أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الدين والديمقراطية والاستبداد














المزيد.....

الدين والديمقراطية والاستبداد


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3818 - 2012 / 8 / 13 - 09:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدين الإسلامي، وكل الأديان بلا استثناء، نقيض الديمقراطية. الأديان تقوم على علاقة رأسية بين إله خالق في السماء وعباد مخلوقين في الأسفل على الأرض. الإسلام ليس استثناء من ذلك. تلك قاعدة عامة تشترك فيها كافة الأديان، سواء أضفيت عليها تسمية "السماوية" أو "الوضعية" أو "الوثنية" أو "المشركة" أو حتى "الكافرة". الدين، أي وكل دين، هو في الأساس علاقة رأسية بين أعلى وأسفل، سيد وعبد، خالق ومخلوق، ما يجعل من المستحيل أن تقوم بينهما أبداً علاقة مساواة وندية. على العكس، الديمقراطية تقوم على العلاقة المستوية الأفقية بين المواطنين الناخبين المتساوين في القيمة التصويتية وفي الحقوق والواجبات والحريات وكل شيء. مرجع المساواة بينهم هي علاقتهم الأفقية تلك، إذ يقفون جميعاً على أرض من مستوى واحد؛ لا يفرق بينهم أعلى وأسفل أو سيد وعبد كما في العلاقة الرأسية. أساس الديمقراطية مساواة، وليس مساواة إلا أن يكون الجميع ند لند، بشر لبشر، جسد لجسد، رأس لرأس؛ هذا لا يتحقق إلا عندما يقف الجميع على أرض واحدة مستوية، أفقية، ليس بها فوق وتحت. ويستحيل أن يتحقق بين بشر في الأرض وإله في السماء، أو المتحدث باسمه.

الديمقراطية، كنظرية وآلية حكم، ليس بها مكان على الإطلاق لإله، أي وكل إله؛ وإذا ما شغل أي ركن منها إله، من خلال متحدثين باسمه أو مدعين كونهم خلفاء له على الأرض، تحول نظام الحكم تلقائياً إلى الديني. لكي تسمي أي نظام حكم باسمه الصحيح، ابحث عن موطن المرجعية والسيادة. عندما تكون المرجعية، كاملة غير منقوصة، للناخبين يفوضون فيها بحرية ونزاهة من يختارون، عندئذ أنت في نظام ديمقراطي. لكن عندما تكون المرجعية والسيادة، حتى لو في جانب محدود منها يخص فقط العلاقة الدينية والروحانية بين المواطنين وأربابهم، مسندة لإله أو لمؤسسة أو هيئة متحدثة بلسانه، عندئذ أنت في نظام ديني. لمن تكون السيادة؟ إذا كانت للبشر، يكون النظام ديمقراطي؟ إذا كانت لله، طبقاً للنظرية والممارسة الإسلامية، يكون النظام ديني. هل الدين الإسلامي يقبل بأن تكون السيادة والحكم لغير الله، لاسيما البشر الذين يأمرهم بعدم إتباع الهوى (الإرادة الحرة) حتى لا يضلون عن سبيله؟ إذا كان التلاقي والتطابق، على مستوى السياسة والحكم، مستحيل بين الإسلام والديمقراطية، بماذا توصف الادعاءات والجهود الجارية الآن على قدم وساق في مصر للتوفيق والتهجين ما بين الديمقراطية والإسلام، لإقامة "دولة ديمقراطية حديثة ذات مرجعية إسلامية"؟

كذب. الإسلاميون يكذبون عن علم وقصد. لماذا؟ لا سبيل، ولا وسيلة، أمامهم غير ذلك: الكذب، ثم الكذب والكذب مرة أخرى، ثم العودة إلى الكذب من جديد. بينهم وبين أنفسهم، الإسلاميون يعلمون علم اليقين أن لا تلاقي ولا وفاق ولا تزاوج على الإطلاق بين فلسفتي الحكم الديمقراطي والإسلامي، لأن الأول مرجعيته وسيادته للبشر، وهذا في حد ذاته كفر في نظر الإسلاميين، والثاني مرجعيته وسيادته لله في السموات العلى، وهذه هي الدولة الدينية بعينها، وشحمها ولحمها، وفومها وعدسها وبصلها، وسمنها وزيتها وسكرها. الإسلاميون في مصر يريدون دولة دينية، المرجعية والسيادة فيها لأتقياء وأصفياء وخلصاء وأحباء وخلفاء الله، الذين في جميع الأحوال سيكونون هم أنفسهم المتحدثون باسمه. في سبيل ذلك، اضطرتهم الضرورة إلى استعمال مفردات جديدة وحديثة مثل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية والمساواة والتداول السلمي للسلطة والانتخابات النزيهة وسيادة القانون واستقلال القضاء والفصل بين السلطات وما إلى ذلك. كلمات وعبارات جديدة براقة، لكن المضمون الذي يسعون باستماتة لحشوها به قديم وأغبر وأسود حالك السواد. هي مجرد حجاب تمويهي يسترهم أثناء زحفهم المقدس صوب الدولة، وربما الخلافة، الربانية المنشودة. ما دامت الغاية نبيلة ومقدسة، لا مانع من أن يكون الكذب، عن علم وقصد، وسيلة مرحلية ومؤقتة- تقية من شرور شياطين الداخل والخارج.

