أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الفساد في العراق.. موروث أم مكتسب














المزيد.....

الفساد في العراق.. موروث أم مكتسب


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3907 - 2012 / 11 / 10 - 20:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ثمة فريقان يتناوبان على درح موضوعة الفساد بصيغ توحي بإلقاء تبعيته على الأخر حتى تكاد المناورات بينهما تدرج في خانة الهجومات البينية والغلبة الذاتية على الخصم أكثر مما يمكن أن تبدو كمحاولات لفهم أسباب الفساد على حقيقتها. على أن أكثر ما يجب الوقوف أمامه هنا هي تلك التفسيرات التي تؤكد على أن فساد النظام العراقي الحالي هو حالة موروثة من سالفه مما يغيب عن الأذهان ماهيته الحقيقة.
والأمر يكاد أن يكون نفسه مع الطائفية حيث نرى هؤلاء يؤكدون على أنها مرض ورث نظامهم معضلته من الأنظمة العراقية المتعاقبة, أو أنه رد فعل على طائفية سابقة غير آبهين مطلقا بالتوقف أمام الحاجة لبحث مسألة الطائفية على اساس علمي يكون الهدف منها تفسيرها تفسيرا صائبا. ومع الطائفية أيضا فإن محاولات تبريرية بهذا المعنى ليس هدفها محاربة الطائفية, وإنما ترسيخها كحل.
نعم تبدو المقارنات صعبة, فالفساد الحالي في العراق نتن الرائحة بحيث يجعل المقارنات تصب في النهاية في صالح الفاسدين الحاليين وذلك من ميلها لجعل معضلة الفساد معضلة موروثة من النظام القديم ليس إلا, وليس كونها حالة مكتسبة وذات تبعية متلاحمة وناشئة من بنية سياسية عائدة لطبيعة النظام ذاته, التي جعلت الفساد يبدو كتوأم سيامي للنظام, يصعب وحتى يستحيل فصله.
لكن على الجهة الأخرى, وكما الأمر مع المسألة الطائفية سيكون الأمر مع الفساد, لأن نكران وجود هذين المرضين في السابق كاملا سوف يساهمان بتمرير التفسيرات المشوهة لأن المواطن العراقي سوف تثيره سلبيا موضوعة النكران تلك بما يجعله يقع سريعا في فخ التفسيرات المشوهة.
لذا فإن علينا أن نسأل أولا عن نوع الفساد الذي من الحق أن نلاحقه أكثر, وهل أن علينا أن نغيب بالطروحات التي يراد لنا أن نغيب فيها فنقف مليا أمام فساد الكثيرين من موظفي الدولة العاديين والذي لا يمكن نكران صفته الوراثية.
بالتأكيد إن الفساد الذي يجب أن نلاحقه بداية هو فساد رجالات النظام وليس ذلك الذي يعبر عن نفسه كحالات إضطرارية عامة على مستوى موظفي الدولة الصغار , إن فسادا كهذا الأخير والذي يدعي البعض أنه موروث من النظام السابق هو حالة ظرفية, ولن أقول سطحية فقط, وقد كانت نتجت من ظروف الحصار, ويمكن معالجتها إذا ما إلتزم النظام الحالي بمناهج أخلاقية تجعل من رجالاته نماذج معقولة ومقبولة. وقصة ملاحقة الفساد كحالة أفقية, اي على المستوى العام من موظفي الدولة تبدأ من هنا, من وجود نوايا حقيقة لمعالجته على مستوى نظام الحكم نفسه.
وحيث تغيب النوايا بهذا الإتجاه فإن الفساد مرشح لأن يتصاعد لا أن ينقص, وما دمنا نتحدث عنه كحالة موروثة, وليس ذا صلة بنيوية بالنظام نفسه, فإن من الحق أن نسأل عن الجهود الكريمة التي بذلت لمكافحته, لكننا سنجد أن رجال الحكم الحاليين قد حولوا هذا الفساد العابر من حالته الظرفية إلعابرة إلى حالة ميؤوس من شفائها. لقد كانت ميزانية العراق أثناء الحصار هي بضعة مليارات من الدولارات التي لا تتجاوز الخمسة, لكن تعدادها اليوم يتجاوز المائة والعشرين ملياريتوزع معظمها على الخدمات الإجتماعية للرئاسات الثلاث إضافة إلى رواتب موظفي الدولة الأخرين الذين تشملهم الإمتيازات, إضافة إلى ممارسات النهب العام, بما يجعل الحديث عن وجود فساد على شاكلة الموروث هو من باب تبرير عملية النهب الذي يمارسها النظام ذاته.
