أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - احمد ناصر الفيلي - اشكاليةالفساد وتنويعات المفهوم والمعايير















المزيد.....

اشكاليةالفساد وتنويعات المفهوم والمعايير


احمد ناصر الفيلي

الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 23 - 12:29
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تعاني المجتمعات في كل أرجاء المعمورة من وباء الفساد بقدر أو باخر ..ولا يوجد على وجه البسيطة مجتمع تحكمة كل قوانين الفضيلة ليصبح في مناى من الفساد والمفسدين ، والقضية التي تشغل بال جميع المجتمعات ليست في وجود قدر من الفساد في التعاملات اليومية تحديداً ، انما حجم الفساد وأتساع دائرته وتشابك حلقاته وترابط آلياته بدرجة لم يسبق لها مثيل من قبل مما يهدد المسيرة التنموية والأنمائية ويكون شبحاً يطارد المستقبل . وأفصحت تحليات بعض وقائع قضايا الفساد المالي والأداري خلال السنوات الأخيرة المنصرمة في العديد من البلدان العربية والعالمية عن عمق تغلغل قيم الفساد وممارساته في كل مناحي حياتنا الأقتصادية والأجتماعية والسياسية والأدارية .
أن الفساد بآلياته وأثارة الأنتشارية يولد مضاعفات تؤثر في نسيج المجتمعات ومكوناتها وسلوكيات الأفراد وطرق أداء الأقتصاد وأخطر من كل ذلك إعادة صياغة نظام القيم . هذا وقد وضع البنك الدولي تعريفا للنشاط الذي يندرج تحته تعريف الفساد بما يلي : أساءة أستعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص فالفساد يحدث عادة عندما يقوم موظف بقبول أو طلب أو ابتزاز رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمناقصة عامة كما يتم عندما يقوم وكلاء أو وسطاء بتقديم رشاوى للأستفادة من سياسات أو إجراءات عامة للتغلب على منافسين وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين المرعية كما يمكن للفساد أن يحدث عن طريق أستغلال الوظيفة العامة دون اللجوء الى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب أو سرقة أموال الدولة مباشرة ويشير التعريف الى ألتيين رئيستين من آلية الفساد وهما :
1. آلية دفع الرشوة و( العمولة ) المباشرة الى الموظفين أو المسؤولين في الحكومة .
2. وضع اليد على المال العام والحصول على مواقع متقدمة للأبناء والأصهار والأقارب في الجهاز الحكومي وفي قطاع الأعمال العام والخاص . وهذا الفساد لضيق نطاقة يمكن تسميته ( بالفساد الصغير ) وهو يختلف عن الفساد الكبير المرتبط بالصفقات الكبرى في عالم المقاولات وتجارة السلاح والحصول على التوكيلات التجارية للشركات الدولية الكبرى المتعددة الجنسية وظهر هذا الفساد عادة على المستويين السياسي والبيروقراطي ويرتبط الفساد السياسي بالفساد المالي حين تتحول الوظائف البيروقراطية العليا الى أدوات للأثراء الشخصي المتصاعد يتأثر تعريف الفساد بعاملين مهمين يتعلق الأول بمجال البحوث التي تولت دراسته وتحديد أثارة السلبية في المجتمع ، ويتعلق الثاني تعين العمل الفاسد بدقة يتم وضع عقوبة مناسبه له . وتكاثرت في الآونه الأخيرة البحوث في الفساد ولا سيما من خبراء علم الأقتصاد والقانون والعلوم السياسية وعلم الأجتماع ، فبحوث الأقتصاديين تركز في معظمها العلاقة مابين الأستثمار والتنمية الأقتصادية من جهة ، ونوعية المؤسسات الحكومية من جهة أخرى . ونستنتج أن ضعف المؤسسات العامة الذي يعد أهم أسباب الفساد يؤدي الى انخفاض في الأستثمار ، فيما أعتبرت البحوث القانونية أن الفساد ذا آثارة مدمرة يطول حكم القانون والقضاء . وركزت البحوث السياسية على علاقة الفساد بشرعية الحكمونماذج القوى السياسية ودور مؤسسات المجتمع المدني فيما وصفه علم الاجتماع بعلاقة اجتماعية متمثلة في انتهاك قواعد السلوك الاجتماعي فيما يتعلق بالمصلحة العامة

