أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - البعثي الصفوي... الذي هو أنا















المزيد.....

البعثي الصفوي... الذي هو أنا


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3707 - 2012 / 4 / 24 - 18:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كان أخي جمال جواد, أحد المعلقين على مقالتي السابقة ( أحاديث عن الطائفية.. المظلومية الشيعية ) قد طلب مني أن لا أشغل نفسي في الرد على المداخلات الشتائمية التي يتفضل بها بعض السادة, وتخصيص الوقت الذي يصرف على تلك الردود بكتابة المزيد من المقالات التي تعالج قضايا الإسلام السياسي وخاصة شكله الطائفي الذي بات يهيمن على الساحة السياسية العربية وفي المقدمة منها الساحة العراقية التي لا شك أنها أبلت بلاء عظيما حينما مارست حوارا يتعامل مع الرقاب لا مع العقول, وكانت نتائجه جثثا مطعونة ورؤوس مقطوعة لم تترك مكانا في العراق إلا وحطت على شوارعه وأرصفته.
وأنا مثل أخي جمال أومن أن لا ضرر أن يكون المسلم سنيا أو شيعيا أو صوفيا أو وهابيا إذا كان يدعو إلى ربه بالموعظة الحسنة, والجدال بالتي هي أحسن, على أن يكون مكان نشاطه هو الجامع لا الجامعة, فلقد أصابت العرب حينما قالت أن لكل مقام مقال. ولو أننا سيسنا ذلك القول الآن لرأيناه يتفق مع العلمانية التي تؤمن أن الدولة هي مقام كل القوميات وكل الأديان وكل المذاهب وأن لا طريق هناك لإعلاء راية الحق والعدالة والسلام الاجتماعي إلا إذا تساوى الجميع في موقفهم من القانون وتركوا لمقالهم الديني والمذهبي أن يعبر عن اختلافاته في الجامع لا في الجامعة.
ومع ذلك فإن ما يهمني من هذه المقالة هو الإشارة إلى العقلية القمعية التي تتميز بها هذه الحركات الإسلاموية الطائفية المتطرفة بشقيها الشيعي والسني, إذ أن كثيرا من عناصرها لا تترك لعقولها فرصة التركيز على ما تعتقده مخالفا لعقيدتها فتهرع على الفور وبسرعة تفوق سرعة الضوء لاتهام الكاتب أو المتحدث باتهامات صارت مفرداتها الجاهزة معروفة.
وكأي مفردات يتكرر استعمالها أكثر من اللازم فهي عرضة للاستهلاك والتلف بما ينعكس ذلك سريعا على منظومة الأفكار التي تقف خلفها, لا بل ولعلها تعود بالنفع على من تعتبرهم أعداء لها, إذ حينما يترافق هذا السلوك مع هذا الكم من العجز السياسي والأخلاقي الذي ظهر مع صعود هذه الحركات إلى سدة الحكم فلا بد, كحالة نفسية, أن يكون هناك انحياز تدريجي متراكم لصالح الحركات النقيضة. ولقد رأينا, في العراق مثلا, كيف أن كثيرا من الناس بدأت تقارن على الأقل بين نظام صدام والنظام الذي تلاه ولم تكن جرائم هذا الأول وأخطاءه قد تراجعت بعيدا عن الذاكرة العراقية ولا اختفى الجيل الذي كان شاهدا عليها أو تضرر منها. وليس لنا أن نبحث عن أسباب ذلك بعيدا عن المهازل التي أرتكبها هؤلاء السياسيون وذلك نتيجة عجز بنيوي في المشروع السياسي لحركاتهم, لأنها أصلا حركات لا علاقة لها بالعصر ومتطلباته, ولأنها كانت قد نشأت في الأصل كرد فعل على أحزاب وحركات سياسية كانت تسيدت الشارع السياسي في فترة الستينات وما قبلها, وأقصد بها الشيوعيين والبعثيين, فلما تراجع تأثير هؤلاء وتهاوت مكانتهم فقد صار بإمكان حركات رد الفعل أن تحل محل حركات الفعل فينكشف إفلاسها سريعا فرأيناها لا تملك سوى ممارسة الحكم لأغراض ذاتية بحتة ومنافع شخصية ولا علاقة لها بأي مشروع إستراتيجي وطني ذا أفق اقتصادي واجتماعي وثقافي.
