أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الجمهورية العراقية القضائية العظمى.. مقالة ليست ساخرة















المزيد.....

الجمهورية العراقية القضائية العظمى.. مقالة ليست ساخرة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3632 - 2012 / 2 / 8 - 23:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل يذكرك هذا العنوان بشيء؟! قبل الإجابة دعك من الاعتقاد أنه استعارة بدون إذن من جمهورية المرحوم القذافي, فثمة قوم من بين صفوفنا باتوا يؤكدون على أن العراق قد استطاع بالفعل الوصول إلى مرحلة بات فيها قضاؤه مضرب مثل في الاستقامة والحيادية والنزاهة, وكأنه كان ولد وترعرع وشب ونضج في جزيرة معزولة لا علاقة لها بما جرى في العراق من معارك ومجابهات يشيب لها الرضيع هولا.
أو أنه كان قد عزل كنطفة, ثم زرع في زجاجة مختبرية على طريقة أولاد الأنابيب, ثم أستخرج ليزرع في رحم امرأة سويدية كان القضاء قد تطور في بلدها جنبا إلى جنب مع تطور منظومة متماسكة من القيم الأخلاقية والثقافية والاقتصادية.
ثم وقد نضج الرضيع في ذلك الرحم الهادئ الأمين المسالم العادل الصافي, الذي لا تعكره أجواء الفساد, ولا تقتسمه الطائفية اللعينة وأحزابها وقادتها, ولا يمس شعرة منه هذا الزحام من التلوث في كل جوانب الحياة العراقية, فقد ترك بعد مولده لينشأ في جزيرة سويدية معزولة حتى يشب نقيا صافيا صادقا أمينا لا تعلق في ثوبه ذرة غبار ولا في ضميره شخطة سوء ولا في قلبه نقطة سوداء كتلك التي رآها صدام في قلب محمد عايش.

وبعد أن بلغ ذلك الوليد أشده وحصل على شهادة من بلد المنشأ, فقد قام شعب "أولف بالم" و "داغ همرشولد" بحفظه في صندوق أمين حيث شحن بعد ذلك بطائرة خاصة. وقد حرص طاقم الطائرة على إنزاله بالمظلة مباشرة في بناية جميلة القوام متينة البناء في منطقة نقية معزولة من بغداد يقال لها المنطقة الخضراء, حيث كان بانتظاره وفود تم اختيارها من جميع ( فسيفساء ) الشعب العراقي, وخاصة من أطراف العملية السياسية: الإرهابيون منهم وغير الإرهابيين.
وادعى شاهد عيان أنه رأى حمورابي نفسه في مقدمة الحاضرين وهو يحمل مسلة قوانينه الشهيرة, كما ادعى آخر أنه رأى أيضا من بين الحاضرين وفدا مشكلا من دولة الخلفاء الراشدين يتقدمهم علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب, إضافة إلى لجان من الأمم المتحدة توزعت ما بين ممثل لحقوق الإنسان وآخر للمنظمات المدنية, وآخرين من منظمة اليونيسيف واليونسكو وحتى من منظمة الصحة الدولية التي كانت مكلفة بمراقبة كافة إجراءات الصحة والسلامة المطلوب توفرها حال فتح الصندوق, وذلك لغرض التأكد من سلامة الحاضرين من جميع الأمراض المعدية, وخلو الجو من أية فيروسات أو إشعاعات ربما تركها المحتل بعد انسحابه لكي يفسد بها أجواء ما بعد الجلاء ويخرب على الأبطال الخضر فرحة انتصارهم بالقضاء على المحتل الأمريكي وإجباره على الانسحاب بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن.

وقبل أن يفتح الصندوق بإشراف وفد أممي عظيم الحيادية, طلب من مهندسي القاعة ضبط درجات الضوء والموسيقى وأُلْزِم الحاضرون بالصمت المطبق وقَطْع الأنفاس حتى لا يتأثر ساكنو الصندوق بالمؤثرات من حوله, إذ ادعى من ادعى أن الوليد عادة ما يتعرف على أول صوت يسمعه ويبقى متعلقا به مما سيفسد عليه بالتالي حياديته المطلقة ويجعله بميول قد تؤثر على أحكامه الغير مسيسة في المستقبل, خاصة وهو سيكون حكما بين قوم سياسيين يتهم بعضهم بعضا بتهم أقلها الإرهاب والفساد والطائفية وليس آخرها العمالة لإحدى دول الجوار.

حتى إذا فتح الصندوق وتم إزالة سيلوفين التغليف فقد تبين لجميع الحاضرين إنه لم يسبق لهم أن شاهدوا سابقا أيا من ساكنيه, ولا في أية محكمة عراقية خاصة, منذ أيام المرحوم المهداوي أو أيام شباط, ولا كان من بينهم من عاش في عصر "نبوخذصدام" وصار واحدا من مستشاريه القضائيين, الذين ألبسوه جبة رجل القانون الأول, ومنحوه شهادة الدكتوراه القضائية, بينما كانت محاكمه الخاصة تحكم على طريقة "أطك" هذا العظم إلى ذاك العظم وكأنهم في لعبة "المحيبس" العراقية الشهيرة..
ولقد شهد الجميع على أن كل من خرج من ذلك الصندوق من رجالات القضاء هو من جنس نقي صافي, وخال من الأمراض المعدية وغير المعدية, ولا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالطوائف المتنازعة, ولا بالقبائل المتصارعة, ولا بدول الجوار, ولا كان أبدا جزء من أيام العراق السوداء يوم كان قضاءه أسود ومصخم وملطم.
وحينما اطلع الجميع على ورقة المنشأ فقد وقعوا على أن الشحنة أصلية مائة في المائة بعد أن سمح لهم بالطواف حولها عن بعد لكي لا تكون لأحدهم فرصة أن يهمس بإذن أحد القضاة أو يغمز له بإغراء, أو يتسبب له بعدوى. وقد سمع صوت في نهاية القاعة يهتف: فلنسمي جمهوريتنا أيها الأخوة بالجمهورية العراقية القضائية العظمى لأنها أحق من كل دول العالم بهذه التسمية وحتى لا يسبقنا أحد إليها.

