أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - ديمقراطية بدون ديمقراطيين وعراق بدون عراقيين














المزيد.....

ديمقراطية بدون ديمقراطيين وعراق بدون عراقيين


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3774 - 2012 / 6 / 30 - 18:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ديمقراطية بدون ديمقراطيين وعراق بدون عراقيين
جعفر المظفر

نتعامل مع المشاهد السياسية العراقية بميكانيكية ورتابة لا تخرج على حدود التقليد والمقارنة السطحية مع تجارب الآخرين.. نفترض أولا أن ما لدينا الآن في العراق هو ديمقراطية حقيقية, ثم نفترض ثانيا أن الديمقراطية هي واحدة في الزمان والمكان, ونعطي لأنفسنا بالتالي حق مقارنتها بتجارب الآخرين لكي نؤسس لنتائج تعتمد على شكلية المقارنة ولا تسمح لنا بتفحص دقيق للنواقص التي تحفل بها ديمقراطيتنا العتيدة.
بمقارنة تجريدية كهذه نكون قد حذفنا من الصورتين كل معالم الاختلافات الجوهرية بينهما ثم ثبتنا اللقطة على مشهد واحد يضم بنايتي مجلسي النواب هنا وهناك, وكأن بإمكان بغداد أن تصير مثل لندن لمجرد وجود مجالس نيابية نفترض أن تشابهها بالاسم يجعلها متشابهة أيضا بالوظيفة والثقافة والنهج والروح والأهداف.

جميل أن نتذكر هنا قول سيدنا الشيخ العائد من زيارة له إلى السويد: لقد رأيت إسلاما بدون مسلمين.
وكأنه أراد أن يؤكد بقوله ذاك على استحالة وجود عدالة ومساواة خارج الإسلام.
وكأن عدالة تلك المجتمعات كانت نزلت من الفضاء ولم تكن قد نتجت كانعكاس لقيم أخلاقية دينية وعقائدية خاصة بها..
لو وضعنا ذلك القول على لسان إنسان أوروبي كان عاد لتوه من زيارة إلى العراق لسمعناه يقول: لقد رأيت ديمقراطية ولكن بدون ديمقراطيين.
هنا بالذات يكمن الداء العراقي ومن هنا يطلع ويتفشى: من الديمقراطية التي هي بدون ديمقراطيين.
ولو كان ذلك الأوروبي منصفا لفسر الأمر بطريقة عادلة تقول أن ديمقراطية العراقيين جاءت كعنوان استخدامي أراد الأمريكان منه التأكيد على أن احتلالهم للعراق كان تحريرا.

توماس فريدمان في كتابه (عالم مسطح) يكتشف أن الأرض التي أكد العلم على كرويتها, عاد العلم ليجعلها مع الاقتصاد مسطحة.
هو فقط يدعوك لأن تقف داخل بناية لشركة أبل أو أخرى لشركة ويندوز لكي ترى من هناك وتسمع حوارا بين مدير أمريكي في نيويورك وموظف هندي يعمل في فرع الشركة في الهند لكي تظن أنهما يعيشان في نفس المكان وفي ذات اللحظة, وإن المسافة بينهما ليس فيها تحدب يمنع الرؤيا المباشرة أو يعرقل الحوار بين اثنين يبدوان كأنهما يجلسان سوية على مصطبة واحدة.
وبينما يحتفظ العالم بجميل تسطيح الأرض لشركات عملاقة جعلت المسافة بين نيويورك وبومباي تبدو كالمسافة بين عيني وبين شاشة الكمبيوتر, فإنه لم يحقق لفريدمان أمنيته لأن يكون العالم مسطحا سياسيا أيضا فظلت المسافة بين بغداد وواشنطن بعيدة ومحدبة أيضا فالكمبيوتر يمكن تصنيعه في الهند وأمريكا وبنفس المواصفات, وكذلك سندويجات ماكدونالد, لكن الأمر مع الديمقراطية يختلف كثيرا.

