أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - خارج سياق -روحي-















المزيد.....

خارج سياق -روحي-


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 3509 - 2011 / 10 / 7 - 13:19
المحور: الادب والفن
    


البداية:

قبض على النقود بكل أصابعه، ثم دسها بسرعة في جيبه المثقوب، لم يكن قد نسي الثقب الأسود الذي قسم جيب السروال العجوز، لكنه كان خائفاً من أن يراه أحد.

أما (الراشي) فقد أدار ظهره و هو يصيح:
- مية ليرة إكرامية.. و الله أنا (منتوف أكتر منك)...

لم تعد تفرق، أكان شريفاً أم مرتشياً.. هناك في البيت سبعة أفواه جائعة، و أربعة عشر يد مطالبة.. جميعها لأحبة و أطفال.. و الركب الذي يسير بالوطن خارج النافذة لا يعرف الجائعين.

هذا هو "سحبان" يطلّ من أول الحارة، يحمل أكياس الخضار و الخبز، منذ سنوات و هو يراقب ظهره ينحني رويداً رويداً، و العروق الزرقاء في قدميه تتعرج و تلتوي كما مزاجه، و تفاصيل معاملات عمله.

فتح الباب اليوم على أصوات بكاء، و صراخ.. احترقت "شفاء"...

و في المستشفى كان لمنظر "سحبان" وقع آخر، وقع يئن بالألم، فطفلته التي احترقت بالحليب المغلي، كانت حاضرة في عينيه الباكيتين:

- يعني دكتورة بتعيش...

- لا تخاف الآن وضعها أفضل، ستحتاج (طعوم جلدية)...

- هذا غضب من الله عليّ.. أنا السبب.. (بس مو عدل.. و الله مو عدل يا حكيمة) ..من يرتشي مية ليرة.. يمسكها و يسمى (حرامي).. لكن من يرتشي ملايين .. فهو يمسك بورقة و يسمى (سيّد)...
**********


المفصل:


لم يكن خبر ضرب الفنان "علي فرزات" و تكسير يديه يحمل أول التكهنات بمستقبل حالك للوطن، سبقه تهديد للكثيرين من أصحاب الفكرة، الذين لا يملكون سوى أقلامهم.

كذلك حكت المعتقلات -التي ضمت كل من تجرأ على الاعتراض أو النقد- عن التهم المضحكة المبكية بدءاًمن إضعاف الروح القوميّة إلى محاكمة مثقفين (من الأقليّات) بتهمة نشر الطائفية..و كانت هي الأخرى (عرّافة) تخبرنا أن خافوا..
خافوا فالتاريخ و الأدب، و حتى الجدّات حكوا لنا كيف استبيحت الأوطان باستباحة مثقفيها، و كيف فجر الظلم كل سلبيات المجتمعات، فدمرها.
**********


خارج سياق:

يقول "ابن رشد" بأنّ الروح منقسمة إلى قسمين:
الأول شخصي يتعلق بالشخص، و الثاني فيه من الألهية ما فيه.

أريد أن أرجعكم بالذاكرة قليلاً- فالطفولة لم تبتعد بعد- إلى لحظة كنتم تركضون فيها في زقاق أو حقل طفولتكم، تضحكون و أنتم تحتفظون بنصر صغير، ربما هو كعكة، أوفوزفي سباق مع صديق.. لا أعرف، لكنني متأكدة من أنكم تذكرون أنفسكم في عمر الطفولة، عندما كان الوطن أمكم، مستحيل بيعه، و ليس ملكاً لأحد، حتى لوكان هذا الأحد أباً أو أخاً...
وطن أمٌّ: لكم و ليس لكم، هو سبب وجودكم، و هو الوحيد على هذا الكوكب الذي يبكيكم إن بكيتم...

وقتها كانت روحكم بمعظمها -ربما- إلهية أما القسم الشخصي فكان يصنع الأسئلة:

ما كان سؤال طفولتكم الأهم ؟
من أين أتيت؟ من هو الله ؟ لماذا يتقاتل الكبار؟ ..

كنت و مازلت أسأل نفسي: لماذا لا تملك الروح قابلية الانقسام في كيانات (روحعضويّة)..و منح كل عضو من الجسد الاستقلال التام، ليصبح (برلمان الجسد) يعني ولايات متحدة بشريّة..
كيان ل اللسان، كيان ل اليدين، و آخر للعقل.. و هكذا...

يعني عوضاً عن اعتقالك لكلمة قلتها.. يحبسوا (لسانك)...
و بصراحة ستكون أنت المستفيد الحقيقي، فلن يقترب من عقلك أحد، لأنه غير معترف به، فبما أنك تعترض و تخرج عن القطيع فأنت (إمّا أهبل.. أو تحب الظهور).. و في كلتا الحالتين المطلوب هو لسانك.
**********


خارج سياق آخر:


جمالها لم يكن نعمة عليها، و لا هي رأت من منافعه شيئاً، بل لعلّه كان جزءاً من المشكلة التي طوتها كصورة قديمة في بيت من الاكتئاب.

و "هند" التي سمحت لطفولتي أن (تستعير) حليّها و أحذيتها.. كانت يومها حريصة ألا أمسك بأي من الأغراض التي أحضرتها استعداداً للاحتفال...

