أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - شيطنة الآخر.. من الاشتباك بالسلاح الأبيض إلى الاشتباك بأسلحة الدمار الشامل














المزيد.....

شيطنة الآخر.. من الاشتباك بالسلاح الأبيض إلى الاشتباك بأسلحة الدمار الشامل


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3749 - 2012 / 6 / 5 - 20:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في السابق كان بإمكان حرفة شيطنة الآخر التي مارسها البعثي ضد الشيوعي, والعكس صحيح أيضا, أن تفلح في تحويل كل الآخر, بلحمه ودمه وعظمه, بعقله وآرائه وأفكاره, إلى شيطان أمرد. وأجزم أن تلك المهنة كانت أعطت مردودا كبيرا على صعيد تكريس ثقافة الكراهية المفتوحة التي ما زالت تبرز في بعض الأحيان لكي تفسر انحياز بعض السياسيين والكتاب الشيوخ إلى فصيل ما, ليس على أساس الإيمان به وإنما على أساس الكفر المتأصل بغريمه الشيطان انطلاقا من عقيدة: ليس حبا بعلي وإنما كرها بمعاوية, أو ليس حبا بالمالكي وإنما كرها بعلاوي.

لقد أدت سياسة شيطنة الآخر البعثية الشيوعية مثلا إلى معارك شوارعية كلفت العراقيين كثيرا من الخسائر. لكن ينبغي الاعتراف أن تلك المعارك والخسائر ظلت محدودة إلى حد كبير بالمتخاصمين أنفسهم فلم يحدث أن امتدت لتنتشر أفقيا بين الآخرين من أبناء الشعب الذين ظلوا يتفرجون عن بعد على أولئك الوطنيين العظام وهم يسحلون أو يقتلون بعضهم وكأن الواحد منهم يصيح.. ها إني قتلت الشيطان ووضعت قرنيه في عينيه وذيله في فمه.

وكالعادة فإن سياسة الشيطنة لا تنحصر بالعلاقة بين حزب وعدوه وإنما هي قد تمتد لكي تكون جزءا أساسيا من ثقافة دولة ليس بإمكانها أن تعيش إلا على نظرية المؤامرة, وذلك لتغطية عجز داخلي أو غياب برامج أو ثقافات مقنعة مما يجعلها تلجأ إلى تفخيم وتضخيم خطر العدو الخارجي من أجل حماية نظامها وسلطتها من خطر أعدائها الداخليين. لقد ظل خطر الدولة الصهيوني شغالا لصالح الأنظمة العربية, ليس تحسبا حقيقيا لدرء هذا الخطر, وإنما كان في جزء كبير منه, وسيلة للقضاء على خصوم الداخل وتحقيق عملية هي أقرب إلى الإلهاء منها إلى تلك التي ترتبط حقا بنيات وثقافة التحرير.

لكن العرب والعراقيين في مقدمتهم, الذين نسوا بقوة الركلات الإسرائيلية الأمريكية عدوهم الصهيوني التقليدي, سرعان ما ذهبوا لملئ الفراغ الناشئ الذي خلقته ثقافة الصلح مع الصهاينة, وذلك من خلال استعمال أعداء آخرين وإسقاط ثقافة الشيطنة عليهم, فوجد البعض منهم أن السعودية هي خير من يتمثل فيها هذا الشيطان مثلما وجد آخرون أن إيران هي المرشحة الأفضل لتمثيل الدور.
ومن الأكيد إنني لست في وارد تبرئة إيران والسعودية عما يجري في العراق ولكني ابحث عن فجوة في جدار ثقافة الشيطنة لكي أنفذ إلى حيث يمكنني أن أصيح بأعلى صوتي : أيها السادة .. الشيطان هو فينا قبل أن يكون في الآخرين, ويا أهلي الأحبة.. كل شياطين الخارج لا يمكن لها أن تحدث تخريبا بحجم ذبابة ما لم يكن لديها العدد الكافي من شياطين الداخل.