وأؤمن أن هناك نوعان من الهجوم الذي تمارسه الحركات السياسية ضد الخصوم, وهما الهجوم الإيجابي والهجوم السلبي. فأما السلبي فهو يقوم على تصيد أخطاء الخصوم والتعامل مع هذه الأخطاء كخواصر رخوة يسهل النفاذ منها إلى قلب الخصم وبقية أجهزته الحيوية. لكن هذا النوع من الهجوم لن يكون فاعلا ومؤذيا للخصوم إلا إذا ترافق مع هجوم إيجابي تقوم به هذه الحركات ويعتمد على إنجازات ذات أثر مفيد على صعيد تحسين الحياة بجوانبها الاقتصادية والحضارية والخدمية والأمنية والثقافية. ولأن هذه الحركات لا تملك خططا بهذا الاتجاه ولا تحمل مشاريع ذات أهداف إستراتيجية بديلة, ولأنها أصلا لا تصلح إلا للمعارضة السلبية فهي لا تستطيع الدفاع عن نفسها إلا عن طريق الهجوم السلبي الذي يعبر عن نفسه باشكال لا تتجاوز الشتم والسباب والقذف بتهم قمعية يظنون أنها كافية للتغلب على الخصم, أو على الأقل لإسكاته.
بسرعة وبوضوح تستطيع إذا ما إطلعت على مقالتي السابقة التي تعاملت مع مفهوم المظلومية الشيعية أن تكتشف هذه النماذج الخائبة المتعثرة, فعلى الجانب الوهابي أسرع إثنان من أصحاب الردود إلى هجوم عنيف سرعان ما تكتشف أن أصحابه لم يكلفا أنفسهما ولو حتى قراءة بعض سطور المقالة, وأجزم أيضا أنهما كانا قد عانيا من خداع البصر حينما اقتطعا من العنوان نصفه ( المظلومية الشيعية ) ولم يتركا لأبصارهما قراءة حتى النصف الأول من عنوان المقالة وهو الذي جاء بالشكل التالي ( أحاديث عن الطائفية ), لأنهما لو فعلا ذلك لأفرحهما على الأقل عنوان المقالة الذي يشير إلى أنها مختصة بنقد جانب أساسي من الثقافة الشيعية السياسية وليس الثناء عليه.
وبسرعة الضوء وبالكلام الحارق والخارق أسرع هؤلاء, ليس إلى إتهامي فقط, وإنما إلى إتهام كل الشيعة بأنهم ليسوا أكثر من صفويين, وإنهم لا يشكلون سوى حالة ميئوس منها, ولا يمكن أن يكونوا عراقيين لأنهم فرس أو محبين للفرس ( المجوس ). لقد أعاد هؤلاء إلى ذاكرتي مشهدا من التاريخ الإسلامي يوم أن أقدم (كسرى) على تحميل أحد رسل سعد بن أبي الوقاص كيسا من التراب ظنا منه بأنه يوجه بذلك إهانة لحاملها ولمن أرسله. لكن أحدا من وزراء كسرى سرعان ما نبهه إلى حقيقة أنه بحركته تلك كأنه أقدم على تسليم تراب أرض فارس للعرب. وإذا ما كانت هذه الرواية صحيحة فماذا يمكن أن نقوله لهذين السيدين الوهابيين اللذين يدعيان حبا وولها بالعراق وهما يقدمان أكثر من نصف شعب العراق وأكثر من نصف أراضيه هدية مجانية إلى إيران, وأيضا ألا يجعلنا ذلك نقول, لو أنه كان صحيحا ما قاله السيدان, إن من حق هؤلاء المتهمين بأصولهم أن يلتحقوا بإيران ويتركوا قضية لم يعد لها معنى لهم وهي ما يختص بوطن اسمه العراق وبشعب اسمه الشعب العراقي.. فإن لم يكن ذلك الذي كتبه السيدان غباء, ومن الدرجة الأولى, فكيف يكون عليه الغباء إذن. وفي حضرة فكر كهذا لن يكون من الصعوبة أن نعثر على أولئك الذين يقدمون الخدمات الحقيقة المدمرة لأعداء العراق والطامعين بأرضه.
