القضية الفلسطينية والأزمة الفرنسية تُهيمنان على أجواء مهرجان لومانيتيه 2025


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 16:23
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

ملفان هيمنا هذا العام على الأجواء السياسية لمهرجان "لومانتيه" للفترة 12 -14 أيلول 2025: التضامن مع الشعب الفلسطيني، والأزمة السياسية المتصاعدة في فرنسا، بعد سحب الثقة من حكومة ماكرون الثانية، وتعيينه المتسرع لرئيس وزراء جديد، قبل أيام، إلى سقوط الحكومة، وتعيين رئيس وزراء جديد.

فقد اتسمت دورة المهرجان هذا العام بحضور كبير للشبيبة، ربما لأنهم استطاعوا التعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، دون أن يسمحوا للوبي الصهيوني والاعلام السائد اتهامهم بمعاداة للسامية.

خطاب السكرتير الوطني للشيوعي الفرنسي
وأكد فابيان روسيل، السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي، في خطابه الذي كان كالعادة، من أبرز أحداث المهرجان، إضافة لما تقدم، تضامنه مع نضال الشعب الأوكراني ضد الغزو الروسي. وفيما يتعلق بالوضع في فرنسا، أكد أن تعيين وزير الدفاع الحالي، سيباستيان ليكورنو، وهو من المقربين من الرئيس ماكرون، يعني استمرار السياسات الحالية المناهضة للمجتمع، والتي تركز فقط على مصالح الشركات.

وتابع الزعيم الشيوعي، هذا يؤكد الأزمة العميقة التي يعيشها النظام الليبرالي الجديد، الذي، رغم مؤشرات الأزمة السياسية العديدة، يتقوقع على ذاته، ولا يسمع أي نقد او مطالبة في التغيير. لقد تصرف الرئيس ماكرون بما يخدم مصالح النظام عندما عيّن ليكورنو "رائد اقتصاد الحرب"، رئيسًا للحكومة خلفًا لبايرو، الذي كافح دون جدوى ضد طواحين هواء الدين العام الوهمية.

ويأمل روسيل ألا يسمح الاشتراكيون لأنفسهم بالانحياز ضد أحزاب اليسار الأخرى، ما يؤدي إلى تدمير تحالف اليسار (الجبهة الشعبية الموحدة الجديدة). وفي الوقت نفسه، إذا كان المعسكر الحكومي يراهن على نجاح رئيس الوزراء الجديد ـ ذي الخبرة والنجاح في المفاوضات ـ في إقناع الاشتراكيين بالمشاركة في الحكم دون إغضاب الجمهوريين اليمينيين وتقويض دعمهم لحكومة الأقلية، فإن هذا التقدير خاطئًا.

وجدد فابيان روسيل مطالبة تحالف اليسار باستخلاص الدروس من نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة، وتعيين سياسي يساري رئيسًا للوزراء، وتكليفه بتشكيل حكومة. وسيكون هذا الشرط الأساسي لسياسة عدالة ضريبية وتقدم اجتماعي وبيئي.

هذا التغيير الحاسم في المسار طالب به أيضًا الكثيرون من المشاركين في احتجاجات "حاصروا كل شيء" في العاشر من أيلول، التي أكدت مجددًا مدى صعوبة العيش براتب زهيد أو معاش تقاعدي متواضع في ظل ارتفاع الأسعار المستمر، يقابله ارتفاع أرباح الأسهم، الذي يذهب لجيوب كبار رجال الأعمال والأثرياء.

وقال روسيل، بصوت عال وسط تصفيق حار: "لقد انتهت التضحيات والجهود المطلوبة من العمال والمتقاعدين والشباب. لقد قدمنا ما يكفي؛ وعليهم أن يأخذوا من الأغنياء، ولكن ليس المزيد منا. لقد انتهى الأمر".

عندما انتُخب إيمانويل ماكرون رئيسًا لأول مرة عام ٢٠١٧، قدر زعيم الحزب الشيوعي الفرنسي ثروة أكبر ٥٠٠ شخصية في فرنسا بـ ٦٠٠ مليار يورو. واليوم، بعد ثماني سنوات، تجاوزت ثرواتهم ١٢٠٠ مليار يورو. وأضاف: "لقد ضاعفوا ثرواتهم. هذه الأموال هي أموال عملنا، وثروتنا، وضرائبنا: أعيدوها إلينا".

وأكد روسيل أن أكثر من نصف الفرنسيين، وفقًا لاستطلاعات الرأي، غير راضين عن سياسات الرئيس ماكرون وحكوماته، ويطالبون بتغيير جذري في مسارها. ويعتقد روسيل أن هذا الأمر سيتعزز أيضًا باليوم الوطني للإضرابات والاحتجاجات في 18 الحالي، والذي دعت إليه جميع النقابات العمالية الكبرى، واكد مشاركة الشيوعيين واصدقائهم بقوة في فعالياته.

فعاليات سياسية أخرى
في إطار البرنامج السياسي للمهرجانات، نظمت العديد من الفعاليات السياسية. وكان من ابرزها طاولة حوار حول التطورات الجارية في الشرق الأوسط، أدارها بيير باربانسي من الحزب الشيوعي الفرنسي، والتي تحدث فيها الرفيقات والرفاق: رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، فدوى خضر عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، نافيد شومالي ممثل حزب توده الإيراني، وليلى موساوي مسؤولة عن الشرق الأوسط في لجنة العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي الفرنسي. كان حضور الجمهور استثنائيا، وميزه مشاركة كبيرة للشبيب.

في مساهمته اكد الرفيق رائد فهمي على طبيعة مشروع "الشرق الاسط الجديد"، الذي لا ينحصر بالعمل على تصفية القضية الفلسطينية، بل يسعى لإخضاع شعوب الشرق الأوسط، والقضاء على روح المقاومة فيها، داعيا الى حشد كل الوسائل لمقاومته وإفشاله. وعرض الرفيق فهمي بالتفصيل ملامح الوضع الراهن في العراق وفق رؤية الحزب ونضاله من اجل التغيير الشامل، وإقامة دولة مدنية ديمقراطية عصرية، تحقق العدالة الاجتماعية.

وكان الرفيق حنا غريب قد عرض في مساهمته تعقيدات الوضع في لبنان، مشيرا الى طبيعة التهديد الوجودي الذي يهدد البلاد، والدور التاريخي والحالي للشيوعيين في المقاومة الوطنية. وأكدت مساهمة حزب توده على دور الحزب في معركة الاستقلال والحرية، ورفض المشاريع الأمريكية الصهيونية في المنطقة، والتضامن مع الشعب الفلسطيني. وقدمت مساهمة حزب الشعب الفلسطيني تحليلا لطبيعة المشاريع الإمبريالية الصهيونية تجاه البلاد العربية والقضبة الفلسطينية. وعرضت مساهمة الشيوعي الفرنسي مواقف الحزب الثابتة في دعم الشعوب، وفي طليعتها الشعب الفلسطيني، ودانت مواقف الحكومة الفرنسية والحكومات الغربية من حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.