة طيور الجنة 2025 بسهول ...
- فوضى مالية بالفاتيكان في انتظار البابا الجديد


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حرية الاعتقاد مطلقة في مشروع الدستور المصري!