أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الأغلبية السياسية.. بين أزمة المفهوم وعبثية النوايا















المزيد.....

الأغلبية السياسية.. بين أزمة المفهوم وعبثية النوايا


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3900 - 2012 / 11 / 3 - 17:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأغلبية السياسية.. بين أزمة المفهوم وعبثية النوايا
جعفر المظفر
حينما يتعلق الأمر بالحديث عن عملية تشكيل السلطة فإن الديمقراطية التي تتبعها النسبة المطلقة من دول العالم هي ديمقراطية الأغلبية السياسية. إلا أن عددا قليلا جدا من الدول كانت تبنت ديمقراطيات من النوع الذي أطلق عليه بالتوافقية, وأبرز هذه الدول بطبيعة الحال هي العراق..
ومن الأكيد أن هذه الديمقراطية لم تهبط من فراغ, وإنما جائت كتعبير عن, ولخدمة معارك لها علاقة بتقسيم السلطة على أساس تكويني/ طائفي ديني أو قومي/ ولذلك حرص القائمون على هذه الديمقراطية أن تأتي صيغ تفسيرها ومناهجها وآلياتها بما يخدم هذا الهدف وبالإتجاه الذي الذي يقلل من إمكانات نشوء أي عامل أو ظرف يتهددها. فالدستور واللوائح والمناهج والآليات والثقافة السياسية والإجتماعية قد صيغت أو فُعِّلت بالإتجاه الذي يحفط لهذه الديمقراطية فاعليتها في عملية توزيع السلطة على أساس محاصصاتي لا على أساس المضمون الحقيقي للمواطنة المتحضرة.
إن ذلك يفسر بسهولة مأزق العراق الحالي على مستويات عدة, فبينما تجري الصراعات والمنافسات في البلدان الديمقراطية الأخرى على اساس أفضلية البرامج الإقتصادية والإجتماعية والخدماتية وقضايا البيئة وأفضلية السياسات الخارجية. وبينما تُراقب مديات تنفيذ هذه البرامج بعد الإنتخابات لكي تُحدد من جديد الأفضليات التي يمكن أن تدور حولها التنافسات الجديدة, فإن الديمقراطية العراقية وفق أنظمتها ولوائحها التي تنظم الإنتخابات وتشكيل القوائم وإختيار الفائزين, والمدعومة من قبل ثقافة إنتخابية مفعلة بسياقات طائفية علنية, ليست معنية مطلقا بتوفير قواعد للتنافس كما هي الحال في البلدان الديمقراطية الأخرى, وإنما هي معنية أساسا بتشغيل الشحن الطائفي بمستويات عدة وبأشكال مختلفة لكي يكون بإمكانها أن توفر ضمانات الفوز. وبطبيعة الحال فإن سيناريوهات كهذه لا تؤدي إلى تعميق التخلف كنتيجة وإنما تسعى أيضا لإيجاده كإشتراطات.
إن الحل اللائق دون أدنى شك هو ذلك الذي يعتمد على ديمقراطية الأغلبية السياسية التي يفترض أنها ستكون السبيل نحو الخروج من هذا المأزق التاريخي, غير أن العراقيين الذين جرى التلاعب بمصير بلادهم وبمستقبل أطفالهم وبحصانة عقولهم وثرواتهم, مثلما جرى الإستخفاف بحياتهم وأمنهم غير مجبرين مطلقا على التصديق بوجود نوايا طيبة تقف خلف هذه الدعوات لمجرد أن تم تداولها, وهم الآن قد يكونوا معرضين إلى عملية خلط أوراق جديدة ليس الهدف منها مطلقا الخروج من المأزق الطائفي وبركة الجاهلية وجحيم الفساد التي تفشى كالوباء وإنما سيكون هدفها هو حسم مسألة السلطة لصالح فئة واحدة وشخص بعينه دون أن يمتد مفهوم الأغلبية لينال من نظام كان تم بناءه كليا على أسس طائفية وعرقية وبإتجاهات تتناقض أصلا مع مفهوم الأغلبية السياسية.
