أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - الأقليّات تأكل التفاحة














المزيد.....

الأقليّات تأكل التفاحة


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 3557 - 2011 / 11 / 25 - 12:05
المحور: الادب والفن
    


"يا شعوب مات الملك عاش الملك.. كش جميع الملوك و عاش الوطن".


كانت "عادة" و العادة جزء من الطبع، و الطبع دوماً غلاب لا يغلبه سوى الخوف، ربما لذلك يلجأ الكبار إلى تخويف الأطفال، و ترهيبهم إذا ما أرادوا أن يردعوهم عن عمل ما، و هذا ما فعلته عائلتي في البعيد.

نهاية الثمانينيات، مغادرين "سوريا" إلى الجزائر، محملين بحسن الحظ (الزماني) الذي أنقذنا من أن نكون من ضحايا التمرد المسلح للإخوان المسلمين، و بحسن الحظ (المكاني) الذي جعل من مدينتنا بعيدة عن القصف الجوي لمدينة "حماة"...
كنت في العاشرة، أكرر من دون معرفة قسم جدتي (الأميّة): و حياة الأمام علي..

عندما هدر صوت "عمتي" في أذني: لا تجيبي سيرة الإمام علي في الجزائر..لا تستخدمي هذا القسم .. و الله بيدبحوك.

سألتها: كيف سيذبحوني.. أين ريشي؟

و خفت، و في تلك الليلة- قبل سفرنا بليلتين- كنت أنا الدجاجة و كانت أحلامي كلها أعراس ذبح و نتف و سلق..

و فيما أذكره أنّ الجملة (السر) الأولى التي همست بها لصديقتي الجزائرية "مريم" :

(في واحد اسمو " علي" نحن نكرهه جداً)...

"مريم" -كما أنا - لم تعرف من هو هذا "العلي" المقصود، و لم تعلم -كما أنا- أنّ تاريخنا العربي الحافل بالقال و القيل لا يصلح لحكايا جدات بنهاية سعيدة، كما هو في الحقيقة مستخدم جداً لاستمرارية رفض الآخر.

و " مريم" بأهلها و حارتها، بجيرانها و أحبتها كانت استمرارية لجميع من تركتهم في وطني، يحملون اسماً لطائفة أخرى.

قلت ل " مريم" بعد عام : أنا كذبت عليك.. "علي" صديق أهلي و نحن لا نكرهه، مع أني (ما شفتوا و لا مرة).
و أجابتني: هو حتماً رجل طيب، لأن أهلك ناس طيبين.

و كبرت كما نكبر جميعاً، ضاعفت عمري الهموم، و أثقلت تجاعيدي الصدمات.. شاهدت الأشخاص على ( دجاجيتهم) و قرفت من ( بقبقتهم) و من رائحة القن...
أدركت و قتها أن الدجاج لا يطير و أنني لن أطير طالما لبست الريش، حتى لو نصبوا لحراستي بطل أبطال الديوك.
**********



البرد يعضّ عظام قدميّ النحيلتين، بينما أنا أحتضن أفكاري و أهرب مهاجرة، أبحث عن سماء تتسع للجميع.

العانس أنا و المتمردة، أفرّ من عريس تقليدي لأنثى لا تقليديّة.

حريتك هي كرامتك التي إن ماتت تهلك، و أنا مستميتة في الدفاع عن كرامتي.

أذكر أنني قررت أن أختلف يوم استخدمت عقلي في جميع المتاهات التي حظر على نساء كثيرات مجرد تخيّل وجودها.. زواج بلا حب هو عهر، و هو زنى مقنع بورقة.

لست دجاجة، و لن أكون.
**********


أذكر أنني كنت في غرفة العمليات الجراحية الجلديّة عندما قامت رئيسة التمريض بإدخال مريض مدعوم (من ضيعتها) قبل الجميع.. و هذا ما يحدث في المستشفى غالباً( مافي دور ).. و كان بين المرضى المنتظرين في الخارج مريض -عرفت فيما بعد أنه فلسطيني- يبكي ابنته التي أكل الطفح الجلدي جسمها النحيل.. قال لي و قتها: و الله يا دكتورة صرلي من الخمسة الصبح على باب المشفى.

أدخلته عندها لإجراء الخزعة لطفلته، و طلبت من ال...مريض (المدعوم) الانتظار فيما أنتهي.. (و عينكم ما تشوف إلا الخير) أخذت محاضرة في الطب مرفقة في كل سطر مع جملة : مابتعرفي مين أنا!

