أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - خلل في المداخل وليس خللا في المذاهب














المزيد.....

خلل في المداخل وليس خللا في المذاهب


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3723 - 2012 / 5 / 10 - 18:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن الخلل في العلاقة بين الدولة المدنية والمذاهب والأديان غالبا ما نعثر عليه عند بوابة الدخول.
إنه يبرز حينما ندخل إلى الوطني من خلال بوابة مذهبية بدلا من دخولنا إلى المذهبي من خلال بوابة وطنية.
البعض من كتابنا الحاليين ونسبة كبيرة من سياسيينا لم يعد بإمكان أحد أن يسبقهم في الحديث عن الوطنية حتى تكاد تلوم نفسك لأنك ظننت بهم الظنون. وإنك سوف تعثر على أسم العراق يتردد في كل لحظة على شفاههم في حين تجدهم يؤكدون كل لحظة على ولائهم لوحدته السياسية والجغرافية, وإنهم لا غيرهم حماة حماه.
وفي السنين الأولى بعد السقوط لم يكن هناك تردد في استعمال العناوين الطائفية بشكل علني وذلك لكسب الأتباع وللفوز في الانتخابات.
لكن القتل الطائفي في الشوارع سرعان ما أعاد العراقيين العوام إلى رشدهم, بينما كان الوعي الغريزي قد نبههم إلى حقيقة أن هناك ثمة من يربح على حساب نزاعاتهم الطائفية القاتلة.
غير أن الأحزاب التي كانت تأسست على أساس طائفي واعتلت سدة الحكم من خلال توظيفها وتفعيلها للقضية الطائفية سرعان ما أدركت أن هناك عودة جماهيرية عن الطائفية كانت تأسست بضغط من حوار الدم الذي ساد لغة الشارع العراقي. لذا فقد صار مهما احتواء تلك العودة والالتفاف عليها وتقديم المسألة الطائفية بلغة جديدة تولي اهتماما أكيدا بالمفردات الوطنية وبالشكل الذي يجعل منها غطاء يخفي الحالة الطائفية المدانة. الحقيقة أن هولاء ليسوا على استعداد للتخلي عقيدتهم الإسلاموية المذهبية التي تخطت مسألة العقيدة إلى أن تكون مصدرا للرزق والربح الوفير.

إن مهمة رجال السياسة والفكر هي تصحيح المداخل وليس تصحيح المذاهب فتلك هي مهمة رجال الفقه الديني, وإن مكانها في الجامع والحوزة وليس في أي مرفق آخر من مرافق الدولة المدنية المحكومة من قبل الفقه السياسي الوطني وليس الفقه الديني.
إن تصحيح المداخل هو أمر في غاية الأهمية.
والمسألة المطلوبة هنا بإلحاح هي تلك التي تختص بترتيب الهويات وليس بإلغائها أو جعلها على خصومة مع بعضها البعض.
ليس المطلوب من السني أن يكون شيعيا, بل المطلوب أن يكون كلاهما عراقيا أولا وبعد ذلك فقط يمكن أن تترتب هوياتهم الأخرى لكي لا تسبق ولا تتقاطع مع هويتهم المركزية الواحدة.
إن من المتعذر القفز فوق الطائفة أو الدين أو العرق, ولكن من قال أن الدولة المدنية تريد حقا القفز فوق ذلك ؟!. إنها فقط تريد تنظيم بوابات الدخول, والمعركة لديها هي معركة تصحيح مسارات ومداخل وترتيب خانات وعناوين وليست معركة شطب أو إلغاء.

إن أزمة المذاهب الحقيقية مع القضية الوطنية العراقية تبدأ تماما عند بوابة الدخول. فالذي يدخل إلى القضية الوطنية من خلال البوابة المذهبية سوف لن يتمكن بسهولة على مغادرة محيطه الطائفي, لا سياسيا ولا اجتماعيا, وهو دون أدنى شك سوف يُسقِط هويته المذهبية على هويته الوطنية, ويجعل الأخيرة تتكيف لكي تنسجم مع الأولى ولكي تكون في خدمتها. وسيؤسس هذا الدخول لحالة صدامية وتجزيئية ولا يعتمد عليه البتة في تأسيس حالة وطنية راسخة.

