أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - علي السوريّ -الحب في زمن الثورة-















المزيد.....

علي السوريّ -الحب في زمن الثورة-


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 3617 - 2012 / 1 / 24 - 10:32
المحور: الادب والفن
    


سفينة صغيرة.. في محيط كبير

ابتلعها حوت جائع

ضاعت السفينة..

على الشاطئ وقفت انتظرها

ضفائري رصينة

و في جعبتي رسائل أحبة لم يبحروا

ينتظرون أن يصغر المحيط، أو تكبر السفينة..

أفكها ضفائري.. علها بلونها تشير للطريق

فترجع السفينة، أو ننقذ الغريق

كفروني..يا لكفر من يخالف اللحى

هربت من هناك، في حوزتي الرسائل

تمائم للحوت

و استصرخوا غريبا لينقذ السفينة

لا الغريب جاء

و لا الله يصنع العمائم



كتبت و نمت.. و الأحلام التي رأيتها كانت أكثر من أن أذكرها، فاستيقظت نشيطة و متفائلة، لن أعمل طوال هذا الشهر، قدمي المكسورة كفيلة بكل هذا الكسل، و بأيام أقضيها مع الكتابة، و مع ذكريات الحب القديم، و مع أحاديث”سنية” خفيفة الظل التي اقتحمت حياتي من خلال العالم الافتراضي.



سنية المصرية، صديقتي (الفيسبوكية) العتيدة أكاد أقول أنها صديقتي الأقرب، أعرفها منذ عامين، واكبت نظراتها الأولى لشاب وسيم جداً، و إعجابها الثاني برجل متزوج، ثم هلّلتُ لزواجها من أحد أبطال الثورة المصريّة أو سيد الرجال كما تسميه.



صديقتي هذه لم تكن يوماً بعاشقة، كان الحزن يسكنها، و التشاؤم ينط من أحاديثها كأرنب سبقته سلحفاة العمر، فمع كونها في الثلاثين غاب عن وجهها رونق الشباب، و ألقه.

و ماذا تفعل طبيبة في “مصر” تعمل في مستشفى حكومي.. ليس لديها عيادة، تصرف على ستة أخوة، تعليمهم..أكلهم.. مرضهم.. لباسهم..تحس بالذل قبل الفقر، و تلجأ إلى العالم الافتراضي لتحلم...

بدأ حديثها بالتغير مع بداية الثورة التونسيّة، ضحكت على تفاؤلها في وقتها.. قلت لها نحن شعوب خانعة.



فأجابتني:لا توجد شعوب خانعة، يوجد أدباء فاشلون...

أحسست وقتها بالإهانة فمع أن رواياتي لا تتجاوز الخمس، لكن لمن يكتب أناه الإلهاميّة المغرورة، و أناي ظلت على قلقلتها إلى أن نجحت ثورة “تونس”.. أحسست أنها كانت على حق، كما غمرني شعور دافئ بالفخر، و ربما كانت تلك المرة الأولى في حياتي التي افتخرت فيها بشعوب أحمل مورثاتها، و الأنا الكتابية عندي تواضعت إلى تحت المجهر شأنها شأن كل كبيرة و صغيرة في زمن تحطيم الأصنام.



مع بداية الثورة المصريّة فتحت “سنية” قلبها بطريقة ملفتة.. قلت لها: هل هذا وقت الحب يا غريبة الأطوار؟!



فقالت: الثورة و الحب لا ينفصلان.



تذكرت هذا الحديث ..فتحت (الفيس بوك) و كتبت:

( نثور لأننا نريد أن نحب، نريد أن يكون للحب معنى غير ملطخ بالخوف من الفقر، من الذل، من ضياع الحلم.. نثور لأننا نحلم، و من لا يحلم .. لا يثور، و لا يحب.. و نثور لأننا سئمنا من كوننا أبناء دول تصدّر العقول.. لأن قلبنا ذاب من استيراد الذكريات.. لأننا نحتاج أن يكون لنا وطن لا نهجره في شتاء القمع و الظلم.. سئمنا عصفوريتنا (المسالمة) المهاجرة.. وعصفوريتنا (العقلية) التي حبسوا كلمتنا بها.. نريد مصنعا للأعشاش.. مع اكتفاء ذاتي.).



أغلقت جهاز الكمبيوتر و في مخيلتي “كمال” الأسمر الجذاب حبيبي الذي سلمته قلبي، فأورثني حزناً سياسي اللحن..“كمال” كان يجلب الحظ” فمنذ تركته كشرّت المصائب عن أضراسها المسوسة: من ضياع محفظتي في مطار “نيويورك” من شهر،إلى كسر قدمي و أنا أفتح الباب للسوري الذي وجد المحفظة منذ يومين.

**********




لست أدري لم يتأنق هذا” السوري” هكذا عندما يزورني، كسرت رجلي بسببه، و مازال يطلّ بابتسامة بريئة، و باقة ورد بيضاء، أية ثقة تلك التي تعصف بأناك يا “علي السوري”.. و الغريب أنه يملك من الصديقات ما لا يعد في يوم و لا في يومين، و هو حريص على أن يعرفني عليهن جميعاً.. و جميعهن جميلات، بل فاتنات، و ليس من مجال لمقارنتي معهم.. كان هذا ما يدور في مخيلتي، و أنا أنط نطاً لأفتح الباب ل”علي” (صاحب الواجب) الذي وجد محفظتي و خدمني بإعادتها، ثم تسبب في كسري لقدمي، و يخدمني كل يوم بسبب إحساسه بالذنب



-حاسك مو مبسوطة بشوفتي.. و ابتسم

-لا أبداً.. أهلا و سهلا

-أحضرت لك حليب بنكهة (الفريز).. قلت أنك لا تحبين طعم الحليب، و هو ضروري لشفاء الكسر.. كسر قاعدة المشط الخامس بسيط، لكنه يحتاج إلى عناية

-شكرا “علي”.. مشي حال (الفيسبوك)، صرت منيح فيه؟!

-هذا ما كنت اود أن أطلبه منك .. أريدك أن تدليني على الصفحات السوريّة الثائرة..

ضحكت ثم قلت له:

-لماذا .. هل تريد أن تُسقط النظام

-لا أريد أن أسقط الاستبداد

-ما الفرق

-شاسع.. أريد أن أحطم صنم الكرسي، و صنم الطائفيّة، و صنم التعصب الديني.. عندنا من الأصنام ما لا يختزل بشخص، و لا يختصر بنظام

-عليه فانت تحتاج صفحة لوحدك.. مهمتك شبه مستحيلة

-مع أنو واضح كونك تسخرين مني..لكن تساعديني في كتابة بضعة سطور، لست جيداً في التأليف، و أنت معلمة

-شكرا.. بس ما فهمت بدك إني أكتبلك

-أجل تكتبين ما سأحكيه لك، ثم تحرريه ك (نوت) و تضعينه على حائطي الفيسبوكي..باسمي.

ابتسمت:

-يعني سرقة أدبية، لكن تأخذ أذني..يعني سرقة مدروسة

ضحك:

-لا.. تستطيعين أن تكتبين كل ما حصل لاحقاً

-كيف يعني

يعني تحررين ما سأحكيه لك، و ثم تكتبين كل ما حدث كرواية و تسميها “سرقة ادبية”.. موافقة؟

فكرت قليلاً .. شهر عطلة، ثورات ربيعية.. الموضوع مغر.. بقي عنصر واحد ناقص هو الشجاعة، لكنني لم أقل له سوى: بالانكليزي ديل..و بالعربي اتفقنا

**********



بعد أن اعتقلوا عمي لأنه كاتب يساري بصق في صحن النظام، و خرج عن عرف القبيلة، أصبحت أنا رب المنزل كنت في الثانية عشرة..
صمت "علي" قليلاً، ثم قال:
-بتسمحي إني اقعد على جنب، و احكيلك على (الشات) يعني كتابة ع الفيسبوك ..باخد راحتي أكثر

وددت لو أرد:

تستطيع أن تحدثني من بيتك.. (لشو) كترة الغلبة لكن، لكنني هززت برأسي موافقة.



و جلسنا كل منا في طرف للبيت، فتحنا كل منا(الفيسبوك) و بدأ “علي” بالكتابة:



-أنا علوي.. قد تستغربين لم أعرف عن نفسي كذلك..

