|
جارة القَمَر مرّة اخرى
زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 2245 - 2008 / 4 / 8 - 06:49
المحور:
الادب والفن
فيروز ،قيثارة الشّرق وأرغن الليل الهامس ، تستعيد نشاطها ، بالامس القريب في دمشق وغدا في القاهرة ، هذه الفيروزة ، صاحبة الصّوت الكريستالي الرخيم ، تُمنّع الشّرق والغرب والسماء بشجو صوتها الهادئ النسيج وحده. فبروز جارة القمر "تُسيّحُ" هذه المستورة دمي ، حين ينتقل صدى صوتها في كياني ، فيعبث بمشاعري ويرقص على قسمات عمري رقصةً سرمدية . فيروز، هذه السّيدة الأنيقة الآتية من الشّرق ، والعابقة بشذا حارات القدس العتيقة ، ونفحات بعلبك وتدمر وجرش وبيسان ، لها منزلة سامقة في قلوبنا. فيروز ، هذا السّرّ الأعظم !! فهي تعطي أبدًا من ذاتها كما المحبّة ، تعطي فنًّا خالصًا يترنّح شموخًا وعِزةً وطنية ، تعطي لنا ما حقّ لنا فيها ، تعطينا الأحلى والأجمل والشهد المُصفّى ، وتترك ما عدا ذالك لنفسها ، فهو ملكها الخاصّ والخاصّ جدًا ، وهذا من حقِّها . كل الفنّانات وهنّ بالمئات!!!! يسرعْن إلى اللقاءات التلفزيونية ، امّا هي فتأبى ، وقد تسمّيه السيدة ابتذالاً وهرولة ، وقد تكون على حقّ ، وقد تكون على غير حقّ ، فالبشر وخاصة في الشرق يحبّون الثرثرة والانفتاح الزائد والتأرجح على حبال بيروت ، ويُحبّون القال والقيل والرأي والرأي المُضاد ّوالنزاع ، حيث الغبار يتطاير من كلّ صوب ، نعم نحب ان تحتدّ ذات القِوام المشيق ، والزّنار النيليّ ، والصّوت العادي، فنقوم بعصبية وتترك الاستديو بتظاهرة مُصطنعة ، حتى تضجّ وسائل الإعلام بكلّ ألوانها وأشكالها بهذا الحَدَث الخطير ، وتظل تتناوله الأقلام والألسن أشهرا ...أليست هذه الحادثة أوقع وأشدّ أثرًا من أحداث رواية تولستوي الخالدة؟!! تقوم امّ الزنّار النيليّ وهي ترفل بالثوب الأنيق المشقوق من كلّ جانب ، فتقوم معها الدّنيا ولا تقعد !! ورغم كل ذالك فكثيرًا ما أتساءل ، لماذا لا تظهر هذه اللؤلؤة ولو لُمامًا تدردش ويدردشون معها ...فاضحك من الأعماق في سِرّي وأقول :ستكون القيامة آنئذٍ!!فهذه السيدة ما خُلقت لمثل هذه الحالات ، وما وُلِدَت ليصول ويجول معها شابّ ومذيع أغرّ في قسمات وخطوط حياتها ، فيتفكّه هنا ويرشّ الملح حينًا والسُّكر حينًا آخَر . سماعك لفيروز لربع ساعة فقط كفيل برسم ابتسامة وضيئة على ثغرك ، وبتغيير كُلّي في مزاجك ، فصوتها العطر لا يقف عند حدود الاذن، بل يتعدّاه الى القلب والوجدان والإحساس ، فاسمع غزلها الأنيق ، الصّافي ، العفيف والصادق تلعن ألف مرة كثيرًا من أغنيات الغَزَل الدارجة في أيامنا ، هذه الاغنيات المليئة بالتّأوه المُختَلَس من سُويعات الَُّمر المُحرَّمة !! اسمع يا صاحِ موّشحاتها تنثر الف رحمة على ثرى مَن وشَّحَ الدّنيا بالموّشَحات . كثيرون يتوقون إلى رؤية الفيروزة ، والى مُصادفتها ، والى لقاء ولو عابر ، ولكن هيهاتِ ، فالعارفون يقولون : انّ جارة القمر تعيش متنقّلة ما بين بيتها في الراّبية وبيتها الثاني في الرّوشة ، ونادرًا ما تخرج من البيت ، وان حدث وخرجت فتخرج في طرق شبه سرّية ، فهي لا تقابل الا الاهل والأصدقاء والمستشارين القلائل ، فحياتها هادئة ، صافية ، وتكاد تكون ليلية حتّى لا يمكن الاتصال بها الا بدءًا من ساعات ما بعد الظهر . ترى ماذا تفعلين يا امّ زياد في هذه الايام ، وماذا يشغل بالك ، وما هو رأيك في الوضع السياسي الجامد بل الساخن في وطنك ووطن جبران ونعيمة والريحاني وادونيس وعقل؟ ..هل ما زلتِ تصلّين للرب المُحبّ بصمت كما كنت تفعلين . فيروز أعطتنا حقًّا أكثر ما نستحقّ ، فهل نستطيع يا ترى أن نردّ لها بعضًا ممّا أعطت ؟ ..أعطت القضايا العربية والفلسطينية على وجه الخصوص زخَمًا، فالقدس تُرتّل معها وبيسان ترقص على انغامها ، وبعلبك تنتشي زهوًا ، فالفيروزة قدَّست أعتابها فيروز غنّت الثلج والميلاد والايمان والقيامة ، غنّت الله المحبة . فيروز اطمئني فلك في قلوب الملايين محبة ضافية وتقدير عجيب . فيروز ما أروعكِ
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لغةُ الحياة ،لا لغة التكلُّلف
-
القلبُ الجديد
-
كم من الرجال مثلك يا اسواني؟!
-
فصحُ السّماء
-
عيد الأمّ
-
نهرٌ وصليب
-
صداقة - قصّة للأطفال
-
عُرس ابن الأرملة
-
عيد المرأة العالميّ -فُرصةٌ لحساب النَّفْس
-
غدًا يذوبُ الثّلج
-
....وسيسيرُ الربُّ على السَّحاب
-
عُشُّ السُّنونو
-
رسالة الى مُنتحِر
-
كذا أنا (2)
-
الذي لا ينام
-
هل انقسمَ المسيح ؟
-
وطني
-
بلادي تتزيّن بالمصريين
-
كَيْفَ ؟
-
مَريَم ...نوَّرتِ مصر
المزيد.....
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
-
منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا
...
-
قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|