أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الطائفية.. شتيمة العصر الأولى















المزيد.....

الطائفية.. شتيمة العصر الأولى


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3878 - 2012 / 10 / 12 - 21:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




تدريجيا أصبحت مفردة الطائفية في العراق بمثابة الشتيمة رقم واحد التي باتت تتداولها الأكثرية, ومن ضمنهم الطائفيون الذين جاءوا بها أو جاءوا معها, بل أن بعضهم صار سباقا إلى تداولها وكأنه يحاول أن يدفع تهمة حتى لا تعلق به. وهكذا صارسوء إستعمالها عن قصد أو بدونه سببا في ضياع المعنى الحقيقي للكلمة, بل أن مَثَلها صار على مستويات عديدة كمثل إمرأتين تتبادلان الشتائم وهن في ماخور واحد.

في السابق كان يحلو للأحزاب السياسية ان تقذف خصومها بشتائم كانت تعتبر وقتها ثقيلة كتهمة التبعية أو التحالف مع الصهيونية أو الإستعمار, أما مفردة الرجعية فلم تكن أقل إهانة من تعمة العمالة للأجنبي, حتى أن المهتمين باللغة وتبسيطها قد إنتهوا إلى تجميع هذه الشتائم الثلاثة الثقيلة في شتيمة ثلاثية واحدة فصارت تهمة التحالف الإمبريالي الصهيوني الرجعي تلقى بوجه الخصوم دفعة واحدة تسهيلا للتلقي وإختصارا للوقت.

وفي المقالات الإفتتاحية لصحف تلك الأيام وبيانات الأحزاب السياسية ومقالات المتخاصمين, فإن حذف تلك الشتائم المركبة أو المفردة غالبا ما كان يترك تلك المقالات تبدو باهتة وبدون طعم, خاصة إذا ما جرى حذف بقية أنواع الشتائم المرافقة كالديماغوجية والغوغائية والفوضوية واليمينية, والتي كانت تستعمل كتوابل تضاف لطبق الشتائم الرئيسي أو كمقبلات تسبقه. ورأينا كيف أن كتابا معروفين إتقنوا حرفة تجميع هذه الكلمات بحيث أنك لو أردت أن تحذفها من المقالة لما تبقى منها إلا بضعة سطور. ومثل أؤلئك الذين كانوا فلتة ذلك الزمان نرى اليوم كيف أن كتابا معروفين باتوا غير قادرين على أن يكتبوا مقالة واحدة دون أن يشكل الهجوم على البعثيين ثلاثة أرباعها وكامل غايتها, بحيث أنك لو طلبت من أحدهم أن يكتب مقالته دون تلك الشتائم لوجدته يواجه صعوبة حقيقية. ولسنا قي هذا ضد حق الهجوم على البعثيين إلا أننا لا نريد لذلك الهجوم أن يصبح غطاء لسيئات النظام الحالي ولآثامه والتي لا يمكن لكل بطانيات العالم, بعثية أو غير بعثية أن تغطيها.

بعد سقوط نظام صدام أصبح الحديث الطائفي يجري وكأنه لغة مشروعة للتعبير عن إستحقاقات سياسية وإجتماعية مشروعة ولا مجال البتة لمناقشتها إلا من ناحية جواز تعديل التفاصيل لا المبادئ.
لقد جرى تضخيم الوقائع الطائفية للأنظمة السابقة بالإتجاه الذي جعل الحل الطائفي يبدو وكأنه الحل اللائق والمناسب لمشاكل العراق, والذي لا يمكن لبقية الحلول أن تبدأ إلا بعده. وفي الأيام التي تلت الإحتلال كان هناك كتاب وسياسيون يتحدثون بالفم المليان عن الطائفية والمحاصصة وكأنها صارت قدر العراق والحل لكل مشاكله.
لكن ذلك لم يدم طويلا, أما الذين إدعوا أنهم المنقذون فسرعان ما بانت عيوبهم الكبيرة حينما صار العراق برمته ميدانا للفساد بأشكاله المختلفة حتى أصبحت الناس تشتم صدام مرتين, مرة بسبب الكوارث التي تسبب بها في حياته والأخرى لما لحقنا في العهد الذي تلى عهده.
وبسبب الدمار الذي لحق بالبلد على يد المحررين الأفذاذ فإن الناس لم تنتظر طويلا لتضع العشرين إصبع على موطن الخلل وحاضنته, إنها الطائفية, وإنها المحاصصة التي تقوم عليها, بالأضافة إلى أسباب أخرى لم تكن بعيدة عنها.

لو كان العراق هو الصومال لقل عدد المتقاتلين عليه, ولصار لدينا ربما فصيلان, واحد لديه الحكومة وآخر يقاتل ضدها, ولفضلت الميلشيات الأخرى أن تحصل على أرزاقها من القرصنة قي أعالي البحار وفي حافات المياه. غير أن العراق ليس هو الصومال فلقد كتب عليه الشقاء في النعيم. أما أولئك الذين يدعون تمثيل شعبه فلم يظهر منهم حتى هذه اللحظة من يعيب على نفسه أن تنعم بالمال والجاه في حين أن هناك مئات الألوف من العراقيين يشكون من الفقر والجهل والتشرد, وحينما نرى أن بين هؤلاء عمائم كثيرة فإن من حقنا أن نقلق على الدين والوطن سوية, وأن لا نصاب بالصدمة حينما نعرف أن عدد الملحدين في العراق قد بدأ يزداد.

