|
هل المطالب الكردية عالية السقف ؟
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3152 - 2010 / 10 / 12 - 09:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الخطاب السياسي مُرتَفع النبرة ، الذي يطغى على المَشهد في مركز الموصل والجزء الذي تُديرهُ " قائمة الحدباء " من محافظة نينوى ، وكذلك نواب " قائمة العراقية " من العرب وبعض التركمان في كركوك ، هذا الخطاب المُتشنج ، يُعيد الى الأذهان ، نفس الأفكار والطروحات القومية العربية التي كان ينادي بها حزب البعث المُنحل وسلطة الحكم الديكتاتوري السابق . ولعل هؤلاء إستفادوا من " هامش الحرية " والتعبير عن الرأي الذي وَفرهُ التغيير بعد 2003 ، والتسامح المشبوه من قبل الامريكان تجاه العناصر البعثية السابقة والتساهل مع منتسبي الاجهزة القمعية الصدامية . فتعالوا نتناقش ... هذه الذهنية المتخلفة العوجاء ، التي تتقبل ان تكون هنالك " دول" مجهرية عربية قائمة على أساس العشيرة والأفخاذ القبلية وعقلية الصحراء الجدباء ، مثل قَطَر والبحرين والكويت والامارات وجزر القمر ، ولا تتقبل " فكرة " ان يكون هنالك كيانٌ كردي ! . تتعايش مع واقع التشرذم العربي المُخزي في الخليج رغم الأصل الواحد والدين الواحد واللغة الواحدة والجغرافية الواحدة ، وتتعنتْ ضد ان يكون لشعبٍ " مُختلف " في كثير من الامور الاساسية ، دولة مستقلة . هذه الإزدواجية ليستْ حكراً على تجمع " عراقيون " او " الحدباء " او كل البعثيين السابقين واللاحقين ، بل ان دويلة مثل قَطر تثير الضجيج حول ( عروبة ) العراق والتحذير من ظهور " إسرائيل " ثانية متمثلة ب كردستان ! . وكأن المواثيق التي وقعتْ عليها كافة البلدان العربية حول " حق الشعوب في تقرير مصيرها ، حبرٌ على ورق " ، وكأن قطر لا تُقيم أحسن العلاقات مع إسرائيل . تتحدث عن نقص السيادة في العراق ، وكأن قاعدة "السيلية" الامريكية ليست هناك منذ مدة طويلة . دويلات الخليج التي لم يتوانى شيوخها عن قتل وعزل والإنقلاب على آبائهم وتملأ فضائحهم عواصم العالم ، هؤلاء يتحدثون عن الأخلاق والقِيَم ! . عجبي من " القادة " و " الزعماء " العراقيين الذين يهرعون الى الرؤساء والملوك والامراء العرب . هل يذهبون حقاً لِتَلقي المشورة والنُصح ؟ هل حسني مُبارك المُنتهي المفعول جديرٌ ان يُزار ويُطلب منهُ التدخل لحل المشكلة العراقية ؟ هل هذا الرئيس الذي دّمرَ مصر الكبيرة والعريقة والمكروه مِنْ قِبَل شعبهِ والذي حّول مصر من دولةٍ مركزية مهمة ، الى دولةٍ هامشية ، يستحق ان يُسْتَشار في الشأن العراقي ؟ هل هذا المتشبث بالسُلطة العاجز عن حلِ اي من المشاكل المصرية المستعصية والضخمة ، مُؤهلٌ ان يحل مشاكل العراق ؟ . أم ان " حَمَد " المتآمر على أبيهِ ، والمتواطؤ في إذكاء كل الخلافات في المنطقة ، هل مثل هذا يُؤتَمن على العراق ؟ دويلة قطر القاعدة الامريكية التي تُنافس القواعد الاخرى في مملكة آل سعود ، هذه الدويلة التي تستقبل بالأحضان وفداً إسرائيلياً بعدَ آخر ، كل يوم ، وتنهق قناتها " قناة الجزيرة " بالدعوة الى [ المُقاومة ] ! ، فتتباكى على غزة الجريحة في نفس اللحظة التي تُقيم فيه حفل كوكتيل في الدوحة لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى ، وتصرخ مؤيِدةً لل " المقاومة العراقية " التي تذبح الشعب العراقي كل ساعة ، في الوقت الذي يجتمع حمد مع زعيم كتلة سياسية عراقية . هذا الحَمَد الذي يقود دويلةً أصغر حجماً من اقليم كردستان وأقل نفوساً من مدينةٍ كردستانية واحدة ، ويُديرها عملياً الأغراب من جنوب شرق آسيا والغرب ... هذا المشبوه يُريد ان يُنصب نفسه مدافعاً عن الامة العربية ، بوجه الطموحات الكردية المشروعة . أو ربما يجوز ل " بشار الاسد " أن يقمع أي صوتٍ مُعارض في بلدهِ ويملأ بهم السجون ، ويستضيف أعتى مُجرمي العهد المقبور ، وتُحاك على أرضهِ المؤامرات على العراق الجديد ، ويُنكَر على كرد سوريا حق المواطنة ، وفي نفس الوقت تصبح دمشق محطةً لمختلف الساسة العراقيين الحاليين ، لكي يجدوا حلاً لمشاكل العراق ؟ أليسَتْ نكتة سمجة ، ان تتشدق سوريا ب " العروبة " و " تحرير فلسطين " ، و " المقاومة " ، في حين انها لا تذكر [ الجولان ] إلا في المناسبات والخُطب ؟ وتعيث فساداً في لبنان والعراق ؟ كما حّررَ صدام فلسطين بإحتلاله الكويت ، فان سوريا إسترجعتْ الجولان بتدخلها في لبنان والعراق ! . أي خيرٍ يترجاهُ سياسيونا من الدورالسوري في إستتباب الامن وإستقرار الاوضاع ؟ لماذا تؤيد سوريا وإعلامها الرسمي ، حق شعوبٍ في افريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا واوربا الشرقية ، حقها في تقرير المصير ، ولا ترضى ان يكون للشعب الكردي حقهُ في تقرير مصيرهِ ؟ يقول بعثيو الموصل وكركوك ، القُدامى والجُدد ، ان سقف المطالب الكردية عالٍ كثيراً . بينما يشعر المواطن الكردي العادي ، عكس ذلك . أليس من حق الكرد ان يتوجسوا من التوجهات الشوفينية العنصرية التي يُروجها اسامة النجيفي والتيار الذي يقودهُ ؟ ألا يدعو الى القلق عدم التفهم " العربي " للمطامح الكردية المشروعة ؟ هل تناسى الساسة العراقيون ، ان اهم اسباب معاناة العراق من شحة المياه ، هو السياسة المائية العدائية التركية تجاه العراق ، والسدود العديدة والضخمة التي أقامتها دون مراعاة حقوق الجار ؟ وهل يصدقون بسذاجة ان العلاقات القديمة والوثيقة بين تركيا واسرائيل ، ستتراجع من اجل فلسطين ؟ فلسطين التي تخلى عنها اصحابها أنفسهم وأقامت أهم الدول العربية العلاقات الدبلوماسية معها ؟ هل زيارات طارق الهاشمي المتكررة الى تركيا ، وغيره من الساسة العراقيين ، وتملقهم الفاضح لهذه الدولة التي تعتدي يومياً على الحدود العراقية جواً وقصفاً مدفعيا ، هل هذه الزيارات تُساهم حقاً في حل المشاكل العراقية أم تُعقدها أكثر ؟ هل الدور الخبيث والمشبوه لتركيا في دعم وشحن الجماعات المتطرفة في كركوك والموصل خافٍ على أحد ؟ ألا يدعو الى السُخرية تصريح طارق الهاشمي يوم أمس في انقرة عندما قال : " اننا نُقدم شُكرنا وإمتناننا الى الجارة تركيا التي تُقدم كافة انواع المساعدات لحل مشاكلنا ، من دون أي مُقابل !! " . الكرد في العراق ، إختاروا لحد الآن وعن قناعة ، الفيدرالية ، ولهم مطالب واضحة بصدد تطبيق الدستور بالنسبة للمادة 140 ، وهم بحاجة الى تطمينات حقيقية مكتوبة ، لتبديد الهواجس التي يُثيرها ويُغذيها ، المتعصبون أمثال النجيفي ورهطهِ ، ويريدون شراكة مناسبة في صنع القرار ، وتوزيعاً عادلاً للثروة ... هل هذا كثيرٌ حقاً ؟ أعتقد ان التعنتْ تجاه هذه المطالب مِنْ قِبَل الأطراف الاخرى ، سيدفع الكرد دفعاً الى التفكير بالإنفصال والعمل على نيل الإستقلال الناجز ، وفي هذه المرحلة على الأقل ، لن يكون ذلك لا في صالح العراق المُوحَد ولا الكُرد أيضاً . كُل مُتابع مُنصِف ، يرى ان الكُرد [ رغم السلبيات الموجودة في تجربة اقليم كردستان ] ، لهم دورٌ إيجابي في العملية السياسية العراقية بعد 2003 ، وانهم عامل توازن ضروري ، لتكريس الديمقراطية والدولة المدنية في العراق الجديد . أعتقد ان الإنفصال ليس هو الخَيار الأصوب او الأوحد ، بل ان التخلي عن التوجهات المُتطرفة وخصوصاً مِنْ قِبَل القوميين العرب الجُدد ، والإقتناع الفعلي بالمطالب الكردية المشروعة ، سيكون حجر الزاوية في بناءِ عراقٍ جديد ديمقراطي إتحادي .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احزاب الاسلام السياسي والتضييق على الحريات
-
حكومة قوية ..معارضة قوية ، وليس حكومة مُشاركة
-
إعتراف ... عدم إعتراف !
-
أثرياءنا ... وتطوير البلد
-
البعثيون يخافون من التعداد السكاني العام
-
اُم كلثوم وتشكيل الحكومة العراقية !
-
حاجتنا الى ثورة في التربية والتعليم
-
مليارات الدولارات - الفائضة - في العراق
-
إستفتاء تركيا وإستفتاء جنوب السودان ..وكُرد العراق
-
تعويضات عراقية لمواطنين أمريكيين !
-
تحديد يوم العيد والسياسيين العراقيين
-
ألقَس بن لادن والشيخ تيري جونز !
-
ألقاب ودَلالات !
-
هل تعرف أمثال هؤلاء ؟
-
متى سيقوم مجلس محافظة دهوك بدورهِ ؟
-
تَحيا العَدالة !
-
- إنتهاء مفعول - أحمد الجلبي !
-
حكومة الكترونية أم بشَرِية ؟
-
هذا الرَجُل !
-
جوانب شوارعنا السياحية مزابل ومكبات للنفايات !
المزيد.....
-
انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي
...
-
بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش
...
-
المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
-
أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل
...
-
16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة
...
-
الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
-
هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت
...
-
استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
-
تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت
...
-
بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|