مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 3658 - 2012 / 3 / 5 - 19:48
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ألبرت ملتز
من كتاب الحجج ضد الأناركية و معها
ترجمة مازن كم الماز
ما الذي يشكل المجتمع السلطوي ؟
الاستغلال – الخداع – القمع . تتألف أجهزة القمع من أسلحة متعددة للدولة :
جهاز الحكومة : التشريع , القضاء , الملكية ( النظام الملكي ) , الخدمة المدنية , القوات المسلحة , الشرطة , الخ
جهاز الإقناع : نظام التعليم , الإعلام , بما في ذلك التلفزيون , الراديو و الصحافة , الكنيسة , و كل أشكال المعارضة الظاهرية التي تدفعنا في الواقع للقبول بالنظام القائم – المعارضة البرلمانية هي أكثرها وضوحا , لكن أيضا هناك الكثير من البدائل الأخرى للنظام القائم , مثلا الثورة التي تقدم على أنها ثورة فقط في نمط الحياة أو الذوق الموسيقي , التعليم الأكاديمي للماركسية اللينينية الخ
جهاز الاستغلال : النظام المالي , الهيمنة النقدية , البنوك , سوق الأسهم , أرباب العمل الفرديون , الجماعيون و الدولتيون ( نسبة للدولة ) , ملكية الأرض . في ظل الراسمالية لا يوجد أي مهرب من هذا الجهاز .
يريد معظم المصلحين السياسيين الاحتفاظ بجزء ما من النظام غير الحر الذين يريدون إلغاءه . سيلغي الجمهوريون النظام الملكي , يريد العلمانيون إلغاء أو عزل الكنيسة , يريد الاشتراكيون ( أو أنهم اعتادوا أن يريدوا ) إلغاء جهاز الاستغلال , يريد أنصار السلام إلغاء الجيش . الأناركية متفردة في أنها تريد إلغاء كل ذلك سوية . التعريف الحقيقي الوحيد للأناركي هو الشخص الذي يعتقد بأنه من المطلوب ( المرغوب ) إلغائها جميعا , و من يعتقد أنه من الممكن إلغائها جميعا , و أنه كلما كان ذلك أقرب كلما كان أفضل , و هو أيضا الذي يعمل لإنجاز هذا الإلغاء .
هناك الكثيرون , عادة من اليسار , يعتقدون أن هذا مطلوب ( مرغوب ) لكنه غير ممكن , و هناك الكثيرون من اليمين يعتقدون أن هذا ممكن جدا لكنه غير مطلوب . هناك آخرون قد يتعاطفون مع الأناركية بأنها مطلوبة و ممكنة لكنهم يمتنعون عن العمل في اتجاهها . و نستعير هنا تعبير من الطرف الآخر من الغابة , هؤلاء قد يكونون فقط أنصار مؤقتين ( زملاء سفر أو طريق ) للأناركية .
الشرطة هي حجر الزاوية في الدولة ( رغم أنه في حالات استثنائية تحتاج الحكومات الراهنة إلى استخدام القوى المسلحة عوضا أو إلى جانب الشرطة – أدى هذا في بعض البلدان إلى استبدال الحكومة بالجيش أو خضوعها لسيطرته طالما بقي الضباط يمتلكون السيطرة الصارمة ) .
فقط الأناركية تؤمن بإلغاء الشرطة , و هذا هو أكثر النقاشات ( الاعتراضات ) سخونة عن الأناركية . مع ذلك فإن قوى البوليس أو الشرطة هي ظاهرة حديثة نسبيا , و قد واجهت مقاومة شديدة عند ظهورها لأسباب ثبت منذ ذلك اليوم أنها صحيحة جدا , مثل قدرة البوليس أو الشرطة على فرض أو دعم ديكتاتورية ما المعروفة بالفعل على أنها دولة بوليسية . من دون سيطرة الشرطة ستصبح النقاشات في ويستمنستر ( مقر الحكومة البريطانية ) خالية من اية نتائج مثل النقاشات في جمعية نقاش ويست كينسينغتون ( و ربما أقل إثارة ) .
هل يمكننا أن نعيش من دون الدولة ؟
يبدو أنه مقبول عامة أنه يمكننا أن نعيش من دون أجهزة معينة في الدولة : لكن هل يمكننا أن نعيش من دونها جميعها ؟ بعضها في الحقيقة عديم الفائدة , بعضها الآخر مجرد ديكور , و لبعضها أهدف غير ممكنة التحقيق , و بعضها ضروري لحكم طبقة ما , لكن بعضها قد يكون مفيدا و تقوم بوظائف ضرورية لأي مجتمع .
لا يمكن لأحدها أن يقوم بعمل الأخرى . إذا لم يكن عند الملك جيشا فلا يمكنه عندها أن يحميك من الغزو الخارجي أكثر مما يمكن للشرطة أن تدخلك إلى الجنة إذا لم تكن هناك كنيسة ! لكن أي تحديد للسلوك قائم على المنطق السليم سيكون أفضل بكثير من ركام القوانين التي نملكها اليوم , التي تشغل كلا من المحامين و السياسيين , حيث يقوم الأولون بتفسير الرغبات الظاهرة للأخيرين .
