أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - طائفيو المهجر















المزيد.....

طائفيو المهجر


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3785 - 2012 / 7 / 11 - 16:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما ميز الهجرات العربية الأخرى كالمصرية والشامية والمغاربية هو أنها في المقام الأول كانت هجرة عمل وليست هجرة سياسية كما هو الأمر مع العراقيين, ولذلك فقد نأت هذه الهجرات بنفسها في البداية كثيرا عن الهجرات ذات الطابع الأثني أو الديني أو الطائفي.
ثمة استثناءات هنا وهناك. على الصعيد المصري كانت هناك هجرة قبطية محدودة, لكن ومع تصاعد شوكة الإسلام السياسي فإن حالة التفاؤل ستتراجع حتما, إذ مهما حاول الإسلام السياسي في مصر أن "يتعصرن ويتعلمن" فإن قدرته على الوصول إلى خطاب سياسي واجتماعي وفكري بإمكانه أن يتجاوز حتمية تقسيم المجتمع المصري إلى مكونات متفرقة ومتخاصمة هي قدرة محدودة وهذا سيؤدي بطبيعة الحال إلى نشوء هجرة ذات طابع مكوناتي.

في الغالب تشكلت الهجرة العراقية في بادئ الأمر وخاصة في النصف الأول من القرن الماضي من مسيحيين كان جلهم من الكلدان. لا يمكن أن يقال أن تلك الهجرة لم تأتي كانعكاس لواقع الاضطهاد الذي كانت الثقافة السياسية العلمانية ميالة لمحاصرته وتجفيفه, شأنه في ذلك شأن الاضطهاد التي شهدته الأطياف الأخرى.
غير أن صعود الإسلام السياسي وبروز ثقافة المكونات والأقليات القائمة أصلا على التقسيم الدينوطائفي للمجتمع ومؤسسات الدولة والسلطة قد رفع من حدة المواجهات الطائفية ليدفع المسيحيين إلى مزيد من الهجرة.
و في الكثير من حالاتها تبقى حالة الاضطهاد التي تتعرض لها " الأقليات" إنعكاسا لثقافة الاضطهاد العامة التي يتعرض لها كل العراقيين على يد نظام سياسي واجتماعي ذا بنية طائفية لا يمكن لها أن تحقق المساواة الإنسانية العامة القائمة على تعريف المواطنة وفق مفهومها العلماني المتحضر.

وإن من السهولة أن نعثر على تفسير مقنع لهذا الشأن, ففي مصر هناك بشكل رئيسي ثنائية دين تمهد الطريق نحو وجود مواجهات ذات طابع مسيحي – مسلم, وبإمكانها أن تفرز ثقافة بعناوين وبنى تقررها تلك الثنائية. أما في العراق فإن ثنائية الصراع المذهبي المتغلبة هي التي تقرر شكل المواجهات الرئيسية تاركة للمواجهات الأخرى الاصطفاف في خانات هامشية. ففي أي تجمع عراقي في الغرب صار من الممكن مشاهدة طغيان الهوية المذهبية على بقية الهويات الدينية على الأقل, مع عدم الإستهانة بحجم التجمعات ذات الطابع القومي وفي المقدمة منها التجمعات الكردية التي نحن لسنا بصدد الحديث عنها في هذه المقالة التي تركز على الخصوصيات الدينية والمذهبية بشكل خاص.

في السنوات التي سبقت حرب الكويت كان طابع الهجرة العراقية العربية هو طابع سياسي. سقوط النظام الملكي في نهاية الخمسينات من القرن الماضي كان رتب الحال بإتجاه هجرة العديد من العائلات العراقية القريبة من العائلة المالكة حيث تركزت هذه الهجرة في بريطانيا أكثر من أي بلد آخر.
العهد الجمهوري الأول كان له نصيبه أيضا في توسيع دائرة الهجرة السياسية حيث فرض الصراع الشيوعي القومي بصمته على هوية المهاجرين الذين ظلت أعداهم محدودة جدا.
غير أن الهجرات السياسية المحدودة لم تنجح بتأسيس ثقافة هجرة عراقية كما هو شأن هذه الثقافة في مصر وبلاد الشام والمغرب العربي لظروف ذات علاقة بطبيعة المجتمع العراقي نفسه الذي لم يسمح لتأسيس هذه الثقافة إلا في الثمانينات والتسعينات حيث أدت تداعيات الهزيمة في حرب الكويت إلى انفجار الوضع الشعبي الداخلي باتجاهات وطنية وبتشجيع أيضا من ثقافة سياسية لم تكن خلت من توجه مذهبي كان شجع عليه التناقض الفقهي الديني على جهة والقومي على الجهة الأخرى, وزادت في حدته وسعته تداعيات الحرب العراقية الإيرانية.

وكان إجراء تهجير العراقيين تحت عنوان التبعية الإيرانية هو الذي أطلق سراح الهجرة العراقية بكمها ونوعها المعرف بالهوية المذهبية حيث بدأ تكوين الجزر "الشيعية" داخل المجتمعات الأوروبية والأميركية, وتفعلت هذه الهجرة بعد ذلك سياسيا بشكل أشد بعد وصول أعداد كبيرة من المهاجرين الشيعة الذين ظلوا لسنوات داخل معسكرات اللجوء في السعودية.
وبعد سقوط النظام السابق على يد قوات الاحتلال التي اعتمدت المحاصصة الطائفية كعناوين سياسية للدولة الجديدة ومع انفجار المواجهات الطائفية الدامية بين أبناء الشعب الواحد فإن بوابات العراق الغربية والشرقية شهدت هجرة مكثفة لأبناء كلا المذهبين مما ادى إلى نشوء جزر سنية أيضا معَرّفة بهويتها المذهبية ومعبرة عن نفسها من خلال تجمعات ثقافية أو مهنية كتلك التي على الجانب الشيعي.