وعرفت اتفاقية الامم المتحدة بشان الفساد التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تم التوقيع عليها في المكسيك في كانون الأول من عام 2003 بأنه ( أعمال جرمية تعبر عن سلوك فاسد ) وقد تركت الاتفاقية للدول الاعضاء إمكانية معالجة اشكال مختلفة من الفساد قد تنشأ مستقبلاً على أساس أن مفهوم الفساد فيه من المرونة ما يجعله قابلاً للتكيف بين مجتمع وآخر .
وينمو على الصعيد الدولي ادراك دولي بأن انتشار الفساد يؤشر سلباً في أمن واستقرار الدول ويقوض المؤسسات والقيم الديمقراطية وأسس العدالة وحكم القانون كما يشكل تهديداً للمشاريع التنموية بكل ابعادها . ويساور القلق المجتمع الدولي بسبب العلاقة ما بين الفساد وبين انواع مختلفة من الجرائم المنظمة والجرائم ذات الوجه الاقتصادي والمالي كجريمة تبييض الاموال خاصة ان حالات من الفساد تتعلق بكميات ضخمة من الاموال التي تشكل جزءاً مهما ً من ثروات الدول النامية ومواردها ومنها ما يهدد على وجه الخصوص الاستقرار السياسي في تلك الدول ومشاريع تنميتها بصورة متواصلة وثابتة فضلاً عن حيازة الثروة الشخصية بصورة غير مشروعة تلحق اضراراً بالاقتصاد الوطني وبمؤسسات الحكم الديمقراطي وحكم القانون كما تؤدي إلى تأزيم العلاقات بين مختلف الدول من خلال تنقلات المال غير المشروع بين الدول .
وهناك اجماع على المستوى الدولي يعتبر الفساد ليس مسألة أو مشكلة داخلية محصورة ضمن حدود الدول التي تعاني منها وانما هي وباء يخترق الحدود وتؤثر في العلاقات الدولية . كما يهتم التعاون الدولي في مجال مكافحته ومحاصرته لمنع انتشاره واعتبار ذلك مسؤولية دولية تهم جميع الدول التي يجب ان تتعاون مع بعضها بتبني منهجية شاملة ومتعددة الأساليب للنجاح بصورة فعالة . وتنحصر مكونات الفساد في المناطق الاسيوية على النحو الاتي :
1- تخصيص الاراضي من خلال قرارات علوية تأخذ شكل العطايا لتستخدم فيما بعد في المضاربات العقارية وتكوين الثروات .
2- إعادة تدوير أموال المعونات الأجنبية وتشير التقديرات في هذا المجال إلى أن أكثر من 30% منها لا تدخل خزينة الدولة وتذهب إلى جيوب المسؤولين .
3- قروض المجاملة التي تمنحها المصارف دون ضمانات لكبار رجال الاعمال المتصلين بمراكز النفوذ .
4- عمولات عقود البنية التحتية وصفقات السلاح .
5- العمولات والاتاوات والتي يتم الحصول عليها بحكم المنصب أو الاتجار بالوظيفة .
أما أوجه الفساد العالمية فتتمثل في الاتجار بالمخدرات والاتجار بالانسان وتبييض الاموال والاتجار بالسلاح .
وتسبب الفساد في سقوط وتغيرر أنظمة حكم عديدة في العالم والتاريخ المدون منه يعود إلى القرن الرابع الميلادي زمن الامبراطورية الرومانية وكان الفساد يعالج كشأن داخلي ولم يدخل دائرة الاهتمام العالمي إلا منذ زمن قريب نسبياً وربما كان قرار الجمعية العامة في الأمم المتحدة عام 1975 وهو أول قرار عالمي شجب وأدان الفساد بكل أشكاله .
وفيما يتعلق بمحاربة الفساد عبر الحدود لا بد من التنويه بمبادرة الرئيس الامريكي ( جيمي كارتر ) عام 1977 في تبنى الولايات المتحدة للقانون المتعلق بممارسة الفساد خارج حدود الدولة الذي يعاقب بموجبة كل فرد أو شركة أمريكية تقوم برشوة مسؤول رسمي خارج الولايات المتحدة .. إن الاهتمام العالمي بألنتائج السلبية للفساد أخذ منحى جديا بعد أن قامت الدول الصناعية الممثلة في المنظمة الأقتصادية للتعاون والتنمية ( OECD ) في العام 1994 بما عرف بالتوصيات بل يتخذ أعضاء المنظمة أجراءات ملزمة بهدف القضاء على رشوة المسؤولين خارج حدود الدولة المعينة في كل مايتعلق بالمعاملات التجارية في الأطار الدولي وقد حددت التوصيات عناصر الرشوة ومسألة الأختصاص القضائي في العقاب عليها فضلا عن ضرورة تبنى عقوبات رادعة وتطبيقها بشكل فعال . أن هذه التوصيات تطرت من خلال قرارات وتوصيات عديدة الى أن أنتهت في العام 1997 بأن تبنى مجلس وزراء الدول الصناعية اتفاقية محاربة رشوة موظفي القطاع العام الأجانب فيما يتعلق بالمعاملات التجارية في المجال الدولي التي أصبحت سارية المفعول في شباط من العام 1999 في أجتماعهم في مالطا عام 1994 أعتبر وزراء العدل الأوربييون أن الفساد بشكل خطيرا جديا على الديمقراطية وحكم القانون وحقوق الأنسان على أثر ذلك قام مجلس الوزراء الأوربي بتعيين لجنة أسندت اليها مهمة اقتراح إجراءات ملائمة تكون جزءاً من برنامج عمل على الصعيد الدولي لمحاربة الفساد . وقد قامت اللجنة بوضع توصيات مهمة أصبحت فيما بعد جزءاً من أتفاقية القانون الجنائي بدأ التوقيع عليها في كانون الأول 1998 وتتضمن تعريفاً للفساد ينطبق على طائفه واسعة من الأعمال بما فيها الرشوة بشكل مباشر وغير مباشر وشراء نفوذ صانعي القرار الرسميين وكذلك تبييض المال ، ولا تقتصر الأتفاقية في تناولها الفساد على السلطات العامة بل تتعداها الى بعض مجالات القطاع الخاص والمسؤولين الكبار في المنظمات الدولية وحتى القضاة والمسؤولين في المحاكم الدولية . وقديما تحث أبن خلدون في مقدمته الشهيرة عما وصفه ( الجاه المقيد للمال ) وكأ،ه أستنباط للأموال الحالية ، إذ يرى أبن خلدون أن المال تابع للجاه والسلطة وليس العكس . كما أشار أبن خلدون الى الأحوال الكثيرة التي تختلط فيها التجارة بالامارة إذ يكتسب البعض من خلال المنصب والنفوذ الأداري في أعلى مراتب جهاز الدولة أوضاعا تسمح له بالحصول على المغانم المالية وتكوين الثروات السريعة وتشكل عادة ( ريعا لمنصب ) . وفي منطقتنا لخص الرئيس الجزائري في خطاب طويل وجهه الى مواطنيه في 27 نيسان 1999 القضية بقوله : أن الجزائر دولة مريضة بالفساد ، فهي دولة مريضة في أدارتها ن مريضة بممارسة المحاباة ، ومريضة بالمحسوبية والتعسف بالنفوذ ، والسلطة ، وعدم جدوى الطعون ، والتنظيمات ، مريضة بالأمتيازات التي لا رقيب لها ولا حسيب ، مريضة بتبذير الموارد العامة بنهبها بلا ناه ولا رادع . وليس هناك أبلغ من هذا الوصف حيث لاحظ بوتفليقه أن هذه الأعراض أضعفت الروح المدينة وأبعدت القدرات وهجرت الكفاءات ونفرت أصحاب الضمير وشوهت مفهوم الدولة وغاية الخدمة العمومية . ويضيف الرئيس الجزئري : هل هناك كارثة أكثر من ذلك ؟
ولعل أخطر ماينتج عن ممارسات الفساد والإفساد هو ذلك الخلل الجسيم الذي يصيب أخلاقيات العمل وقيم المجتمع مما يؤدي الى شيوع حالة ذهنية لدى الأفراد تبرر الفساد وتجد له الذرائع مايبرر أستمراره ويساعد في أتساع نطاق مفعوله في الحياة اليومية ، أذ نلاحظ أن الرشوة والعمل والسمسرة أخذت تشكل تدريجياً مقومات نظام الحوافز الجديد في المعاملات اليومية الذي لايجاريه نظام أخر .
وحجم مشكلة الفساد تستدعي دراسة الأسباب والأليات ولكن توجد محاور للحركة تساعد على تطويق الظاهرة والقضاء على تداعياتها السلبية . وتتمثل هذه المحاور كالأتي : محور توسيع رقعة الديمقراطية والمساءلة ومحور الأصلاح الإداري والمالي ومحور إصلاح هيكل الأجور والرواتب أن مجتمعنا لهو بأشد الحاجة في هذه اللحظة العصيبة من تأريخة الى مطاردة وتصفية الفساد والأنحرافات والأنتهاز في كل منحى من مناحي حياتنا السياسية والأقتصادية والأجتماعية حتى تعود الى الناس الثقة والأيمان بجدوى النزاهة والشرف والجد في العمل وإعلاء شأن الوطن والصالح العام .




