أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - جعفر المظفر - أعظم مفقود وأهون موجود.. دعوة لتشكيل حزب بإسم حزب الماء















المزيد.....

أعظم مفقود وأهون موجود.. دعوة لتشكيل حزب بإسم حزب الماء


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3715 - 2012 / 5 / 2 - 19:27
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    



المقالة* المرفق رابطها في ذيل مقالتي هذه فيها الشيء الكثير مما كنت قد تحدثت** به تلفونيا معي قبل أيام, يوم أن دار حديثنا حول أزمة المياه وحاجة العراق إلى السدود والمشاريع الإروائية, وأيضا إلى تأسيس دائرة أو مؤسسة ترتبط برئاسة الوزراء والبرلمان لكي تكون لعملها القدرات التنفيذية المطلوبة, هذا إذا ما زلنا نعتقد أن في هاتين المؤسستين بعد أملا وخيرا ورجاء.
لقد أحسست كم كنت تجترع حرقة الكلمات وأنت تتحدث عن مأساتنا القادمة بعد أن يكون ماءنا قد نفذ فلا نعود قادرين على أن نرتوي بشربة منه, ناهيك عن أراض كان أهلكها العطش قبلنا فصرنا مع حملها على حال واحدة نشكو إلى الله ظلم أعدائنا ولا نلتفت لحظة إلى ما عملناه نحن بأنفسنا بعد أن غصنا عميقا في الخلافات القبلية والجهوية والطائفية والقومية والفئوية حتى إننا لم نترك مشهدا تاريخيا واحدا دون أن نبحث فيه عن نقطة خلاف نتخاصم عليها.
لقد سمي العراق بالميزوبوتوميا نسبة لكونه بلاد ما بين النهرين, وقيل أن أرضه لم يباركها الله لكي تكون سكنا لآدم ومأوى لأقدم الحضارات الإنسانية لولا وفرة مائه ونقاوة مشربه وخصوبة أرضه, فهل سيكون له معنى بعد أن رشحته جهات علمية رصينة لكي يفقد علاقته بالماء في العقود الثلاثة القادمة.

أعتقد أن قضية المياه والأنهار وما ينسب إليها من سدود وجسور وبحيرات وخزانات ومشاريع تحلية أو مشاريع إرواء, وما يتأسس عليها من علاقات داخلية مع أنفسنا وخارجية مع جيراننا وما تؤسس له من ثقافات ومناهج علمية ودراسات تطبيقية وبحوث, أعتقد أنها يجب أن تصبح في المقدمة من قضايا العراق, بل وعلى رأسها, حتى سمحت لنفسي أن تقول أن هذه القضية باتت اليوم بحاجة لأن تفرض من أجلها حالة الطوارئ.
إن منظر الفرات وهو يتحول إلى ساقية في بعض مساراته ومشهد دجلة الذي بات يسهل العبور عليه قفزا على جزره, والأهوار التي لم تعد إلى ربع عافيتها بعد. ونهر العشار الذي خرج ولم يعد, وأصبح مكب زبالة بعد أن كانت تتجول فيه اليخوت والقوارب. وشط العرب الذي بذلنا مقدار مائه دما للمحافظة على عراقيته, والذي هو سائر إلى ذات المصير بعد أن يجف ضرعاه, فراته ودجلته, ويلحقان أيضا برافد الكارون الذي لم تشفع لنا عند حكومة منبعه شراكتنا معها في حب آل البيت !! وبعد أن تأكد لنا أيضا أن حب تركيا لسنة العراق ليس له أية علاقة عاطفية بالماء.