إن من الحق أن نكون يائسين من هذه ( الديمقراطية: التوافقية المحاصصاتية الشراكية ) التي مكنت الفاسدين والجهلة من الإمساك بزمام الأمور, ولذلك فحينما تطرح مشاريع من نوع الأغلبية السياسية فإن إستعدادنا للترحيب بها هو إستعداد يفوق الخيال, وكذلك سيكون إستعدادنا لتقبل فكرة الرجل القوي الذي يقود البلد من خلال هذه الأغلبية إلى بر الأمان, ولن يكون مهما عندنا إسم الرجل أو عائديته الدينية أو الطائفية والقومية, وإنما سينال محبتنا كل من يستحقها بشروط علمه ووطنيته.
وإذا ما كان صحيحا معرفة القول من قائله فسيكون من الصعوبة حقا أن نصدق بحكاية إسمها الأغلبية السياسية لمجرد أنها وصلت إلى أسماعنا, بل ان علينا أن نتجاوز دور عريس الغفلة الذي بتنا نلعبه ببراعة متناهية, وأن نقوم بفحص صدقية هذا المشروع الجديد وذلك على ضوء قدرة أصحابه على الإجابة على بضعة أسئلة مشروعة, وفي مقدمتها لماذا هذا المشروع الآن وعلى يد من سوف يتحقق.
فنحن نعلم أن هناك أزمة ظلت قائمة منذ الإنتخابات الأخيرة وحتى هذه اللحظة, وقيل لنا بعد مشاحنات الإستجواب أن إجتماعات التحالف الوطني قد إنتهت إلى وضع ديباحة إصلاح من نقاط تجاوزت السبعين, وظل سياسيو التحالف يتحدثون عن هذه الديباجة المعجزة ليل نهار, وأن بإمكاننا أن نحصي أكثر من ألف تصريح تناولت مناقب هذه الديباجة, ولكن سرعان ما ظهر أن أحد أهداف تلك الإجتماعات هو إمتصاص العاصفة التي خلقتها مسألة الإستجواب ليس أكثر, وبما جعلنا نتيقن أن حكومتنا الرشيدة لا تستطيع مطلقا العيش وسط ظرف طبيعي لأن من شأن ذلك أن يرفع عقيرة المناداة بحلول وبرامج من شانها ان تنقذ البلد من أزمته والمواطن من مشاكله, ولذلك ستبقى فلسفة الأزمة هي فلسفة النظام الحالي, وسيظل ذلك يعبر عن عدم قدرة هذا النظام على تقديم حلول باتت مطلوبة بشدة, وفي بعض الأحيان عن عدم الحاجة إليها بسبب تحول البلد برمته إلى مزرعة لحلب الأبقار وإلى ساحة خدمات خلفية لجيران مطاردين ومبغوضين من قبل شعوبهم.
ومعرفة القول من القائل سوف تقودنا إلى حقيقة أن القائلين بمشروع الأغلبية في يومنا الحالي قد سبق لهم أن نادوا به ثم سرعان ما تخلوا عنه, ولنتذكر كيف أن المالكي كان يصرح ليل نهار مؤكدا على إلتزامه بمشروع الأغلبية السياسية حينما تخيل أن نتيجة الإنتخابات ستكون لصالحه, ولكن حينما لم تأتي النتائج على المرام فإنه سرعان ما إستدار, بدفع ذاتي او بضغوط إيرانية, للتخلي عن مشروعه ذاك ملتزما مرة أخرى بمشروع الأغلبية الطائفية. لقد كان واجبا حينها التحالف مع العراقية لقيام حكومة الأغلبية السياسية غير ان الفيتو الإيراني على قيام ذلك التحالف هو الذي إنتصر بالنهاية ليعيد العصفور مرة أخرى إلى القفص الطائفي.
