ترامب وحكومات الفاشيين الجدد الأوربية يوصمون مناهضة الفاشية بالإرهاب
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8475 - 2025 / 9 / 24 - 22:49
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
اعتبر ترامب بموجب قرار رئاسي حركة مناهضة الفاشية منظمة إرهابية محلية، ودخل القرار حيز التنفيذ. تنص الفقرة الأولى من القرار، على أن "مناهضة الفاشية" منظمة عسكرية فوضوية تدعو صراحةً إلى الإطاحة بحكومة الولايات المتحدة، وأجهزة إنفاذ القانون، ونظامنا القضائي ". ويهدد القرار "بالتحقيق والملاحقة القضائية" ضد من يدعمها ماليًا.
بالمقابل شكك خبراء قانونيون أمريكيون في فعالية الأمر، لخلو القوانين الامريكية من توصيف "منظمة إرهابية محلية". ومن المرجح أن تمنع حماية التعديل الدستوري الأول لحرية التعبير وتكوين الجمعيات أي محاولة من جانب الكونغرس لإقرار قانون يسمح للحكومة بتصنيف الجماعات المحلية كمنظمات إرهابية.
والتفسير المقابل، الذي تتداوله أوساط يسارية، يشير إلى إمكانية أن يوظف قرار ترامب كتفويض مطلق لقمع أي نوع من المعارضة اليسارية، من الشيوعيين إلى الديمقراطيين الاجتماعيين ومعارضي الترحيل القسري للمهاجرين، وصولًا إلى أوساط تقدمية في الحزب الديمقراطي.
مناهضة الفاشية حركة مفتوحة
وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، دفعت هذه المخاوف جهات إنفاذ القانون الأمريكية إلى معاملة منظمات النازيين الجدد، مثل "فوج الأسلحة النووية"، كمنظمات إجرامية، بدلا من توصيفها بالإرهابية. وكان ترامب قد أصدر في عام 2020 قرار مشابهًا، لم يسفر عن أية ممارسة ملموسة. فضلا عن ان "مناهضة الفاشية" حركة مفتوحة لا تمتلك هياكل، وليست منظمة هرمية، ولا تملك مصادر تمويل ثابتة. بل هي حركة سياسية - ثقافية متنوعة المشارب يمتد جمهورها من اليسار يكل تياراته، وتيارات قوى الوسط الاجتماعية، وتيارات ليبرالية، القاسم المشترك بينها مناهضة الفاشية والنازية على أساس القيم التي تحفظ كرامة الانسان وتدين الجريمة والعنف والحروب التي تدمر المجتمعات.
يأتي هذا القرار في خضم حملة واسعة النطاق شنّها ترامب لإسكات منتقديه ومعارضيه السياسيين. بلغت هذه الحملة ذروتها باستغلال مقتل الناشط اليميني تشارلي كيرك. وعلى الرغم من وضوح الترابط بين الحدثين، إلا أن ترامب لم يشر صراحة إلى مقتل كيرك.
وبالإضافة إلى تجريم حركة "مناهضة الفاشية"، أعلن ترامب في الأيام الأخيرة أنه سيقوم أيضًا بفحص أنشطة وتمويل المنظمات غير الحكومية والمؤسسات، مثل مؤسسة فورد، التي تعد في الإطار العام تقدمية.
على خطى ترامب
وعلى الرغم من احتمال عدم فعالية أمر الرئيس الامريكي، فقد اتخذت تهديداته بُعدًا دوليًا: في هولندا، أقرّ البرلمان اقتراحًا قدّمه، زعيم حزب الحرية الفاشي الجديد خيرت فيلدرز لحظر حركة مناهضة الفاشية. وفي إشارة إلى خطة ترامب، تم التأكيد على ان المناهضين للفاشية يعرقلون الفعاليات بانتظام، ويمارسون العنف، ويهددون السياسيين. وبعد يومين، أشعلت مجموعة من اليمين المتطرف النار في سيارات الشرطة وهاجمت مكاتب الأحزاب خلال تظاهرة مناهضة للهجرة في لاهاي، مما يكشف أهداف مقترح زعيم اليمين المتطرف الهولندي. وفي المجر، أعلن فيكتور أوربان أيضًا في مقابلة أنه سيشنّ حملة صارمة على الحركة المناهضة للفاشية.
التشبيك العالمي
للفاشيين الجدد يتطور
ان القلق على مستقبل الحركة المناهضة للفاشية جدي وملموس. ويبدو أن الشبكة الدولية لليمين المتطرف أكثر حيوية من أي وقت مضى، منذ الانتصار على النازية والفاشية في أوربا واليابان عام 1945. وما لم يحققه ستيف بانون، خبير الدعاية الانتخابية لحزب البديل من أجل المانيا اليميني المتطرف ومستشار ترامب السابق، بواسطة جولاته الأوروبية الشهيرة، حققه استغلال مقتل الناشط اليميني الأمريكي تشارلي كيرك في لمح البصر. لم يقتصر الأمر أخيرا على ظهور بيئة عالمية لليمين المتطرف من خلال الاستخدام الماهر لوسائل التواصل الاجتماعي والحرب الثقافية والحملات المناهضة لحركة "استيقظوا"، والتي لم تعد تنحصر بالحدود الوطنية. لقد كان كيرك جزءًا منها، ولهذا السبب تحديدًا، تتضاعف قوة رمزية مقتله بلا حدود، ويلقي هذا التطور ظلالا على طبيعة القوى التي نفذت اغتياله.
الفاشيون الجدد وإرث اليسار
إن عمليات السطو على برامج اليسار الاجتماعية، وأساليبه التعبوية من قبل اليمين المتطرف باتت معروفة، وإلى جانب هذه الممارسة هناك سعي حثيث من اليمين المتطرف لافتعال رموز "نضالية" تحاكي رموز اليسار التاريخية، التي تحولت إلى مصدر الهام لشبيبة العالم عبر عقود زمن طويلة، ولعل أبرزها حضور المناضل الاممي ارنستو تشي جيفارا.
في مؤتمر "تحيا أوربا 2025 " للفاشيين الجدد، الذي نظمته أحزاب اليمين المتطرف في العاصمة الإسبانية مدريد، قال زعيم حزب فوكس اليميني المتطرف الإسباني: " نعلم أنهم لا يقتلوننا لأننا فاشيون؛ بل ينعتوننا بالفاشيين ليقتلونا"، هنا تنشر أسطورة الضحية لتترسخ في المجتمع. وهناك محاولة لتحويل كيرك إلى رمز يميني متطرف يوازي رمزية جيفارا. وهكذا، يُطور اليمين المتطرف أيضًا رمزيةً تجذب الناس، وخاصة شبيبة العالم.
ينجح اليمين المتطرف حاليًا في بناء جبهة مشتركة. ويواجه اليسار العالمي تحدي توحيد قواه. وإعلان مكافحة فاشية القرن الحادي والعشرين. إن سياسة إقصاء اليمين المتطرف، مهما كانت ضرورية، أصبحت غير كافيةٍ. إن هناك حاجة إلى استراتيجية عالمية، مترابطة وهجومية بالقدر نفسه.