أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الدولة العلمانية لا دين لها.. ولكن هل هي ضد الدين















المزيد.....

الدولة العلمانية لا دين لها.. ولكن هل هي ضد الدين


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3821 - 2012 / 8 / 16 - 23:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أحتفظ للصديقة العزيزة الدكتورة ميسون البياتي بجميل متابعاتها وإهتمامها بمقالاتي وحرصها على الدخول على خط الحوار معي ومع قائمة من القراء الكرام. وجاءت ملاحظاتها النقدية على مقالتي الأخيرة ( العلمانية.. أن نحب الحياة دون أن ننسى الآخرة) والتي قامت بنشرها على صفحة التواصل الإجتماعي حافزا لي لكتابة هذه المقالة, وكانت الدكتورة قد ذكرت في مداخلتها أن (الدوله ليست إنسان له عقاب او ثواب الآخره ... ليس لها كيان عضوي بل هي تنظيم افتراضي لهرمية المجتمع ولا تنطبق عليها شروط العقاب والثواب ... ولهذا فالدوله مجبره على العلمانيه ومجبره على عدم الإعتراف بالآخرة). ولهذا ولغرض توضيح عبارة ( دون أن تنسى الآخرة) رأيت أن أسجل الملاحظلات التالية...


معلوم أن العلمانية نوعان, الجزئية والكلية. أنا أتحدث في مقالاتي وخاصة في الثلاثة الأخيرة عن علمانية (جزئية) أو ما أسميته علمانية (سياسية) وليس عن علمانية كلية وشاملة.. في الحالة الأولى تكون الغاية هي فصل الدين عن الدولة, أما في الحالة الثانية فهناك إلحاد يتأسس على طبيعة حركة المادة كونها تأتي من داخلها وبالتالي إنكار وجود خالق أو مهيمن بما يطلق حرية الفكر والعلم للتعامل مع الطبيعة والحياة دون إخضاعه بشكل مسبق لقوة إلهية مهيمنة.

العلمانية الجزئية تفصل الدين عن الدولة وليس عن المجتمع, وهي لا تلغيه وإنما تجعل مكانه الجامع أو الكنيسة, فهي إذن, أي العلمانية الجزئية وتفسيرا لما ورد في عنوان مقالتي السابقة, من (يحب الحياة : وهذه قضية تتعلق ببناء الدولة , دون أن تنسى الآخرة : وهذه مكانها الكنيسة أو الجامع ).. ولأن الدولة علمانية وجزئية فهي تحب المؤسسة المدنية التي وصفتها هنا بمفردة الحياة لكن لا تنسى الآخرة, بمعنى أنها أيضا, وهي تجعل مكان الدين هو الجامع أو الكنيسة أو أي معبد مسؤولة عن توفير حماية لهذا الجامع أو الكنيسة ولأهلهما, وهي بهذا الإتجاه لا تنسى الآخرة, ليس من فرضية الإيمان بها أو عدمه, وإنما من الحقوق المترتبة عليها كعلمانية جزئية تقر بحق مواطنيها من المتدينين بممارسة حقوقهم الدينية.

إذن العلمانية الجزئية هي فصل إشتباك وليس إلغاء أحد المقومين لصالح الآخر, كما أن دولتها ليست (مجبرة) أبدا على "عدم" الإعتراف بالآخرة , لأنه ليس من واجبها أن تعترف أو أن تتحدث عن الآخرة, بسبب أن ذلك ليس من صميم عملها أبدا. وفي حالتها الأولى, أي الجزئية التي أتحدث عنها هنا ( وأنا من أنصارها ) فهي لا تجبر ملحدا أن يؤمن, ولا مؤمنا أن يلحد, فذلك ليس من واجباتها والتي منها حماية المواطنين من كل الأديان ومن خارج الأديان أيضا. في دولة كهذه قد يكون رئيس الدولة ذاته متدينا أو ملحدا على شرط أن يكون ذلك بينه وبين نفسه ولا يُسقط إيمانه من عدمه على أي مواطن في دولته أو في مكتبه...

حينما قلت في نهاية مقالتي ( أن نحب الحياة دون أن ننسى الآخرة ) كنت أعرف ما أقول وأقصد فأنا أناقش هنا التيارات "الدينوية" التي تدعي أن العلمانيين ملحدين لأقول لهم ليس كل العلمانيين ملحدين مؤكدا أن دولة العلمانيين ( الجزئية - السياسية) ليس لها اهتماما دينيا إلا بالقدر الذي تسمح به للمتدين أن يتعبد في أماكن العبادة أو في داره.. أي أن هناك حرية وديمقراطية في قضية الإيمان الشخصي, أما الدولة فأنا مع ما ذهَبتِ إليه: هي إلى حد كبير كيان إعتباري يضم الإنسان والحيوان والطائر والنبات والمكان النظيف والمكان القذر والملوث, ولا أعتقد أن الحيوان أو النبات له دين, ثم أن الدولة لن تُحاسب ( في الآخرة ) لأنها صنيعة ناس وليست مخلوقا بيولوجيا.. ولذلك فإن القول أن الدولة العلمانية (مجبرة على عدم الاعتراف بالآخرة), يتقاطع تماما ويتناقض مع طبيعة العلمانية الجزئية التي من الأكيد أن دولتها لن تكون مجبرة على أن تكون مسلمة أو مسيحية أو بوذية أو يهودية, مسلمة أو مسيحية أو ملحدة.

