أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - على قيد الأمل...














المزيد.....

على قيد الأمل...


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 3292 - 2011 / 3 / 1 - 08:37
المحور: الادب والفن
    


-نحن نحب الحياة، لا لأننا تعودنا على الحياة، بل لأننا تعودنا على الحب.-
"نيتشه"


ما فائدة الصراخ فهي ليست هنا، إنّها هناك.. هناك في تلك القرية البعيدة عن الدنيا و عن العالم، و القريبة جداً من الواقع، هناك مكان عجنت "أمها" عجين الصباح، و كسرت الحطب للتنور.

يوم ربيعي آخر في سنة أخرى، في عمر لا يقترب من أي صفة نعرفها سوى أنّه " آخر"، و منظر النيران المشتعلة في تنور أمها يُدفئ قلبها الوحيد، و يَحرق حزنها الذي اعتادت أن تخفيه.

هو يذلها بربوبيّة افترضها و أقنعها بها، و خوفها يذلها بذل آخر صنعه مجتمع قطيعي تافه يخفي عقده الكثيرة من خلال اجترار مشاكل الآخرين و بؤسهم. خاف خوفها من كلام الناس إذا، و من حقارة الكثيرين الذين سيصطفون كما جرت العادة مع الطرف الأقوى، فصمتت و استمر صمتها طويلاً لدرجة أحست معها أنها قد فقدت حاسة النطق، و أحاسيس أخرى كانت لتكون جميلة.

حتّى أنه وصل من الوضاعة إلى حد وضع معه جهاز تنصت في هاتفها، و كاميرا مختبئة في جهاز التكييف، كان يتصرف تماماً كزعيم في ذلك البيت، يفصّل القوانين التي تناسبه، و يدق عرض الحائط بكرامتها إذا ما فرضت نفسها كبشريّة تمتلك أحاسيساً أو آراء مخالفة.

لم يكن عليها أن تقصقص من أجنحتها و حسب، و لكن وجب عليها تقنين وقع خطواتها على الأرضية حتى لا تنزعج أذن حاكم المنزل، ذلك الذي يظن أنه اشتراها، أو تكرّم عليها بهذا السقف و هذا العقد.

و مع الأيام أصبح عندها أصدقاء تلجأ إليهم و تشتكي لهم انكسار إنسانيتها فيحرضونها على إشعال تنور كبير يحرق الأخضر و اليابس، يأكل الذل قبل الحزن.. تتخيل أنها فعلت، فتبتسم و تنام .
يوما بعد يوم يزداد الظلم و الذل، و يكثر من حولها الأصدقاء، سعادتهم تحرضها، و ثقافتهم تقويّها، و التنور الجهنمي يكبر و يكبر جداره كلماتهم و في داخله حزن يحترق و لا يموت فيزيد من إصرارها.


الكلمة لها فعل السحر، و لها من الطاقة ما يبني التنور و يشعل فيه.. هذا ما اكتشفته عندما انفجرت في وجه زعيم ذلك البيت سابة و لاعنة، ثم وثقته بطلاقها و عودتها للحياة.
**********


أنتم في كوابيسي، كما أنا في أحلامكم.. ظلمي لكم، فقركم، قمعي لكم، هشاشتكم، و أصوات أطفالكم.. كوابيسي التي تبدأ بتنور يحرق البشر، و تنتهي (بجراباتي) تقاوم الاحتراق.

أنا الزعيم "عباءة" لم أكن (أنتوي) رؤيتكم في عالم نومي، كما في عالم يقظتي، لكن ثورات البلاد التي لا تشبه بلادي قضت عالم نومي، و فتحت النار من مخيلتي على أجساد صغاركم الغضة، قبل أن تنطلق الرصاصات الحية من بنادق مرتزقتي، و كلابي.

في البداية قمت بإنشاء حساب على " الفيسبوك" تحت اسم " ثورة ضد الزعيم عباءة" متوقعاً أنني سألقي القبض على هؤلاء الخمسة الذين تسببوا في كوابيسي و قلقي، لكن الصفحة امتلأت..ملايين ..ملايين ضدي، أنا الزعيم "عباءة" أخاف أن أصبح بلا جرابات.. و أخاف من (الفلقة) حافي القدمين، و من ذلك الكابوس اللعين الذي ابتدأ بتنور يحرق البشر، و انتهى (بجراباتي) تقاوم الاحتراق.