#احمد_ناصر_الفيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكمة السياسية والمخاضات العراقية
- التوافق السياسي ومسار العملية السياسية
- تقسيم العراق مشروع امريكي... ام واقع عراقي؟؟
- لمصلحة من يتم استهداف العراق الفدرالي؟
- ازمة الاحزاب العراقية مابعد الدكتانتورية ازمة بنيوية ام تصور ...


المزيد.....




- تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي وارتفاع معدلات التضخم بالربع الأ ...
- انخفاض أسعار مواد البناء اليوم الخميس 25 أبريل 2024 في الأسو ...
- نمو الاقتصاد الأمريكي 1.6% في الربع الأول من العام
- بوتين: الاقتصاد الروسي يعزز تطوره إيجابيا رغم التحديات غير ا ...
- الخزانة الأمريكية تهدد بفرض عقوبات على البنوك الصينية بزعم ت ...
- تقرير: -الاستثمارات العامة السعودي- يدير أصولا بنحو 750 مليا ...
- البنك الدولي: توترات الشرق الأوسط تهدد التقدم العالمي بشأن ا ...
- معضلة الديون في فرنسا.. وكالات التصنيف قلقة ونظرتها سلبية
- أرباح بنك -أبوظبي التجاري- ترتفع 26% في الربع الأول من 2024 ...
- البنك الدولي: توترات المنطقة تهدد التقدم العالمي بشأن التضخم ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - احمد ناصر الفيلي - اشكاليةالفساد وتنويعات المفهوم والمعايير