حينما تتراجع الهوية الوطنية لصالح الهوية المذهبية يكون من العبث أن نعتقد بوجود وعاء وطني واحد ومتماسك بوسعه أن يجمع ما بين المذاهب, أما الوحدة هنا فهي شكلية وهشة ومعرضة للانهيار بقرار خارجي, أو حينما يجد أهلوها أن حالة الاجتماع الوطني لم تعد قائمة.
وحتى مع عدم حدوث ذلك بشكل مرئي فإن استمرار الهوية المذهبية متقدمة على الهوية الوطنية لا يضمن وجودا حقيقيا للوطن الواحد, فبدون تماسك الجغرافية الاجتماعية والثقافية تماسكا تفاعليا فإن ما هو موجود على الأرض سيكون أشبه بكيان إتحادي لدولتين من الممكن أن ينفرط عقد إتحادهما في أية لحظة.

في كل الأحوال يجب أن لا تعالج المسألة وكأنها خلل في المذاهب أو في مفهوم الدولة المدنية, كلٌ على حدة, لكن المعالجة يجب أن تنصب على إشكالية العلاقة فيما بينهما. وفي تلك المساحة عينها سوف تكون هناك حاجة ماسة لتحديد إشكالية المداخل وأسماء البوابات, وبدءا فإن علينا أن نقترب من الحالة الوطنية كحالة مادية موضوعية, وكأي حالة موضوعية فهي ليست موروثة, بل هي حاجة موضوعية مادية شاخصة ومتحركة في المكان والزمان, أي أن بإمكان الهوية الوطنية أن تتقدم أو تتراجع اعتمادا على مكونات اللحظة ذاتها وبتأثير من عواملها الفاعلة.

إن كل من يقول أن الوطنية حليب رضعناه من أثداء أمهاتنا إنما يؤسس لنشيد حماسي وليس لحالة سياسية وأخلاقية موضوعية شاخصة, فالوطنية لا تورث وإنما تنشأ وتنمو وتترعرع وتشب ويتصلب عودها حينما تتغذى بتربة خصبة.
واليوم فإن المراهنة على إمكانية إعادة بناء الكيان الوطني العراقي تبدو بعيدة لأسباب متعددة يتقدمها وجود أحزاب الإسلام السياسي لأن بوابات دخول هذه الأحزاب إلى بناء الدولة لا تسمح لها بتأسيس ثقافة وطنية واحدة, وهي الشرط الأساسي لعملية البناء تلك.
وفي أفضل حالاتها فإن دولة كهذه ستكون دولة اتحادية بين مذاهب. فإن بدت دستوريا كدولة واحدة فإنها لن تكون كذلك على مستوى وحدة الثقافة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال بوابة دخول وطنية نحو حالات التشكل الأخرى وليس العكس.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حل المشكلة بمشكلة.. إجه يكحله عماها
- أعظم مفقود وأهون موجود.. دعوة لتشكيل حزب بإسم حزب الماء
- المظلومية الشيعية.. ظلم للشيعة قبل أن تكون ظلما لغيرهم
- البعثي الصفوي... الذي هو أنا
- أحاديث عن الطائفية... المظلومية الشيعية
- العمالة والخيانة بين فقه الدين السياسي وفقه الدولة الوطنية
- للمهاجرين العراقيين فقط
- سوريا والعراق.. حديث الصورة والمرآة
- من بشار الأسد إلى عرعور المستأسد.. يا لها من مأساة
- قراءات خاطئة جدا جدا لمواضيع صحيحة جدا جدا.. القراءة الثانية
- قراءات خاطئة جدا جدا لمواضيع صحيحة جدا جدا.. القراءة الأولى
- التحالفات السياسية وخطاب البارزاني الأخير
- في المسألة المشعانية* والقضاء العراقي الممشعن
- العملية السياسية وخطاب البارزاني الأخير... 1
- الإيمو... المجتمع حينما يقتل نفسه
- الطائفية.. حينما ينفصل السياسي عن الأخلاقي وحينما يتناقضان
- الشعب العاري وحكاية نوابه المصفحين
- الطريق إلى قاعة الخلد والتجديد المفتوح لرئيس الوزراء
- العراق بين حروب القرار وحروب الاستجابة
- الهاشمي.. قضيته وقضيتنا .. القسم الثاني


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - خلل في المداخل وليس خللا في المذاهب