أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - سوريانا -زيت و زعتر-














المزيد.....

سوريانا -زيت و زعتر-


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 3356 - 2011 / 5 / 5 - 13:56
المحور: الادب والفن
    


-لن تستطبعي أن تجدي الشمس في غرفة مغلقة.-
غسان كنفاني


من المستحيل بمكان و لا بزمان أن أنسى كيف انقسم أصدقائي، و لا كيف خوّن أحدهم الآخر، و صعب عليّ كذلك نسيان الشتائم التي وجهوها لبعضهم في منتصف بيوتهم، و كيف طردوا بعضهم البعض، و كيف لخصوا لي- بجدارة محلل سياسي- ماذا يحصل في وطني.

ففي العالم الافتراضي بيوت لها أبواب و أسقف تتراوح في علّوها بحسب ثقافة الفرد، و مطالعاته، و كما أنك تستطيع أن تطرد أحدهم من بيتك الحجري، فإنك تقوم بذلك في بيتك الافتراضي، فتحذف الشخص مبرهناً له على صحة ظنونه فيك، و مبرراً لنفسك دونه، و دون أن يخطر ببالك سؤال بسيط ما الذي جعل هذا المخالف يخالف؟

الفيسبوك السوري اليوم حاذف و محذوف و( ردح) كثير بينهما، و الكثير من مفردات (نسوان التنور) يستعملها الرجال قبل النساء، و المذهل هو تبريرات الأشخاص لقتلهم علاقات صداقاتهم، كما تبريرهم و تفسيرهم لما حدث و يحدث من اعتقالات، قتل و تعذيب.. إذا كان الوضع من حولكم هو الجنة، عساكم تخبروني لم كل هذا الإصلاح المفترض؟!
و إذا كنتم تقدسون الوطن، فكيف تذهبون به إلى حرب تخوينيّة قذرة! كيف تستطيعون أن تكفروا الرأي مهما كان، ألا يخطر في بالكم للحظة أنّ الدخول في حرب (سبني لسبك) سيقلب البلاد جحيماً و يحوّل الأخوة إلى أعداء.
للوطن ذاكرة، و كيفما انتهت الأمور سيطلّ بذاكرته ليقاضيكم.
**********


ليتني أملك من الوقاحة ما يكفي لكي أطرد الناس من البيوت، على الأقل كنت وفرت على نفسي ساعة الإعياء التي قضيتها أحاول أن أتجنب الانفجار في وجه "شهد".

كانت أصغر بكثير من أن أفتح معها أي نقاش، أو أطرح أية فرضيّة ، امرأة من النموذج المكرر بشدة، و منافقة من الطراز الأول..هذه هي الجارة الجديدة لصديقتي " مهديّة" التي دعتني إلى "مقلوبة فلسطينية" كي تُذهب عني رياح الحزن.
كانت رائحة الطعام الفلسطيني تملأ المكان، لم يُعكر عليّ انتظاره سوى وصول" شهد".
تعمدت ألا يخرج الحديث من إطاره الاعتيادي العام، لكنها باغتتني بسؤال:
- ما رأيك فيما يحدث في الوطن؟
اعتدلت في جلستي:
- من أية ناحية؟!
- من كل النواحي..
- أنت ما رأيك؟
و كأنما كانت تسألني لتعطي نفسها مشروعية الحديث، و (هوب) انطلقت :
- سخافة، (شو هي الحرية) اللي بدهم إياها، خربوا البلد، أحلى و أكثر بلدان العالم أمناً، يخرب بيتهم قلي أخوي مبارح ما قدر يصف (البي إم) بالجامعة من كترة الأغبياء.. و بيغنوا حماة الديار كمان.. يروحوا يشوفوا حماة الديار شو صار فيهم بسبب (حويتريتهم)، العمى فضحونا، و ورجوا العالم علينا، شو بدهم تحتلنا أمريكا يعني.. غبايا.. بيستاهلوا كلهم يدخلوا ع السجن.. بيستاهلو.. (زعران)..

و مع أنها استمرت بالكلام إلا أنني فقدت القدرة على السمع، هذه ليست تخوّن الآخرين و حسب، إنّها ممن يذهبون بالبلد اليوم إلى الهاوية، و "المقلوبة" برغم من أنها أكلة طيبة، لكنني لن أستمتع بها بعد كل هذا السم.

بدأت أفكر فيما يشفع لهذه المخلوقة عندي، و لكني لم أجد، فأنا لا أعرفها، و هذه هي المرة الثانية التي أشاهدها في حياتي..لم أرد أن أكرهها، فهي من أحضرت تلك الذكرى لصديقة لي حملت اسمها في البعيد، " شهد" أخرى.. أخرى تماماً.. بصورتها الهادئة العفويّة، و ابتسامتها الساخرة..

تذكرتها تبكي في فسحة المدرسة الابتدائية، بعد أن قالت لها إحداهن: اخرسي يا بنت (أزعر) السجون، بكت وقتها بحرقة، و مع أننا لم نفهم تماماً ما عناه ذلك التجريح لكن همس المعلمات ارتفع بعدها : أبوها معتقل سياسي.. لسانه طويل.
أذكر يومها أنني ذهبت إلى مقعد"شهد" و وضعت نصف (عروسة الزيت و الزعتر) خاصتي، لم تأخذها في البداية، لكنني و بعد محاولات عديدة أقنعتها بأننا لكي نصبح أصدقاء لا بد من ( الخبز و الملح)، أكلنا يومها سويّة، و هي تحكي لي عن أبيها.
بصدق لا أتذكر اليوم من جملها عنه سوى عبارة واحدة لم أفهمها وقتها، لكنني أدركها اليوم:

- بابا مانو ( أزعر).. بس مانو منافق.

للحقيقة و التاريخ، كانت المرة الأولى و الأخيرة التي رأيت فيها " شهد" ضعيفة، و لست أعلم كيف انقلب ضعفها ذاك إلى قوة شخصيّة نادرة، ربما هو الألم، أو ربما هو الظلم.

كان حديث تلك الدخيلة على الاسم مستمراً، عندما وصلت "المقلوبة الفلسطينية" إلى الطاولة.

لا أعرف لماذا غادرت، و لا ما هي الحجج التي تذرعت بها بوجهي المحمر المبرهن على الكذب.

عدت إلى منزلي، و رششت الزعتر فوق الزيت، للطعام ذاكرة أيضاً...

يتبع...



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريانا -مغالطات منطقيّة-
- سوريانا-مطر صيفي-
- بالماء يا وطني
- على قيد الأمل...
- كالفرق بين غادة عبد الرازق و نوال السعداوي
- ثورة خالد سعيد
- ب (تونس) بيك
- فضائيّة تحت (الطاقيّة)
- عن ماذا سأحدثك يا صغيرة؟!
- بين الإلحاد و (الكونغرس)
- ملوك اليمين
- كارما الكراهية
- أسرار جنسيّة: طفولة مسروقة
- يا عرب السك..ك، تعرّوا
- إني لأرى -ذيولا- قد أينعت ..
- مشجع ألماني عميل
- إرضاع الصراصير، ثم إرضاع الكبير
- ناقصات عقل
- لا أحد كامل إلا..الضفدع كامل
- لماذا يتزوج الرجال من (عاهرات) ؟!


المزيد.....




- ترامب يدعو في العشاء الملكي إلى الدفاع عن قيم -العالم الناطق ...
- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - سوريانا -زيت و زعتر-