أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - عن ماذا سأحدثك يا صغيرة؟!














المزيد.....

عن ماذا سأحدثك يا صغيرة؟!


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 3204 - 2010 / 12 / 3 - 09:08
المحور: الادب والفن
    


كانت نصيحتها لا تشبه نصائح النساء في بلادي..فلم تتعلق بشروط الإرضاع، و لا بمواصفات الحليب الجيد.. و لا هي صدّعت رأسي بمفردات ( حشريّة)..مثل ( غلط هيك، حرام عليك، لازم هيك).
و بما أنّي غير خبيرة في عالم الأطفال، فتحت أذنيّ جيدا لكلام جارتي صاحبة البشرة السوداء و القلب الأبيض، التي أهلّت فرحة تحمل الهدية الأولى التي حصلت عليها مولودتي الأولى.

- النصيحة الأهم التي أستطيع أن أقدمها لك.. هي أن لا تصمتي أبداً...

- تقصدين أحكي لها الحكايا، و أغني لها!

-لا.. أقصد حدثيّها.. احكي لها عن التاريخ، عن فنونكم، حضارتكم، عن أقاربها، عن مشاكلكم.. عن حياتكم... حدثيّها لماذا جئتم هنا...لقد حكيت لطفلتي قصة نضال العرق الأسود في أمريكا، و هي لا تزال رضيعة.. هناك أحداث يجب أن تُسقى مع الحليب.. و لا تظني أنها صغيرة، إن كل ما تتحدثين به سيحتل العقل الباطن ليرسم شخصية مميزة.

فكرت كثيراً بكلام "نيكول" بعد أن خرجت، خاصة و أنا أعرف طفلتها ذات السنوات الخمسة و الشخصية المميزة.. قلت في نفسي: يا ريت تصبح "ألمى" مثلها.
و ألمى هي طفلتي، و هي الروح في اللغة الإسبانية.. و هي روحي في لغة قلبي.
**********


عن ماذا سأحدثك يا صغيرة؟! و من أين أبدأ؟

في جعبتي تاريخ واسع.. فضفاض.. و ممزق.. أأحكيه لك كما قرأته؟ و هل سيسامحني عقلك الصغير على تلك القصص المُخجلة، و النهايات الداميّة؟
و هل ستفهمينني إذا حكيت لك التاريخ كما أراه.. إذا قلت لك أنّ التاريخ عندنا ك(الويسكي)..و الويسكي يا صغيرة سائل للشرب كالحليب، لكنه يُسكر و يُحرَّم و يُغش في الخفاء.

عويصة هي مفاهيم الويسكي يا صغيرة.. لن يكون من السهل عليك تخزينها في عقل باطن بنقاء الحليب.
**********


عن ماذا سأحدثك يا صغيرة؟!

هل للجغرافية البعيدة مكان في مخيلتك النضرة.. هل أخبرك عن أراض قريبة من جدك و جدتك قد لا تُدركي يوماً وجودا لها.
أم أنك قد ترحبي أكثر بفكرة تنازع الخير و الشر.. و لكن إذا ما تفلسفت أكثر و حدثتك بالتفصيل فما نسميه حروباً أهلية، قومية، و طائفيّة ..هل ستطلقين عليها حرب الأخيار أم حرب الأشرار؟!

معقدة هي الجغرافية، و مكروهة التفاصيل.. لن تتقبلها تلافيف عقلك البريئة التي لا تعلم شيئاً عن الحروب.. لا يوجد أحاديث هنا غير محرجة، و غير (غابيّة) لتسرد لصغيرة و لا حتى لكبيرة.
**********


عن ماذا سأحدثك يا صغيرة؟!

بما أنها أمور معقدة، و حيث أن القضايا الكبيرة أصبحت لا تُستخدم إلا للسخرية.. دعينا نبتعد عن المواضيع الكبيرة.. لأحدثك مثلاّ عن حياتنا البعيدة، عن جذورنا التي أخاف من أن تقتلعيها يوماّ، بينما تمنيت طوال عمري اقتلاعها...
نحن عشنا و نعيش الأفعال يابنتي.. كفعل التدافع، و لفعل التدافع أكياس من الحكايا..

نحن نتدافع أمام أبواب السفارات الأجنبية للحصول على تأشيرة دخول واحد..نتدافع أمام (السرفيس)، أمام المستشفيات، أمام فرن الخبز.. أأخبرك مثلاً أن عشرين رجلاً في أعمار جدك.-و قد يكون جدك أحدهم- قد سقطوا على الأرض و هم يلحقون برغيف مشاكس هارب.. هذا (كرتون) حياتنا يا طفلتي، تعلميه قبل أن تتعلمي الضحك.


أما عن فنوننا، فنحن نستورد الغناء مع أن العصافير في أوطاننا تتبل للشواء...
لا نعرف من الرقص إلا هزّ المؤخرات...
لا نجرؤ على اقتراف الأدب، مع أننا أساتذة في قلة الأدب.

نحن أبناء الحروب، و إن لم نجد مشكلة اختلقنا واحدة.. لا نجيد الفرح لأنه غالي الثمن، كل شيء عندنا يباع و يشترى.. و إن رخص الثمن.
الحب لدينا فرح هارب، و إن نجح في الفرار خارج حدودنا.. كُتبت له النجاة.

نحن شعوب نستورد كل شيء إلا فعل الخسارة..أجل نحن لا نستورد الهزيمة، بل نصنعها.
**********


عن ماذا سأحدثها يا "نيكول"؟!

و هل يحق لي أن أقارن بينك و بيني.. بين تاريخكم و تاريخنا.. بين حاضركم و حاضرنا..
يا عزيزتي ..أخبار المساء عندكم تحمل أنباء الغزال الذي أُُنقذ من حادث سير.. و القط الذي أُنقذ من الغرق، بينما تحمل أخبار الثامنة في أرضنا أنباء عن أطفال (لم) يُنقذوا من القتل.

مهما حَلُكَتْ قصصك ياجارتي فإنك تملكين نهايات سعيدة : ك "أوباما".. لكنني إذا ما أخبرت طفلتي حكاية ما.. سينتهي بها المطاف في مصح للأمراض النفسيّة.

اتركيني مع حكايا( سنو وايت) و (سندريلا)، و مع جميع النهايات السعيدة التي تضج بها حكايات الأطفال التي صُنعت في بلدان بعيدة بعيدة..عن أرضنا.. و عن أفعالنا.



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الإلحاد و (الكونغرس)
- ملوك اليمين
- كارما الكراهية
- أسرار جنسيّة: طفولة مسروقة
- يا عرب السك..ك، تعرّوا
- إني لأرى -ذيولا- قد أينعت ..
- مشجع ألماني عميل
- إرضاع الصراصير، ثم إرضاع الكبير
- ناقصات عقل
- لا أحد كامل إلا..الضفدع كامل
- لماذا يتزوج الرجال من (عاهرات) ؟!
- سرطان تعسفي
- أسرار جنسيّة: شرفكم وثنكم (2)
- أحبك أيّها الأمازيغي..
- نبيّة الحب أنا
- تعالوا لأخبركم عن العرب : (3)
- تعالوا لأخبركم عن العرب : (2)
- تعالوا لأخبركم عن العرب ...
- رجال أحببتهم (1)
- رسائل إلى الله


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - عن ماذا سأحدثك يا صغيرة؟!