هذا التفكير قد ينطبق على الإسلاميين الصادقين مع أنفسهم في إسلامهم، المجردين من الأطماع والمكاسب السياسية في حد ذاتها، مثل السفليين؛ لكنه، بالتأكيد، لا ينطبق على تيارات أقرب إلى السياسة منها إلى الدين، لكنها تتخذ من الدين ذاته وسيلة ودعاية لأغراضها ومصالحها السياسية، مثل الأخوان. السلفيون يريدون الإسلام ذاته وتطبيق الشريعة الإسلامية ذاتها قبل أي شيء وفوق كل شيء آخر، وليس لهم من غاية أخرى أو أمل آخر غير ذلك على الإطلاق. على العكس منهم، الأخوان هم حزب سياسي مثل أي حزب سياسي آخر في مصر أو في أي مكان آخر من العالم، هدفه الوصول إلى الحكم وممارسته، وليس الإسلام ذاته ولا تطبيق الشريعة الإسلامية في حد ذاتها. السلفيون يعنيهم الإسلام والشريعة الإسلامية في المقاوم الأول والأخير؛ لكن ما يعني الأخوان أولاً وأخيراً هو الحكم والسلطة. الدين بالنسبة للإخوان ليس سوى وسيلة، سلاح ناجع لحشد العامة ورائهم والتخلص بسهولة من المنافسين السياسيين. لكن الدين بالنسبة للسلفيين حياتهم وآخرتهم.

هكذا، إذا تمكن السلفيون من اعتلاء الحكم، سنكون بالتأكيد تحت حكم دولة دينية، ولو بمسميات جديدة وبراقة؛ وإذا أحكم الأخوان سيطرتهم الكاملة على الحكم، سنكون بالتأكيد أمام ديكتاتورية جديدة خلفاً للديكتاتورية العسكرية القائمة منذ انقلاب 1952، لكنها هذه المرة مدنية، بمجرد غطاء ومبرر ديني للقمع وإخراس الأصوات المعارضة. أما لو تحالف السلفيون مع الأخوان، وهو الواقع الحادث منذ ثورة 25 يناير 2011، سيكون هذا كابوساً وظلاماً دامساً سوف يثقل على قلب الأمة المصرية، حتى ترفعه ثورة أخرى لا محالة في أحد الأيام.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهوة الجسد
- حرية الجسد
- حرية الفكر والاعتقاد والإلحاد
- عدل ظالم...ومساواة حرام
- مساواة في الدين؟
- بكائية الخضيري على البرلمان المسكوب
- مرجعية الأزهر...لبنة في بناء قديم
- يوم الفرقان: الجمعة 28 يناير 2011
- الديمقراطية كفر بالله؟
- المشروع الإسلامي التجريدي وإشكالية الصراع المحتوم
- -حكم بين السلطات-، أضلولة أخوانية
- الدائرة الأخوانية الإسلامية المغلقة
- سلطان الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر
- نصف إله + نصف شيطان = مساواة
- الحرية وتطبيق الشريعة
- امسك...إسلامجية حرامية
- آلهة شياطين
- بسم الدين وبسم العلم...نخون الوطن
- وماذا لو حكم الأخوان؟
- من ثورة مدنية سلمية إلى زحف إسلامي ترهيبي


المزيد.....




- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا ...
- بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي ...
- أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا ...
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- المتطرف -بن غفير- يعد خطة لتغيير الوضع القائم بالمسجد الأقصى ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الدين والديمقراطية والاستبداد