أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - علي السوري -الطفلة حنظلة-















المزيد.....

علي السوري -الطفلة حنظلة-


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 3664 - 2012 / 3 / 11 - 08:55
المحور: الادب والفن
    


حبيبي.. 
أقبل الصباح
لا أرتجي مجددا ليلة للحب
اطلب من السياف
أن يقترب بسيفه 
من عنقي الطويل

لأتفنن في الغواية..
غواية السياسة
و أعلم العشاق 
كيف يكون الحب
منزها عن مصلحة
خارجا عن طائفة

وطني.. حبيبي
سوف أغفو الآن
حاول أن تنام
لأنها الدماء
أنست الطفولة 
ترف الحكاية
و أضحت القضية
ننام و لا ننام
نموت و لا تموت...

صوت الدم السوري الذي كان أخرسا لسنوات ( ديكتاتورية) خلت.. يصرخ من البعيد، صراخه في أذني، يمنعني من النوم، فأسهر في هذا العالم الافتراضي.. يذوب قلبي على وطن يضيع، ترتفع صلواتي للأبرياء.. للأطفال، للبسطاء، للمغيبين تحت اسم الدين، للمعتقلين من أجل كلمة أو رأي، للمعذبين لخروجهم في مظاهرة، و لجميع من لهم الحق في الخوف من لحية تتحكم، و تدين بالإكراه، لجنود فقراء وجدوا أنفسهم ( بيادق) الرقعة، و لآخرون جميعهم آخر ممن يحسب حساب أرواحهم في لعبة الكرسي.

جرّب أن ترى بعين واحدة، أغلق عينك الأخرى.. ستبقى ترى الصورة كاملة، لكنك لن تقاسي ظلام العين الأخرى.
جميع السوريين اليوم يرون بعين واحدة.. هم يرون الصورة كلها، ليس نصف الحقيقة،  لكنهم لا يرون السواد و العتمة الذين تقاسيهما العين الأخرى.. لذلك بدأ المجتمع ينقسم.. و مجتمع منقسم لا يصلح حتى لتزيين كلمة ( الوطن).

مازالت الثورة في بدايتها، و أصحاب الأبجدية الأولى أمسكوا (السلم بالعرض) لا مخالف يمر إلا إذا انحنى، و السوري لا ينحني، ترتفع الأصوات، و يكثر كره الحقيقة، و تشويهها من الجميع، فتصعب المعادلة.

لا أحد يرفع معنوياتي اليوم إلا "علي السوري" ، يأتي و معه ( سندويشتين) فلافل، أو ( شاورما) من الدكان العربي في "بلاد العم سام"، ثم يفتح " الانترنت" و كأنه يستعد لخوض حرب..يكتب لي عمن يرسمهن، وحكايا حيوات استثنائية، ثم ينتقل إلى " بيكاسو" و " سلفادور دالي" ، يخبرني أشياء مدهشة عن " مونتيسكيو" و قانون فصل السلطات، عن " ألبير كامو" و نظرية التمرد الرائعة: ( أنا أتمرد.. إذا نحن نوجد).
يعرف لي الحرية كما عرفها " جان جاك روسو"، و يحكي لي بطولات "صالح العلي" و " سلطان باشا الأطرش"، و " ابراهيم هنانو".
هو ( العلوي) يضج بالثورة النقية كثورتي أنا (السنية)، فنتجاهل بمدنيتنا طائفية استيقظت في أنفاس الكثيرين، و نمضي في الثورة التي تكتب و تشتعل في الفضاء الافتراضي، ملتهمة بنارها وقائع على الأرض.

-من أين تأتي بالبراعة كلها.. من أين لك القدرة على تجفيف الدمع في عيني، و أنا لا أمزح ( عن جد) استخدم قطرات دمع اصطناعي، لأن الجلوس مطولا أمام جهاز( الكمبيوتر) يسبب جفاف العينين، منذ يومين استيقظت و لم استطع فتح عيني، الأجفان التصقت من قلة الدمع.
و جاء الرد سريعا:
- و أعطيك الدموع أيضاً،( على حسابك)..لدي غزارة في الإنتاج.

- شكرًا .. القلب عندما يبكي لا يحتاج دموعا.. 

