أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - خارج سياق -حليبي-














المزيد.....

خارج سياق -حليبي-


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 3436 - 2011 / 7 / 24 - 08:30
المحور: الادب والفن
    


بداية:


كان المارة من حوله يشاهدونه و لا يروه، شاهدته بأم عيني، و رأيته أيضاً..

هو بقدميه الصغيرتين المزرقتين من البرد، و (شحاطة) بلاستيكية أكبر من ساقه بكلّها، و ليس فقط أكبر من قدمه..يحمل في عينيه امتنان الدنيا كله للصدفة التي جعلت يده تتلقف بضع كعكات من كيس الكعك خاصتي...

في مكان ما بين مستشفى المواساة، و مستشفى الأطفال في دمشق الحبيبة..كان " نديم" يجلس محتضناً صندوق مسح الاحذية، و ينادي على كل من يمر.. (رجّع صباطك جديد.. بعشرة و إذا بدك بخمسة..كل شي بيطلع من خاطرك منيح..).

مازلت أذكر يديه المسودتين المتشققتين، و هو يشير لي:
- رح امسحلك بالبلاش..

- بس أنا مابدي امسح (الكندرة).. يمكن ينزل مطر بعد الظهر.. بيرجع بيتوسخ..(و ابتسمت)..
بدي اعرف أنت ليش عم تشتغل هون.. ماحدا بيمسح (كندرتو) و هو داخل على المستشفى (مو)!

صمت قليلاً وهو ينظر إلى الكعك فتلمع عينيه، ثم قال:
- فيه بس قلال، أنا أصلاً بشتغل بالكراجات، بس أخوي هلا بمشفى الأطفال.. قالتلي أمي اشتغل هون هيك بضل جنبو..

- ليش شبو أخوك مريض!

-لا..دعستو سيارة..

- كيف؟

بحركة لا إرادية شمّ " نديم" الكعكة، و بلع ريقه:
- طلع من البيت الظهر على وقت طلعة الموظفين ليشتغل.. دعستو سيارة (مفيمة).. و هربت..

- ليش أخوك شو بيشتغل؟

- بيبيع محارم...

- أكبر منك و لا أصغر؟

- لا أصغر مني بسنتين...

بعد عدة خطوات قطعتها مبتعدة عنه، التفتُ لأراه يأكل الكعك .. المشهد في ذاكرتي حتى هذه اللحظة يلعن غالبية مثقفي الوطن.
**********


المفصل:


عندما كتبت الرائعة" ريما فليحان" بيان الحليب.. كانت آخر فرصة ليقف الشعب السوري في صف واحد ضد الظلم ويطالب بإدخال الإعلام المستقل لقلب الحدث.. فينقذ الوطن.

لكن الرافضين لما جاء في البيان ممن وضعوا أطفالهم فوق رؤوس أطفال درعا.. وضعوا الوطن و أطفالهم في دوامة انقسام المجتمع السوري التي سيدفع الجميع ثمنها.

و بدلاً عن إعلام مستقل في قلب درعا.. ظهر الإعلام السوري الرسمي في (الاستديو) و استدعى( ما تيسر له ممن وقع على البيان ) في جلسة مهينة تشبه محاكم التفتيش.. كانت بداية الصرخة:

الإعلام السوري كاذب..كاذب.. كاذب
**********


خارج السياق:

الاختلاف في الرأي لا يجب أن يُفسد للود قضية، و هذا يحدث فعلاً إن كان الودّ موجود.. أمّا من يدير ظهره لك لرأي ما فهو لا يملك لك من الودّ شيئاً.. فلتشكر الأزمة التي جعلته يرمي قناعه جانباً، و انهض بصدقك...

لطالما احتقرنا من يظهر عكس ما يبطن، يحمل لسانه الذي طعن في ظهرنا البارحة، و يلعقنا به اليوم.. مقرف هو و لسانه.. لعابه لايجب أن يسيل على طيبتك...