لقد بانت عورة الطائفية حيث ظهر واضحا أنها باتت وراء الغالبية من المفاسد التي يرفل بها نظام العراق الحالي ومنها وضع حجر الأساس لمشروع تقسيم العراق بحلته الجديدة, ومنها أيضا غياب التعريف الواضح لمفهوم الوطنية والإستقلال لبلد بات فقهه المذهبي على خصومة مع فقهه الوطني, ناهيك عن ألوف الأميين والجهلة والمزورين الذين باتوا يتقدمون الصفوف.

لذلك, ولأن البقاء للأقوى حيلة, وليس للأقوى عضلة فحسب, فلقد بدأ الطائفيون حملة لتسويق الطائفية وفق سياقات جديدة تقوم على إدانتها في العلن وفي نفس الوقت فرضها كمناهج لعمل الدولة في أعلى مستوياتها, وآخرها كان القانون الخاص بتشكيل المحكمة الإتحادية والمعروض على مجلس النواب لغرض إقراره بصيغ تجعلنا على مرمى حجر من قيام دولة الفقيه. ولا تعتقدوا أن هذه الدولة لن تقوم لمجرد أن رئيس وزرائنا يلبس البدلة الأوربية أو أن رئيس جمهوريتنا بالوكالة قد صافح إمرأة, لأن بإمكانكم أن تطلعوا على القانون المقترح لكي تعرفوا أين تقع دولة الفقيه, ولكي تعلموا أن كثيرا من الأحاديث ضد الطائفية التي يغرد بها ساستنا هذه الأيام ليست غير كلام نابل يراد به حابل.

ففي هذا القانون هناك بند يوجب أن تأتي تشكيلة المجلس لكي تضم ستة من رجال الدين, أربعة شيعة وإثنين من السنة. هذا أولا, أما ثانيا وهو الذي سيدخلنا إلى نادي الخمسة العظماء فهو ما يتعلق بحق الفيتو الذي سيتمتع به هؤلاء لنقض اي قرار يرون فيه تعارضا مع الدين. ومن الأكيد أن هؤلاء سوف لن يتوجه همهم لوضع فيتو على السرقة والرشوة والتزوير والزنى الشرعي وعلى الفساد والإفساد بمختلف مستوياته وأسبابه, لأنهم سوف يكونوا مشغولين وقتها بفحص ما إذا كانت مصافحة السيد خضير الخزاعي لضرة مونيكا هي مخالفة لشرع الله أم أنه سلوك يخضع لقانون الضرورات تبيح المحضورات.

وإذا كان لا بد من فيتو فهو ذلك الذي يجب أن يضعه الشعب على تشكيل محكمة كهذه, وخاصة حول الفقرة الخاصة بالهوية المذهبية لخبراء الشريعة فيها, وبحق الفيتو الذي يجب أن يتمتعوا به.. إن وجود هؤلاء ذوي الأداء والتقسيم الطائفي هو الذي يجب أن يوضع عليه الفيتو, لأنهم بالإضافة إلى رمزيتهم ودورهم الطائفي, سيكون مناطا بهم تشويه صورة الإسلام نفسه حينما يحجروا عليه ويمنعوا عليه التفس في الهواء الطلق خارج أجواء الطائفية الملَوِثة والحَجْر السلفي.

إن الأمل بتخطي الحالة الطائفية لا يقوم على الأمنيات والأحلام وإنما على والوقائع والقوانين, وإذا كان لا بد من إستعمال حق الفيتو فليكن ضد تدخل رجال الدين في السياسة.
وأما الطائفية فسوف تبقى شتيمة العصر, وسوف تكون كالعنزة الجائعة, صعبا على أي إبط يخفيها, أن يمنعها من التمعمع.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافتنا .. بين التلقي والاستجابة
- العلمانية والإلحاد
- العراق وإزدواجية جنسية الحكام.. وطن أم فندق
- الفلم المسيء .. بين الفعل الرخيص ورد الفعل الأرخص, وما بينهم ...
- أمريكا.. حرية تعبير أم حرية تفجير
- الحب على الطريقة الغوغائية
- القدس.. عاصمة إسرائيل
- بين حمد والعلقمي وبن سبأ .. ثلاثية القراءة الممسوخة
- هلهولة ... دخول العلم العراقي في كتاب غينيس للأرقام القياسية
- الحمار الطائفي
- هل كانت الدول الإسلامية .. إسلامية
- الدولة العلمانية لا دين لها.. ولكن هل هي ضد الدين
- العلمانية.. أن تحب الحياة دون أن تنسى الآخرة
- الإسلام السويسري *
- دولة الإسلامويين ومعاداة العلمانية
- الطائفية.. من صدام إلى بشار
- أن نتقاطع مع الدم السوري.. تلك هي المشكلة
- ثلاثة طرق طائفية للهجوم على الطائفية
- كيف تكره الأسد دون أن تحب حمد
- البصرة.. مدينة السياب والشاوي وأهلها الطيبين


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الطائفية.. شتيمة العصر الأولى