|
-الربيع العربي - تبديد للطاقات العربية لمئة عام مقبلة
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 3802 - 2012 / 7 / 28 - 18:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان بودي أن أكتب بغير هذا الاتجاه ،وأن أكون متفائلا ومبشرا ،لا متشائما ونذيرا ،ولكن الرائد لا يكذب أهله ،خاصة ان تناهت اليه الحقيقة ،واكتشفها ربما قبل غيره.وأنا لن أكذب أهلي ما حييت انشاء الله ،لأن الكلمة أمانة ومسؤولية. ما أحوجنا نحن العرب الى خلق واقع جديد ،يليق بنا كخير أمة اخرجت للناس ،وقد حبانا الله بنعم لا تعد ولا تحصى ،ولكننا ابتلينا بسوء ادارة في الحكم ،ضيعت الأرض والانسان معا ،فبتنا على ما نحن فيه وعليه ،وقد هنّا على أنفسنا ،ومن ثم هنّا على الناس ،وأصبحنا كالأيتام على موائد اللئام. فرحت كثيرا لما جرى في تونس وليبيا ومصر ،وظننت مثل غالبية العرب في البداية أننا دخلنا مرحلة التغيير المدروس ،وأن الفرج آت وأن الصبح سيشرق بيوم جديد ،نجد فيه أنفسنا وقد استوينا على الطريق المستقيم بين الأمم ،وأصبح لنا شأن . لكن الفرحة لم تدم ،وكما يقول المثل : "ذهبت السكرة ،وجاءت الفكرة " واكتشفت أن ما حصل كان تغييرا مفروضا علينا ومرسوما لنا من الآخر ومنذ زمن ،عندها تحرك العقل النقدي عندي وبدأت عملية البحث والمراجعة ،ودخلت في محاسبة النفس على ما كان مني قبل انكشاف الحقيقة. تبين لي وهذا مكتوب وموثق ،أن ما يجري في المنطقة هو ثورة غربية على الاستراتيجية الغربية التي نسير عليها منذ أيام سايكس-بيكو،ووجدت أن بيرنارد لويس الصهيو- أمريكي،وبيرنارد ليفي الصهيو- فرنسي وقادة المحافظين الجدد في أمريكا هم من أشعلوا نيران " ثوراتنا" ليس حبا فينا بل من أجل " اللقيطة" اسرائيل،وكي يكون هناك حكما دينيا في المنطقة يتطلب منطقيا أن تكون اسرائيل دولة دينية أيضا . ما يجري بعبارة أوضح هو نفس السيناريو الذي شهدناه قبيل تنفيذ مشروع سايكس- بيكو،وقد سبقته " ثورة " عربية على الأتراك،وتحت شعارات زائفة تبين لا حقا أن " صديقتنا العظمى" بريطانيا آنذاك التي وعدتنا بدولة عربية تضم الجميع ،خدعتنا وخلقت كانتونات سميت تجاوزا دولا ،وتبع ذلك انشاء اسرائيل في قلب فلسطين وجرى ما جرى. وهذه الأيام ولتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يعد المظلة الحامية لاسرائيل اليهودية ،فانهم اخترعوا لنا " ثورات " أسموها الربيع العربي وقد أنجزت الكثير من الدمار وخلصت أمريكا والغرب من عملائهم " الدهريين" الذين تجذروا في الحكم وباتوا عبئا على من يشغلهم أو يستعملهم لتنفيذ أجندتهم ،بل ووصلوا الى مرحلة رفض تنفيذ نصائح واشنطن باجراء بعض الاصلاحات الوهمية كذر للرماد في العيون. فهذا هو الرئيس التونسي المخلوع بن علي يرفض الاصلاح ويقول لأمريكا أن " الوضع عندي مضبوط" ما أدى الى اتفاقها مع مدير المن العام في تونس لخداعه وتزيين الخروج " المؤقت" له بحجة ان الجماهير تزحف على القصر ولا قوة لديه لردها ،اذ ان الجيش وقف على الحياد،كما أن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك رفض التنازل عن التوريث تحت ضغط زوجته سوزان التي أكلت هي واولادها الأخضر واليابس .فقامت أمريكا بالاتفاق مع عميلها المتوفي قبل ايام عمر سليمان لتلاوة بيان التنازل عن الرئاسة على لسان مبارك. ما أود قوله هنا هو أن ما يجري ليس ثورات مدروسة ولا تغييرا ممنهجا بل طامة كبرى سندفع ثمنها لمئة عام قادمة،فالاستراتيجية العربية تغيرت علانية مئة وثمانين درجة ،وأصبحت ايران هي العدو الرئيسي فيما تحولت اسرائيل الى صديق استراتيجي يتحالف معه ويتم التنسيق معه لصالحه طبعا ،وما يزال البعض يتغني بدعمه للقضية الفلسطينة. ولأن الشيء بالشيء يذكر فان صفقات الأسلحة التي تعقدها دول خليجية مع الغرب ومع أمريكا المنهارة اقتصاديا على وجه الخصوص أمر مرعب ،سواء فيما يتعلق بحجم وقيمة هذه الصفقات ونوعيات الأسلحة ،علما أن الفضاءات الخليجية تعج بالتواجد الأمريكي المسلح . وهذا يعيدنا الى واقع دول الخليج بعد الحرب الأمريكية الكونية التي شاركت فيها قوات عربية "سورية ومصرية " ضد العراق فيما أطلق عليها حرب الخليج الثانية ،اذ أن دول الخليج شهدت افراغا وتفريغا لخزائنها ونهبا علنيا لثرواتها لصالح أمريكا والدول الغربية التي شاركت في حملة " تحرير " الكويت" من الجيش العراقي.