كولومبيا.. مصادرة أصول شركة النفط البريطانية - الفرنسية لدعمها المليشيات


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 8407 - 2025 / 7 / 18 - 02:51
المحور: الادارة و الاقتصاد     

لأول مرة، صادرت النيابة العامة الكولومبية أصول الشركة البريطانية – الفرنسية، كأجراء احترازي، بسبب تمويلها مليشيات خلال النزاع المسلح الداخلي. وخلال فترة حل أكبر مليشيا في البلاد " قوات الدفاع الذاتي المتحدة في كولومبيا "، التي استمرت عشر سنوات، كشفت تصريحات عناصر المليشيا السابقة أن الشركة البريطانية الفرنسية تعاونت مع المليشيا المذكورة.

تخادم
في سنوات ١٩٩٧ - ٢٠٠٥، قامت الشركة بدعم مليشيا " قوات الدفاع الذاتي المتحدة في كولومبيا " في مقاطعة كاساناري بالمال والوقود والغذاء والنقل، مقابل خدمات أمنية خاصة لحماية آبار النفط التابعة لها. ووفقًا لمكتب المدعي العام الكولومبي، مكّنت هذه المليشيات الشركة النفطية من زيادة إيراداتها خلال هذه الفترة المذكورة.

بواسطة شبكة استرداد الأصول التابعة لـ "مجموعة العمل المالي لأمريكا اللاتينية"، تمكن مكتب المدعي العام الكولومبي من الحصول على معلومات مهمة بشأن هيكل شركة النفط وهيكلية المراقبة داخلها. تقوم الأمم المتحدة بدعم هذه الشبكة، وتُسهّل على الدول الأعضاء فيها تحديد مصادر الأصول المتأتية من أنشطة غير مشروعة واستردادها. وقد قدّمت تقنيات التحليل الجنائي أدلة على تورط أعلى مستويات الشركة المذكورة في التمويل غير المشروع.

وافقت المحكمة العليا في كولومبيا باتخاذ إجراءات احترازية لمصادرة الأصول وتعليق صلاحية التصرف. وداهمت السلطات مكتبين تابعين للشركة. توظف الشركة حاليًا 400 منتسب في كولومبيا، وتنتج حوالي 14 ألف برميل نفط يوميًا.

وقامت النيابة العامة بتحويل الأصول المصادرة، التي تصل قيمتها إلى قرابة10 ملايين دولار أمريكي، إلى صندوق تعويض الضحايا حتى يمكن استخدامها لتعويض المتضررين من عنف المليشيات في مقاطعة كاساناري.

ورفضت الشركة، الأربعاء الفائت الاتهامات، نافية أي علاقات تربطها بجماعات غير قانونية، وترفض صرف أصول الشركة لصناديق التعويضات.

تعمل شركة النفط بشكل رئيسي في القارة الأفريقية وأمريكا الجنوبية، وقد اتُهمت بانتهاكات بيئية وحقوقية في مناسبات عديدة. في بيرو، خضعت الشركة لعشر عقوبات إدارية، بسبب 58 انتهاكًا بيئيًا في مقاطعة لوريتو بمنطقة الأمازون. وتزايد الضغط على شركة النفط بعد أن أعلنت وزارة الثقافة في بيرو عن وجود مجموعتين من آخر الشعوب الأصلية التي تعيش منعزلة في منطقة الغابات المتضررة.

في كولومبيا، تتورط شركات أخرى متعددة الجنسية في تمويل المليشيات. وتُتهم شركة كوكاكولا وشركة الموز تشيكيتا بدعم المليشيات واستغلالها لأغراضهما التجارية الخاصة، بما في ذلك اغتيال نقابيين وأعضاء في حزب الاتحاد الوطني اليساري في مقاطعة أورابا.

وفقًا للجنة كشف الحقائق في كولومبيا، كان 85 في المائة من ضحايا النزاع المسلح، الذي استمر لأكثر من نصف قرن، مدنيين. وكان العقد الممتد بين عامي 1995 و2004 عقدًا وحشيًا للغاية.

قرارات سابقة
وكانت هيئة محلفين أمريكية قد أدانت في 10 حزيران 2024 في ميامي شركة الموز" تشيكيتا براندز إنترناشيونال" لتمويها مليشيا «قوات الدفاع الذاتي المتحدة» في كولومبيا، وهي واحدة من المليشيات المعروفة بـ «فرق الموت». وفرض القرار على الشركة دفع 38 مليون دولار كتعويض لضحايا ثمانية أسر من عمال المزارع الكولومبيين تمت تصفيتهم. ويعد القرار أول انتصار كبير لأسر ضحايا عنف المليشيات في كولومبيا بعد 17 عامًا من الملاحقة القانونية.

وأكد القرار، الذي اعتبر تاريخيا أن شركة الموز قامت بتمويل مقصود للمليشيات بهدف تحقيق المزيد من الأرباح، على الرغم من انتهاكاتها الصارخة لحقوق الإنسان. وفي الولايات المتحدة تم تصنيف مليشيات فرق الموت كمنظمات إرهابية. وبواسطة دفع أكثر من 1,7 مليون دولار من الأموال غير الشرعية إلى المليشيات في سنوات (1997 إلى 2004)، ساهمت شركة الموز في معاناة وخسائر لا توصف في مناطق الموز الكولومبية على ساحل البحر الكاريبي، وشمل ذلك القتل الوحشي للمدنيين الأبرياء. واعترفت الشركة بما يسمى «مدفوعات الحماية» للميلشيات. وبهذا تم أخيرًا تعويض بعض ضحايا سلوك الشركة وعائلاتهم..

وتعتبر مليشيا" قوات الدفاع الذاتي المتحدة" واحدة من أكثر المليشيات اليمينية وحشية في الصراع المسلح في كولومبيا، وهي المسؤولة عن معظم عمليات القتل على الإطلاق. وتم تأسيسها لمحاربة حركات الكفاح المسلح اليسارية مثل القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك)، وقام كبار ملاك الأراضي والشركات بتوظيف هذه المليشيات للدفاع عن ممتلكاتهم. كما تعاونت حكومات اليمين الكولومبية المتعاقبة وجيشها معهم، مما أدى إلى ارتكاب جرائم خطيرة ضد حقوق الإنسان. وبواسطة التهجير القسري، أنشأت المليشيات مناطق ضخمة لتربية الماشية والزراعة الأحادية للموز وزيت النخيل، حققت الشركات الكبيرة أرباحا طائلة منها.