مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 3559 - 2011 / 11 / 27 - 23:03
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
- لا أعتقد أن الوصف الصحيح لما أحاول أن أفعله هنا هو أن أدافع عن عليا , هذا غير صحيح و غير ممكن , بينما يسرح قتلة الشباب المصري و السوري و اليمني و يتمتعون بما نهبوه منهم و بينما تمتلئ كتب "التاريخ" بأمثال هؤلاء أيضا على أنهم "أبطال" أو أوصاف من هذا القبيل , فإن عليا بكل تأكيد لا تحتاج لأي دفاع , على من يبحثون عن مجرمين بحق أنفسهم و بحق البشرية عليهم أن يفعلوا ذلك بعيدا عنها , بعيدا جدا
- أحاول أيضا أن ألتقط بدقة رسالة عليا , لا يحق لأحد أن يشوه ما أرادت أن تقوله , هل هو عمل يائس , محبط , أم عمل يدل على الحس المرهف , صحيح أن شخص واحد لا يمكنه أن يقوم بثورة , لكن يمكنه أن يجبرنا على أن نقف أمام المرآة كي نرى حقيقتنا , ما فعلته عليا هو أنها عرتنا تماما من أقنعتنا , عرتنا كأطفال أمام أنفسنا , وحدها العيون العمياء لا يمكنها اليوم أن ترى
- لم أكن قادرا من قبل على تخيل القبح و البذاءة و الإسفاف الذي قد يبلغه أشخاص يدعون أنهم "مؤمنون" , "أخلاقيون" , الخ و يتهمون غيرهم بالقبح و البذاءة , على الرغم من كل شيء , كانت صدمتي كبيرة في أن أسمعهم يرددون تلك البذاءات بهذه الحماسة دون أن يشعروا بأنفسهم , هل هو انفجار ارتكاسي انعكاسي لكل مخزون القمع تجاه الذات و الجسد و إنكار الأنا و التماهي بالأنا الأعلى للجلاد تجاوز قدرة الوعي "الرسمي" عند هؤلاء على كبح كل ما في ذلك المخزون القمعي الذي انفجر فجأة من بذاءة و إسفاف تناقض الوصفة الأخلاقية التي يدعي ذلك الوعي و تلك الأنا الأعلى المتحكمة به أنه "متفوق" على الآخرين و يملك الحق بمحاسبتهم و قمعهم بسببها , لقد كشف جسد عليا كم أن هذا الوعي و أناه العليا منحطة أخلاقيا , منحطة في كل ما يخص الإنسان , الفظيع اعتبار ذلك القبح الاستثنائي في فحشه و بذاءته دليلا و برهانا على "أخلاقهم" و "انعدام أخلاق" عليا , هل هناك أخلاق أكثر فجورا من هذا , كلمة لكل من تلذذ بأن يظهر قبحه الداخلي في مواجهة عليا , بقدر ما أكره عبوديتكم , لا يمكنني إلا أن أعشق الإنسان فيكم , أرجوكم لا تقتلوا هذا الإنسان داخلكم و داخل أي شخص آخر
- ما زلت أحاول أن أفهم كيف يعطي أي إنسان لنفسه الحق في إهانة إنسان آخر بهذه السفالة و الوضاعة , لنفهم القضية يجب القول أولا أن كل من أهان عليا كان يتقمص في تلك اللحظة أحط الأشخاص في تاريخ البشرية , الحجاج , قراقوش , "قضاة" محاكم التفتيش , كل محاكم التفتيش على امتداد التاريخ الإنساني , و سائر الجلادين و القتلة , لأنه في مجموعة البشر الأحرار و المتساوين لا يهين الإنسان أخاه الإنسان , في مجموعة البشر الأحرار و المتساوين الجميع يعامل كل شخص آخر على أنه إنسان ند له , حر مثله و يساويه , كرامة كل إنسان و حريته في مجموعة البشر الأحرار و