ومع ذلك فإن مفردة الغباء هنا قد تكون مضللة لأنها تخفي النيات الشريرة لهؤلاء مثلما قد تغطي هذه المفردة على بنيتهم المفلسة التي ليس بمقدورها أن تعبر عن نفسها إلا بالأحقاد والعنصريات المدمرة. وهل سأخطأ إذا ما قلت أن الطائفية بهذا هي أشد خطرا على العراق والعرب والمسلمين عموما من الصهيونية ذاتها.
على الجانب الآخر, يبدو الإفلاس الطائفي بطبعته الشيعية واضحا, وهو يعبر عن نفسه بأساليب ومفردات بدأت تستهلك نفسها, ولا أعتقد أن بإمكانها أن تديم فعلا أو أن تحقق نتيجة, ففي نفس المساحة التي تحرك بها السيدان (الوهابيان) فإن سيدين طائفيين من ( الشيعة ) كانا أسرعا لاتهامي بأنني بعثيا, ولقد كنت أود لو أنهما كانا فعلا ذلك بعد أن تقدما ببعض الملاحظات والمداخلات التي تتعامل مع أفكار الموضوع. لكن إفلاسهما الطائفي الفكري أولا, وخيبة وفشل التجربة السياسية التي يمثلانها, لم تجعلهما قادرين على الحوار بطريقة تظهر احتراما ولو بسيطا لعقل القارئ, ولو أنهم فعلوا ذلك وشتموني بعدها فربما ما كنت أبديت اهتماما لإساءتهما الشخصية.
إذن أنا في نظر الوهابيين صفويا من الدرجة الممتازة.
وأنا في نظر الطائفيين من الشيعة بعثيا من نفس الدرجة.
ولهذا لا أدري بأيهما أقبل وأيهما أختار.
ولكن, ولغرض أن لا يزعل علي أي طرف منهما, ولكي لا أتسبب في مزيد من الهجمات الهزلية والهزيلة سأقبل من الطرفين أن يحلا هذه الإشكالية البليدة فيقولا عني بأني (صفوي بعثي).
بهذا فهم سيكونوا أصحاب اختراع فريد من نوعه, اختراع يجمع ما بين الصفوي والبعثي في مخلوق واحد..
وإني بعد هذا سوف أنصح حزب البعث أن يفتح له فرعا في إيران وأن يكون له ممثلون في مجلس الشورى والبرلمان الإيراني
ويا سبحان الله الذي يضع سره في أضعف خلقه.
واضعف خلق الله على أرضه هم الطائفيون, وإن كانوا أصحاب قوة غاشمة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحاديث عن الطائفية... المظلومية الشيعية
- العمالة والخيانة بين فقه الدين السياسي وفقه الدولة الوطنية
- للمهاجرين العراقيين فقط
- سوريا والعراق.. حديث الصورة والمرآة
- من بشار الأسد إلى عرعور المستأسد.. يا لها من مأساة
- قراءات خاطئة جدا جدا لمواضيع صحيحة جدا جدا.. القراءة الثانية
- قراءات خاطئة جدا جدا لمواضيع صحيحة جدا جدا.. القراءة الأولى
- التحالفات السياسية وخطاب البارزاني الأخير
- في المسألة المشعانية* والقضاء العراقي الممشعن
- العملية السياسية وخطاب البارزاني الأخير... 1
- الإيمو... المجتمع حينما يقتل نفسه
- الطائفية.. حينما ينفصل السياسي عن الأخلاقي وحينما يتناقضان
- الشعب العاري وحكاية نوابه المصفحين
- الطريق إلى قاعة الخلد والتجديد المفتوح لرئيس الوزراء
- العراق بين حروب القرار وحروب الاستجابة
- الهاشمي.. قضيته وقضيتنا .. القسم الثاني
- الهاشمي .. قضيته وقضيتنا
- الجمهورية العراقية القضائية العظمى.. مقالة ليست ساخرة
- العدالة الانتقالية
- يوم اختلف الأسمران.. أوباما وخلفان


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - البعثي الصفوي... الذي هو أنا