ما أدى الى نهضة مؤقتة في الاقتصاد الغربي والأمريكي على وجه الخصوص ،لكن يهود عبثوا مجددا في الغرب وحولوا الى بنوك اسرائيل مبالغ طائلة من الغرب لتقويتها أكثر ولتهيئتها لاستقبال " المسيخ " المنتظروهي في أبهى حالات قوتها المالية والعسكرية.وبالتالي أدخلوا امريكا وأوروبا في أزمة مالية جديدة عام 2008 كلفت العرب نحو أربعة تريليونات دولار خسائر محققة ،وهذا بدوره سرع فيما يسمى بالربيع العربي . من أوجه الخسائر التي يتحتم علينا تحملها هي أن اسرائيل باتت بحكم الواقع فعلا حليفنا الاستراتيجي بعد تسلم حكم الاسلام السياسي الذي ما كان ليصل الى الكرسي لولا التنسيق مع امركا ونيل رضا اسرائيل ،وهذا ما يبرر صمتهم المطبق على المعاهدات مع اسرائيل وقولهم انهم سيحافطون على المعاهدات الدولية ولا غضاضة بالنسبة اليهم من الجلوس مع اسرائيل وأن لا مشكلة لهم مع اسرائيل. فواتير الخسائر أكبر من ذلك ،فهذا الدمار الشامل الذي يحصل سندفع ثمنه مرتين الأولى عندما فقدنا البنى التحتية والثانية عندما سيتولى الغرب الذي هدمها وأنجز الدمار باعادة الاعمار ،عندها لن نجرؤ على المطالبة بالشفافية والنزاهة ،لأن المهزوم لا يحق له مراجعة ما وقع عليه كما قال امبراطور اليابان هيروهيتو الذي وقه على وثيقة الاستسلام لأمريكا أعقاب الحرب الكونية الثانية . ومن الخسائر ايضا هو ما يقوم به النظام المستهدف الذي بات عبئا على مستعمله ،فأخذ يحصد المئات من المواطنين الأطفال والشباب يوميا وحوّل جيوشه من حماية الحدود الى حماية القصور والحكم ،علما بأننا لم نشهد حربا عربية اسرائيلة حقيقية أبلى فيها جيش عربي بلاء حسنا ،سوى أن حرب رمضان الممسرحة التي كتبها وأخرجها " العزيز" هنري كيسنجر ،ردت الينا الاعتبار مؤقتا لنكتشف بعد ذلك أن السادات حولها الى حصان طروادة ونفذ من خلالها الى اسرائيل وجرى ما جرى. ما أحوجنا الى التغيير الايجابي المدروس من خلال الثورات الحقيقية المعد لها جيدا والمرسومة بعناية ،والتي تخرجنا مما نحن فيه من ولاية وتبعية للغرب حد الانسحاق . الى عزة وكرامة وقدرة على تحري المحتل من أراضينا وما أكثرها.
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دموع الصياد وضمير المجتمع الدولي
-
الاسرائيليون يحرقون أنفسهم ...وامصيبتاه!
-
افلاس السلطة الفلسطينية ماليا..ماذا يعني؟
-
حالات التحول من النعاج الى الغضنفر..الربيع العربي
-
جامعة -الروموت كونترول-
-
تسميم عرفات..ماذا بعد؟
-
مصر التي في خاطري
-
العراق ..ديمقراطية الدم
-
الاسلام السياسي قادم ..فراقبوه
-
العرب ارتضوا بالتوحد عوضا عن الوحدة
-
السلام والخل الوفي
-
سحقا ل-ثورات - العرب
-
التحرش الاسرائيلي بالأردن ..لماذا؟
-
عندما تستجيب الحكومات العربية لضغوطات - ميمري- ..أين السيادة
...
-
ربيع ..لكن بزهور أمريكية
-
مهزلة القرن
-
توراة الملك
-
نكتب لفسطين دفاعا عن الأردن
-
شلومو زند...وشهد شاهد من أهلها
-
فيلتمان..حجر الصد لمنع حصول الفلسطينيين على اعتراف بدولتهم ف
...
المزيد.....
-
قتلى وجرحى جراء غارات إسرائيلية على سجن إوين في محافظة طهران
...
-
مكتب نتنياهو يعلن قصف موقع رادار بإيران بعد سريان وقف إطلاق
...
-
ماذا دار بين أمير قطر ورئيس إيران بأول اتصال بعد الهجوم الصا
...
-
ماذا حدث بين إسرائيل وإيران بعد دخول وقف إطلاق النار حيز الت
...
-
كيف طورت إيران برنامجها النووي؟
-
تفوّق جوي مقابل تكتيك صاروخي: حرب إيران وإسرائيل تكتب معادلت
...
-
تعطّل القطارات يثير شبهات التخريب قبيل قمة الناتو في هولندا
...
-
إيران تؤكد احترام وقف إطلاق النار إذا قامت إسرائيل بالمثل
-
ترامب ينتقد إسرائيل بسبب هجماتها على إيران بعد وقف إطلاق الن
...
-
امتعاض في إسرائيل بعد انتقادات ترامب
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|