المتساوين هي من كرامة و حرية أي إنسان آخر في هذه المجموعة , و الجميع , الجميع دون أي استثناء , هو و بشكل طوعي تحت سيف النقد الحر العقلاني للآخر أيا يكن هذا الآخر , هذا كما أزعم هو تعريف مجموعة البشر الأحرار و المتساوين , من أهان عليا كان يهين إنسانيته أولا , من أهان عليا كان يتلذذ بعبوديته و يهين و يسخر من كرامته و حريته و كينونته هو كإنسان , كان يفعل ذلك كعبد لقوة يتماهى في هذه الحالة بساديتها المعادية له كما لكل إنسان
- لنفهم القضية بشكل أفضل إليكم هذا المثال - لنفترض أنني عضو في مجموعة من 100 إنسان , و أن واحدا من أفراد هذه المجموعة قال لل 98 الآخرين أن يشتموني أو حتى أن يقتلوني لأني لم ألتزم برأي ذلك الشخص أو عارضته حتى , أي لأني أشكل كما يقول ذلك الفرد "خطرا" على المجموعة ككل , تصوروا هذه التفاهة – أن أكون خطرا على ال 99 الباقين , لكن لنكون منصفين , فإن ثورتي و تمردي و رفضي لآراء ذلك الفرد الذي يتحكم بالمجموعة خطر حقيقي على هيمنته على أفرادها , لا أفهم أية أخلاق تلك التي تحتاج لتغطي وجه المرأة أو جسدها طول الوقت و أي "أخلاقيون" أولئك الذين ينسون أخلاقهم عند أول وجه امرأة يرونه "و فوق هذا يسمحون بتنصيب أنفسهم قضاة على غيرهم لأنهم أخلاقيون لهذه الدرجة" , و أي إيمان هذا الذي لا يصمد أمام خصلة من شعر امرأة , و أي إله أو جحيم يتوعد به البشر لا يكفي لردع المؤمنين به من غواية جسد عار يتمايل أمامهم , و أية جنة يستحقها هؤلاء المؤمنين إذا كانوا أصلا يساقون بالعصا ليؤمنوا و يصلوا و يصوموا , طبعا ليس من دون مقابل "فعليهم أن يطعموا الأنبياء و القديسين و رجال الدين و السلاطين و الطغاة و الرأسماليين أو الإقطاعيين أو ملاك العبيد الذين اختارهم إلههم ليأكلوا ما ينتجه هؤلاء المؤمنين في هذه الحياة الدنيا الفانية في مقابل أن يقوم إله هؤلاء الأنبياء و القديسين بإطعامهم بعد أن يموتوا" , يذكرني هذا بالتهمة الأكثر تفضيلا لنظام بشار الأسد , "إضعاف الروح الوطنية" , أي وطن هذا و أي روح وطنية تلك التي يكفي لإضعافها أن يقول شخص أو عدة أشخاص أنه يشعر و كأنه يعيش في الجحيم و ليس في وطنه بينما "الملايين" تهتف في الساحات بحياة الديكتاتور حتى لو كان ذلك يعني موتها و جوعها و عريها , مثل هذا الوطن هو بكل تأكيد , الذي هو في الواقع وطن ذلك الديكتاتور و جنته بينما هو جحيم كل ضحايا ذلك الديكتاتور , لا يستحق في المقام الأول أن يسموه وطنهم إلا على سبيل الهراء , المحامية التي تقدمت بشكوى ضد عليا قالت أنها تزدري الأديان لأنها لا تؤمن بالحياة بعد الموت , أي إيمان هذا الذي يمكن فرضه على البشر بقرار من المحكمة , مثل ذلك تماما ما يسمى ب "التحريض على الفسق" , "التحريض على الزندقة" , أي أخلاق و أي إيمان ذاك الذي لا يستطيع أن يحتمل سماع أي نقد مهما كان تافها أو جديا , أي إله ذلك الذي يشبه طاغية مجرم كبشار الأسد , تلك الأخلاق هي أخلاق العبيد , ذلك الإيمان ليس إلا "إيماننا" بأننا عبيد ,
