أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد منصور - حلمنا الذي تحول الى كابوس















المزيد.....

حلمنا الذي تحول الى كابوس


خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 1950 - 2007 / 6 / 18 - 11:48
المحور: القضية الفلسطينية
    


كل المحرومين في الدنيا يجدون في الأحلام نوعا من التعويض عما يفتقدونه في واقعهم، فالفقراء يحلمون بالخبز والعمل، والمظلومين يحلمون بالعدالة، والأسرى يحلمون بالحرية،والجرحى يحلمون بالشفاء، والمشردين يحلمون بالعودة، والخائفين يحلمون بالأمن والأمان، والضعفاء يحلمون بالقوة.. أما نحن الفلسطينيون فقد كنا ومازلنا كل أولئك المحرومين.. فمثلما كانت مصائبنا كبيرة كانت أحلامنا أيضا كبيرة.. فمع أوائل القرن الماضي ابتدأت قضيتنا، وقبل ستون عاما حصلت نكبتنا الأولى، وتعرضنا خلال عشرات السنين لما يعجز عن حمله البشر من ماسي وويلات.. من حروب، وتشريد وقتل وتهجير واعتقال ومطاردة، وفقر وجوع وتنكيل.. لكننا صمدنا وما اندثرنا، وبكفاحنا وإصرارنا أبقينا على قضيتنا حية، وحولناها بالعرق والدم من قضية لاجئين إلى قضية شعب يتوق للحرية والاستقلال، وانتزعنا الاعتراف بنا وبحقوقنا من كل الأطراف العربية والدولية، ولم يعد يناصبنا العداء الجهري على الصعيد الدولي إلا طرفين هما-- إسرائيل الغاصبة المحتلة لبلادنا-- وحليفتها الإستراتيجية-- زعيمة عالم الشر الجديد-- الولايات المتحدة الأمريكية.
ومع الألم والمعاناة ومع الظلم والقهر كنا نحلم دوما بالحرية وبالعودة وبالخلاص النهائي من الاحتلال، وكبرت أحلامنا مع تعاظم كفاحنا وتضحياتنا، حتى أننا وفي لحظة ما صدقنا ما قاله زعيم شعبنا الراحل-- الدولة على مرمى حجر وأننا في ربع الساعة الأخير من معركتنا من اجل نيل حقوقنا-- وزاد تفاؤلنا حتى صرنا نسترسل بالخيال ونستفيض بالتفكير بماهية دولتنا وشكل الحياة فيها.. اقتصادنا ونظام حكمنا، ووضع الديمقراطية والحريات والتعددية، واحترام حقوق الإنسان واحترام الآخر.. لكن أحلامنا بدأت تخبو شيئا فشيئا -- بعد أن كانت قد أخذت شحنة كبيرة خادعة من اتفاق اوسلو-- وبعد تشكيل أول سلطة فلسطينية-- بدأت أحلامنا تخبو وتذبل ونحن نرى الأداء التفاوضي الفلسطيني الهزيل، الذي سمح لعدونا بمراكمة الانجازات واستغلال المفاوضات ليوسع استيطانه بوتيرة لم تكن معهودة في السابق.. وتعاظم الإحباط في قلوبنا ونحن نرى اخطر المؤشرات على شكل النظام السياسي الفلسطيني الذي كان يراد ترسيخه.. نظام الحزب الواحد المتحكم المهيمن بكل شيء، والمستأثر بكل شيء، وهو ما خلف الفساد المالي والإداري وشوه مفاهيم التعددية وقيم الديمقراطية ومقولة دولة القانون والمؤسسات.. ورغم كل ذلك أقنعنا أنفسنا بأنه يمكننا في المستقبل أن نقوم بالتغيير وتصويب الأداء والقضاء على كل المثالب التي استفحلت في السلطة الوطنية التي تشكلت بعد اوسلو..
كان حلمنا قبل عام 1967 تحرير فلسطين كل فلسطين، وإقامة الدولة العربية الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني، تلك الدولة التي تطلعنا إليها كي تستوعب كل الفلسطينيين المشردين في كل أرجاء العالم، فتراجع الحلم ليحل محله حلم بناء الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي المحتلة عام 1967، ومع مضي السنين وتفاقم الخطوب، بدا هذا الحلم أيضا بالتقزم والانكماش، فصار حلم الدولة المستقلة مشكوك بإمكانية تحقيقه، وذلك مع قيام إسرائيل بالقضاء على الإمكانيات المادية لإقامة الدولة المستقلة، عن طريق فرضها للأمر الواقع الاستيطاني-- الذي صارت زعيمة العالم الحر أمريكا تطالبنا بالاعتراف به.. ثم تقزم الحلم أكثر فأكثر مع بناء إسرائيل لجدار الفصل والعزل العنصري الاستيطاني.. وتاكل الحلم والأمل ليصل إلى الحضيض-- مع اشتداد الحصار العسكري والاقتصادي الإسرائيلي والدولي على شعبنا، ولا أبالغ حين أقول أن الحلم بتخفيف الحواجز العسكرية ووقف أعمال القتل والاعتقال والاجتياحات حل آنيا محل الحلم بالدولة والاستقلال، مما جعل انجازه يعتبر مكسبا وطنيا عظيما لدى فئات واسعة من جماهير شعبنا.. وقد تفاقم الإحباط الجماهيري ليصل الذروة مع دخول قيادتنا الوطنية والإسلامية معترك الصراع الداخلي على السلطة وامتيازاتها-- بعد اندحار حركة فتح وتقدم حركة حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة-- وهو المعترك الذي اخذ شكلا دمويا عنيفا سرعان ما تفاقم ليتحول إلى فتنة واقتتال داخلي همجي وبربري..
