|
ملوك اليمين
لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان
(Lama Muhammad)
الحوار المتمدن-العدد: 3138 - 2010 / 9 / 28 - 08:30
المحور:
الادب والفن
عندما قرر الإنسان أن يسكن الأرض، لم تكن البداية (تفاحيّة) البتة..كان البحر بزرقته الرائعة يعكس صورة الأرض كأسطورة، و كانت جميع الأشياء و الأماكن تبدو رائعة، لكونها بعيدة.. بعيدة.
الروعة و الغموض، و ربما السلام الدائم في المكان الآخر، كانوا من القوة ليجعلوا من الإنسان (صاحب قرار) .. نشأت الأسطورة، قبل أن يضع الإنسان قدمه على الأرض.. أمست حكاية البشريّة من المسلّمات، و لحق ذلك ملايين الأساطير التي بنت مجتمعات، و عادات تقدست و أصبحت أصناماً بغض النظر عن أصلها و فصلها. **********
-هل تريدين أن تصبحي كاتبة مشهورة؟؟ -الشهرة !! لا أعلم.. أريد أن تصل كتاباتي لعدد كبير من الناس، علّها تُغيّر من وجهات نظر عدة منهم... - سأعطيك المفتاح..(سُبّي.. و تحزبي)..و حاولي أن يكون الرجل هو السلطان الذي يحميك. -كيف؟! - أوف.. الطرق عديدة.. مثلا تحزبي مع دين ضد آخر، أو مع اتجاه سياسي ضد آخر.. أو سُبّي شخصا مهما، و شككي في نزاهته.. امدحي سلطان الوجود الذكوري، و اسخري من المساواة بين المرأة و الرجل.
- أبيع ضميري و معتقداتي إذا...
-لا أحد يصدق الإنسان المسالم ..صاحب المبادئ ..الناس عندنا في غالبيتهم مرضى يعشقون الحروب و الخلافات ..(بدك دليل) .."برنامج الاتجاه المعاكس" محرّض جماهريته الأول هو الاقتتال حول فكرة ما ..الناس في مجتمعاتنا تعشق السبّ و الخلاف حتى حول الأفكار.. و على كل سيشترون لك -بعدما تبيعين- معتقدات عظيمة متبوعة، و ضمائر كثر.
- ربما الجدل الذي تثيره الفكرة هو الذي يشدّ...
-لا صدقيني السبّ و التحزب ..هما سيدا الموقف.
- يوجد مشكلة وحيدة: لا أعرف مع من أتحزب..و أكره الأطر...
- تحزبي مع الأقوى..تصبحين أقوى.
-( طيب) ..من أسب...
- سبّي الأضعف في مجتمعاتنا العريقة...
- الأضعف..(ماشي.. ماشي) يلعن أبو الحريّة، و القضيّة..(على أخت) العلمانيّة و الليبرالية، ( شو ) لا دينية ما لادينية.. باعوا اللي فوق و اللي تحت ليقسموا حتى الطوائف أقلية الأقلية ... ( منيح هيك).
- ممتاز، تحزبي مع الأقوى...
-الأقوى ..لا ( هي بدّا تفكير).. ع كل احتياطاً ( من بكرا.. بحط على الباب ..صورة أليسا و تامر حسني ...) ..ما رأيك..
- رائع ..بقي أن تمدحي سلطان الذكر. . - هذه مستحيلة فأنا سيدة المطالبات ب ( ملوك اليمين)... **********
بالعودة إلى قصة الخلق.. و إذا افترضناها بعيدة عن الكنايات و المجازات، فإن الحياة السعيدة الهانئة في مكان هادئ مسالم لم تغر بالبقاء، و كانت بداية الخلافات مع "الله" نفسه..فعندما لم يجد الإنسان من يختلف معه .. خالف ربّه، مبرهناً نظرية مفادها: لم (و لن) يستطع الإنسان الحياة من غير (الشر).. الخير و الهدوء ممليَّن لدرجة التمرد، و ليس كل ذلك سوى البداية.. فكيف ننادي بالإنسانية!
و إذا افترضنا أنّ "آدم" قد غُرر به من قبل ( الداهية) "حواء".. فلا بد أنّه كان ملك يمينها و تحت سلطانها..و مع أننا نحكي حكاية الخلق بنوع من ( التفكير المتحجر) أي من دون بلاغة و لا أبعاد، إلا أنه يحق لنا سؤال مصيري:
.إذا كانت " حواء" قائدتنا إلى الأرض، فأين ذهب حقها في (ملوك اليمين)؟ و لماذا أصبحت تابعة و مملوكة فقط؟!
