أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - أزمة سلطة أم أزمة وطن















المزيد.....

أزمة سلطة أم أزمة وطن


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3734 - 2012 / 5 / 21 - 18:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



للخروج بحل مقنع للأزمة الحالية ولكي لا نحولها إلى رحم لتوليد أزمات, سنوافق على أن هدف العملية السياسية الحالية هو إقامة نظام ديمقراطي يحقق عدالة توزيع السلطة على ممثلي مكونات الشعب العراقي مع إشتراط أن تكون قيادة هذه العملية للفصيل الفائز في الإنتخابات, وستذهب هذه العملية في مهمة بناء السلطة لكي تنتقل بعد ذلك إلى مهمتها الثانية وهي تأسيس الدولة الجديدة .
على ضوء تعريف كهذا سنجد إن ثمة أزمة كبيرة كانت شهدتها هذه العملية حول هوية الفائز في الإنتخابات الأخيرة والإختلافات القانونية التي نشأت بعد ذلك وإنتهت إلى تقديم تفسير قانوني لحل الأزمة أباح لدولة القانون تشكيل الوزارة بدلا من العراقية, لكن حل الأزمة الحقيقي كان جرى تقديمه من خلال إجتماع أربيل الذي أقرّ مبدأ تقاسم السلطة وفق قاعدة الشراكة بعد أن أيقن خصوم المالكي ان هذا الأخير بات هو الرقم الصعب في المعادلة العراقية الأمريكية الإيرانية.
وقتها كنت كتبت مقالة حول حجم النصر الذي أقره مؤتمر أربيل للمالكي وقد ضعت لتلك المقالة عنوانا هو ( لو كان يدري ما إنتصر ) حسبت فيها أن نصر المالكي الذي تحقق في أربيل هو قريب الشبه بنصر محمد علي كلاي على فورمان يوم ربح كلاي لقبه وخسر صحته وخرج من مباراة نصرة معوقا لا يكاد يقدر على السير دون عكازة. وربما لم يكن المالكي قد شاهد تلك المبارات وربما لم يطلعه أحد على نتيجتها لكن عقله قاده إلى تصور أن وضعه بات مشابها للوضع الذي وجد كلاي نفسه فيه مع فارق أساسي هو أن كلاي وبسبب إصاباته المؤذية وخاصة تلك التي أضرت بمخه لم يعد قادرا على التحكم بأقداره, أما هو فقد ظل مخه صاحيا ومعافى.
بمخِِ كهذا رضي المالكي بإتفاق أربيل, وبالمخ نفسه عاد إلى بغداد لكي يبدأ إلتفافا منظما على ذلك الإتفاق مفتتحا ذلك بهيمنة كاملة على مؤسسات القوة, وساعيا إلى الهيمنة على مؤسسات المال, مضافا إليها مؤسسات أخرى على مستوى كبير من الأهمية مثل مؤسسة النزاهة. وبينما رفض تشكيل مجلس السياسات الإستراتيجية بحجة أنه سيكون بمثابة وزارة أخرى مضافة إلى تلك التي يرأسها فإنه لم يتردد عن تشكيل وزارة خلفية ضمت مجموعة المكاتب المتخصصة بعمل أهم الوزارات والتي لا وجود لمثيلاتها في أي بلد في العالم, إذ عادة ما يكتفي الرؤوساء بمستشارين لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة.
ولم يكن ذلك معزولا عن تخطيط هدفه تحويل شراكته مع منافسيه وحتى مع حلفائه في التحالف الوطني إلى تجربة قريبة الشبه بسابقات قبلها ومنها تجربة الحزب الشيوعي المنشق الذي دعمه عبدالكريم قاسم بعد خلافه مع الشيوعيين والذي كان العراقيون قد أطلقوا عليه لقب الحزب الشيوعي لصاحبه داوود الصائغ, أو على طريقة الجبهة القومية والوطنية لصاحبها حزب البعث.
دون أن نزج بأنفسنا بمزيد من تفاصيل الخلاف بين المالكي وخصومه سوف أحاول أن أوفي المالكي حقه لأقول ان الرجل كان وصل قبل إجتماع أربيل وقبل الإنتخابات ذاتها إلى قناعة قد لا نشك بصحتها مفادها أن مبدأ الشراكة في السلطة ومبدأ المحاصة لا يصلح لبناء سلطة متماسكة وقادرة على البدء بعملية بناء الدولة الجديدة, ففي السنتين اللتين تلتا تشكيل وزارته الأولى بوصفه بديلا للجعفري عرف المالكي الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء فشله في بناء دولة ما بعد صدام, إنها أزمة السلطة المتأسسة على أزمة العملية السياسية والمتجلية في مبدأ المشاركة والمحاصصة.
