أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - خارج سياق -مسجون-















المزيد.....

خارج سياق -مسجون-


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 3467 - 2011 / 8 / 25 - 09:52
المحور: الادب والفن
    


البداية:

لم يكن لقبعته السوداء فضل الانطباع الأول.. و لا لسترته الجلديّة أيضاً..
كما كانت نظرة عينيه الخبيثة بريئة تماماً من إحساسك الدفين بكون من أمامك (كادجيت) أو (شرلوك هولمز) زمانه، أو كما نقول بالسوري: (خطو حلو)...

"بهجت" الذي أودى بحرية أصدقائه قبل أعدائه كان موجوداً ليكتب التقارير ب "جزرة" الشاب ذو الشعر البرتقالي و الوجه المثلث، ليتحول هذا الأخير إلى وليمة عشاء لأرانب الأمن.

حدث هذا في البعيد، في بلاد يسكنها الخوف.. عندما كانت الكلمة – كما ما تزال- محسوبة عليك، و كان التفكير – مثلما هو الآن- محرماً إلا في الرياضيات.. البلاد هي ذات البلاد خلا أن الخوف قد رحل...

لم يعتقد "غسّان" الملقب ب "جزرة " أن يكون لحديثه الصباحي مع "بهجت" (ابن ضيعته) ذلك الأثر على حياته، و أن الخمس سنوات التي قضاها بعد ذلك في السجن- بتهمة إضعاف الشعور الوطني و القومي - كانت بسبب (طولة لسانه) أو (نور ضميره)...

المهم أن ما كان يُشاع عن "بهجت" دخل نطاق الحقيقة...

كان طيلة فترة سجنه يفكر في حديثه مع المحقق الوحيد الذي وجه إليه التهمة على وقع الضرب و الذل:

- موعاجبتك البلد هااااا.. أنت (علوي) و مو عاجبينك أسيادك يا (بغل).. بدك اسرائيل تجي تحكمك ؟!

- لا أنا حاربت بحرب تشرين ضد اسرائيل.. بس بدي بلدي تصير أحسن بلد.. ليش الضرب.. ليش الاعتراض حرام.. بعمرك سمعت مباراة كرة قدم فريق واحد بس.. و لا بحر مد بلا جزر.. و لا شتوية بلا صيف.. الحياة دائما تستند على كتف الاختلاف، مافي بلد بيتطور و لا بيتقدم إذا ما كان فيه عالم عم بتعترض...
- يا ( جحيش) تعالوا خدوا هالأجدب..إذا جامعي و عندك مكتبة (بتجلطني) يعني.. لك (حيوان ) أنا عربي ما بفهم لتحكيلي حكي تنظير وفلسفة.

كفين و (لبطة) ختم بهما الحوار (الحضاري) الذي أودى بخمس سنوات لاحقة، و بكل ما تبعها:

فعندما خرج " جزرة" كان قد أصبح (مشموساً).. زوجته التي طلبت الطلاق بعد عام واحد من سجنه، كانت قد غادرت البلاد كلها مع طفلين لم يعود لهما منه إلا اللقب..
أصدقاء كانوا يضجون في لياليه الصيفية في تلك المكتبة أيضاً ابتعدوا بخوفهم على مستقبلهم و على أطفالهم..
و( الضيعة)التي انتمى إليها كانت قد نبذته خوفاً ايضاً...

كان "جزرة" يمشي في شوارع اللاذقية بين برك المياه المتجمعة في تكتلات على الشارع في ليلة ماطرة.. عندما شاهد " بهجت" .. تسّمر في مكانه للحظات، ثم اقترب بهدوء خطوة فخطوة.. بركة مياه كبيرة وقفت بينهما.. وقف على حافتها.. قال في نفسه:( ضروري نكون في الشتاء.. كيف بدي اقطعها هي..)، ثم بدأ بالصراخ:

- عوايني.. عابد القرش.. حقير.. يا ناس اللي بيحب يشوف حدا قليل أصل ينزل ...
كان " بهجت" قد أدار ظهره و أسرع بالمسير بينما صوت " جزرة" يلاحقه كظل ثاني.. ظل برتقالي واضح:

- يا "عوايني" لو كنّا في الصيف لكنتَ تسببت في سجني مؤبد.. يلعن أخت الطبيعة ليش ما بتلعن أنفاس المعارضة الفصليّة!!
**********


المفصل:

كللت سياسة( التعذيب و الاعتقال ) الحلّ الأمني في مواجهة الثورة السورية بالفشل.. و تسببت في مزيد من الزخم للثورة، و مزيد من انقلاب الناس الموالين إلى الصمت، و الصامتين إلى النطق.

طبيبة زميلة لطالما تغنت بأمن سوريا و استقرارها.. و كانت ممن يقول بنظرية (كل مين عم يتظاهر هو حثالة و ابن شوارع) وقفت صامتة أمام اعتقال المثقفين و الفنانين، و الذين كانوا – لمحبة القدر- من كل الطوائف و القوميات.. يعني( تشكيلة سوريّة ) بترفع راس كل من غادر سوريا بحثاً عن التقدم العلمي و لقمة العيش...