عالم فريدمان ظل مسطحا بفضل مصالح علمية واقتصادية مشتركة جعلت بلدانا في أقصى الغرب تلتقي مع بلدان في أقصى الشرق ضمن ساحة يحكمها العلم وقوانين السوق.
لكن عالمنا العراقي والأمريكي سرعان ما عاد إلى كرويته بعد أن انسحب الجنود الأمريكان, وبعد ان تأكد أوباما أنه لم يعد بحاجة كثيرا لقصة الديمقراطية تلك لإثبات رسالته الحضارية, وبعد أن اكتفى المشاهد الأمريكي من رؤية الإنتاج المسرحي الأمريكي العراقي المشترك التي تكفلت الفضائيات بنقله حيا إلى شوارع واشنطن وغيرها من المدن الأميركية.
وبانسحاب المخرج والتقني الأمريكي صار الممثلون العراقيون بحل عن الالتزام الدقيق بالدور فراحوا يؤدونه بتصرف شخصي بعيدا عن الإلتزام بتعليمات المخرج الأمريكي.
لذا ظهر التفارق واضحا بين المسرحية والممثل .. اي بين الديمقراطية والديمقراطيين.

إن بإمكان العالم أن يكون مسطحا بالعلم والاقتصاد ولكنه لن يكون مسطحا بالعقائد والثقافة والسياسة.
وفي العراق لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية بديمقراطيين إن لم يكن هناك أولا عراق بعراقيين.
وهذا ما ينقصنا حقا.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا يقود المالكي المعارضة بدلا من مجلس الوزراء
- من هم الأشد خسارة في عراق الطوائف.. الشيعة أم السنة
- الطالباني ومخالفته الدستورية الأخيرة
- المالكي وسحب الثقة والورقة الكردية
- هل صرناالآن بحاجة إلى المنقذ
- عبدالله بن سبأ وقضية سحب الثقة من المالكي
- حكاية اللابديل.. فاقد الشيء هل يعطيه
- شيطنة الآخر.. من الاشتباك بالسلاح الأبيض إلى الاشتباك بأسلحة ...
- ليس حبا بعلاوي وإنما كرها بالمالكي
- ما الذي أسقطه الصدريون بعِلمٍ أو بدونه
- الخلط بين بناء السلطة والدكتاتورية
- أزمة سلطة أم أزمة وطن
- وإن لكم في الفوضى والإرهاب فوائد وأرباح
- خلل في المداخل وليس خللا في المذاهب
- حل المشكلة بمشكلة.. إجه يكحله عماها
- أعظم مفقود وأهون موجود.. دعوة لتشكيل حزب بإسم حزب الماء
- المظلومية الشيعية.. ظلم للشيعة قبل أن تكون ظلما لغيرهم
- البعثي الصفوي... الذي هو أنا
- أحاديث عن الطائفية... المظلومية الشيعية
- العمالة والخيانة بين فقه الدين السياسي وفقه الدولة الوطنية


المزيد.....




- والد جاريد كوشنر يشعل تفاعلا بصور أداء القسم سفيرا لأمريكا ف ...
- قائمة أفضل شركات طيران في العالم لعام 2025
- -رجعنا للدار-.. بسمة بوسيل توضح آخر التطورات الصحية لابنها آ ...
- البدلة البيضاء تتصدّر صيحات صيف 2025 مع إطلالات النجمات
- إيران تكشف سبب استهداف مستشفى سوروكا
- صاروخ إيراني يضرب منطقة تجارية قرب تل أبيب.. ومراسل CNN يرصد ...
- الصراع الإيراني-الإسرائيلي يخلق انقسامًا بين صفوف الجمهوريين ...
- إسرائيل تهاجم مفاعل أراك للماء الثقيل في إيران.. ماذا نعرف ع ...
- استهداف مستشفى في جنوب إسرائيل ونتنياهو يتوعد إيران بالرد
- لغرض حمايتها.. واشنطن تحرك سفنا وطائرات من قواعد في الخليج


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - ديمقراطية بدون ديمقراطيين وعراق بدون عراقيين