تباً للفيسبوك (مالنا ) نحن و هذه الترهات و السخافات، شعب ( فاضي شغل ) يقعد كل يومه على الانترنت، و يريد أن نتشبه بالأجانب.. لم تعد سجوني تنفعني لا بد من قطع الكهرباء، وهذا على أغلب الظن الحل الوحيد الذي يضمن بقاء خيمتي.

الكلمة لها فعل السحر، و لها من الطاقة ما يبني التنور و يشعل فيه..هذا ما اكتشفته بعد كوابيس مريرة، و حساب (فيسبوكي) كنت أظنه سيقفر، لكنه عُمّر.
**********

لم يكن الشاب "مارك" مبدع "الفيسبوك" ليتنبأ بأن مشروعه الذي بدأ كموقع تواصل اجتماعي سيساهم في تغيير التاريخ، و ما من أحد توقع ذلك أيضاً، فالغالبية كانوا قد(نفضوا أيديهم) ، و أُصيبوا بالإحباط من جيل الشباب المُغيّب، لكن ما حدث في تونس، مصر، و مايحدث اليوم في غيرهما من البلاد غيّر مفهوم الناس عن الشباب و عن الفيسبوك.
و بالرغم من كون (الفيسبوك) استُخدم كأداة في ثورات كان( تَنّورها) يُبنى منذ زمن بعيد، إلا أنه كان حلقة هامة تصل القاطرة بالمقطورة و تؤمن لهما الوقود.
و مع أننا سمعنا الكثير من (الفتاوي) التي تُحلل و تهدر دم و تُحرّم، إلا أننا لم نكن من الحظ بمكان لنسمع (فتوى) شكر إلى ذلك الشاب الأمريكي الذي ظللنا لسنين نرجمه و مجتمعه بألقاب العيب و الحرام.

الكلمة لها فعل السحر، و لها من الطاقة ما يبني التنور و يشعل فيه، إذا أتت من القلب إلى القلب مترفعة عن الحقد، و بعيدة كل البعد عن كراهية المختلف..هذا ما كشفه الفيسبوك، و وثقته قناة الجزيرة.
**********

نحن المغتربون في جميع بقاع الأرض، و من جميع البلدان المسالمة الحنون، و من مختلف القوميات و الأديان و المعتقدات و الآراء.. يؤلمنا التعتيم الإعلامي في بلاد تضرب جذورها في عمق التاريخ كسنديان عتيق، يؤلمنا أننا نصطاد أخبار بلداننا من الفيسبوك بدلاً من أن نراها في إعلامنا.
سرتنا قناة الجزيرة لأنها كانت منبراً لصوت الأم الثكلى، و الشاب الذي شُلّ، كانت موجودة لتنقل إلينا أخبار حطب التنور الأخضر، و لتوّثق من الأمراض النفسيّة ما لم يخطر ببال.
(غنوا و ارقصوا و استعدوا) فنحن جاهزون يوماً لنكافح التزوير، و لنشهد بما وُثّق لنا على بركات الكرسي الذي أعمانا و العالم عن حقيقة مهلوسة.
نحن هنا في البعيد كلنا ألم مما شاهدناه في ليبيا، كلنا فخر باستمرار الثورة في مصر و تونس حتى لا تذهب دماء الشهداء هدراً.

نحن هنا في البعيد نشهد على يوم ربيعي آخر في سنة أخرى، في عمر لا يقترب من أي صفة نعرفها سوى أنّه " آخر"، نحمل في قلوبنا تراباً عزيزاً ننتمي إليه، و لا يغرينا سواه، منه صُنعنا، و رائحته في المطر تبقينا على قيد الأمل.



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كالفرق بين غادة عبد الرازق و نوال السعداوي
- ثورة خالد سعيد
- ب (تونس) بيك
- فضائيّة تحت (الطاقيّة)
- عن ماذا سأحدثك يا صغيرة؟!
- بين الإلحاد و (الكونغرس)
- ملوك اليمين
- كارما الكراهية
- أسرار جنسيّة: طفولة مسروقة
- يا عرب السك..ك، تعرّوا
- إني لأرى -ذيولا- قد أينعت ..
- مشجع ألماني عميل
- إرضاع الصراصير، ثم إرضاع الكبير
- ناقصات عقل
- لا أحد كامل إلا..الضفدع كامل
- لماذا يتزوج الرجال من (عاهرات) ؟!
- سرطان تعسفي
- أسرار جنسيّة: شرفكم وثنكم (2)
- أحبك أيّها الأمازيغي..
- نبيّة الحب أنا


المزيد.....




- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - على قيد الأمل...