صحيح أنه يمكن للحكومة أن تقوم أحيانا بوظائف اجتماعية ضرورية معينة , كما لأي جهاز من أجهزة الدولة مهما كان قمعيا . لم تكن السكك الحديدية تدار دائما من قبل الدولة بل كانت مملوكة للرأسماليين , و يمكن بنفس الشكل أن تكون مملوكة للعمال في مجتمع المستقبل . سيكون من الغبي القول بأنه إذا كانت المناجم مملوكة من قبل الدولة فهذا يثبت أن الدولة ضرورية أو أننا لن نجد أي فحم من دونها . يعطى الجيش غالبا وظائف ضرورية اجتماعيا مثل الإغاثة في حالة الطوفان أو الزلازل , و يستخدم أحيانا كقوة عاملة احتياطية , كما في الإضرابات , و يستخدم أحيانا كقوة شرطة . هذا لأن الدولة لا تريد انهيار المجتمع الذي يساندها .
حتى الشرطة تقوم أحيانا ببعض الوظائف الضرورية – يذهب المرء إلى قسم الشرطة ليستعيد كلبه المفقود ببساطة لأنه تصادف وجودهم هناك و بالتالي تولوا القيام بهذه المهمة . لا ينتج عن هذا أننا لن نتمكن من استعادة كلابنا المفقودة إذا لم تكن هناك شرطة , و أنه علينا أن نتحمل الضربات على رؤوسنا في أوقات الاضطراب الاجتماعي كيلا تفقد السيدات المسنات كلابهن . لأغراض تتعلق بالتأمين يبلغ كل أصحاب السيارات المفقودة او المسروقة في أقسام الشرطة , لكن هذا لا يعني أن قوة الشرطة لا يمكن الاستغناء عنها .
تماما كما يمكن لشركات التأمين أن تجد طريقة ما كيلا تدفع مقابل مزاعم مزيفة . إذا لم تكن هناك قوة شرطة , فسيقوم المجتمع بوظيفتها و سيحمي نفسه . لسوء الحظ فقد أدى وجود قوة شرطة عندنا إلى تراجع ( ضمور ) قدرة المجتمع على الدفاع عن نفسه . فقد الناس كل معنى للتنظيم و السلطة المجتمعية . و أصبح من الممكن تخويفهم فقط بسبب عبث بعض الفتية مهما كانوا صغارا . ردة الفعل الوحيدة في هذه الحالة ستكون الركض نحو الشرطة , بينما لا يمكن للشرطة أن تفعل شيئا في الأغلب .
كانت هناك خرافة قديمة أن الكنيسة إذا قامت بطرد بلد منها فإنه سيصاب بكارثة مريعة . لا يمكن للمرء أن يتزوج , يدفن , أن يترك إرثا , و أن يمارس العمل بشكل آمن , أن يتعلم , أن يحصل على العطف إذا مرض , في بلد جرى طرده من الكنيسة . إذا طرد بلد من مجموعة المؤمنين , ستغلق المستشفيات ( التي تديرها الكنيسة ) , لن تبقى هناك أية ثقة بالأعمال ( يشرف رجال الدين على أداء القسم و من دونهم لن يلتزم أحد بأي قسم ) , لا تعليم ( إنهم يديرون المدارس ) , طبعا سيبقى من الممكن إنجاب الأطفال ( لا يمكن للكنيسة منع ذلك بأية طريقة ! ) لكن لا يمكن تعميدهم , و لذلك سيبقون خارج مجموعة المؤمنين و سيكونون تحت خطر اللعنة الأبدية كما اعتقدوا , بينما لا يمكن للآباء غير المتزوجين أن يتركوا إرثهم لأولادهم "غير الشرعيين" . لم تكن هناك ضرورة للوجود الحقيقي للجحيم لجعل الطرد من الكنيسة مؤثرا . نحن أكثر حكمة اليوم . لكن جرى استبدال خرافة بأخرى . لقد تحولت الخرافة إلى الاعتقاد بالدولة . لو أننا رفضنا الحكومة فلن يكون هناك تعليم ( لأن الحكومة , وطنية أو محلية , تسيطر على المدارس – مع استثناءات معروفة ) , ولا مستشفيات ( لنفس السبب ) , لا يمكن لأحد ان يعمل لأن الحكومة تنظم ممارسة الأعمال , و ما إلى ذلك . الحقيقة أنه في كل الأوقات لم تكن الكنيسة و لا الدولة بل نحن البشر من عمل للحصول على كل شيء نملكه اليوم , و لو أننا لم نعمل لما تمكنت الكنيسة و لا الدولة من توفيرها لنا . حتى المحظوظين أصحاب الامتيازات جرى الحفاظ على امتيازاتهم بواسطتنا فقط .
نقلا عن http://theanarchistlibrary.org/print/Albert_Meltzer__Anarchism__Arguments_for_and_against.html
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