إلا أن ذلك لن يكون بإمكانه وحده ان يفسر قصة التراجع, فالضغوط الخارجية لا تنفع وحدها لتفسير ذلك التراجع الخائب, وإنما هو الإستعداد الذاتي الذي هيأ لإحتضانه, فالأحزاب ذات الفقه السياسي الدينوطائفي لن تؤمن باية صيغة قد تضع البلد على طريق غير طريق الطائفية لأن ذلك يتناقض حتما مع فقهها السياسي وعقيدتها الإجتماعية, وسوف تلجا أحزاب أو جبهات كهذه لكي ياتي ثوب الأغلبية السياسية بمقاسات طائفية, وهكذا سنكون إهتدينا إلى صيغة جديدة لمفهوم الأغلبية السياسية الذي يمكن ان نسميه بالأغلبية السياطائفية .
إن النظام العراقي الحالي هو نظام متأزم بطبيعته, لكن حينما نتحدث عن أشباه الحلول, ونطمع في تلطيف القضاء لا رده , فلا بد وان ننصح بالذهاب إلى الأمام لحل الأزمات بدلا من الإلتفاف والسير على الطرق الخلفية الوعرة, وسوف لن يكون صعبا أن نرى أن مشروع الأغلبية السياسية الجديد سيكون مفرخا لأزمات جديدة سيكون أبسطها خلق الإحترابات بين الفصائل السياسية, وفي داخلها, من أجل الحصول على الأصوات الكافية لتمرير هذا المشروع الذي لا يخطط له من واقع الإيمان به كحل وإنما من واقع كونه بوابة لأزمة جديدة لنظام لا يمكن له ان يعيش خارج الأزمات.
إن مشروع الأغلبية السياسية يجب أن لا يكون مشروعا تكتيكيا لتجاوز أزمة, أو حالة يتم اللجوء لها إستثناء لتجاوز ضغوطات مرحلية من خلال التعامل مع إنعكاساتها وإفرازاتها على السطح, ولذا فليس صحيحا أن يجري التعامل بمفهوم الأغلبية السياسية بمعزل عن كونه ثقافة سياسية بنيوية يجب ان يبدأ العمل بها من تحت إلى فوق, إذ لا قيمة لأغلبية سياسية يجري تشكيلها من سياسيين لم يصلوا إلى مواقعهم إلا من خلال نظام إنتخابي وثقافة سياسية وإجتماعية تتقاطعان أصلا معها, فهذه الأخيرة, أي الأغلبية السياسية, تتطلب تغييرا حقيقيا في طبيعة النظام الإنتحابي وفي طبيعة الأحزاب ذاتها التي يجب أن تخرج بداية من فقهها الطائفي إلى فقه وطني يبحث عن أنصاره في البصرة والموصل في ذات اللحظة التي يبحث فيها عنهم في السليمانية وكركوك وصلاح الدين.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تنتظروا المعجزة ... العلمانية هي الحل
- من هو الطائفي تحديدا
- مجلس القضاء يفعلها مرة أخرى
- الطائفية.. شتيمة العصر الأولى
- ثقافتنا .. بين التلقي والاستجابة
- العلمانية والإلحاد
- العراق وإزدواجية جنسية الحكام.. وطن أم فندق
- الفلم المسيء .. بين الفعل الرخيص ورد الفعل الأرخص, وما بينهم ...
- أمريكا.. حرية تعبير أم حرية تفجير
- الحب على الطريقة الغوغائية
- القدس.. عاصمة إسرائيل
- بين حمد والعلقمي وبن سبأ .. ثلاثية القراءة الممسوخة
- هلهولة ... دخول العلم العراقي في كتاب غينيس للأرقام القياسية
- الحمار الطائفي
- هل كانت الدول الإسلامية .. إسلامية
- الدولة العلمانية لا دين لها.. ولكن هل هي ضد الدين
- العلمانية.. أن تحب الحياة دون أن تنسى الآخرة
- الإسلام السويسري *
- دولة الإسلامويين ومعاداة العلمانية
- الطائفية.. من صدام إلى بشار


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الأغلبية السياسية.. بين أزمة المفهوم وعبثية النوايا