في وضعها الحالي تنبهنا هذه القضية إلى الدرك الذي نحن سائرون إليه بعد أن غلبنا صراعاتنا المذهبية والقومية والفئوية على الحاجات الأساسية لشعبنا ووطننا, وحيث لم يعد لدينا مشترك حقيقي نتمحور حوله,
ولذا فنحن مطالبون بجعل قضية المياه قضية وطنية تتقدم على الكثير من قضايانا الأخرى, فبدون ماء يموت الشيعي والسني, المسلم والمسيحي والصابئي والعربي والكردي والتركماني, والشيوعي والقومي وكذلك الدعوي والوهابي والأخ المسلم.. إننا في النهاية قد نكون عثرنا أخيرا على ما نتوحد عليه.
وأنا أرشح الأستاذ كاظم فنجان الحمامي الذي تشهد له وطنيته ويراعه وفكره وحماسته وشعبيته على أن يرفع علم هذه الحملة, ليس على الصعيد الإعلامي فقط وإنما على صعيد التخطيط والتنفيذ لاختيار العناصر والصيغ والآليات التي من شأنها تحريك الجميع وجعلهم يدورون حول محور اسمه أزمة المياه وموت النهرين وفروعهما.
وأنا مثلك أعتقد أنه بات من الضرورة تحديد مداخل جديدة للقضية الوطنية وطرق تجميع العراقيين حولها. وقضية المياه هنا باتت تتقدم بسرعة لكي تحتل مقامها الأول على صعيد بناء الحالة الوطنية الجديدة, والتي هي في بدايتها ووسطها ونهايتها ليست حالة ثقافية أو أخلاقية معزولة عن شرطها المادي الموضوعي. وقد يقتل الوطنيون, رغم النوايا الطيبة, هذه الحالة حينما يفرغوها من حاجاتها المادية ويحولوها بالكامل إلى حديث في السياسة, وكأن السياسة لا علاقة لها بالطعام والشراب, ومن قبلهما بالماء.
نحن نتحدث ونكتب كثيرا في السياسة والثقافة الوطنية بدون أن نقف ولو جديا أمام الأخطار الموضوعية التي تهدد وطننا, وبدون هذه الوقفة لن يكون هناك معنى حقيقي ومثمر ومنتج لمفهوم الوطنية ولا معنى لعملنا الوطني السياسي والثقافي.

إن قضية المياه باتت تتقدم اليوم على قضايا أساسية عديدة في تشكيل الجانب المادي والموضوعي والمرئي لقضية الوطن والمواطن والوطنية وقبل كل ذلك قضية العراقي كإنسان بغض النظر عن قوميته ودينه ومذهبه.
أما بالنسبة لي فأنا على استعداد للعمل خلف المهتمين بهذه القضية وفي مقدمتهم وطنيون من أمثال المتعبد العراقي كاظم فنجان الحمامي والمفكران الوطنيان العراقيان علاء اللامي وعلي بابان, وغيرهم من الذين ستضيق بهم هذه الصفحة لعظمة أحاسيسهم وسعة عقولهم.
هؤلاء هم اقدر منا في بناء قضية يتجمع فيها الفكري مع التنظيمي والسياسي من أجل تحويل عملية التبشير بالأخطار القادمة من إطارها الإعلامي المحدود لكي تتحول إلى ثقافة شارع وإلى برامج ومناهج للعمل. ولا أعتقد أن قصية المياه في الحالة العراقية الراهنة هي أقل أهمية من قضايا التلوث التي أثارت كثيرا من الشخصيات الأوروبية ودعتهم لتأسيس أحزاب الخضر الذي قدر لها بعد جولات توعية أن تؤسس لجماهيرية واسعة كانت أوصلت العديد من المسئولين إلى سدة الحكم وجعلتهم أبطالا بنظر شعوبهم, فإن كان التلوث لوحده سببا لتأسيس تلك الأحزاب فلماذا لا تكون أزمة الماء العراقية سببا لتأسيس حزب بإسم حزب الماء.
لقد آن الآوان لكي يجتمع العراقيون على قضية مركزية رغم جميع أشكال اختلافاتهم الأخرى, فإن لم يجتمعوا على الماء, ترى على أي قضية أخرى سيجتمعون.. ؟!

