منال الشريف، وسياسة التزييف

سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 3376 - 2011 / 5 / 25 - 19:33
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    

قادت المرأة الحمار ، والحصان والجمل ، قياده ركوب وليس مجرد سحب، وكان الركوب في فجر الإسلام بعصر الرسول .. وكانت القيادة أما للمساعدة بتقديم الطعام والماء للمسلمين ، أو مشاركتهم الحروب بالفروسية .. أو إيصال الرسائل والأخبار .. وصحراء الجزيرة العربية في فجر الإسلام هي كما هي في عصر الجاهلية.. واسعة وأغلبها خالي، يكثر فيها قطاع الطرق.. والاعتداء على النساء .. وفى الصيف يتصاعد فيها الحر حتى يشبه أتون جهنم.. غير برودة الصحراء المرعبة في الشتاء .. وكان السفر من مكان لمكان يستغرق أياما .. ولا يوجد في التاريخ الذي وصلنا، وكذا السير، أي شيء عن تحليل أو تحريم.. ولا حتى دعوة عن جلوس المرأة في البيت .. أو منعها من ركوب الحصان والحمار ، رغم أن الصعوبة التي يجدنها في الصحراء ، تعجز عشرات رجال في زمنا الجميل زمن الدعاوى والتحليل والتحريم والتكفير والاضطهاد .. !!
وكان السبب أن الإسلام دين المساواة بين الرجل والمرأة .. ومن الغريب أن ذلك كان يمارس فعلا في عصر الرسول ، ممارسة فعلية دون كلام كثير ، ولا زعيق من فوق المنابر .!!
وطالما ان الإسلام دين مساواة ، فعلى السلطات التي تمنع وتقمع أن تقدم لنا تفسيرا بأسباب المنع والقمع .. وهل منع المرأة من قيادة السيارة .. أو قمعها في البيت هو تنزيل بوحي أو بأحاديث الرسول أو بأحكام الخلفاء الراشدين ..أم هي فتاوى ومواقف حكام وفئات معينة في المجتمع لأجل مصالح ؟؟

وإذا كان تبرير منع المرأة من قيادة السيارة ، هو لحمايتها من المعاكسات التي تمتهن الكرامة ، فهل ينسحب هذا المنع على قيادة الطائرة .. أو سفينة فضاء ؟
وإذا كان التبرير فعلا هو حمايتهن من الامتهان ، أليس القرار يعود في ذلك للمرأة ؟ لماذا يضع بعض الناس حكما عليها ويتخذون القرار نيابة عنها ؟
إلا يكشف لنا هذا حالة الركود والتخلف الذي نعيش فيها .. ومن الغريب ان التعاون الأستراتيجى بين الأنظمة العربية ، ليس في الاتفاق على خطط للتقدم
على صعيد العلوم والتكنولوجيا ، أو الاتفاق على قضايا سياسية أو اتخاذ موقف مشترك ضد إسرائيل، فتلك القضايا كلها يتسم موقفهم فيها بالعجز والخلاف ..!!
لكنهم يتفقون جميعا على قهر شعوبهم والفئات الأضعف في المجتمع المتمثلة في المرأة .. وتستهدف الأنظمة العربية من هذا القهر ، عمليه فصل بين الرجل والمرأة ، بترك الرجل في المعترك وحده، وبذا عليه ان يخوض وحده معركة الحرية والتقدم .
ثم أن مناقشة قضايا المرأة من منظور ديني، هو أخفاء متعمد ومداراة لأوضاع اجتماعية ، وسياسية في المجتمعات العربية، فالفقر مثلا ليس مرجعة دين الإسلام، بل هو نتاج تخلف وقهر وظلم واضح .. لكن يتم تناوله من منظور ديني بالقول أن ذلك هو قدركم .. فإذا رد الفقير بأن بطونكم ستنفجر من التخمة يتم الرد عليه : بأن ذلك هو قدرنا ..
وعلينا أن نرد إذا كان ذلك قدرنا فلماذا الثورات الحادثة في العالم العربي ، ولماذا تم الاعتراف بها من جانب تلك الأنظمة التي تعلن ليل نهار : بأن الفقر والقهر والتخلف قدرنا والثورة علي كل ذلك كفر بحكم الله ؟؟
والأمر غير المفهوم أن تلك الأنظمة تؤمن فعلا بوجود الله ، نرى ذلك في صلواتهم وتسابيحهم وحجهم لبيت الله الحرام ،لكنها تسمح لنفسها بالعبث بحياة الناس، وتعريض وظائفهم، وسمعتهم، وحياتهم، وحياة أسرهم للخطر .. وهو منافي لأحكام الدين .
ومن المؤسف أن بعض النساء يشاركن في العملية ، بذلك التهاون حول حقوقهم
وكان ينبغي أن يسألن أنفسهن : لماذا تعلمن ؟ لماذا خرجن للعمل ؟
هل ليتم وضعهن في النهاية خلف أستار حديدية أو قبو بلا هواء نقى ؟
أن هذا الوضع المزري من الجمود والعجز، يعتبر أهانه للمسلمين. وهو ما يفسر هذا الحديث الكثير عن منال , فيما تكتفي الأنظمة العربية بمراقبة ما يجري وعدم القيام بأي شيء. فالتظاهرات في الصحف والإعلام ليست مجرد تأييد لمنال كشخص , بل هي أيضا احتجاجات على حال الشلل الناجمة عن التخلف والجمود
وهذا المقال نوع من احتجاج واتخاذ موقف، ومحاولة للتفاهم مع العقل الإنساني المحترم الذي يبيح أشياء لنفسه ، ويمنعها عن الآخرين .

#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات