سعد سامي نادر
الحوار المتمدن-العدد: 3132 - 2010 / 9 / 22 - 08:23
المحور:
كتابات ساخرة
أليس غريبا ولاول مرة، يتفق الشيطان الاكبر امريكا مع دولة الرحمن، الجارة الاسلامية الحنون ايران ..؟
أليس مثيرا للدهشة ان تتبعهما سوريا، لتبدل موقفها 180 درجة فجأة ..؟
كيف اتفق الاطراف الثلاثة على موقف موحد خاص بالشان العراقي بالذات ..؟ وهل تجديد ولاية السيد نوري المالكي وبقاءه بالسلطة من الاهمية بمكان ليوحد رأي هذه الاطراف المتناقضة؟؟ لسان حانا وحالهم، يغني: سبحان الجمعنه بغير ميعاد.!
في تصريح-له علاقة- نفي السيد علي الاسدي عضو ائتلاف دولة القانون لجريدة العالم، نفى وجود مثل هذه التدخلات والضغوط، مبررا: " لو كان هناك ضغوط ايرانية قوية، لتوحد الشيغة..!" ولتأكيد عدم وجود هكذا ضغوط اضاف :"لا توجد ضغوط خارجية بقدر ما توجد ضغوط الاستحقاق السياسي". وقبل معرفة ماذا يعنيه. يفترض السيد الاسدي -لو-: " فلو اتفقت العراقية والائتلاف الوطني فالاستحقاق السياسي يحول دون اتمام الاتفاق". هنا يلفت نظرنا الى -البرهان والنتيجة- ليكمل: " ان كلا الائتلافين (دولة القانون والوطني العراقي) لا يستطيعان التفريط بالاستحقاق السياسي بغض النظر اذا كان الوقوف معه حق او باطل بالنتيجة هو الذي سيحرك الكتل السياسية".-نهاية التصريح-
ماذا يُقرأ من حديث السيد الاسدي؟؟ إنه من جهة ينكر وجود أية ضغوط خارجية مستعيضا عنها بما اسماه ضغوط استحقاق سياسي..! . بعدها، يفسر لنا مشكورا هذا "الاستحقاق السياسي" كونه (تحالف شيعي) ينطبق – بغض النظر عن الحق والباطل- ويحصل فقط ، بين دولة القانون والوطني.. لانه في افتراضه "لو" اكد ان الاستحقاق السياسي لا ينطبق " لو اتفق العراقية والوطني فان الاستحقاق السياسي يحول..؟؟ دون هذا الاتفاق"". حسب قوله..
السؤال الصارخ الفاضح: لماذا اتفاق العراقية والوطني يحول دون الاتفاق؟؟، الجواب طبعا في العقل الباطن للسيد الاسدي لكن من تفسيره لمفهوم اصطلاح "الاستحقاق السياسي". نتبين انه غير متجانس سياسيا.. اي غير متجانس شيعيا.. اي اتفاق غير طائفي..!! وهو يخالف المفهوم وكذلك يخالف حلم كل الاطراف الطائفية للعودة لمربع المحاصصة التي جعلوها (عرفا سياسيا= الاستحقاق السياسي).
يلاحظ من هذا التصريح ان الجميع لا يعنيهم وغير مبالين بالاستحقاق الانتخابي الوطني. وان توجهم العام هو عدم التفريط باستحقاقهم "السياسي" حسب راي السيد الاسدي. يعني بصحيح العبارة: استحقاقهم الشيعي..! وهذه هي ذاتها أجندة ومخاوف الموقف الايراني من تفكك المكون الشيعي. أليس كذلك؟؟
ان تغييب الاستحقاق الوطني بهذه الاصطلاحات تعبير عن نفس طائفي، يمثل تراجعا في نهج دولة القانون المعلن وخلاف لممارسات السيد المالكي الوطنيه الناجعة التي تجاوزت الطائفة في البصرة والديوانية وافرزت شعبيته. والسؤال للسيد الاسدي: ما المانع ان تقود دولة القانون المعارضة داخل البرلمان..لتمثل الشعب؟. اليست افضل من هذا الاستحقاق الطائفي الملوث بالدم..؟ اقلها نلمس وجود ممارسة ديمقراطية.!
حقيقة اخرى نستخلصها من هذه التصريحات المضللة. ان الضغط السياسي الايراني في العراق في تراجع وضعف وغير مؤثر، بعد موقف السيد الحكيم والصدر، لا ضد تدخل ايران السافر في الشان العراقي، بل ضد موقف ايران من صراعهم الشخصي مع السيد المالكي. وما يؤكد ضعف الضغط الايراني تصريح متحدث العراقية : " ان الايرانيين يحتاجون شيعة العراق اكثر من حاجة هؤلاء لها من خلال الامتداد فيما بينهما".وبالتالي فإن ضغوطها لن تبلغ "مستويات خطيرة".