نظرت إلى طرف الصالة إلى الكرسي الخشبي المتأرجح، لكن علي كان غارقاً تماماً في عالمه الافتراضي، و كأنه يحدث أنثى أخرى غيري في النصف الآخر من العالم، فكتبت:



-لا أعتقد بالطوائف، و لا أظنها ظريفة للتعريف عن النفس...



-يا سلام يا “دكتورة” من أولها ..الظروف حتمت علينا نحن العلويون الثائرون أن نعرّف عن أنفسنا بالطائفة، الكثيرون نسوا أن الاستبداد لا طائفة له، أن النظام الفاسد في سوريا أخطبوط يضم مسؤولين (بلهموطية) من جميع الطوائف و ينتمون جميعا لطائفة (ذنب الكلب ) الأعوج و الذي سيبقى أعوج.. أنت لست من أقلية، و علمانيتك تجعلك تستغربين كلامي.. لكنني سوري أولا و أخيرا، هذا ما أريد إيصاله.. الناس وصلوا المريخ و نحنا قاعدين نصنف الناس حسب طوائفهم.. هذا يجب أن يسقط، و أول خطوة في إسقاطه.. الخوض فيه و الحديث عنه.. سريّة الطوائف هي ما يجعلها عرضة للقال و القيل، كما هي أصنام الأحاديث التي نسبت للأنبياء، و التي لا يقبلها العقل، الله و العقل لا يختلفان.. (مو معي حق)



كتبت:

-ربما..معك حق.. آسفة على التسرع في إطلاق الأحكام



و وصل الرد فوراً:

-يا لتهذيبك يا “علمانية”.. سأكمل:


-عملت في الخليج ثلاث سنوات، ما من معيل لأسرتي سواي..والدي استشهد في حرب تشرين، تركنا أربع بنات، و أنا مع أمي و جدتي العمياء..عشت معنى الرجولة و المسؤولية من المرحلة الابتدائية، و داسني الاستبداد السياسي و الاجتماعي بكل تفاصيله، داستني سرقة لقمتنا، داستني قلة حيلتنا..ذل الفقر، و ذل اليتم، و ذل الذل..

في السعودية داسني الاستبداد الديني، داستني جماعة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.. أحسست بحريتي تختنق، وبأن علاقتي بالله تخضع لمراقبة، كما لو كانت علاقة عامة..عملت ليل نهار إلى يوم أشرق فيه حظي، تم قبولي في فرع الشركة هنا في أمريكا..هل

تعلمين يا دكتورة..سمعت تنهيدة علي: ثم كتب:



المستبد تبوّل في عتمة الليل على خبز الجياع..

و من يعتقدون نفسهم (بعد أو قبل الله) مضوا يتبولون على كل من خالف ( مثنى وثلاث و رباع)..الديمقراطية أن اتركونا نبول (وقتما) نشاء..هي ليست ديمقراطية أن تبول (حيثما )تشاء.



لم تمنحني الحياة فرصة لأكون رجل (فيسبوك، كل حياتي قضيتها في العمل و الكد من أجل أخوتي و أهلي)..
شكراً لك.
أحلم بيوم لا أهان فيه في بلد آخر لأحصل على لقمة عائلتي بينما بلادي تنهب و شعبها يضيع بين إما (الرشاوي) و السرقة،أو الهجرة و الفرار.

نظرت إلى السوري الجالس في طرف الصالة، وأحسست نفسي أراه للمرة الأولى.

يتبع...

من رواية "علي السوري" قيد النشر



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي السوريّ -سأصلي بالبكيني-
- علي السوري -مقدمة-
- الأقليّات تأكل التفاحة
- خارج سياق -روحي-
- خارج سياق -مسجون-
- خارج سياق -طائفي-
- خارج سياق -حليبي-
- خارج سياق مندّس
- خارج سياق منساق...
- بلاد - الباق باق-
- -براغش- القلم
- معادلة دينية
- سوريانا -زيت و زعتر-
- سوريانا -مغالطات منطقيّة-
- سوريانا-مطر صيفي-
- بالماء يا وطني
- على قيد الأمل...
- كالفرق بين غادة عبد الرازق و نوال السعداوي
- ثورة خالد سعيد
- ب (تونس) بيك


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - علي السوريّ -الحب في زمن الثورة-