أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الخلط بين بناء السلطة والدكتاتورية














المزيد.....

الخلط بين بناء السلطة والدكتاتورية


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3738 - 2012 / 5 / 25 - 20:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لا ينفع التاكيد على أن رؤية السيد المالكي لقضية بناء السلطة هي أفضل من رؤية غيره إلا إذا تم إشهار ذلك داخل منظومة المؤسسات الديمقراطية التي يدين لها بفضل وجوده في السلطة, ومن ثم بناء القرار الذي ينتصر لرؤيته. والمسألة هنا ليست تفضيل رأي على آخر إلا إذا جاء ذلك من خلال تقاليد ديمقراطية متفق عليها. إن قضية بناء السلطة المتجانسة على أسس قويمة من النوايا الطيبة والأهداف والبرامج الوطنية المشتركة هي مسألة مهمة, خاصة وأن العراق ما زال يعيش حالة غياب الدولة بعد الإطاحة بصدام. ونحن نعترف أن هناك ثمة أزمة حقيقية في عملية بناء السلطة ونتفق على أن السيد المالكي يحاول أن يحل تلك الأزمة كما يشير إلى ذلك السيد مايكل روبين في مقالته الموسومة ( لا تخلطوا قضية بناء السلطة بالدكتاتورية ) لكننا ندري أيضا أن السيد المالكي هو أحد صناع تلك الأزمة الرئيسين, وهو الآن يحاول أن يحل تلك الأزمة ولكن لحسابه وعلى حساب إتفاقات كان قد وقعها مع منافسيه, وهنا بالضبط هو مصدر الأزمة الحلية والإتجاه التي تهب منه الريح في الوقت الحاضر.
لا أحد إذن يختلف مع السيد روبين حول أن الأزمة تتناول مسألة بناء السلطة, لكن ذلك أشبه بتفسير الماء بالماء, وسيكون للرأي أضراره حينما نحاول متذاكين أن نفصل بين طريقة بناء السلطة وولادة الدكتاتورية متناسين ان الدكتاتورية تبدأ من هنا بالضبط وليس من أي مكان آخر, فحينما تجري حسم مسألة السلطة بإتجاه واحد ولشخص واحد ولفئة واحدة فإن الطريق نحو الدكتاتورية تصبح سالكة.
من المؤكد أنه لا يمكن البدء بعملية بناء الدولة الجديدة ما لم يتم أولا بناء السلطة التي تباشر عملية البناء تلك, وسيكون من المؤكد أن شكل الدولة الجديدة سيعتمد أساسا على شكل وتركيبة السطة ذاتها, ففي ( دولة تحت التكوين ) يكون شكل الدولة القادمة مرتبطا إلى حد نهائي بشكل وتركيبة السلطة ذاتها, أي أن صورة السلطة وتركيبتها تصبح صورة مصغرة ونموذجية لصورة الدولة القادمة وتركيبتها, ولذا لا يمكن تصور إمكانية أن يتكفل شخصا أو حزبا أو فئة أو طائفة لوحدها ببناء دولة ديمقراطية حقيقية.
وإن من حقنا أن نتساءل عما إذا كان الخلل السياسي الحالي الذي أصبح مفرخا للأزمات هو نتيجة لخلل في بنية الديمقراطية ذاتها أم أن العكس هو الصحيح, أي أن يكون موطن الخلل في ديمقراطيتنا هو الخلل البنيوي الكامن في إيمان الأحزاب العراقية بهذه الديمقراطية . هذه المسالة كما أعتقد على درجة كبيرة من الخطورة. لقد بتنا ننظر إلى النظام الديمقراطي كنظام عاجز عن بناء العراق الجديد, وربما يكون هو كذلك, وقد حدث أن كان النظام في العراق في العهد الملكي نظاما ديمقراطيا وكذلك في مصر, لكن تلكما التجربتين اللتين منحتا شرعية لقيام الإنقلابات العسكرية التي انتجت بعد ذلك انظمة دكتاتورية وطنية ربما يعاد إنتاجها من جديد, فلقد بدأ التنظير لها من خلال العديد من الإطروحات التي تبدو في ظاهرها وكأنها دعوات عقلانية لحسم مسالة تكوين السلطة ولو أدى ذلك إلى قيام سلطة أحادية التكوين. والسلطة هنا بطبيعة الحال ليست تلك التي يحاول البعض أن يصورها وكأنها على الحالة التي هي عليها مجلس الوزراء. إن الوزارة في الحقيقة هي جزء من السلطة التنفيذية ليس إلا, وفي دولة تحت التكوين لا يمكن حقا تصور أن هناك مشاركة حقيقية في الدولة والسلطة بعيدا عن المشاركة الحقيقية في مؤسسات القوة التي يجب أن تبنى بحيادية متقدمة على حيادية جميع