إن جميع دول أوروبا وكذلك أمريكا تؤمن بالعلمانية (الجزئية) التي لا تزج الدولة في أي من الميدانين: الإيمان أو الإلحاد.. ملخص كلامي في النهاية وكما جاء في العنوان: ( أن تحب الحياة ) هو تركيز الدولة على الحياة المدنية بما فيها من مساواة بين البشر, أديانا ومذاهب وقوميات, ملحدين أو بهويات دينية. أما فيما يتعلق بشطر العنوان الآخر ( دون أن تنسى الآخرة ) فالمقصود به واضح وهو أن هذه الدولة ( العلمانية الجزئية ) سوف (لا تنسى المؤمنيين بالأخرة) ومن واجبها أن تحمي حريتهم في ممارسة تدينهم داخل أماكن العبادة وأن لا تقف مطلقا أمام بناء تلك الأماكن ونشاطاتها التي يجب لا تتقاطع مع النشاط المدني الاجتماعي العام.

ولهذا أقول إن من حق المفكر الحر الذي يعمل لأفكاره دون أن يتقيد بخيارات تمليها ظروف الواقع أن يدعو بحرية لفلسفته أو فكره, متدينا كان أم غير متدين. أما المفكر أو الكاتب السياسي فإن من حق مجتمعه وناسه وبلده عليه أن يجنبهم المخاطر لا أن يزجهم فيها... و أنا حينما وضعت لمقالتي هذا العنوان فقد جعلته من شطرين يشكلان عماد العلمانية الجزئية, أما القول أن الدولة مجبرة على العلمانية ومجبرة على عدم الإعتراف بالآخرة فهو يتحدث عن ( إجبار ) هو ليس من صفات الدولة اللبرالية ولا من صفات الديمقراطية ذاتها التي أهمها الحرية. فالعلمانية الجزئية التي يجب أن تفصل المؤسسة الدينية عن المؤسسة المدنية غير مهتمة بفصل الدين عن الإنسان, ففي هذا الإتجاه يكون التدين حق وحرية شخصية ومن واجب الدولة أن لا تقف ضد هذا الحق ولا تجهض هذه الحرية لكن على شرط أن تحدد ميدان التعبير عنها لكي لا تشتبك الميادين ويحدث الصراع والإنفجار.
أما أن العلمانية (لا تنسى الآخرة) الذي يشكل النصف الثاني لعنوان مقالتي فقد إخترته من واقع كون أل ( لا تنسى ) هي مفردة يمكن تصريفها بطريقة تختلف عن مفردة النصف الأول للعنوان ( أن نحب ) والتي تأتي هنا إلزامية ولا يجوز الإجتهاد فيها. كما أن العلمانية تكمن هنا, أي في ( الحياة = العالم = العلمانية ) وهنا يكمن تعريف الدولة العلمانية الجزئية ( أن نحب الحياة ) وعلى أساس هذه الوظيفة تتصرف الدولة. أما أن ( لا تنسى الآخرة ) فهي عبارة تجد تصريفها في مفهوم العلمانية الجزئية ذاتها بالقدر الذي تتحمله هذه الدولة على أساس حمايتها لحقوق المتدينين لممارسة طقوسهم في الأماكن الدينية.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية.. أن تحب الحياة دون أن تنسى الآخرة
- الإسلام السويسري *
- دولة الإسلامويين ومعاداة العلمانية
- الطائفية.. من صدام إلى بشار
- أن نتقاطع مع الدم السوري.. تلك هي المشكلة
- ثلاثة طرق طائفية للهجوم على الطائفية
- كيف تكره الأسد دون أن تحب حمد
- البصرة.. مدينة السياب والشاوي وأهلها الطيبين
- طائفيو المهجر
- ما الذي فشل مع فشل الاستجواب
- الخلل في الدستور أم في الرجال والنظام
- ديمقراطية بدون ديمقراطيين وعراق بدون عراقيين
- لماذا لا يقود المالكي المعارضة بدلا من مجلس الوزراء
- من هم الأشد خسارة في عراق الطوائف.. الشيعة أم السنة
- الطالباني ومخالفته الدستورية الأخيرة
- المالكي وسحب الثقة والورقة الكردية
- هل صرناالآن بحاجة إلى المنقذ
- عبدالله بن سبأ وقضية سحب الثقة من المالكي
- حكاية اللابديل.. فاقد الشيء هل يعطيه
- شيطنة الآخر.. من الاشتباك بالسلاح الأبيض إلى الاشتباك بأسلحة ...


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الدولة العلمانية لا دين لها.. ولكن هل هي ضد الدين