أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الشعب العاري وحكاية نوابه المصفحين














المزيد.....

الشعب العاري وحكاية نوابه المصفحين


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3654 - 2012 / 3 / 1 - 17:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان من إنجازات الديمقراطية العراقية الباهرة أنها حولت البرلمان المنتخب إلى مؤسسة الهدف منها تحقيق المكاسب الذاتية لأعضائها مكافأة لقبولهم بدور الشريك الديمقراطي, وليس مقدرا لهذا المجلس أن يقدم حلولا جذرية لمشاكل العراق والعراقيين ما دام النواب يختلفون على مشاكل مصيرية يجري حلها بعد ذلك في غرفة المحاسب يوم توزيع الرواتب الهائلة والامتيازات المفتوحة, وهل عمركم سمعتم بإمكانية أن ينجب برلمان كهذا أشخاصا مصلحين بإمكانهم أن يضحوا بامتيازاتهم الهائلة مقابل كلمة حق.
والحال أن البلد هو خاضع الآن في الكثير من مستويات نشاطه لنظام التزوير والسرقة والرشوة, فالرواتب الهائلة والامتيازات التي يحظى بها المسؤولون جميعا لا يمكن اعتبارها رواتب معقولة في بلد ما زال البعض من أبنائه يعيش على المزابل بينما يتكاثر معدموه ومتسولوه على الطريقة الإنشطارية. إن هذه المرتبات الضخمة هي اقرب إلى الرشوة منها إلى المرتبات الحقيقية, وهذه مع مخصصات الرعاية الاجتماعية للرئاسات الثلاث, مع أجور العسكر من جيش وشرطة وقوات أمن ورجال حراسات, مع ما يصرف بأثمان مضاعفة على مشاريع شكلية ونشاطات طفيلية, مع المسروقات والهدر في الأموال والرشى وشراء الضمائر والمؤيدين هي بمجموعها تستهلك أكثر من ثلثي ميزانية البلد.

وإذا ما تجرأ أحد على تبرير ذلك بالقول إن ذلك, على صعيد الكثير من مستوياته, هو مستحقات بناء دولة ديمقراطية على أنقاض سابقتها الدكتاتورية فسأقول إذن طز بالديمقراطية الذي يكون ثمنها باهضا بهذا القدر حيث القلة القليلة تعيش بهذا الشكل الكافر في بلد يتناسب فقراءه ومعدموه تناسبا طرديا مع ارتفاع دخله وميزانيته, وحيث تنسحب بقية حقوله أمام صحاريه تماما مثلما تتراجع فيه الثقافة ويعبر التحضر عن نفسه بظواهر هروبية تنفجر هنا وهناك على شكل انتشار المخدرات وتكاثر المثليين تعبيرا عن حالات الإحباط والقرف والتمرد الذي يحاول قتل المجتمع من خلال قتل كامل ثقافته.

ولقد كتب الكثير عن مشروع شراء سيارات مصفحة لأعضاء مجلس النواب بالاتجاه الذي تركز على الأموال التي سوف تهدر من ميزانية العراق. وفي اعتقادي فإن الجانب المالي لهذه القضية هي آخر ما يجب أن ينال الاهتمام, إذ ما هي قيمة الملايين التي ستخصص لشراء تلك السيارات المصفحة أمام مليارات الدولارات المسروقة من قبل أفراد وأحزاب. إن ما يجب أن تجري مناقشته هو هذا الإسفاف الذي يذهب إليه نواب مسئولون عن توفير وتحقيق الأمن للناس حينما يهرعون مباشرة إلى توفير كل ما يعتقدوه لازما على صعيد توفير أمنهم الشخصي في حين كتب على المواطن العراقي أن يكون مشروع ذبح وقتل في أية لحظة وفي أي مكان يعمل به أو شارع يسير عليه.
في نهاية عام 2003 كان الجعفري يلقي حينها محاضرة له بين بعض أبناء الجالية في واشنطن وكنت أثناءها في زيارة لأقاربي هناك وكان من ضمن ما تحدث إليه هو حالة الأمن في العراق التي بدت ملامح ترديها ظاهرة للعيان, سألته.. هل فكرتم باحتمال أن يتقاطع أمنكم الشخصي مع أمن الشعب, واقصد بالأمن الشخصي ميليشيات الأحزاب وقياداتها التي بدأت بالظهور آنذاك بكثافة في شوارع المدن العراقية, فأكملت دون أن أنتظر جوابه.. نعم سيتقاطع لأن مهمة النظام ستنحصر بتوفير الأمان لنفسه, وهي مهمة ضخمة سوف تكون على حساب أمن الشعب لا لحسابه.
ولعل هذا ما حصل فعليا, فالدولة تعيش الآن في خدمة المنطقة الخضراء وليس العكس, كما أن أمن الناس ضائع في غابة أمن الحكومة, وهاهم نوابنا يطالبون بسيارات مدرعة لحمايتهم, وحيث يأتي هذا الطلب ونحن على أبواب العقد الثاني للعراق ( الجديد ) فلا بد أن نتيقن أن أمن النواب المهدد إلى حد الحاجة إلى سيارات مصفحة إنما يعكس الحقيقة البائسة لدولة من المفترض أن يعيش نوابها المنتخبون من قبل الشعب بين الناس ويسيرون معهم في الشوارع, فإذا ما انتهوا بعد عشرة سنوات إلى المطالبة بسيارات مصفحة لحمايتهم فهذا يعني بالحقيقة أنهم صوتوا من دون دراية على أن دولتهم فاشلة بامتياز..
سيقول لي أحدهم, وهو صديق تعود أن يطالبني بالواقعية, وماذا يفعل المهدد أمنه, وسأقول له .. يرحل, يأخذ ثمن سيارته المصفحة ويغادر العراق, وحلال عليه كل ما سرقه.
فلو ظل هذا النفر في العراق لزمن قادم فليس غريبا بعدها أن لا يرى العراق أي زمن قادم.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق إلى قاعة الخلد والتجديد المفتوح لرئيس الوزراء
- العراق بين حروب القرار وحروب الاستجابة
- الهاشمي.. قضيته وقضيتنا .. القسم الثاني
- الهاشمي .. قضيته وقضيتنا
- الجمهورية العراقية القضائية العظمى.. مقالة ليست ساخرة
- العدالة الانتقالية
- يوم اختلف الأسمران.. أوباما وخلفان
- رئاسة الوزراء.. دورتان تكفي
- سليماني.. قصة تصريح
- العراق.. صناعة النفاق الديمقراطي
- قضية الرموز والرجال التاريخين في النظام الديمقراطي
- المؤتمر الوطني.. الفشل الأكيد
- إغلاق مضيق هرمز.. وهل يتعلم الحمقى
- موقف العراق من سوريا.. ميجاهيلية سياسية
- فليحاكم الهاشمي سريعا.. أصل الحكاية 3
- تصنيم القضاء أم توظيفه.. أصل الحكاية.. 2
- بين المطلك وأوباما والمالكي.. أصل الحكاية / القسم الأول
- مثال الآلوسي.. وقانون التسي تسي
- قضية الهاشمي والقضاء العراقي المستقل
- من يتآمر على سوريا.... نظامها, أم قطر والسعودية.. ؟!


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الشعب العاري وحكاية نوابه المصفحين