لكن أخطر ثقافات الشيطنة هي تلك التي جاء بها الإسلام السياسي, لأن تحقيق هذه الشيطنة هنا هو سهل وبسيط لأنه مدعوم بثقافة دينية يشكل الشيطان فيها رأس النفيضة.. يكفي القول إن ذلك العمل رجس من عمل الشيطان لكي يصيح الغوغاء الله أكبر على كل كافر لئيم, ويكفي أن يؤكدوا على أن العلمانيين كفرة لكي يسهلوا طريقهم إلى سلطة الجهل والكراهية والعمى.
وتبقى الأحزاب الطائفية هي أخطر من يمارس ثقافة الشيطنة وأكفا من يحقق لها نتائجها المدمرة , ففي وقت كان ممكنا لثقافة شيطنة الآخر أن تؤدي إلى أن يقتل الشيوعيون والبعثيون بعضهم البعض وتكون الخسائر محصورة بين صفوفهم , فإن الأحزاب الطائفية تستطيع من خلال هذه الثقافة أن تجعل القتال يمتد أفقيا ليشمل كل أبناء الشعب لنرى السني يقتل الشيعي وبالعكس أيضا.

الواقع أن القسم الأكبر من الثقافة السياسية لهذه الأحزاب إنما يعتمد على ثقافة الشيطنة, وحينما تنهج هذه الأحزاب نهج الاستيلاء على السلطة أو نهج حمايتها بعد ذلك, فإنها مع وجود عجز متأصل فيها لا تستطيع أن تخاطب الشارع من خلال ثقافة الإنجاز والتحولات النهضوية, لأنها لا تملك هذه الثقافة أساسا, ولأن هذه الثقافة أيضا وفي الكثير من جوانبها تشترط النزوح من فكر الدين السياسي المعوم لتضع هذه الأحزاب في موقع لا علاقة لها به أصلا.. إن هذه الأحزاب المفرغة من مناهجها التنموية, والتي تأسست لغايات ليس لها علاقة بهذه المناهج, سوف تجد نفسها بحاجة ماسة جدا إلى ثقافة التجهيل التي تعفيها من وجود وعي مطلبي وتنموي مثلما ستتعزز الحاجة لديها إلى تشغيل ثقافة شيطنة الآخر لكي تضمن انحيازا مذهبيا يتغذى بكل قيم الكراهية للمواطن الآخر الديني ( كما في مصر بين المسلمين والأقباط أو في السودان على ذات الشاكلة ) أو المذهبي الذي من السهولة أن يعثر على تربته الخصبة على أرض العراق.
وإذا ما كانت أحزابنا في السابق تقاتل بعضها البعض بالسلاح الأبيض فإن الأحزاب الطائفية من شأنها أن تجعل العراقيين يتقاتلون فيما بينهم بأسلحة الدمار الشامل..



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس حبا بعلاوي وإنما كرها بالمالكي
- ما الذي أسقطه الصدريون بعِلمٍ أو بدونه
- الخلط بين بناء السلطة والدكتاتورية
- أزمة سلطة أم أزمة وطن
- وإن لكم في الفوضى والإرهاب فوائد وأرباح
- خلل في المداخل وليس خللا في المذاهب
- حل المشكلة بمشكلة.. إجه يكحله عماها
- أعظم مفقود وأهون موجود.. دعوة لتشكيل حزب بإسم حزب الماء
- المظلومية الشيعية.. ظلم للشيعة قبل أن تكون ظلما لغيرهم
- البعثي الصفوي... الذي هو أنا
- أحاديث عن الطائفية... المظلومية الشيعية
- العمالة والخيانة بين فقه الدين السياسي وفقه الدولة الوطنية
- للمهاجرين العراقيين فقط
- سوريا والعراق.. حديث الصورة والمرآة
- من بشار الأسد إلى عرعور المستأسد.. يا لها من مأساة
- قراءات خاطئة جدا جدا لمواضيع صحيحة جدا جدا.. القراءة الثانية
- قراءات خاطئة جدا جدا لمواضيع صحيحة جدا جدا.. القراءة الأولى
- التحالفات السياسية وخطاب البارزاني الأخير
- في المسألة المشعانية* والقضاء العراقي الممشعن
- العملية السياسية وخطاب البارزاني الأخير... 1


المزيد.....




- هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا ...
- مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
- رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
- الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
- -على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
- شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد ...
- ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا ...
- مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
- مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
- تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - شيطنة الآخر.. من الاشتباك بالسلاح الأبيض إلى الاشتباك بأسلحة الدمار الشامل