أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - من ذبح الحصان














المزيد.....

من ذبح الحصان


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 2925 - 2010 / 2 / 23 - 23:20
المحور: الادب والفن
    


جميعهم كانوا يعلمون جيدًا بأن الحصان متعب، وكان صاحب الحصان يحاول جاهدًا خداع الآخرين بل وخداع نفسه بذلك.

كان يضع له بعض التبن بين الحين والآخر، أخبروه بأن تجارة لحوم الحصن رائجة هذه الأيام، ويمكن له أن يحصل على مبلغ ليس بالقليل إذا سلّمه للمسلخ، وقد ينتفع من جلده أيضًا، بالرغم من أن الحصان كان قادرا على مواصلة مسيرته في مواجهة الريح والطيران فوق السراب والقفز بين الأمواج، لكن معدته كانت خاوية في الفترة الأخيرة، وعيناه باردة كالموت، وكأن بريق الحياة انطفأ على حين غرّة! جلده اللامع بدا ظمئًا، جافًا، وسخًا، خشنًا، وكان يرتعش كلّما هبّت في الأنحاء رياح المتوسط.
كنّا نلاحظ قطرات الدمع تسيل من مقلتيه، وكأن لسان حاله يصرخ يتألم ويطالب مجددًا بأن يسمحوا له أن يندفع ليثبت جرأته وقدرته على العطاء ومنازلة الخيول الضخمة الثقيلة الغريبة، كان يعرف بأن تلك الخيول أقرب ما تكون للبغال منها للأصيلة من الخيل! ثقيلة في حركتها وقفزاتها، رائحتها نتنة، وحضورها منفّر ..
أخبروه بأنه سيحصل على الكثير من المال الإضافي إذا تخلّص من حصانه الهزيل، وسيعوّضونه بحصانين آخرين من فئة البغال! أخبروه بأن رفسات الحصن الضخمة قاتلة وقادرة على حماية قصره وأملاكه وحساباته! أخبروه بألا يقلق .. هناك من سيقوم بتنفيذ هذه المهمة الدموية، ولن يتركوه يعمل بسلاحه ضدّ رقبة حصانه المدلّل، الذي فاقت سرعته ودلاله واندفاعه وجموحه جموع ذئابهم وبغالهم! يريدون منه فقط أن يغضّ الطرف ويوقّع على وثيقة الذبح حتى تنتهي مرحلة ثورة الحصان الجامح، ويحلّ الأمنُ والسلامُ في ظلّ عدالةِ البغالِ التي وفدت من كافة الجهات في انتظار لحظة الصفر.

في إحدى صباحات شتاءنا المتوسّطيّ البارد، كان الحرس قد سكروا بنبيذ عذب زلال، شاهدنا على البوابة جمهرة من البغال، تعتليها ذئاب بعيون زرقاء ولبدة شقراء. بحثوا عن الحصان الجامح لعلّه يساعدهم في مواجهة الغربان. لكن الحصان كان قد ذُبح تلك الليلة، ولم يبقَ من أثرٍ له سوى بعض الدموع التي ملأت عينيه.
بعد أن فقدنا عذريتنا وكرامتنا بمئة عام .. ما زلنا نتساءل حتى الآن: من ذبح الحصان؟



#خيري_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من خلف الكواليس
- قبعة ومعطف شتويّ
- يُحْكى أنّ الليلَ تمرّدَ فبَكى
- فواصل ونقاط 5
- بحقّ الموت لا ترحلْ!
- نقاط وفواصل 4
- نقاط وفواصل 3
- نقاط وفواصل 2
- نقاط وفواصل 1
- بصحبة زوربا
- عودي يقتلني إبداعك (1)
- كلّ هذا من أجل رجل!
- الأزواج الأربعة وأنسنة المجتمع
- من قال بأن الغول مات!
- الزنابق والأعناق المكسورة
- أحلامٌ في مهبّ الريح
- كلوشار
- صفعات
- الشاعر البلغاري بيتكو براتينوف
- مائدة في رابعة الزمان


المزيد.....




- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - من ذبح الحصان