أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - ثقافة النهضة والتوحيد














المزيد.....

ثقافة النهضة والتوحيد


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3932 - 2012 / 12 / 5 - 09:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المراحلُ الديمقراطية الجنينية أسسّت الثقافةَ التنويرية والعقلانية في العالم الإسلامي، سواءً بمرحلتِها المبكرة في العصرين الأموي والعباسي أم في زمنِ النهضة العربية في القرن التاسع عشر.
في هذه الزمنية تخرجُ عناصر من الثقافة الدينية التقليدية وتؤسس معا من مختلفِ المذاهب ثقافةً أخرى نهضوية وعامة لكل المسلمين.
في الزمنِ القديم كان يجرى التجميعُ بين الوحدانيةِ الإسلامية وقيمِ النهضةِ في الثورة الإسلامية المؤسِّسة وبين العناصر العقلانيةِ من الثقافة الإغريقية.
لا نعرفُ مذاهبَ الجاحظ والكندي والفارابي وغيرهم لكننا نعرفُ النتاجات والأبنيةَ الثقافية التي شيدوها. هناك بطبيعةِ الحال جذورٌ للمذاهب تظهرُ في خيوطٍ رقيقةٍ من النتاجاتِ لكن المذهبيات الاجتماعية لا تفرضُ نفسَها، هي موحّدةٌ، ذائبةٌ في عناصر الثقافة المُنتَجة سواءً كانت فكاهةً عن البخلاء أم فلسفةً عن الوجود.
مقاربةُ المركزِ في العاصمة للتوحيد بين المسلمين تنتجُ ثقافةَ المقاربةِ للديمقراطية، وحين يغوصُ المركزُ في هيمنتهِ الحادة وتتفككُ الأممُ الإسلامية وتعادي بعضها بعضا، تتدهور الثقافة التنويرية المبكرة.
محاولةٌ أخرى جرت في عصر النهضة حين لم تفق بعد المراكزُ القديمة التقليدية المهيمنة على الإسلام من غفوتها، وأُتيح للهيمنةِ الغربية أن تنشرَ عناصر فكرية وثقافية جديدة في العالم الإسلامي، فظهرت ثقافاتٌ عربية وإسلامية مُجدِّدة.
هنا كانت الثورةُ المشروطيةُ في فارس والوفديةُ في مصر والنهضة في تونس، فالفئاتُ الوسطى العربية والإسلامية لم تظهرْ مراكزٌ استبداديةٌ محلية تقمعها بعد، لكن هذه المراكز ظهرتْ في الدول الوطنية المستقلة وتصاعدت مركزيتُها ولم تقبلْ سوى بثقافة واحدة رسمية مسيطرة لا ألوانَ فيها.
في الثقافةِ الإبداعية التحديثية لا مجالَ للسيطرة عليها لأنها نتاجاتٌ شخصية خارج القيود، وقد لاحقتْ الثقافاتُ العربيةُ والإسلامية الثقافات الغربيةَ واغتنتْ منها كثيرا وتضررتْ منها كذلك، لكن حتى هذه الثقافات التحديثية العربية أُصيبتْ بمشكلات كبيرة بسبب التطورات المختلفة الهائلة المتناقضة.
فالدولُ العربيةُ الإسلامية المأزومة تحولتْ لمراكز حادة، وتظهر قوى سياسية اجتماعيةُ تسلقُ التطورَ التدريجي وتفرضُ إراداتٍ عليا متقوقعةً في ذواتِها سواءً عبر مذهب ديني أم عبر شعارات قومية، وتريدُ حلَّ الاختلافات بشموليات فوقية.
صعود الإرادات الشمولية وفرضها ثقافات مذهبية وقومية ووطنية، خرّبا نمو الثقافات التنويرية النهضوية، ولهذا غدت الطائفيةُ تتغلغلُ في المنتجاتِ الإبداعية والفكرية والثقافية بعد أن كانت نائيةً عنها، وتفرضُ إراداتٍ سياسيةً شمولية من دون إبداع حقيقي.