المهم خرج المدعو...م (بصعوبة) .. و بقيت رئيسة التمريض عاماً كاملاً بعد تلك اللحظة تشيع عني أني فلسطينية متعصبة !.. إلى أن جاء يوم (نحس) و لا أعرف من أخبرها أنني من نفس (ضيعتها).


الهويّة لا تحدد الانتماء، بل الانتماء يحدد الهويّة...
**********



حر شديد في هذا السجن، أنا اليوم عدوة الحريّة الأولى التي نطقت بدعوى جديدة ألا و هي (استخدام العقل(

العميلة أنا و المرتدة، أسجن من قبل وطني المستقر، والذي زعزعت جاحدة مثلي استقراره.

مع الزمن يصبح للمسمى تكرار تقليدي يطرده من نطاق التفكير، و مع أن التعميم يقتل الأفكار، لكن العادات و الموّرثات لم تعد أفكارا، فهي ما عادت تدخل العقل و لا تطرق بابه.

أية قضيّة اجتماعية أو دينية أو سياسية..تثير جدلا قتّالا، و تخلق كراهية و حروبا هي قضية تحمل من المورثات و المسلمات ما لا يمكن مطلقا الدفاع عنه تحت اسم ( الفكرة(
**********


عندما بدأت الثورة من "درعا"، كان يمكن للحل أن يكون بسيطاً، كان يمكن أن نوفر على " سوريا" دم أولادها الغالي، لكن الاستبداد و القمع الذي كان ( الطبع) غلب التطبع الديمقراطي و هكذا دخلت البلاد في حمام دم لن ينتهي دون أن يترك لكل نصيبه في الألم، فقد الأحبة، و طعنات القلب.


هي ثورة باستمرارها، بزخمها، بشعبيتها، و الأقليات التي أكلت(تفاحة) كذب النظام، و خافت من أخوتها في الوطن، و من جيرانها في الطفولة و الشباب.. أُُخرجت من ( جنة) الثورة، لكنها لم و لن و (لا يجوز) أن تخرج من الوطن.

الشعب السوري الذي قاوم وسيلة "فرق تسد" لتسعة أشهر تقربياً سيحتوي بعظمته محدوديّة التفكير عند البعض، و سيقضي بمحبته و عظمته على التعصب الديني الذي أزكاه القمع، و رواه الظلم، والكرة اليوم في ملعب الأقليات التي (لم تبلع التفاحة)، هي التي ستقرر كيف ستكون سوريا الجديدة، و هي التي تستطيع بوقوفها جنباً إلى جنب مع الأكثرية أن تُهمش دور التكفيريين، و تحتوي التعصب الديني الذي طفا مؤخراً على السطح.

الشهداء جميعهم أهلنا.. زمر دمهم التي روت تراب الوطن لم تنطق علوي، سني، مسيحي و كردي و...

زمر دمهم تنطق بلعننا نحن البائسون.. نتصارع حول تسميّة الأشياء دون أن نتوقع رصاصة في القلب.

مع أن النبوءة التي ألفتها، و كرهت إلحاحها بأنّ الدم السوري الحرام -الذي يراق منذ أشهر - سيدور بكؤوسه على جميع العائلات.. و سيضطر كل من عاش في (الخسة) أن يقوم بواجب العزاء.. لكنني أحيا بالأمل.

ألمنا مستمر منذ ثمانية أشهر، و أملنا أيضاً.



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خارج سياق -روحي-
- خارج سياق -مسجون-
- خارج سياق -طائفي-
- خارج سياق -حليبي-
- خارج سياق مندّس
- خارج سياق منساق...
- بلاد - الباق باق-
- -براغش- القلم
- معادلة دينية
- سوريانا -زيت و زعتر-
- سوريانا -مغالطات منطقيّة-
- سوريانا-مطر صيفي-
- بالماء يا وطني
- على قيد الأمل...
- كالفرق بين غادة عبد الرازق و نوال السعداوي
- ثورة خالد سعيد
- ب (تونس) بيك
- فضائيّة تحت (الطاقيّة)
- عن ماذا سأحدثك يا صغيرة؟!
- بين الإلحاد و (الكونغرس)


المزيد.....




- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - الأقليّات تأكل التفاحة