ومرة أخرى خابت أحلامنا وتكشف لأعيننا هشاشة وحدتنا الوطنية، بعد أن تحولت الشراكة السياسية التي ظل يتغنى بها الجميع إلى محاصصة وتقاسم وظيفي، وتوارت مقولات القانون والنظام وتكافؤ الفرص ودولة المؤسسات، لتحل محلها المكاسب الفئوية الضيقة والسعي لقضم اكبر حجم من كعكة السلطة.. وتلاشت الخطوط الحمر، واهرق الدم الفلسطيني بغزارة، وتخندق المتحاربون كأعداء حقيقيون، والكل منهم يدعي انه حامي الشرعية والمدافع عن مصالح الشعب الوطنية العليا، وتحت هذه الشعارات سقطت المحرمات، وتعامل الفرقاء وكأنهم وحوش الغاب، وسقطت الضحايا وأحرقت المنازل والمؤسسات، واخرج كل طرف الطرف الآخر عن ملة الدين أو خانة الوطنية..
لقد حدث ما لم نكن نتوقعه حتى في الأحلام، وصرنا مثل الصومال أو لبنان الحرب الأهلية، مع فارق أننا ما زلنا تحت الاحتلال.. وأصبح حلمنا الوطني بالدولة المستقلة الواحدة الموحدة في مهب الريح، وأخذت تدفعنا العواصف نحو واقع جديد... بعد أن أقدمت حركة حماس على اللجوء للحسم العسكري للصراع، وسيطرت بالكامل على مؤسسات السلطة العسكرية ورموزها في كامل قطاع غزة، وهي الخطوة التي لا يمكن تسميتها إلا بالانقلاب العسكري الذي اتبعته بعد ذلك بانقلاب سياسي آخر حين رفضت الالتزام بالمراسيم التي أصدرها الرئيس، لقد أقدمت حركة حماس على خطوة ذات مغزى سياسي ستتكشف آثاره على المدى البعيد، وهي بذلك تكشف على أنها استخدمت الأدوات الديمقراطية للوصول إلى الحكم-- بتخطيط مسبق-- لتقوم بعدها بتدمير نفس هذه الأدوات، الأمر الذي يجعلنا نعتقد أنها كانت تهيئ الظروف لإنشاء نظام ديني أصولي، يتنافى مع كل تلك الأحلام التي عشنا عليها ومن اجلها-- في إقامة نظام ديمقراطي تعددي ومجتمع تحفظ فيه الحريات وحقوق الإنسان وتصان فيه كرامة المواطن-- والأمر المؤسف حقا والمرفوض قطعا هو ذلك الرد الذي مارسته حركة فتح في مناطق الضفة الغربية، والذي نظرت إليه الجماهير أيضا بامتعاض وتخوف شديدين، واللافت للنظر أن كلا من حركتي فتح وحماس تمارسان ضد بعضهما ما مارسته الحكومة العراقية المشكلة تحت الاحتلال الأمريكي في العراق، عندما سنت قوانين اجتثاث حزب البعث..
والآن وبعد هذا الزلزال العنيف والكابوس المذهل لا بد من القول-- أن الغبي فقط هو من كان يراهن على حكومة الوحدة الوطنية وقدرتها على إخراج شعبنا من مأزقه-- والساذج فقط هو من ظن أن اتفاق مكة يمكن أن يؤسس لحكومة شراكة حقيقية ويمكن لها أن تدوم أكثر مما دامت، فقد استفاق شعبنا يوم الجمعة 15/6/2007 على كابوس مخيف، وقتلت أحلامه بسكين بادح، فحلم الدولة العزيز أصبح بعيد المنال جدا، وأخذت تلوح في الأفق خيارات وسيناريوهات خطيرة جدا، تهدد حاضر ومستقبل شعبنا وقضيته، فمكان حلم الدولة الواحدة والحكومة الواحدة للشعب الواحد-- حل كابوس الدولتين والحكومتين والتقسيم لوحدة الشعب.. دولة أصولية دينية شمولية تديرها حكومة حمساوية في غزة-- ودولة علمانية شمولية تديرها حكومة فتحاوية ( مع بعض التجميل ) في الضفة.. وتبدأ بينهما بعدها معركة التنازع على الشرعية، والتنافس على كسب تأييد ودعم القوى الإقليمية والدولية، الذي قد يجر احدهما أو كلاهما للدخول في المحظور، وتقديم كل الآمال الوطنية أو بعض الأجزاء الهامة منها ثمنا للحصول على الدعم والتأييد والاعتراف بالشرعية من قبل تلك الدول والمحاور الإقليمية والدولية المتصارعة على المصالح والنفوذ في عموم منطقة الشرق الأوسط..