- ننتقل الآن إلى النقطة الثانية المهمة جدا التي يكرهنا لأجلها ذلك الفرد الذي يتحكم بال 98 % من مجموع البشر الذين نعيش بينهم , أسأل كل من تقمص شخصية قضاة محاكم التفتيش و نصب نفسه قاضيا على علياء , هل أنت مستعد لتدين و ترفض و تناضل ضد القتل من أي طرف مورس و أيا تكن الجهة التي تأمر به , هل أنت جاهز لترفض القهر , القمع , الظلم , الاغتصاب , السرقة , الاستغلال , أيا يكن من مارسها و يمارسها , أيا كان من يبررها , الجواب بسيط جدا للأسف , فأخلاق العبيد التي "تدين" ما فعلته علياء و التي تفرض علينا من خلال تدريب و تقديس يومي لا تتناقض أبدا مع القتل و الظلم و الاغتصاب و الاستغلال ما دام وقع على "بشر" مثلنا , هذه الأخلاق ليست أكثر من تدريب على الخنوع , لكن من يحاول أن يبرر الاستغلال و القهر و الظلم و الإكراه ضد أي إنسان فإنه في الواقع يبرر ممارسة كل ذلك عليه هو شخصيا , إن هذا الاستسلام و الخنوع الصامت المفروض بسياط رجال الدين و الشرطة و البلطجية و الشبيحة هو في الواقع صك عبوديتنا و انتهاك حريتنا و إنسانيتنا قبل أن يكون انتهاكا لحرية و إنسانية تلك القلة المتمردة على ال 1 % التي تملك كل شيء حولنا و تحكمنا و تفرض علينا بماذا نؤمن و تفرض علينا أن نقتلع أية وسوسات قد تراودنا للحرية , للتفكير بحرية أو حتى محاولة أن نفهم و نرى ما يحدث لنا و حقيقة ما يقوله هؤلاء , هذه الأخلاق ليست فقط تدريبا مستمرا على ألا نعامل الآخرين كبشر , بل أيضا تدريب ناجح غالبا للأسف لأن نتنازل عن إنسانيتنا , من أهان علياء فقد أهان إنسانيته , من دعا "لمعاقبة" علياء فإنه في الواقع يقتل إنسانيته , من ينكر على الآخرين حريتهم إما أن يكون ديكتاتورا أو بلطحي لديكتاتور أو عبدا خانعا لذلك الديكتاتور , من ينكر على الآخرين حريتهم , أقصد من العبيد , فإنه ينكر و ينفي حريته هو و حتى أمله بأن يعيش حرا ذات يوم , لنفهم أكثر حياة البشر في مجموعة من البشر الأحرار و المتساوين يمكن أن نأخذ النبي محمد كمثال هنا , عندما "ثار" الشارع المسلم "مدافعا" عن النبي محمد لم يفعل ذلك لأنه إنسان , أو لأنه أحد أفراد البشرية التي يفترض أنها تتشكل من عدد لا نهاية له من بشر أحرار و متساوين , لم يفعلوا ذلك لأن كرامته قد انتهكت كإنسان , بل فعلوا ذلك لأنه فوق البشر الآخرين , لأنه "مقدس" , لأنه "مقدسهم" الذي فتحوا عيونهم و تدربوا على تقديسه , و كذلك أيضا فعل من أراد أن يهين محمد يومها , لنفس السبب تماما , لأنه ليس "مقدسه" بالولادة و بالإرث , لا يستطيع أحد حتى اليوم , من بيننا , أن يناقش محمد من وجهة نظر إنسانية بحتة , هل أمر أو مارس هو شخصيا القتل , الإكراه , السرقة , الاغتصاب , الخ , ضد بشر آخرين , "مسلمين" أو غير مسلمين , الأمر الذي كان يفترض , لو كنا جماعة من البشر الأحرار و المتساوين , أن نفعله في حالة علياء أيضا , البعض رد قائلا , لماذا لا تأمروا "نساءكم" , زوجاتكم و بناتكم و أمهاتكم بالتعري أيضا تضامنا مع عليا , "نساءكم" , لا يمكن للمرأة أن توجد وفق هذا الرأي أو المنطق إلا كتابع , يخضع لغيره , كشيء مملوك لغيره , و هنا من المؤكد أن المالك "المنطقي" و "سليم العقل" لا يقبل أن يشاركه آخر في ما يملك , ذلك الجسد "ملك" و "حق" له وحده , لا يستطيع صاحب هذا الرأي أن يرى شكلا و معنى آخر للعلاقة بين البشر إلا الخضوع , و التبعية , علاقة سيد – عبد , لكن المرأة كما الرجل في مجموعة البشر الأحرار و المتساوين هي وحدها من تملك جسدها , أذكر هنا ذلك القول المأثور عن عمر بن الخطاب الذي استفزني لدرجة أنني أصبحت أعتبره شعاري في حياتي , و أرجو أن يبقى كذلك حتى مماتي , "متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" , لكن عمر بن الخطاب هذا هو نفسه الذي بينما كان "يتفقد" أحوال "رعيته" ذات ليلة سمع امرأة تنشد راغبة إما ببعض الخمر أو بحبيبها الوسيم , كان رد عمر بن الخطاب يومها "لا و الله و عمر حي" , ليقرر بعدها نفي حبيب تلك المرأة بعيدا , السؤال الذي يطرح نفسه هنا – من هو عمر ليقرر مصير حب هذين العاشقين , و أي معنى لما قاله أولا إذن , كم أود أن أؤذن في الناس – متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرار , لكن ليس على طريقة عمر بن الخطاب بالتأكيد
- لكننا مع ذلك حيوانات سيرك رائعة حقا , بعد أن كان صاحب السيرك يستخدم مخالبنا كي نقتل بعضنا بعضا و نريق دماء بعضنا البعض و لو حتى ليضحك هو فقط على مشهد اقتتالنا و موتنا الكوميدي بالنسبة له , ها نحن اليوم و قد استخدمنا تلك المخالب أخيرا لندافع عن أنفسنا ضده , لنريق دمه هو , ها هو ذا يقف حائرا يترنح من الجروح التي ألحقناها به , و يستغيث حتى بمهرجي هذا السيرك لكي يدافع عن نفسه و ربما لكي يعيدنا إلى داخل تلك الأقفاص البائسة , لكننا مع ذلك ما زلنا خائفين من السوط الذي يحمله , و ما زال خيالنا لا يمكنه تصور عالم حقيقي خارج تلك القضبان التي ولدنا و عشنا داخلها , مع ذلك هناك اليوم فرصة حقيقية لكي نحطم قيودنا , و نحطم تلك القضبان , و إلى الأبد بالفعل , هنا تساعدنا جرأة عليا و شجاعتها , علينا أن نطيح بكل تلك القيود , التي تكبلنا , تكبل عقولنا و أجسادنا و أرواحنا , لا يمكن للأسف الاحتفاظ ببعض منها , مهما كانت ,
- أنا شخصيا ذهبت إلى المرآة و نظرت فيها , لم يعجبني جسدي العاري كي أكون صريحا معكم لكني لم أعد أكرهه , أشعر براحة غريبة لأني في هذا العمر اكتشفت جسدي حقا , صدقوني لا ضير من النظر في المرآة , الناس الذين يريدون أن يعرفوا أنفسهم حقا , دون عقد أو تابوهات , ليس أمامهم إلا أن يفعلوا ذلك , شكرا عليا على هذه الفرصة لنفتح عيوننا أخيرا , إن الحقيقة هي مثل الجسد العاري , هذا الجسد العاري هو حقيقتنا , و لا يمكننا أبدا أن نهرب من هذه الحقيقة
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