قال لها صديقنا "علي" :
نحن جميعاً (ولاد شوارع) سوريا.. الله يخليك بلا تقسيمات جديدة.. حاجتنا عندنا كتير!
إذا استمرت سياسة الاعتقال و القمع سيصبح المستقبل خطيراً على (ولاد العز) و لسنا نضمن جميع هؤلاء (الحثالة) بما فيهم أنا شخصيّاً.. قد أستيقظ و أجد نفسي( آكل لحوم بشر)..الجور يعلم الفجور...
**********

خارج سياق:


(في الأول من شهر (أيلول) عام 1920 أعلن الجنرال الفرنسي "هنري غورو" تقسيم سوريا إلى أربع دول على أسس( مذهبيّة) هي دول: دمشق، حلب، اللاذقية، و جبل العرب، إضافة إلى (سنجق) خاص هو "لواء اسكندرون".. غير أن المظاهرات اندلعت في البلاد، و لعلّ أبرزها ثورة "صالح العلي"، و ثورة "ابراهيم هنانو".. بالإضافة إلى الاضراب العام في دمشق و الذي أدى إلى تشكيل (الاتحاد السوري)..).
هذا ماحدث في البعيد.. اليوم سوريا مقسمة مذهبياً و إذا لم يسعفنا التصميم ب "صالح علي" و " ابراهيم هنانو" سيتمكن الظلم و الاستبداد من إحداث كراهية تملأ الحدود، تقتل الوطن..و تجرم بحق أولاده...
سوريا الوطن الذي فتح أبوابه يوماً للعثمانيين ليرتاح من حكم مملوكي ظالم و فاسد، ثم فتح أبوابه للفرنسيين ليرتاح من حكم عثماني مستبد ..لن يكون وطننا الثائر في زمن العولمة إن لم يقرأ له أولاده تاريخه.. إن لم يقفوا معاً في وجه الاستبداد و الظلم، و في وجه التدخل الأجنبي أيضاً...

إن الحل الأمني الذي لجأ إليه النظام في سوريا لن يكون ذو أثر على تقسيم الوطن مذهبياً و تكريس الكراهيّة بين أبناء الشعب الواحد و حسب.. بل إنّه سيكون من الخطورة بأن يذهب بالبلاد كلها كلقمة سائغة لحروب أهليّة و حلّ يأتي على كتف (الحلفاء)..(كالمستجير من الرمضاء بالنار).
***********

خارج سياق آخر:

مرفوضان تماماً: الفكر الوهابي الذي يجرّم الآخر، و الفكر الأقلوي الذي يرتعب من أي آخر.. حيث أنّ الفكر( الوهابي) يقابله دوماً فكر (أقلويّ) يعاكسه بالاتجاه و يماثله في الكارثيّة.. الاثنان لا يصنعان وطناً)...
و ليس (الأقلوي)- كما يشاع – من ينتمي إلى أقليّة عدديّة، بل هو من يسكنه الخوف بسبب هذا الانتماء، و يعتقد مستنداً على معلومات مغلوطة، و ناقصة.. و تاريخ ( كتبه السياسيون ) أنّ هذه القلة العدديّة ستكون السبب في ظلمه و عَوزه...
و نذكر على سبيل المثال هنا " سلطان الأطرش" الذي انتمى إلى أقليّة عددية، لكنه قاد الثورة السوريّة الكبرى ضد الفرنسيين، و لم يملك "فكر أقلوي" مطلقاً مما جعله يرفض زعامة دولة في جبل العرب للدروز مقابل إيقافه للثورة..رافعاً شعار: (الدين لله و الوطن للجميع)..و تسبب هذا العظيم –و أمثاله- في تاريخ سوري مشرّف...
**********

ليست نهاية:

احترت بين شتى أنواع (الشتائم) و (السباب).. قررت أن أتعلم قاموساً منها لأرى كيف تمثل ملاذاً يفرغ فيه الحزن قبل الغضب جلّ محتواه...

أما ما لن أتعلمه فهو التصفيق.. لا أريد أن أصفق لأحد لا موالي و لا معارض.. و لن أصفق أيضاً لرؤساء الدول، ولا للقادة الذين تحتم مصالحهم السياسية و الشخصية أقوالاً و افعالاً محددة.
إن كانت الثورات ستحطم فكرة الصنم و التقديس فلتذهب بها إلى غير رجعة.. عندها سنكون جميعاً (ابراهيم) و سنحطم جميع أصنام الدنيا.. و نمنع التصفيق...
جميع من يرى في دماء السوريين حلاً لأزمة سنكسر صنمه معارضة كان أم من الأبواق.. جميع من يطلب إعادة التاريخ سنحرق صنمه..لا يد خارجية لتشوّه "سوريانا".

يبقى ذلك النوع من التصفيق الذي يجيده الأطفال.. يدهشون فيصفقون...

سنرتدي سنوات طفولتنا التي نسيناها و نحن نركض وراء الحياة، لنصفق للشعوب التي كسرت طوق الخوف حول أعناقها الحرة.. و أعادتنا إلى الحياة.

يتبع...



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خارج سياق -طائفي-
- خارج سياق -حليبي-
- خارج سياق مندّس
- خارج سياق منساق...
- بلاد - الباق باق-
- -براغش- القلم
- معادلة دينية
- سوريانا -زيت و زعتر-
- سوريانا -مغالطات منطقيّة-
- سوريانا-مطر صيفي-
- بالماء يا وطني
- على قيد الأمل...
- كالفرق بين غادة عبد الرازق و نوال السعداوي
- ثورة خالد سعيد
- ب (تونس) بيك
- فضائيّة تحت (الطاقيّة)
- عن ماذا سأحدثك يا صغيرة؟!
- بين الإلحاد و (الكونغرس)
- ملوك اليمين
- كارما الكراهية


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - خارج سياق -مسجون-