هذا ينطبق على الأشخاص و الحكومات.. و الأنظمة.. أما أنت أيها الشعب الثائر فتشبه كل صدق الدنيا.
**********



ليست نهاية:

لا يختار الإنسان اسمه، كما لا يختار عائلته، هذه كلها تأتيه كما لون عينيه.. من حيث لا يدري، لكنها لا تشبه العينين من حيث قدرتها على قصقصة الأجنحة، و تمزيق القلب.

و ل "جوى" عينين بنيتين تحاكيان مزيجاً من القهوة و العسل.. و لعائلتها كسل القهوة، و غنى العسل...


" جوى" ابنة أحد (العلويين) أصحاب النفوذ و المال، و سليلة تلك الشريحة الرقيقة من تلك الطائفة التي اختلط اسمها بالسلطة (عن سابق اصرارا و ترصد من قبل السلطة ذاتها)، فذهب بالأغلبية إلى هامش الصيت الجائع، و جعل معظم الطائفة العلويّة تبلع (الموس) على الحدّين.. تخاف إن اعترضت من تهمة طعن النظام في ظهره، و تخاف إن صمتت من طعن الحقيقة في عينها.

العلويون في ( بلاد البعث ) ليسوا أوفر حظاً من غيرهم إطلاقاً، و من يعتقد غير ذلك فحتماً هو لا يعلم أن القلّة المستفيدة منهم أهانتهم و استغلتهم قبل غيرهم.

كانت و مازالت "جوى" مختلفة.. دراستها للطب البشري في "حلب" بعيدة عن سيارات أبوها و تفاصيل حياة عائلتها.. أو ربما هو حب المطالعة و السفر المتكرر ما جعل "جوى" بعيدة عن عائلتها و لا تشبهها.

صوتها الباكي مازال في مخيلتي، كلامها غير المترابط.. المتهدج كصوتها، و قلة استقرارها تظهر في كلمة (بس) تطل بين جملة و أخرى..قالت لي:

- (سكرت بوجهي.."هبة" .. قالتلي أنتم من قتل أخي.. ربما معها حق ما بعرف!!.. و لا بعرف شو عم يصير بسوريا، (بس) ما بفهم بالسياسة.. كل ما قرأته من كتب في حياتي يقول: من حق السوريين أن يثوروا، (بس) أنا بحب أهلي و بموت إذا صار عليهم شي..( بس) اللي عم يموتوا إلهم أهل كمان.. موهيك.. شوفي أخو "هبة" ليش ليموت.. صحي علقانة بين السنة و العلويين!!.. (بس) فيه عالم عم يقولوا النظام بدّو يعلقهم...

بحس أحياناً إنو لازم انزل اتظاهر ..بس بخاف إنو يعتقلوني، مو خوف من السجن .. لا و لا من التعذيب.. بخاف على أهلي من محيطهم و من شو رح يعملو فيهم، بتعرفي شو يعني تكوني محسوبة على شيخ القبيلة و تثوري ع القبيلة، هادا ثمنه غالي.. بس نحنا ماعدنا بزمن القبائل.. لا..لا .. بس يلعن أبو الخوف..).أولاد عم أبوي عم يطلعوا ع المظاهرات و مو فارقة معهم .. أبوهم عم يطلع معهم كمان..(بس) أهلي أنا غير..
ليست هذه النهاية..صدقوني...


يتبع...



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خارج سياق مندّس
- خارج سياق منساق...
- بلاد - الباق باق-
- -براغش- القلم
- معادلة دينية
- سوريانا -زيت و زعتر-
- سوريانا -مغالطات منطقيّة-
- سوريانا-مطر صيفي-
- بالماء يا وطني
- على قيد الأمل...
- كالفرق بين غادة عبد الرازق و نوال السعداوي
- ثورة خالد سعيد
- ب (تونس) بيك
- فضائيّة تحت (الطاقيّة)
- عن ماذا سأحدثك يا صغيرة؟!
- بين الإلحاد و (الكونغرس)
- ملوك اليمين
- كارما الكراهية
- أسرار جنسيّة: طفولة مسروقة
- يا عرب السك..ك، تعرّوا


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - خارج سياق -حليبي-