لو كان خصومه وفي مقدمتهم أياد علاوي قد عاشوا تجربته لأنتهوا إلى القناعة ذاتها. لذلك لم يتردد المالكي عن التأكيد إبان تحضيره للإشتراك في سباق الإنتخابات أن الحل لأزمة العراق هو ذلك الذي يقوم على أساس تجاوز مبدأ المشاركة أو المحاصصة إلى مبدأ الأغلبية السياسية. لقد كان الرجل منتشيا بما حققه فصيله دولة القانون على صعيد الفوز بالأغلبية الواضحة في مجالس المحافظات وبعد أنتصاره في معركة إعادة الأمن لكل من البصرة ومدينة الثورة. لو أن المالكي قد فاز في إنتخابات الرئاسة بفوز شبيه لفوزه في مجالس المحافظات لما تعرض البلد إلى الأزمة التي يتعرض لها حاليا, لكن مفصل الأزمة هنا أن التصويت لم يأتي على الشكل الذي تمناه. لقد إضطره ذلك إلى العودة بنفسه إلى دائرة المحاصصة التي وعد بنبذها وذلك في محاولة منه للحصول على الأغلبية التي كان وعد بتجاوزها, ثم إضطر ثانيا للإتفاق مع القوى التي كان قد أعد العدة للتغلب عليها وإقصائها عن مراكز القرار وفي المقدمة منها العراقية بالذات. إن الأزمة الحقيقية, التي لم تتوقف لحظة بعد ذلك, كان مصدرها أولا الإلتفاف على الإستحقاق الإنتخابي, أي على الديمقراطية ذاتها, ثم كان مصدرها أيضا القبول بإتفاقية أربيل بنية الإلتفاف عليها والعودة عنها, أي أنها بدأت بعد أن وافق المالكي على إتفاقية أربيل في العلن ورفضها في السر.
ليس من العدل مناقشة الأزمة السياسية بغير هذا المنطق, أي بدون الوقوف أمام جذور الأزمة ذاتها. لقد كنا نؤمن وقبل المالكي نفسه أن بناء الدولة الجديدة يجب أن يمر من خلال سلطة الأكثرية السياسية وأغلبية البرنامج السياسي, قبله كنا نؤمن أن المحاصصة بالإضافة إلى عجزها الإداري فهي عيب إخلاقي, ولذا فإن مفهوم الأغلبية السياسية هو ليس إكتشافا مالكيا بل هو عينه ذلك الذي كنا نعيب على المالكي وصحبه عدم الأخذ به. إن بعض ما يقوله المالكي حول صيغ بناء السلطة هو كلام حق ولكن ليس بالضرورة يستند إلى حق أو يراد به حق. لو أن هذا الذي يعلنه كان قد جاء وهو لم يضع توقيعه على إتفاق أربيل ربما كنا خرجنا نقف ضد خصومه الذين يقفون بينه وبين العمل لبناء الدولة.
لكن المسألة قبل أن تكون إنحيازا لفرضية بناء السلطة بشكل سليم هي في حقيقتها إلتفاف على إتفاقات, لقد أعابوا على صدم تخليه عن إتفاقه مع الشاه بشأن شط العرب رغم أن الشاه كان ظالما ومعتديا ومتجاوزا على حقوق العراق, وهاهم حين يتحدثون عن إتفاقات مثل إتفاق أربيل يسخرون من دعاة التمسك بها كونهم يحولونها إلى مقدس. ربما لنا قناعاتنا الضد لتلك الإتفاقات, لكن ذلك لن يغير من حقيقة أن الأزمة الحالية كانت نشأت بسبب تخلي المالكي عن تنفيذ الإتفاقات مع شركائه في العملية السياسية وليس بسبب ما يقال عن وجود خلافات أخرى قد تكون لها صلة بالخلافات مع الأكراد حول كركوك والمناطق المتنازع عليها أو بسبب ملف النفط.
لا شك أن لنا مع الأحزاب الكردية إختلافات قد تتطابق مع ما يختلف به المالكي معهم, لكن الأزمة لا علاقة لها هنا بمحاولة تصويرها وكأنها نشأت بفعل التناقض مع الأكراد وإلا لماذا إنضم الصدريين إلى الأكراد والعراقية في تحالفهم ضد المالكي, فإن كان بمقدورنا عدم الإستدلال بموقف العراقية المتمسك بحلول ليست بالضرورة هي متفقة مع الحل الكردي فسوف لن يكون بمقدورنا تناسي حقيقة أن موقف الصدريين بشأن عراقية كركوك هو موقف لا يجوز ولا يمكن المزايدة عليه..