وسأروي لك قصة قيل أنها أنها حدثت في زمن أحد الخلفاء, ولا يهم إن كان هذا الخليفة عباسيا أو أمويا حتى لا يأخذنا حب الاختلاف والخلاف عن موضوعنا الأساسية. ففي مجلس ذلك الخليفة, حيث كانت قصيدة من شعر المديح تعادل وزن صاحبها من الذهب, دخل شاعر عربي عليه بعد رحلة مضنية قطع خلالها مسافة أيام في الصحراء وهو يكاد يموت من الظمأ. هناك في مجلس الخليفة انتظر الشاعر دوره لكي يفرقع قصيدته, ويبدو أن القصيدة نالت إعجاب الخليفة لأنها حملت كل ما يسد شهواته النرجسية فطلب من حاجبه أن يلبي كل طلبات شاعرنا قاطع الصحراء ذاك. وفي تلك اللحظة أحس شاعرنا بفقدان الإحساس بالأشياء من حوله فقد بلغ العطش منه مبلغا تراجعت عنده قيمة كل الأشياء الأخرى ولهذا حينما طلب منه الخليفة أن يسل ما يشاء لم يتردد لحظة فقال:
أريد أعظم مفقود وأهون موجود...
وقيل أن الخليفة لم يكن احتاج للحظة تفكير لكي يفهم مراد الشاعر بل صاح بحاجبه فورا
يا هذا اسقه الماء, فهو أعظم مفقود وأهون موجود.
و إنني من هنا أستطيع أن أرى ما ستؤول إليه حالة العراقيين ولا أجد أقرب إليها من حالة ذلك الشاعر التي تراجعت عند قيمة ما يحصل عليه من دنانير الخليفة الذهبية ففضل عليها قدحا من الماء

وغدا ياسيدي
وليس غد ببعيد...
سوف نشتري ماءنا بنفطنا
لكني أسألك:
حين ينضب نفطنا غدا...
فبأي شيء سنشتري الماء..
ــــــــــــــــــــــــ
*رابط مقالة الأستاذ علاء اللامي في مجلة المثقف
HTTP://WWW.ALMOTHAQAF.COM/INDEX.PHP?OPTION=COM_CONTENT&VIEW=ARTICLE&ID=63447:2012-04-30-14-40-01&CATID=34:2009-05-21-01-45-56&ITEMID=53

**من حق الأخ عثمان الراوي أن أذكر اسمه هنا لأنه كان طلب مني كتابة هذه المقالة لضرورتها.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المظلومية الشيعية.. ظلم للشيعة قبل أن تكون ظلما لغيرهم
- البعثي الصفوي... الذي هو أنا
- أحاديث عن الطائفية... المظلومية الشيعية
- العمالة والخيانة بين فقه الدين السياسي وفقه الدولة الوطنية
- للمهاجرين العراقيين فقط
- سوريا والعراق.. حديث الصورة والمرآة
- من بشار الأسد إلى عرعور المستأسد.. يا لها من مأساة
- قراءات خاطئة جدا جدا لمواضيع صحيحة جدا جدا.. القراءة الثانية
- قراءات خاطئة جدا جدا لمواضيع صحيحة جدا جدا.. القراءة الأولى
- التحالفات السياسية وخطاب البارزاني الأخير
- في المسألة المشعانية* والقضاء العراقي الممشعن
- العملية السياسية وخطاب البارزاني الأخير... 1
- الإيمو... المجتمع حينما يقتل نفسه
- الطائفية.. حينما ينفصل السياسي عن الأخلاقي وحينما يتناقضان
- الشعب العاري وحكاية نوابه المصفحين
- الطريق إلى قاعة الخلد والتجديد المفتوح لرئيس الوزراء
- العراق بين حروب القرار وحروب الاستجابة
- الهاشمي.. قضيته وقضيتنا .. القسم الثاني
- الهاشمي .. قضيته وقضيتنا
- الجمهورية العراقية القضائية العظمى.. مقالة ليست ساخرة


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - جعفر المظفر - أعظم مفقود وأهون موجود.. دعوة لتشكيل حزب بإسم حزب الماء