إن فساد النظام الحالي ميؤوس من شفائه لأنه جزء من بنيته, وتحتاج معالجة من هذا النوع إلى عمليات جراحية سيكون من شأنها أن لا تبقي من النظام شيء, إذ لا أعتقد أن الأغلبية المطلقة من أركان النظام الحالي ومسؤوليه مستعدون للبقاء يوما في وظيفتهم دون أن يتأكدوا من حصولهم على إمتيازات غير مشروعة, وإن لذلك بالتأكيد أسبابا متعددة ومتداخلة بعضها ذا صلة بطبيعة المعارضة التي تهيأ لها إستلام الحكم, أو بطبيعة التغيير نفسه الذي جرى عن طريق الإحتلال والذي أحرق لدى المتعاونين معه كثيرا من المتاريس الأخلاقية, مضافا إلى ذلك الطبيعة الطائفية والعرقية للنظام التي لا يمكن ضمان ولائها بدون مغريات ورشوات وشراء ذمم.
ومع حاجة القوى السياسية الوافدة إلى أنصار لها, فلقد جرت حملة تجييش سريعة وكبيرة وتنافسية بين عموم هذه القوى من أجل شراء الأنصار, وكان ذلك بحاجة إلى ميزانيات مفتوحة لم يكن مقدرا الحصول عليها لولا إقرار نظام المحاصصة الذي تم من خلاله الإستيلاء على ميزانيات أغلب الوزارات لإستعمالها في عمليات الشراء, إضافة إلى ما رافق ذلك من عمليات تزوير للشهادات والوثائق, حيث أنتج ذلك نظاما كسيحا وغير مقدر له أن يخوض معركة محاربة الفساد لكونه جزءا لا يتجزء من بنيته.
كلا فساد النظام الحالي هو فساد خاص به, وهو غير موروث مطلقا, لأننا هنا نتحدث عن الفساد الجوهري وليس عن فساد هامشي إضطر المواطن عليه لتحصيل لقمة عيشه. وحينما نتحدث عن فساد لوزير حالي فإن من الصعوبة علينا أن نصدق أنه ورث فساده من الوزير السابق الذي سلمه جرثومة هذا الفساد مع المحتويات الأخرى لغرفته من منضدة وتلفون وكراسي, وكذلك فإن الأمر ينطبق على موظفي النظام الإخرين الذي لا صلة لفسادهم باي موروث, وإنما هو حصة أتى لهم النظام بها. ويبقى أن من العيب أن نغطي هذا النوع من الفساد البنيوي المدمر بذلك الموروث المضغوط بظروف سابقة قاهرة والذي كان يمكن معالجته سريعا لو توفرت نية المعالجة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأغلبية السياسية.. بين أزمة المفهوم وعبثية النوايا
- لا تنتظروا المعجزة ... العلمانية هي الحل
- من هو الطائفي تحديدا
- مجلس القضاء يفعلها مرة أخرى
- الطائفية.. شتيمة العصر الأولى
- ثقافتنا .. بين التلقي والاستجابة
- العلمانية والإلحاد
- العراق وإزدواجية جنسية الحكام.. وطن أم فندق
- الفلم المسيء .. بين الفعل الرخيص ورد الفعل الأرخص, وما بينهم ...
- أمريكا.. حرية تعبير أم حرية تفجير
- الحب على الطريقة الغوغائية
- القدس.. عاصمة إسرائيل
- بين حمد والعلقمي وبن سبأ .. ثلاثية القراءة الممسوخة
- هلهولة ... دخول العلم العراقي في كتاب غينيس للأرقام القياسية
- الحمار الطائفي
- هل كانت الدول الإسلامية .. إسلامية
- الدولة العلمانية لا دين لها.. ولكن هل هي ضد الدين
- العلمانية.. أن تحب الحياة دون أن تنسى الآخرة
- الإسلام السويسري *
- دولة الإسلامويين ومعاداة العلمانية


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الفساد في العراق.. موروث أم مكتسب