أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد ناصر الفيلي - محنة العقل ومحنة الوطن














المزيد.....

محنة العقل ومحنة الوطن


احمد ناصر الفيلي

الحوار المتمدن-العدد: 3106 - 2010 / 8 / 26 - 17:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العقل منتهى الادراك، ومن اشعاعاته تبنى الحضارات بكل وجوهها المدنية والتقنية والفكرية والادبية، فهو علو شاهق شامخ يتخطى الابعاد والزمان والمكان في صيرورة بشرية رائعة .. والعقل وحدة البناء الرئيسة، ومادته الحيوية، وقد تعرض العقل العراقي الى محن حقيقية آبان العهد المقبور، مثلما تعرض الى المحن طوال عهد الدولة العراقية التي تلطخت ممارساتها التعسفية، بقبر العقول الواعية، لكن اغتيال العقل بوسائل مادية وميكانيكيةوالاستفادة من المعطيات العلمية لتدمير البنية العقلية ومحاولات المسخ البشري لتغريغ العقول من مآثرهاالانسانية ومحدداتها البيانية المتراكمة، بفعل فلسفة النشوء فلسفة الخير والشر، ولما كانت الانظمة تتمنطق وتعمل شرا، فلابد لها من استئصال منابع الخير ومحق مراكمته ، ولم تتجسد العملية بشكل حملات واسعة ومبرمجة، الا في عهد النظام البائد الذي ترك بصمات واضحة في مهمة تفصيخ العقل العراقي، ومحاولة حشو العقول بالترهات، وكان لبرامج التعمية المدروسة دورها وتاثيرها في الحاق افدح الاذى بتوجهات العقول بمختلف مجرياتها وقنواتها الفطرية والمكتسبة .
العقل العراقي واجه محنة السبك باتجاه واحد، هو عالم السلطة المستبدة كي يغني لها ويبرر لها مظالمها . حدود المنع كحقول الالغام ليس بالمستطاع تجاوزها، لانها محوطة بشبح الموت الفوري، محاولة تفصيخ العقل قادت الى تفصيخ البلد، اذ ان غياب الوعي الحقيقي، وتضييع المصالح العامة، وتقطيع كل جسور المشتركات، وغياب الحس بالأمان، والتآخي، والالفة المجتمعية المشتركة، ادت الى تفكيك اللحمة الاجتماعية واضعافها وردم عديد القيم الايجابية البناءة من اخلاق وعادات وتقاليد لتحل محلها منظومة قيم مصطنعة وسليبة لذات الانسان وسلبية.
النظام المقبور امعن في ذلك، من اجل تحقيق التشرذم المجتمعي كي تغيب اجندات العمل الوطني الوحدوي المشترك، كونه يعلم بحجم الكارثة التي تسبب بها للوطن، بكل ما فيه من الالام وشروخ وجروح وتشويه متعمد للتاريخ والجغرافيا. والمجتمع في اعماق قرارة نفسه، بات يعرف ولو بعد حين حجم الماساة، يعرف النظام جيداً وماذا اغتال من العراقيين ومقدار عزته في نفوسهم. التشرذم المخلف يشبه حفلة مزاد علني حيث المنادي على الاشلاء جملة، بكل انواعها الصالحة والطالحة , الجيدة والسيئة المقبولة وغير المقبولة.
المصيبة هي في فقدان الحس الوطني لما هو جوهري بين الانقاض والركام، مما مهد ان يصبح تفصيخ البلد مهمة روتينية لاتثير المواجع .
بعد السقوط استمر المنوال والموال بطرق اخرى، تكشف جهل الكثيرين بمفاصل الوضع المخلف وفق تلك المعادلة، كثيرون هم من نواب ووزراء وسياسيين حديثي العهد باصول اللعبة انجروا وراء لعبة التفصيخ كونها تدر ارباحاً وعلى طريقة املاء مافي الجيب واترك المستقبل للغيب، لكن على حساب البلاد وابنائها، والتي تشكل ظاهرة شاذة في المبدأ الوطني كونهم جزء من نسيج المجتمع، فلو رجع هؤلاء وتمعنوا في الحقائق لتأكد لهم انهم فصخوا مستقبل ابنائهم بما اقدمت عليهم ايديهم اذ لم يحاول احد وقف هذا التفصيخ ولو مؤقتاً للشروع ببدائل البناء .
من اصناف التفصيخ الضار والمؤذي هي تراكمات التوجهات السابقة التي تمثل اسفيناً في عمق النسيج الاجتماعي فهذه التوجهات تحمل افكاراً وتوجهات عدوانية وانانية سافرة متعسفة، وقهرية في كل شيء بدءاً من ابسط الممارسات اليومية وانتهاء بالنوم واحلامه ،ومثل هذه البضاعة الفاسدة قد ولي زمنها.
احلام اليقظة الجديدة ناورت، وحلمت بيوم عراقي جديد تتوقف فيه التداعيات السابقة، لانتفاء الاسباب، واستذكار مآسي الامس القريب من اجل افاقة العقل المعتقل والمكبوت، واطلاق فضاءات جديدة توفر مناخاً صحياً وصحيحاً.
ويبدو ان ماكان يغرى بالامس، صار يغري اليوم ايضاً برغم اختلاف العهد والرجال والعدة .. كل المفاصل تعاني من الابتزاز، ان على هذه الطريقة او تلك، وليس هناك من مساحة للحرمان سوى المواطن، والوطن. المواطن بجوعه وحاجته وفاقته والوطن بثيابه الرثة وبنيانه المنهدم منذ عقود وجمال مدنه التي حسرتها التفجيرات والمفخخات بعد ان طالها الدمار في الحروب الكارثية البغيضة .. ان الاهمال الموجود يعكس ضياع الارادة في صراعها مع الذات والواقع ومثل هذه الفلسفة لاتعجب القليلين الذين يفهمونها فما بالنا بالكثيرين الذين لايفهمونها.