وكلما زاد المركزُ الطائفي السياسي من هيمنتهِ صعّد العناصرَ الخرافية والعنفيةَ والكراهية بين الناس، وصارت المسافةُ كبيرةً بين الاتجاهات التنويرية والهيمنات العليا.
كان الأدبُ والفن والفكر أدوات للتوحيد وربطَ عناصر النهضة والتحرر بقيم المواطنة والعقلانية، فكيف صارت أدواتٍ للطائفيةِ وتفكيكَ الشعوب؟
لم تزل هذه العناصرُ الطائفية الشمولية قليلةً بعد لم تخربْ كلَّ المبنى الثقافي ولكن من دون رفضها ونقد التجميع بين الطائفية والثقافة تغدو المسألة خطرة.
رموز الإسلام والإنسانية كانت تتعايش في الثقافة النهضوية وتضيء جوانب من التاريخ والحياة الاجتماعية المعاصرة كجزء من حلقات النضال الإنساني، لكن فجأة قُسمت الرموزُ ودخل التعصب في الشعارات الأدبية والفنية.
هذا الإدخالُ المسيّس الشمولي هو نتاجُ جماعاتٍ محدودة الثقافة جرت وراء موجات سياسية طائفية، ودخل في عمقها التعصبُ والانقسامُ البدائيان للمسلمين، ولم تشارك في ثقافة التوحيد والديمقراطية والعقلانية على مدى سنوات، بل تجري وراء الموضات والجمل الأدبية الطفولية ولم تتجذرْ في ثقافة المسلمين الأولى التنويرية والثقافة الديمقراطية المعاصرة، ولهذا تغدو عواملَ تفكيك لا تجميع، وتسهم في عرقلة تطور بلدانها لا تطويرها ولا تجمع الفرقاء المختلفين، ولا توجه العقولَ نحو المشكلات لحلها، ولا تجعل فنونها وآدابها وسائل نهضة وتوحد ونقد عقلاني للخلل والأخطاء، بل تعيشُ ثقافةَ الخنادق الطائفية ترمي بأحجارِها ونيرانها من دون أن تخرجَ لحظة واحدة من الخندق الطائفي لترى الواقع، وتنقدُ ثقافةَ الخنادق والمواقع الثابتة المتحجرة وتتجاوز الصراعات بين الأمم الإسلامية وتجمع قواها الحية المستنيرة للنهضة لا للحروب.
القصيدة أكبر من الشعار، والقصة تتجاوز الطوائف نحو الإنسان، والمسرح عرضٌ للجراح البشرية والأحلام، وحين تنطفئ هذه وتسود ثقافاتُ الخنادق السامة فالاختناق يتسع.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمم الكبرى الشرقية والديمقراطية
- ما هوية الأمة؟
- روسيا الاتحادية وتحولاتها السياسية (2-2)
- روسيا الاتحادية وتحولاتُها السياسية (1-2)
- تذبذبُ الإخوان
- مراعاةُ قوانين التطور التاريخية
- وجها النظام التقليدي
- قلقُ الأردن الجغرافي السياسي (2-2)
- قلقُ الأردن الجغرافي السياسي
- الأصلُ المأزومُ والنسخُ الفاشلة
- تطور التحديث في السعودية (3-3)
- تطورُ التحديثِ في السعودية (2)
- تطورُ التحديثِ في السعودية
- الأزمةُ اليونانيةُ الاقتصادية السياسية والفكرية (2-2)
- أزمةُ اليونان السياسيةِ الاقتصاديةِ والفكرية (1-2)
- شموليات دموية
- الانصهارُ الوطني في النضال
- وعيٌ مقطوع الصلة بالجذور (3 -3)
- وعي مقطوع الصلة بالجذور (2)
- وعيٌ مقطوعُ الصلةِ بالجذور(1)


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - ثقافة النهضة والتوحيد