- لا تخبري أحداً يا "رندلى" .. أنا (رايحة ع حفلة يوم الجمعة).. حبيبي من مكان بعيد بعيد مهما حاولت معهم لن يقترب.

- لا خالتو مارح خبر حدا.. بس قليلي وين المكان...

- في تقسيمات لا أريدك أن تعرفيها.

مضيت يومها إلى بيتنا، مع سر "هند" عرّابتي الكبيرة، و نمت على صهيل حلم جميل بحفلة للهنديّة الرؤومة.. فيها حصانان و أميران اثنان.. واحد سيقبلني، و الثاني هو حبيب "هند".

"هند" التي خرجت و لم تعد إلى ذلك البيت،بل قُتلت على بابه بيد أخيها، ذهبت بحلمي الطفولي لتحلّ بدلاً عنه أسئلة، و أحلاماً بها أحيا.

فالتقسيمات التي عرفتها فيما بعد جيداً، و كرهتها.. التقسيمات الطائفية التي أمقتها، و أستسخف كلّ من يؤمن بها، جعلت لي حلماً كبيراً.. بيوم لا تعصب فيه، و لا استبداد.

يوم هارب من المدينة الفاضلة، أو من رحم وعي جمعيّ لشعب ثائر.. فالثورة ليست ثورة ما لم تنسف الاستبداد و القمع، و تواكب العصر الذي جمع السند و الهند في شاشة رقميّة، و جمع اليمين و اليسار على (الفيسبوك).
**********


حوار مندّس:


- بالعودة إلى الحل الأمني الذي تتخبط فيه الأنظمة القمعية في سوريا و اليمن، و بتكرار السيناريوهات الحاصلة بشكل يدعو للدهشة، يلحّ التساؤل من يتعلم من من ؟! و من سيدفع الثمن؟!

- شو قولك أنت حبيبي.. و لا تنظير بالمخفي، و صمت بالواقع !

- يعني مين سامعني لأقترح!

- أنا عم بسمعك تفضل (رمادي) أفندي...

-بما أنه من المستحيل إدخال وسائل الإعلام إلى سوريا، فالحل الأمني سيستمر، و بالتالي الانقسام المجتمعي سيزداد و يتعمق، الانقسام ليس مذهبي فقط، بل انقسام مصالحي بالدرجة الأولى.. و كما تعلم عندما تختلف العائلة يصبح الغريب حلال مشاكل..وهذه نقطة خوف كبيرة اليوم..

أما اليمن فقد قطعت تسعين في المائة من الطريق، لكن الخوف من أن الغريب هنا سيأتي به النظام اليمني نفسه كصفقة أخيرة.

- حكيك وارد.. بس الثورات مستمرة.. و اسمعلي هالنبوءة لقلك .. الشعوب دوماً تنتصر في النهاية.. ما علينا سمعت "ستيف جوبز" مدير شركة( آبل )مات...غيّر العالم هذا الرجل، بتعرف أنو أبوه سوري..

- و دخلك شو كان طلع منو و من أبوه لو ما سافر...

- يسلملي الرمادي شو واقعي.. طيب بتعرف إنو عاش و تعلم بفضل العائلة الأمريكية اللي تبنيتو...

- دخيلك أحسن من فقر و تخلف سلالتو..

- طيب (رمادي أفندي)بتعرف إنو كان "بوذي"..

- و دخلك هي التفاحة رمز الشركة إلها علاقة بالبوذية!

-لا على حد علمي بعد ما نزلتنا من الجنة.. ما عملت شي ...
**********



ليست نهاية:


الأحلام لا تموت .. لأن الأرواح هي التي تحلم، فعندما يفنى الجسد تحلق روحه عالياً و حسب ما كانت أحلامها يكون جسدها الجديد...

و نحن نحتاج من الأحلام ما يكفل استمرارنا على قيد الحريّة، فإذا كان البشر كلهم سواسيّة، فما يميزهم عن بعضهم هو حتماً أحلامهم.

شتان ما بين من يحلم برغيف خبز، و بين من يحلم بعرش...
فرق هائل بين الحلم بكرامة و ووطن نسكن فيه و يسكن فينا، و بين وطن يُسلب و يُنهب و يرحل أولاده يمّ الشرق و الغرب.
وطننا أمنا: لنا و ليس لنا، هو سبب وجودنا، و هو الوحيد على هذا الكوكب الذي يبكينا و نحن اليوم نبكيه...



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خارج سياق -مسجون-
- خارج سياق -طائفي-
- خارج سياق -حليبي-
- خارج سياق مندّس
- خارج سياق منساق...
- بلاد - الباق باق-
- -براغش- القلم
- معادلة دينية
- سوريانا -زيت و زعتر-
- سوريانا -مغالطات منطقيّة-
- سوريانا-مطر صيفي-
- بالماء يا وطني
- على قيد الأمل...
- كالفرق بين غادة عبد الرازق و نوال السعداوي
- ثورة خالد سعيد
- ب (تونس) بيك
- فضائيّة تحت (الطاقيّة)
- عن ماذا سأحدثك يا صغيرة؟!
- بين الإلحاد و (الكونغرس)
- ملوك اليمين


المزيد.....




- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - خارج سياق -روحي-