#احمد_ناصر_الفيلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحراك السياسي ومحنة الوطن والمواطن
- عقدة السلطة ومهمة القوى الوطنية..هل يعيد التاريخ نفسه
- لقاء المالكي وعلاوي وشروط اللعبة السياسية
- مايحتاجه البناء الديموقراطي
- حركات الاسلام السياسي.. واشكالية حقوق الانسان
- نحو مشروع تأجير الوزارات الحكومية ..قراءة في الاداء الوزاري ...
- الجلسة البرلمانية الاولى .. قراءة فاتحة ام شرارة انطلاق
- مراحل سياسة التعريب والتغير الديموغرافي في كركوك .. الخلفيات ...
- كلما ضحك السياسي بكى الناس كلما ضحك السياسي بكى الناس
- كم ساعة تحتاج لتصبح سياسيآ ؟
- ألتجربة الديمقراطية ... حجم التضحيات وطروحات العوده الى الور ...
- ماذا يجري في العراق الجديد..؟ منظومة حقوق..ام انتهاك حقوق ال ...
- من اشكال الحروب الطائفية ضد الكورد...(الشبك نموذجاً)
- الكورد والديمقراطية ومستقبل العراق
- ابعاد ومخاطر المفاهيم الشوفينية حول كينونة العراق
- الانتخابات .. وصراع السلطة..هل يحتاج العراق الى تحكيم دولي ؟ ...
- اشكاليةالفساد وتنويعات المفهوم والمعايير
- الحكمة السياسية والمخاضات العراقية
- التوافق السياسي ومسار العملية السياسية
- تقسيم العراق مشروع امريكي... ام واقع عراقي؟؟


المزيد.....




- مصر.. فيديو ترويجي للمتحف الكبير يثير ضجة ووزير السياحة يحذر ...
- بيان مصري بعد تقارير عن مشاورات إسرائيلية لنقل سكان غزة خارج ...
- إندونيسيا تحتفل بعيد استقلالها الـ80.. هل تكون وجهة لسكان قط ...
- في لفتة إنسانية.. بوهايمين الأيرلندي يكرم -بيليه فلسطين- بقم ...
- ماكرون مقتنع بأن بوتين -لا يريد السلام- ويدعو إلى إشراك الأو ...
- خبير عسكري: المقاومة لا تزال قادرة على خوض معارك صعبة وزامير ...
- مهرجان الصيف يضيء بنغازي ويفتح نوافذها للعالم
- في ضيافة مورغان.. الشيال يفند مزاعم الاحتلال بشأن أنس الشريف ...
- -الساكتون عن دم غزة خونة- غضب بالمنصات على التجويع وبتر أطرا ...
- عاجل| روبيو: سنوقف مؤقتا برنامج منح التأشيرات للقادمين من غز ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد ناصر الفيلي - محنة العقل ومحنة الوطن