ولسنا مهتمين في هذه العجالة بالوقوف اكثر أمام ظاهرة الهجرة العراقية إلا بالاتجاه الذي يُذَكِر بطبيعتها المذهبية التي كان لها الأثر في ترسيخ هوياتها بشكل مختلف عن بقية الهجرات العربية أو العراقية السابقة ذات الخصوصيات السياسية. كما أن الهدف هنا يبقى مرتبطا بالبحث عن تفسير لاستمرارية العناوين المذهبية الفاعلة التي تعمل تحت يافطاتها تلك التجمعات على الرغم من وجودها الطويل نسبيا في بلد المهجر ذا الثقافة العلمانية.
ولما كانت المواجهات الطائفية في العراق قد خفت كثيرا وبدأت الثقافة الطائفية على مستواها الاجتماعي تتراجع وتنحسر فقد صار هناك من يتعجب كيف أن التجمعات العراقية في المهجر ما زالت متمسكة بهذه الثقافة وحتى أنها ميالة لترسيخها أكثر.

أرى أن في مقدمة الأسباب التي تفسر ذلك أن تجمعات المهجر لا تعيش حوار الحاجة الذي يعيشه أبناء الشعب العراقي في الداخل, فهي بعيدة عن بعضها ولا تعيش ضمن حالة وطنية واحدة أو تحت ضغط الهدف الوطني المشترك, لذلك فهي تفتقد للحالة الموضوعية التي تجعل عراقي الداخل وعلى مستوى العامة قريبين إلى بعض وتحتم عليهم التنازل عن كل وجوه الثقافة التي تمنع هذا الاقتراب الضروري والحتمي.
لكن غياب الحافز الذي هو شرط لإعادة بناء الحالة الوطنية يتفعل بحقيقة أن أغلب عناصر هذه التجمعات قد خرجت من العراق وهي تحمل الكثير من جروح المواجهات الطائفية التي ما زالت عميقة وطرية.
وعلينا أن لا ننسى أبدا أن هذه الجزر ما زال لها تواصل سياسي أو اجتماعي مع الكثير من حكام العراق الحاليين, وحيث يمكن التعرف على خاصية اساسية لهذا النظام كون أغلب حكامه وكوادره الإدارية والسياسية قد جاءت من عراقي المهجر وحيث إنهم أي الذين هم في النظام ما زالوا يتواصلون مع حالة الخارج أكثر من تواصلهم مع الحالة العراقية الداخلية..

إن كثيرا من عناصر الجالية العراقية في المهجر والتي كان قد جرى ضخها أثناء المواجهات الطائفية والتي لا تزال تعيش ثقافة "لحظة المغادرة" بكل جراحها العميقة أما غير قادرة على تجاوز جراحها الطائفية أو غير ميالة أبدا إلى تجاوز عقليتها وسلوكها الطائفي لإنتفاء حوار الحاجة الذي يلزم مواطني الداخل بالتنازل عنها. إضافة إلى أن طبيعة السلطة في العراق وعلاقة هذه الجزر بها, كونها هي التي رفدت وما زالت ترفد هذه السلطة بكوادرها, هي من جانبها تعرقل أيضا نشوء الثقافة الوطنية البديلة لأنها ليست بحاجة إليها, أو لنقل أنها متناقضة معها.
وفي بعض مستوياتها تكاد حاجة هذه الجزر إلى استمرار الثقافة الطائفية مساوية لحاجة النظام العراقي الحالي لها, بل وتكاد تكون جزءا عضويا من تلك الحاجة تماما مثل علاقة النهر بروافده ومصباته.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الذي فشل مع فشل الاستجواب
- الخلل في الدستور أم في الرجال والنظام
- ديمقراطية بدون ديمقراطيين وعراق بدون عراقيين
- لماذا لا يقود المالكي المعارضة بدلا من مجلس الوزراء
- من هم الأشد خسارة في عراق الطوائف.. الشيعة أم السنة
- الطالباني ومخالفته الدستورية الأخيرة
- المالكي وسحب الثقة والورقة الكردية
- هل صرناالآن بحاجة إلى المنقذ
- عبدالله بن سبأ وقضية سحب الثقة من المالكي
- حكاية اللابديل.. فاقد الشيء هل يعطيه
- شيطنة الآخر.. من الاشتباك بالسلاح الأبيض إلى الاشتباك بأسلحة ...
- ليس حبا بعلاوي وإنما كرها بالمالكي
- ما الذي أسقطه الصدريون بعِلمٍ أو بدونه
- الخلط بين بناء السلطة والدكتاتورية
- أزمة سلطة أم أزمة وطن
- وإن لكم في الفوضى والإرهاب فوائد وأرباح
- خلل في المداخل وليس خللا في المذاهب
- حل المشكلة بمشكلة.. إجه يكحله عماها
- أعظم مفقود وأهون موجود.. دعوة لتشكيل حزب بإسم حزب الماء
- المظلومية الشيعية.. ظلم للشيعة قبل أن تكون ظلما لغيرهم


المزيد.....




- هل يثير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران زخما لوقف ح ...
- أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طالت ا ...
- مصادر إسرائيلية تتحدث عن قتال صعب وإجلاء جنود جرحى بخان يونس ...
- هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟ ...
- تزايد اختطاف الأطفال على يد جماعات مسلحة بموزمبيق
- فتح الحدود بين إريتريا وإثيوبيا دون إعلان رسمي.. ما القصة؟
- دينيس فيلنوف يقود أولى مغامرات جيمس بوند تحت راية أمازون
- لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
- انقسام في الكونغرس بعد أول إفادة بشأن ضرب إيران
- البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - طائفيو المهجر