-لماذا غيرت اسمك إلى " حنظلة"؟!خائفة ؟!

- لم أغيره، و ضعت " حنظلة" جانب اسمي..

- بس ما حاسستيه ( مو لابقك)، يعني (كأنو لصبي مو!؟)

ثم وصل على ( الشات) ابتسامة ..

ابتسمت و أنا أرسل إليه ما كنت أكتبه في الأمس:
-أخاف من طبخ غريب في ثورة " سوريا".. القمع و الظلم على الأرض، جعل من البلاد كعكة يطمع فيها القاصي و الداني، ربما حان الوقت ( لأحرد) قليلا، أتذكر اليوم أكثر من أي وقت مضى " حنظلة" الطفل في داخلنا..
يقول ناجي العلي عن سبب تكتيف يدي حنظلة:
(كتفته بعد حرب أكتوبر 1973 لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأمريكية في المنطقة، فهو ثائر وليس مطبع.)
وعندما سُئل ناجي العلي عن موعد رؤية وجه حنظلة أجاب:
(عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته.)

رحل "ناجي العلي".. و لم نر وجه "حنظلة"، و أخشى أنك سترسم يوما " حنظلة" طفلة بلا وجه...
**********

-قلما يمنحك من حولك سعادة.. أمانا، أو حتى استقرارا.. هذه المفاهيم تنبع من داخلك، من أعماقك، و إذا لم تستطع أن تشيدها، فلن يساعدك أقرب المقربين، تخيلت بوجود "عدي" أنني سأصبح سعيدة، و لكنه في كل مشكلة بيننا يجعلني تعيسة ..مع كل الإنقاذ الذي أنقذه لقلبي و كياني.
شربت " أليس" من فنجان ( الميلو) أمامها، ثم تنهدت بعد حديث طويل. 

ها قد غدت " عبير" تعرف  كل ما يمكنها من كتابة سيرة ذاتية عامة ل " أليس"، ففي الأسبوع الماضي كانتا معا كل مساء، في شوارع و مقاهي "دمشق" المترقبة الحزينة.

كانت " عبير" سعيدة جداً بمعرفتها ، فقد انتشلتها أحزان  هذه ( الحكواتية) الذكية من غرق مؤكد في ذكرى من رحل، و " أليس" التي كانت قد ملت من طلب: (احكي لي عن حبيبك)، كانت جد متفاجئة عندما بدأت " عبير" حديثها:
-لم أكن طفلة يوما إلا عندما عرفت الحب.. نشأت في ( ضيعة) بعيدة و منسية أشبهتها و أشبهتني، جبل حزين، لكنه شامخ.. نبع ماء بارد لا يعرف أحد قيمته لأنه موجود دائماً لا ينقطع.. أشجار نلجأ إلى وجودها و ظلها صيفا، و ( نقتلها) حطبا يذل صقيع و ثلج الجبل.
بيتنا المكون من ثلاث غرف، و مطبخ، و غرفة للبقرات، لا أذكر منه إلا صدى صوتي الخائف الهلع لصوت أمي في ليال حزينة، تتلقى ( كرباج) أبي، و تستيقظ صباحا لتحلب البقر، و ( تركش) الأرض.. تعد الإفطار، وتحبنا بطريقتها.. بإطعامنا، بتقليل نصيبنا من ( شغل الأرض)، بمساواتنا ذكورا و إناثا.. لكنها لم يحدث قط أن ضمتنا أو قبلتنا لذلك صدقنا كلام أبي عنها بأنها: ( ولاشي).. و عاملناها على هذا الأساس، حتى صدقت هي ذاتها هذه (الحيونة).. و اقتنعت بكونها ( ولاشي)، لكنها لم تكف عن حبنا يوما.

عندي ثلاث أخوة، و أخت واحدة.. أحبهم، و لكن أيضاً بطريقتي.. و عندما عرفت" عمار"  أحببته أيضاً بطريقتي.. و على ما يبدو طريقتي كطريقة أمي لا تحس إلا بعد فوات الأوان..

نظرت عبير إلى ( تمام الساعة) و قالت كأنما تهرب من ذكريات ملحة:
-(خلينا) نحضر الأخبار.. ( خلينا نشوف) إذا حوكم من عذب الأطفال في " درعا".

