أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - الزنابق والأعناق المكسورة














المزيد.....

الزنابق والأعناق المكسورة


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 19 - 20:37
المحور: الادب والفن
    


خيري حمدان

-1-

تستمر الرحلة، عبثًا نحاول أن نضع العصي بين العجلات المتسارعة. نحن حاولنا رسم الطريق نحو المستقبل بملل، ولم تكن لدينا رغبة في وضع العلامات الفارقة عند المنعطفات. نسينا بأنّ الفاصلة تتيح لنا الفرصة والمجال لنتنفّس قليلاً قبل أن نحرق الشتاء الطويل بألسنة النار واللهب الصاعد من صدورنا!

توقفت الحافلة ولم ندرك الأسباب التي أدت إلى موت المحرّك، هل فقدنا مصادر الوقود وبحاره تتدفق تحت أقدامنا؟ أم بتنَ نخشى رؤية الغد لأنه سيحرمنا لا محالة من غوغائيتنا وسلطتنا وذكورتنا!

-2-

فاجأنا التاريخ ونحن نسرق بقايا الحضارة، فسارع في طيّ الصفحة ورفع في وجهنا إنذارًا، لكنّا بقينا نضحك من التاريخ وضعفه. أدركنا بعد فوات الأوان بأنّ التاريخ يحسن دائمًا الضحك عند النهاية!

الأرقام أعلاه عربية، ونحن نكتب بالأرقام الهندية. لهذا نشهق ونموت حسرة حين نكتشف بأنّ بطلي الفيلم اللذان كادا أن يقتل أحدهما الآخر توأمين! فهم الأتراك نقاط ضعفنا، فانهمرت الدراما التركية لتسرقنا من واقعنا، وتجعل نساءنا يرفعن قصورًٍا من الأوهام، عندها أدرك الرجل الشرقيّ بأنّ الزنابق تحاول أن تتمرّد في حظيرة المنزل وغرف النوم فقصف أعناقها!

-3-

ليلى مضت نحو المطبخ وحضّرت أشهى أنواع الطعام. كانت تعرف بأنّه يعلم! وكانت تتوقع باقة من الورد وعناقًٍا وقبلة. كانت تظنّ بأنّها أنثى كاملة وجميلة بالرغم من الأطفال الخمسة الذين أنجبتهن خلال فترة زمنية قصيرة. كانت ترتاح لبضعة أشهر فقط ما بين الحمل والآخر. حين عاد واضطجع مطالبًا بالنرجيلة، أدركت بأن مرور بضعة سنوات على زواجهما لم تكن تعني له شيئًا. أدركت عندها بأنّها بقرة.

نظرت ليلى إليه طويلاً، كان قد مضى على عشرتهما عقودٌ طويلة. وها هو الآن يقبع بين يديها مكبّلا وقد أخذ الشلل النصفي ابتسامته وحبوره ومرحه وعنفوانه. كان على وشك أن يبلّل سرواله لولا حضورها وجهودها وقدرتها على تضميد جراح روحه الغائرة. يومًا ما كان يشعر بأنّ هناك بقرة مطيعة تعيش في بيته. تطبخ تغسل تنجب ونادرًا ما تشتكي. طلب منها أن تقترب إليه كثيرًا وبالكاد همس في أذنها "سامحيني أو اقتليني!" عندها أدركت بأنّها امرأة، بالرغم من أنّها فقدت رونقها وتهدّل جسدها. عندها أدركت بأنّها إنسان.

-4-

حين أخبرت زميلة أوروبية بأن الكلمات المرادفة للأسد تفوق الثلاثين. قالت لي "أنتم شعوبٌ ثرثارة!" لم تكن تقصد الإهانة واعتذرت، لكنّي أدركت بأنّ منطقها سليم. من يهتمّ الآن بعلم الكلام واللسانيات؟ ومن يحتاج لجميع هذه المترادفات لحيوانٍ وضع في أقفاص حديقة الحيوانات وفقد هيبته وحضوره وبات يتملّق حرّاسه من أجل قطعة كبيرة من اللحم؟

قالت لي اهتموا مجدّدًا بالعلوم، هناك ما يمكن أن يغيّر مستويات حيوات شعوب بأكملها ألا وهو التقدّم والعلم والحضارة. صمتّ عندها ولم أخبرها بأن معدّلات الأميّة في العالم العربي بلغت سبعون مليونًا ويزيد! إذا افترضنا بأن مجموع المتحدّثين بالعربية 350 مليون مواطنًا، فهذا يعني بأنّ معدّل الأمّيّة 20%. يا إلهي! هل هذا ممكن وقد تخطّينا عتبات الألفية الثالثة؟ نعم .. هذا ممكن. نحن شعوبٌ لا تحسن القراءة. ثمانون عربيًا يقرأون كتابًا واحدًا، وأوروبيًا واحدًا يقرأ ثمانين كتابًا. وأتساءل بصوت مرتفع "هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"!

-5-

تحامل على نفسه وذهب إلى محل للزهور. قال للبائعة بأنّه يريد ثلاث زنابق حيّة. ثلاث حيوات بتربتها وبهائها. ثلاث زنابق تعيد الضحكة المجلجلة إلى تقاطيع وجهها. قال للبائعة وقد شعر بأنّها قريبة إلى قلبه فهي في عمر بناته والورود التي تبيعها تشفع اندفاع القلب وبوحه وجرأته. قال لها بأنّ زنبقة روحه ورفيقة الصبا قد ذبلت! قال لها بأنّه لم يحسن سقايتها والاعتناء بها، وإذا رحلت على حين غفلة سينكسر القلب ويبلى الضمير. قدّمت له أجمل الزنابق في محلها وقالت هامسة "حاول ألا تكسر أعناقها!"







#خيري_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلامٌ في مهبّ الريح
- كلوشار
- صفعات
- الشاعر البلغاري بيتكو براتينوف
- مائدة في رابعة الزمان
- ليس من عادتي البكاء
- رشاد أبو شاور – عاشق مسافر
- الرحلة رقم (001) الحلقة الثانية
- الرحلة رقم 001
- العرب يحسنون الخسارة
- ملك الغجر
- لا شيء سوى الجنس!
- جدوى خطّة سلام الدكتور أفنان القاسم
- ما بعد الأبديّة بفرسخ
- تلك المرأة
- قلبٌ واحدٌ لا يكفي
- علي والكفّ
- الصحراءُ وأنتِ!
- القلم المكسور
- لا تلبس الأزرق أمام عدسة زنوبيا


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - الزنابق والأعناق المكسورة