العراق يا سادة ليس فقط أول من اكتشف الحرف أو أول من اخترع العجلة أو أول من سن القضاء.. لكنه الأول أيضا في نظام العجائب.. وإلا كيف يكون هناك بلد هو الأخير في كل شيء, في قائمة تضم كل دول العالم ثم يكون هو الأول بين جميع تلك الدول في قائمة القضاء المستقل..
وسيكون جاهلا من يعتقد بأني أسخر من القضاء العراقي أو أنتقص منه, وإنما أنا أسخر من أولئك الساسة والكتاب الذين يضحكون علينا بنكتة اسمها القضاء العراقي المستقل, فالقضاء العراقي هو بالنهاية جزء من هذا المجتمع الغارق حتى ما فوق أذنيه بمشاكل قاتلة. وإذ لا نكران لمحاولة هذا القضاء النأي بنفسه عن زحمة المتقاتلين والفاسدين والإرهابيين والمزورين واللصوص والمتاجرين بدماء وأرزاق العالم فإن الإدعاء بأنه بلغ الكمال هي التهمة التي يجب أن يقوم القضاء نفسه بردها على صاحبها كبضاعة فاسدة, إذ لا يمكن أن يكون قضاءنا قد وصل إلى تلك الدرجة من الكمال إلا إذا كان نزل علينا من السماء.
إن كل أولئك الذين يدّعون أن القضاء العراقي غير معرض لضغوط التسييس وخاصة من الحكومة يدفعوننا لأن نكون في مساحة وَهْمٍ يسهل فيها اصطيادنا بسهولة, أما القضاء العراقي وفي المقدمة منه مجلسه الأعلى الموقر فعليه أن يفطن لهذه اللعبة رافضا أن يكون شاهدا إلا على الحق..
وأما كتابنا الموقرون الذين يُنّظِرون لهذه الحكاية فليس عندي ما أقوله لهم سوى وآسفاه.
ولكل من قرأ مقالتي أقول: أيها المحترم.. إنها أبدا ليست مقالة ساخرة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدالة الانتقالية
- يوم اختلف الأسمران.. أوباما وخلفان
- رئاسة الوزراء.. دورتان تكفي
- سليماني.. قصة تصريح
- العراق.. صناعة النفاق الديمقراطي
- قضية الرموز والرجال التاريخين في النظام الديمقراطي
- المؤتمر الوطني.. الفشل الأكيد
- إغلاق مضيق هرمز.. وهل يتعلم الحمقى
- موقف العراق من سوريا.. ميجاهيلية سياسية
- فليحاكم الهاشمي سريعا.. أصل الحكاية 3
- تصنيم القضاء أم توظيفه.. أصل الحكاية.. 2
- بين المطلك وأوباما والمالكي.. أصل الحكاية / القسم الأول
- مثال الآلوسي.. وقانون التسي تسي
- قضية الهاشمي والقضاء العراقي المستقل
- من يتآمر على سوريا.... نظامها, أم قطر والسعودية.. ؟!
- الانتخابات المصرية.. بين المطلبي والسياسي
- اغتيال المالكي.. قصة الكيس وفئرانه الخمسين
- العلمانية.. إنقاذ الدين من ساسته ومن كهنته
- إلى اخوتنا في صلاح الدين.. (3)
- إلى إخوتنا في صلاح الدين... 2


المزيد.....




- خبير: الكرملين لا يسعى لإسقاط النظام الإيراني بل يراهن على ج ...
- في ملجأ محصن.. خامنئي يعزل نفسه ويحدّد خليفته تحسبًا لاغتيال ...
- القبض على أول شخص من عائلة بشار الأسد في سابقة أمنية لافتة ب ...
- تل أبيب تصعّد حملتها ضدّ المنشآت النووية ال?إيران?ية وتلوّح ...
- مساعدات التنمية: ألمانيا تقلص الإنفاق على الناس الأكثر فقراً ...
- فرنسا: المنطاد الأولمبي سيعود للتحليق في سماء باريس بعد تحول ...
- بالأرقام.. هكذا يضيّق الاحتلال الخناق على خان يونس
- عبر الخارطة التفاعلية.. آخر التطورات في المواجهة الإيرانية ا ...
- ردّا على ترامب.. الكنديون يلغون رحلاتهم إلى أمريكا.. من يدفع ...
- الجيش الإسرائيلي: قتلنا قائدا آخر بفيلق القدس.. ونخوض -واحدة ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الجمهورية العراقية القضائية العظمى.. مقالة ليست ساخرة