ان مجرد وجود المالكي في مركز القرار الان متجاوزا ستة اشهر اضافة لفترة ولايته. جعل ائتلافه- دولة القانون- اكثر تماسكا وطمأنينه لمستقبله السياسي، ومنح مزيدا من الوقت، لنجاح رهانهم بتفكك عرى احدى الكتل المنافسة (العراقية والوطني) والتي تعاني من انقسامات داخلية مؤجلة. وحدت بعض مكوناته، مصالح مرحلية مؤقته.
المضحك ان كل الكتل بقدر اهتمامها باجندتها الخارجية فانها تتهم وتفضح منافسيها بما لديهم من اجندة وعلاقات مشبوهة و "امتدادات خارجية".. والغريب ان قوانا السياسية المتنفذة تؤمن بتداول ادوارها مع اجندة الخارج بلا حياء او حرج ، غير مباليه بتلوث سمعتها الوطنية. ديمقراطيونا..! الجدد، يتداولون ادوار اجنداتهم الخارجية بكل مسمياتها ويمارسون كل انواع المحرمات والعهر السياسي، عدا تداول السلطة السلمي..! انهم مسخرة سياسية بامتياز عراقي..
السؤال المهم لهذا التهريج السياسي: على اي برنامج "وطني"..! سيراهن سياسيونا.. ؟؟ الايراني ام الامريكي؟. واي اجندة وطنية..! ستنتصر في النهاية؟؟
الموقف الايراني:
الايرانيون يظهرون علنا، خوفهم المحموم على وحدة البيت الشيعي العراقي. ومقابل هذا الحرص. نرى نوايا خبيثة تمطر يوميا بالصواريخ سلطة الحكومة في المنطقة الخضراء. لاضعافها وتهديد امن البلد وسلامة ابناءه.. حلمها حكومة عميلة تخضع لها لتبلع العراق. آملة، انشاء عمق جغرافي لها وامتداد اقليمي يربطهم مع سوريا ولبنان نصر الله.. غير ان ذلك بدا يصطدم مع طموحات البيت السياسي الشيعي الذي تغريه سيول المليارات التي تجري بين يديه.. ان قوى ما قبل الدولة المستكلبة الشريرة، اسست لها طبقة ثرية رثة امية. مجموعة ذئاب تغطت بجلباب الدين لا تشبع.. ايديها الملطخة بالدم ما زالت مسلحة بالموت وعيونها الشرسة ولعاب مصالحها يحتكر خيرات العراق ونفطه. مصالح هذه القوى بدأت تتتجاوز المذهب، حتى ان بعض قوى الشارع الانتهازية الفاسدة، مستعدة للتعاون ليس مع الشيطان الاكبر، بل مع سفالة القاعدة والبعث من اجل الحفاظ على مصالحها وزيادة نفوذها المالي والسياسي. وامام هذا الموقف الشيعي المصلحي الجديد، يكون الضغط الايراني غير مؤثر على الموقف السياسي فقط.. لكنه سيبقى مؤثرا في تردي الامن وهو اهم عنصر لاستقرارنا السياسي.
الموقف الامريكي:
خلاف الموقف الايراني، فان الموقف الامريكي الآن لا يريد اثارة متاعب بعد - صخام الوجه ووجع الراس-. بالاحرى، انه يحاول ان يؤجل بقدر ما، مواجهاته مع القوى المتنفذة، لما بعد انتخابات الكونغرس. وبرغم ضعف موقفه العام وعدم تاثيره بالقرار السياسي في كثير من الاوقات، وتمرد بعض خدمه المطيعين، الا انه ما زال لديه اوراق عديدة سيقدمها تباعا في توقيتات قادمة.. انه يخطط لتفكيك ما تبقى من قوى شيعية فاعلة مؤثرة .. قوى صوتها المجلجل فقط مع العملية السياسية وقلبها وكل افعالها المشينه تعمل بالخفاء وبالضد.
اما بخصوص الرهان الامريكي على اختيار المالكي وتوافقه مع الموقف الايراني . فهو موقف براغماتي صرف، نابع من دراسة ورؤيتهم للحراك السياسي. وعلى ما يبدو انهم ينظرون الى المالكي كافضل سياسي شيعي مجرب يتمتع بشعبية افرزتها النتائج. وليس عليه أية مؤشرات سياسية خطيرة اواتهامات مالية بالفساد والثراء كنظرائه من منافسيه في البيت الشيعي (عادل عبد المهدي والجعفري) . اضافة كون هذا الاخبيار هو جزء من تكتيك سياسي لتفكيك الاحزاب الشيعية الطائفية التي اثبتت تجربة السنوات السبع فسادها وفشلها في ادارة البلد..
ضمن هذه المعطيات، اننا نترقب ظهور حكومة جديدة لا تمت بصلة لاستحقاقها الوطني .. بل في احسن احوال انبثاقها وشكلها، فلن تكون اكثرمن حكومة استحقاق "سياسي"
وحسب تعبير السيد علي الاسدي . حكومة نتاج فكر وثقافة طبقتنا السياسيةالطائفية. وجزء من مسخرة "فزاعة" برلماننا الصامت.
هولندا-سعد سامي
#سعد_سامي_نادر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