كاليفورنيا تحترق.. ومقاومة عنف ترامب العنصري مشروعة
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8370 - 2025 / 6 / 11 - 22:07
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
رغم العنف وإنزال الحرس الوطني الأمريكي ضد المتظاهرين في الشوارع. تستمر، منذ أيام، الاحتجاجات ضد سياسات الترحيل العنصري، التي يصر الرئيس الأمريكي على استمرارها. بعد نشر 2000 جندي من الحرس الوطني في البداية خلال عطلة نهاية الأسبوع، حشد الرئيس دونالد ترامب 2700 جندي آخرين، بينهم 700 من مشاة البحرية. من جانب آخر تم فصل زعيم النقابات العمالية ديفيد هويرتا، الذي وُجهت إليه تهمة التآمر لعرقلة عمل المؤسسات العامة، في إشارة لعمليات الترحيل القسرية. وتم اعتقال النقابي المعروف يوم الجمعة الفائت خلال الاحتجاجات على مداهمات سلطات الهجرة الأمريكية في لوس أنجلوس.
وقالت صحف يسارية أوربية إن ما يدور في الولايات المتحدة يذكرنا بحرب أهلية في ساحل البلاد الغربي. جنودٌ يسيرون بكامل معداتهم القتالية، يحرقون حواجز، وسياراتٌ مقلوبة، وأطفالٌ مرعوبون لعائلاتٍ بريئةٍ كانوا في البداية يحتجون ضد اعتقالهم الوشيك، ما بدأ بتظاهراتٍ ضدّ الترحيل الجماعي في لوس أنجلوس، امتدّ منذ ذلك الحين إلى سان فرانسيسكو ومواقعَ أخرى. لقد حدثت المواجهات بعد أمرٍ من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن، ردًّا على الاحتجاجات، على منصته اليمينية الخاصة يوم الأحد: "الأمور تبدو سيئةً في لوس أنجلوس. استدعوا القوات".
كاليفورنيا تحترق
لقد تحولت كاليفورنيا إلى مسرح لاستعراض قمعي للقوة لم تشهده الولايات المتحدة منذ عقود. بعد أن اعتقلت سلطات الهجرة العشرات، معظمهم من أصول لاتينية، غالبًا دون تمييز، ردّ المتضررون في ثاني أكبر مدينة أمريكية، بمسيرات احتجاجية سلمية شارك فيها الآلاف، وأغلقوا الطرق السريعة، أمام مبنى إدارة الحكومة الفيدرالية الأمريكية ومجمع السجون في وسط المدينة، وطالبوا بإنهاء مطاردة المهاجرين. وبالنسبة لترامب، كان هذا نموذجًا لتصعيد مدروس. وصف المتظاهرين بـ "الغوغاء" ولوس أنجلوس بـ "مدينة يحتلها المجرمون". واعتبرت الاحتجاجات "تجمعًا غير قانوني"، وردّت قوات الأمن الاتحادية بالغاز المسيل للدموع وناقلات الجند المدرعة وقوات مكافحة الشغب. ونشرت القيادة الشمالية الأمريكية، المسؤولة عادةً عن التهديدات العسكرية الخارجية والهجمات الإرهابية والكوارث الطبيعية، 2000 جندي من الحرس الوطني في المنطقة بناءً على أوامر ترامب، بالإضافة إلى 700 من مشاة البحرية على أهبة الاستعداد.
ردود فعل مباشرة
ترى سيكلي غاي، رئيسة حركة "حياة السود مهمة" العالمية، أن هذا استفزاز متعمد: "إن استخدام الحرس الوطني ضد المتظاهرين - في مدينة لا تزال تعاني من الظلم العنصري وسياسات الهجرة الظالمة، يُذكرنا هذا بشدة باستعراض القوة الذي قامت به الحكومة في واشنطن بعد مقتل جورج فلويد". وأدانت عمدة لوس أنجلوس، كارين باس، نشر الجيش قائلةً: "لم يكن ذلك لأسباب أمنية، إنه استعراض استبدادي". كما اتهم حاكم كاليفورنيا الديمقراطي، غافين نيوسوم، ترامب بإثارة التصعيد وانتهاك القانون لتصوير نفسه على أنه يمتلك سلطة التصرف. وأعلن نيوسوم، الذي يُنظر إليه على أنه مرشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2028، عن رفع دعوى قضائية. ويُعد نشر الحرس الوطني، الذي تخضع وحداته في الولايات المتحدة لسيطرة حكومات الولايات المعنية، أول عملية منذ عقود يأمر بها رئيس أمريكي، في تعارض واضح مع الدستور. ولهذا دعا حاكم كاليفورنيا الديمقراطي، غافين نيوسوم، ترامب إلى سحب الوحدات، ووصف نيوسوم النشر بأنه "انتهاك خطير للسيادة الفيدرالية".
لا يقتصر الغضب على الولايات المتحدة فحسب، إذ دعت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم السلطات الأمريكية إلى "معاملة المهاجرين بكرامة"، ونددت بالملاحقة القضائية غير المبررة لمواطنيها. وقالت يوم الأحد: "المداهمات أو العنف ليسا الطريقة الصحيحة للتعامل مع ظاهرة الهجرة".
ترامب يصر على
عمليات الترحيل القسري
حذّر البيت الأبيض السلطات المحلية في لوس أنجلوس من أن الاضطهاد المكثف للمهاجرين سيستمر لمدة 30 يومًا أخرى. وكان ترامب قد وعد بـ "عمليات ترحيل جماعي" خلال حملته الانتخابية. قد يكون التصعيد وشن حملة قمع حقيقية ضد مهاجرين يعانون من صعوبات قانونية في العديد من المدن الأمريكية، يهدف إلى إثارة مقاومة حازمة، وبالتالي منح الرئيس الأمريكي فرصة لاختبار حدود سوء استخدام الدستور.
وقد تكون الوحشية المكشوفة في سياسة الهجرة أيضًا محاولة لتعزيز شعبية ترامب، التي تراجعت بشكل ملحوظ في ظل ضعف الاقتصاد ونهج الرئيس غير المُتسق في السياسة التجارية.
إن الفعل الحقيقي للعنف يكمن في تجريم فئات سكانية بأكملها، وليس في الاحتجاجات ضده. إن ما يحدث حاليًا في لوس أنجلوس هو تنفيذ لهدف ترامب الاستراتيجي المتمثل في كسر شوكة ما يطلق عليه في الولايات المتحدة "مدن الملاذ الآمن"، تلك المدن التي ترفض التعاون مع الحكومة الفيدرالية في اقتلاع شرائح من سكانها.
يبدأ الفعل الحقيقي للعنف بتشويه سمعة مجموعات سكانية بأكملها وتجريمها، كما يفعل ترامب باستمرار. ويُترجم مُدبّر الكراهية العنصرية، نائب رئيس الأركان ستيفن ميلر، هذا إلى تعليمات لهيئة الهجرة والجمارك: في نهاية أيار، أصدر ميلر توجيهًا يقضي باعتقال 3000 شخص يعانون من مشاكل قانونية يوميا وترحيلهم في أسرع وقت ممكن. ويجب أن يتم ذلك تمامًا بغض النظر عن السجل الجنائي أو الوضع العائلي أو الدخل. هذا انحطاط إنساني، وجنون اقتصادي، وعنصرية خالصة في نهاية المطاف، على غرار ممارسات الفاشيين الجدد في أوربا.