#خالد_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء من الشبكة الدولية للشباب الفلسطيني من أجل السلام والحيا ...
- واخيرا فعلها ابو مازن
- شعارات وهتافات لمظاهرة في ذكرى حرب حزيران
- هتافات لمظاهرة عمالية في رام الله أمام رئاسة الوزراء 29/5/20 ...
- الخمسة الكبار .. ذنوبهم اكبر
- العمال الزراعيين في فلسطين والاستغلال الفظيع
- في الحنين للديار الفلسطينية الاولى - ليلة من ليالي ام الزينا ...
- في ذكرى النكبة الكبرى للشعب الفلسطيني - مخاوف وثوابت اللاجئي ...
- في ذكرى النكبة الفلسطينية - من مفكرة لاجئ - يوم صمتت مدافع ا ...
- قصة كفاح ومعاناة عامل فلسطيني - من اجل لقمة عيش
- وزير يحترم نفسه
- حكومة للوحدة ام حكومة للفلتان
- في عيد الام - اه يا امي .. ما احوجني اليك
- لا صوت يعلو فوق صوت المحاصصة
- ليسمح لنا الاستاذ حافظ البرغوثي
- لا بد من إسماع رايس كلمة لا كبيرة
- الرفاق حائرون
- الشعب يتهم
- أشكال الاحتجاج الحالية ضد الاقتتال الداخلي لم تعد كافية
- سبل الخروج من المازق الفلسطيني


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد منصور - حلمنا الذي تحول الى كابوس