الأزمة الحالية هي ليست بين المالكي والعراق من جهة وبين خصومه من جهة أخرى. هي في حقيقتها ورغم العناوين التي تتوزع عليها أزمة بين متحالفين ومتنافسين وخصوم ضمن العملية السياسية ذاتها. هي محاولة للخروج على سياقات العملية السياسية عن طريق الإلتفاف والإنقلاب على الإتفاقات التي تم عقدها وليس من خلال إنتصار أو فوز قد كفلته العملية الديمقراطية ذاتها.
إن محاولة المالكي الخروج على سياقات العملية السياسية لن يحل الأزمة وإنما سيجعلها تشتد أكثر. كلنا نريد الخروج من ميدان بناء السلطة إلى ميدان بتاء الدولة ولكن ليس بالطريقة التي سوف تنهي الوطن تحت عناوين بناء السلطة والدولة. إن حزب الدعوة هو في بدايته ونهايته حزبا دينوسياسيا وممثلا لطائفة عراقية , وهو بفكر كهذا ووعاء تنظيمي كذاك لن يكون بمقدوره تمثل المشروع الوطني العراقي ولا تجسيده بالشكل المطلوب. وقد يكفل تأسيسه لحكم يقوم على مشروع الأغلبية الساسية الطائفية النجاح في الخروج من أزمة السلطة لكنه سوف يدخلنا جميعا في أزمة ستكون أشد منها وهي أزمة وطن قد لا يكون هناك حل لأزمته إلا من خلال التقسيم. إن بناء السلطة في دولة تحت التكوين, إن لم يراعي حساسية الوضع العراقي الحالي فإنه قد يؤدي إلى بناء سلطة تقوم على قوة القوة لا على أخلاقيتها.
إن قوة كهذه قد تفلح في بناء سلطة ولكنها قد تؤدي إلى غياب وطن.
وليس عاقلا من لا يدرك خطورة المتغيرات الإقليمية على الوضع العراقي, ومن يتجاهل حقيقة أن القدرة على الحد من تأثير تلك المتغيرات سوف لن تتوفر أولوياتها ما لم تكن هناك وحدة وطنية ومشروع سياسي وطني قادر على حماية الجبهة الداخلية. أما أولئك الذين يعتقدون بأن حسم مسألة السلطة في العراق بات ضروريا من أجل بناء دولة الزعيم ولنجدة الحلفاء الإقليمين فهم الآن يأخذون العراق إلى حالة لن يكون له فيها شفاء. حالة قد تخلق سلطة ولكنها ستضحي بوطن.
إن الأزمة االعراقية الحالية هي ليست أزمة بناء سلطة بل أزمة بقاء الوطن العراقي الواحد الذي ستتماسك جغرافيته حينما تتماسك وحدته الداخلية.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وإن لكم في الفوضى والإرهاب فوائد وأرباح
- خلل في المداخل وليس خللا في المذاهب
- حل المشكلة بمشكلة.. إجه يكحله عماها
- أعظم مفقود وأهون موجود.. دعوة لتشكيل حزب بإسم حزب الماء
- المظلومية الشيعية.. ظلم للشيعة قبل أن تكون ظلما لغيرهم
- البعثي الصفوي... الذي هو أنا
- أحاديث عن الطائفية... المظلومية الشيعية
- العمالة والخيانة بين فقه الدين السياسي وفقه الدولة الوطنية
- للمهاجرين العراقيين فقط
- سوريا والعراق.. حديث الصورة والمرآة
- من بشار الأسد إلى عرعور المستأسد.. يا لها من مأساة
- قراءات خاطئة جدا جدا لمواضيع صحيحة جدا جدا.. القراءة الثانية
- قراءات خاطئة جدا جدا لمواضيع صحيحة جدا جدا.. القراءة الأولى
- التحالفات السياسية وخطاب البارزاني الأخير
- في المسألة المشعانية* والقضاء العراقي الممشعن
- العملية السياسية وخطاب البارزاني الأخير... 1
- الإيمو... المجتمع حينما يقتل نفسه
- الطائفية.. حينما ينفصل السياسي عن الأخلاقي وحينما يتناقضان
- الشعب العاري وحكاية نوابه المصفحين
- الطريق إلى قاعة الخلد والتجديد المفتوح لرئيس الوزراء


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - أزمة سلطة أم أزمة وطن