-ههههه..(درويشة) أنت صديقتي، هل تؤمنين بأنه سيحاسب؟! .. بتتذكري السبب المباشر و الأسباب غير المباشرة في كتب التاريخ في المرحلة الاعدادية.. أمست الحادثة السبب المباشر لثورة في " درعا"، ستشعل البلد قريبا و  بما أن الفضاء الافتراضي اكتظ بنجومها.. فالله يستر من القادم.

- الله لا يسمع منك.. بكرا الدم بيصير للركب.. صحيح نحن في حاجة إلى تغييرات، و إصلاحات، لكن الثورة في بلاد يحكمها استبداد سياسي، و يتربص بها استبداد ديني ثمنها باهظ جداً، لذا أدعو الله أن يحاكم سبب السبب المباشر، و يعود الأمان.. نحن أناس بسطاء.. شعب طيب.. يريد سلته بلا عنب، لكنه لن يقبل بإذلاله..( عيفينا) من الهم، و تعالي معي إلى غرفتي في السكن، نشرب ( متة) مع ( صبايا) التمريض، و نناقش الوضع السياسي.

-هه(شفت كيف)..هذه أول حسنات " الثورة".. انتقلنا نقلة نوعية من أحاديث الموضة و الأزياء و كرة القدم إلى أحاديث الوجود و الكرامة، المنطق و الخطأ، العلمانية و التشدد.. يعني من الآن هي ثورة لأنها غيرت في دواخلنا الكثير.

-و ستغير في أمننا أيضاً.. تسلميلي يا بلاد العجائب يا أنت .. ( من شوي) كنت تبكين ( حردان) باشا و الآن صرت ( ثورجية).

- حردان؟! يعني قصدك " عدي" سيرجع، يعني لم يتركني.. مع أنني أغضبته، (عيديلي )أنه سيعود.
- يا لطيف إذا صح.. رجعنا من أول الحديث..تأكدت الآن من نظريتي:
 الإنسان لا يستخدم إلا قسما بسيطا من طاقة دماغه، و هو حتما لا يستخدم إلا ( رشة) من روحه، و ( بخة) من ضميره، لذلك يطول عمره و (لا ينجلط).. 
إلا العاشق، فتشتعل روحه بالحب، و ضميره بالحق، لكنه و من كثرة( صرف الطاقة) ينسى استخدام عقله.. امشي ( خلصينا)..  

يتبع...
من رواية" علي السوري" قيد النشر



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي السوري -عراة.. عراة-
- علي السوري -لماذا ثار السوريون؟!-
- علي السوريّ -الحب في زمن الثورة-
- علي السوريّ -سأصلي بالبكيني-
- علي السوري -مقدمة-
- الأقليّات تأكل التفاحة
- خارج سياق -روحي-
- خارج سياق -مسجون-
- خارج سياق -طائفي-
- خارج سياق -حليبي-
- خارج سياق مندّس
- خارج سياق منساق...
- بلاد - الباق باق-
- -براغش- القلم
- معادلة دينية
- سوريانا -زيت و زعتر-
- سوريانا -مغالطات منطقيّة-
- سوريانا-مطر صيفي-
- بالماء يا وطني
- على قيد الأمل...


المزيد.....




- MAJID TV “تثبيت تردد قناة ماجد 2024” .. نزلها في خطوة واحدة ...
- الروائية ليلى سليماني: الرواية كذبة تحكي الحقيقة
- -الرجل الذي حبل-كتاب جديد للباحث والأنتروبولوجي التونسي محمد ...
- شارك في -صمت الحملان- و-أبولو 13?.. وفاة المخرج والمنتج الأم ...
- تحميل ومشاهدة فيلم السرب 2024 لـ أحمد السقا كامل على موقع اي ...
- حصريا حـ 33 .. مسلسل المتوحش الحلقة 33 Yabani مترجمة للعربية ...
- شاهد حـ 69 كامله مترجمة .. مسلسل طائر الرفراف الحلقة 69 بجود ...
- التمثيل الدبلوماسي العربي في فلسطين... أهلا وسهلا بالكويت
- معرض الدوحة الدولي للكتاب.. أجنحة ومخطوطات تحتفي بثقافات عُم ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - علي السوري -الطفلة حنظلة-