المؤسسات المستقلة الأخرى. وما من خلل سيتشكل في هذا الإتجاه إلا بغياب وحدة الروح والنوايا التي تجمع القوى المؤتلفة, وقبل ذلك في التعريف الصحيح لما تعنيه مؤسسة رئأسة الوزارة نفسها. إن منع تكون الدكتاتورية لا يتم إعتمادا على نوايا رئيس الوزراء أو طيبة قلبه أو على قسم الولاء للديمقراطية وإنما على وجود الضوابط الحقيقة التي تمنعه من أن يتحول إلى ذلك, ولعل في مقدمة تلك الضوابط هو وجود قانون لتنظيم عمل مجلس الوزراء وبالشكل الذي يكفل أن يكون هناك رئيسا لمجلس الوزراء وليس رئيسا للوزراء, وبكل ما يكفله ذلك من ضمانات إدارة المجلس بروح المشترك الديمقراطي وليس بروح المحاصصة التي تقسم الدولة إلى حصص ديمقراطية وتكفل لكل فصيل إدارتها على هواه .. !!
ولنتذكر من خلال تجاربنا المرة مع الدكتاتورية أن الديكتاتور يصنع بعض نفسه, أما أغلب نفسه فيصنعها غياب القوانين التي تحول دون تكونه, إضافة إلى مجموعة المداحين المحيطين به والمنتفعين من شخصه, ومعهم الرعاع الذين قال عنهم سيف الحكمة علي بن أبي طالب أنهم ينعقون مع كل ناعق.
هكذا نقترب تدريجيا لكي نضع ايدينا على أزمة أخرى هي اخطر من الأزمة الحقيقة, فحينما يكون الإقتراب ذاته هو إقتراب أزموي معتل فهو لا يمكن حينها ان يحل الأزمة بل يزيدها إشتعالا.
إن إقترابنا المتأزم من الأزمة هو الذي يحتاج إلى الإصلاح أولا, وإلا كيف يمكن لجراح أن يزيل جزءا مريضا من داخل إنسان دون أن تتسسب أدواته الملوثة في موت المريض. إن الإقتراب من مسألة بناء السلطة في العراق بالشكل الذي عبر عنه السيد مايكل روبن في مقالته (لا تخلطوا توطيد السلطة بالديكتاتورية في العراق ) إنما يكشف عن هذه النظرة المسطحة للأزمة في العراق مبتدئا بتغييب اسبابها أولا وعابرا من فوق الحقيقة التي تقول أن عملية بناء السلطة في العراق لا يمكن لها أن تتم بمعزل عن تكريسها كحالة نموذجية لتركيبة وشكل الدولة تحت التكوين.
نعم مايكل روبين كان صائبا في تأكيده على أن هناك ثمة عطل وخلل وضعف في قضية بناء السلطة ولكنه لم يكلف نفسه بمتابعة ولو بسيطة لخلفية هذه الأزمة بل هو لجأ سريعا لتاسيس نظرية على قمة الجبل الظاهرة على سطح الماء متخيلا إمكانية وجود قمة بدون قاعدة مسطحا الأمور بطريقة تكون بدياتها إهمال النظر إلى قاعدة الأسباب العريضة التي ساعدت تلك القمة على البروز.
ربما يكون جبل مايكل روبين هو الوحيد الذي يمتلك قمة بدون قاعدة.
ولكن في السياسة كما في الطبيعة.. ليس هناك جبل بقمة فقط.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة سلطة أم أزمة وطن
- وإن لكم في الفوضى والإرهاب فوائد وأرباح
- خلل في المداخل وليس خللا في المذاهب
- حل المشكلة بمشكلة.. إجه يكحله عماها
- أعظم مفقود وأهون موجود.. دعوة لتشكيل حزب بإسم حزب الماء
- المظلومية الشيعية.. ظلم للشيعة قبل أن تكون ظلما لغيرهم
- البعثي الصفوي... الذي هو أنا
- أحاديث عن الطائفية... المظلومية الشيعية
- العمالة والخيانة بين فقه الدين السياسي وفقه الدولة الوطنية
- للمهاجرين العراقيين فقط
- سوريا والعراق.. حديث الصورة والمرآة
- من بشار الأسد إلى عرعور المستأسد.. يا لها من مأساة
- قراءات خاطئة جدا جدا لمواضيع صحيحة جدا جدا.. القراءة الثانية
- قراءات خاطئة جدا جدا لمواضيع صحيحة جدا جدا.. القراءة الأولى
- التحالفات السياسية وخطاب البارزاني الأخير
- في المسألة المشعانية* والقضاء العراقي الممشعن
- العملية السياسية وخطاب البارزاني الأخير... 1
- الإيمو... المجتمع حينما يقتل نفسه
- الطائفية.. حينما ينفصل السياسي عن الأخلاقي وحينما يتناقضان
- الشعب العاري وحكاية نوابه المصفحين


المزيد.....




- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الخلط بين بناء السلطة والدكتاتورية