من هذا المبدأ و بعيداً عن الأديان و ما جاء فيها.. افترضت المساواة بين البشر جميعاً.. في حبهم للإختلاف قبل الوفاق، و في عبادتهم الحقة لحالة الترقب، و دراما المغامرات. **********
-هل من الممكن أن يحبني؟ قالوا لي يحب زوجته و لن يتركها. - (انفشيه).. ينسى زوجته و أطفاله، الرجال تحب المديح ..(مووووت). -قولك .. و إذا (ما مشي الحال)! - بيمشي ..بيمشي، (بس تغابي و انفشي..)
الغالبية الساحقة للقرارات التي غيّرت مصير البشريّة كانت أنثوية العقل..الدافع أو الحافز. و إذا ما نظرنا إلى حياة الأشخاص الذين غيروا مسار التاريخ نجد امرأة "حواء" تحكمت و ملكت بيمينها-أو بيسارها (إن كانت عسراويّة )- مصير الشخص البطل و أدخلته التاريخ المذكور.
و نكتشف مع قليل من التحليل أنّ الرجل الذي اكتشف منذ القديم أنه يحتاج دوما لأن يكون ملكا ليمين امرأة..سعى و بطرق شتى إلى أن يبخس المرأة حق الملك الذي يثبت ضعفه، و طفولته، و رسم من قوامته على المرأة طريقا لمغامرات جديدة، تبعد عنه حالة الملل الهادئ للظروف السلميّة.
بما أن استلاب الحقوق يولد حالة من الرغبة بالأذى، و بما أن القوانين قد سنّت من قبل المجتمع الذكوري، رضخت المرأة عموماً لسلطة الرجل، لكنّها ظلت على عهدها في قضية ملوك اليمين، مما تسبب في أذيتها للمرأة و الرجل معاً.
أي أن المجتمع الذي لم يستطع تجاوز عقدة أسطورة بداية الخلق، لم يستطع أيضا تكوين أول و أهم حجرة في السلام، و هي السلام بين الرجل و الأنثى، و مساواتهما في كل شيء.. و مضى يتعجب من لعنات خارجية، و يطالب بسلام دولي!
بينما ابتعدت مجتمعات أخرى عن الأساطير في تبنيها لقوانين عادلة أنصفت السلام بين الرجل و المرأة، مما خلق بداية طريق لسلام داخلي لا يهمل نصف المجتمع، و لا ينتظر التطور من الخارج. **********
الوحيد الثابت بأسبقيته للأسطورة هو الحب، الحب الذي جمع الرجل و المرأة على قَدر (تفاحيّ) واحد.. هو القادر الوحيد على إبعاد الحياة عن الملل، و منحها طرقاً جديدة ... مع تكاثر البشر و تعددهم اتسع مفهوم الحب، لكنه مازال مظلوم المنصب، فما أقلهم الناس الذين يرحبون بفكرة محبة، و حلم سلام ..و ما أكثرهم عشاق( السبّ، و التحزب).. وبعيدا عن الأساطير، و أحقيّة النساء ب (ملوك اليمين) من الرجال، يبقى "دين الحب" الثابت الأول الذي قد يُرجع الأمور إلى نصابها، و إن كرهه المرضى.
يتبع...
#لمى_محمد (هاشتاغ)
Lama_Muhammad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كارما الكراهية
-
أسرار جنسيّة: طفولة مسروقة
-
يا عرب السك..ك، تعرّوا
-
إني لأرى -ذيولا- قد أينعت ..
-
مشجع ألماني عميل
-
إرضاع الصراصير، ثم إرضاع الكبير
-
ناقصات عقل
-
لا أحد كامل إلا..الضفدع كامل
-
لماذا يتزوج الرجال من (عاهرات) ؟!
-
سرطان تعسفي
-
أسرار جنسيّة: شرفكم وثنكم (2)
-
أحبك أيّها الأمازيغي..
-
نبيّة الحب أنا
-
تعالوا لأخبركم عن العرب : (3)
-
تعالوا لأخبركم عن العرب : (2)
-
تعالوا لأخبركم عن العرب ...
-
رجال أحببتهم (1)
-
رسائل إلى الله
-
مذكرات فراشة في بلاد العم سام :جميل أبو رقبة
-
فراش حب (2) : بحر
المزيد.....
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|