بسبب التضامن مع كوبا.. اغلاق حسابات الحزب الشيوعي الألماني المصرفية


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 00:47
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر     

أغلق مصرف (جي ال اس) التعاوني حسابات قيادة الحزب الشيوعي الألماني والعديد من فروع الحزب، الذي يتعامل مع المصرف منذ فترة طويلة، وقد توسّع هذا التعامل في السنوات الأخيرة ولم يصدر عن البنك أي اعترض طيلة هذه السنوات.

وبدأت أولى بوادر الخلاف بين الحزب والمصرف في أيلول 2025، عندما طلب أحد الموظفين بشكل عاجل معلومات حول استخدام الحسابات، وأبدى اهتماماً خاصاً بتحويل التبرعات لمشاريع التضامن مع كوبا. وأراد المصرف معرفة ما إذا كانت التبرعات التي جمعها الحزب قد خُصصت لدعم مؤسسات الدولة الكوبية، وكيف وصلت الأموال إلى الجزيرة.

ولقد قدم الحزب المعلومات المطلوبة، ولم يتلق ردا على استفساره عن الأسباب الموجبة. وبعد استفسار المصرف بشأن إجراءات التضامن مع كوبا، قرر إلغاء جميع حسابات الحزب، اعتبارًا من 31 كانون الأول 2025. واستند المصرف في قرار الإلغاء، الى حقه في الغاء أي حساب دون الحاجة لذكر الأسباب.

وجاء في بيان صحفي صدر عن الحزب: " حتى المؤسسات التي تُعرّف نفسها بأنها "بديلة"، مثل المصرف، تتراجع جزئيًا إلى خنادق التحول المجتمعي الرجعي العسكري. ان هذا أمرٌ مُشين، ولكنه جزء من الاستعدادات الجارية للحرب. وهذا يُعزز تصميمنا على تكثيف النضال ضد نزوع المصرف للحرب، والدفاع عن الحقوق الديمقراطية، فضلًا عن تضامننا الاممي مع كوبا الاشتراكية".

من جانبها، ردت إدارة المصرف، بان انهاء التعاون تم "في إطار المتطلبات القانونية والتنظيمية" الواجب مراعاتها.

الآثار الخارجية للعقوبات
على مدى أكثر من ستة عقود، تفرض الولايات المتحدة حصاراً اقتصادياً وتجارياً ومالياً على كوبا لإضعاف اقتصادها والتسبب في "الجوع واليأس للإطاحة بالحكومة".

فور أدائه اليمين الدستورية لولايته الثانية، أعاد دونالد ترامب إدراج كوبا على قائمة الدول التي يُزعم أنها تدعم الإرهاب. وكان سلفه، جو بايدن، قد أزال كوبا من القائمة قبيل انتهاء ولايته، مصرحاً بأنه بعد مراجعة شاملة، "لا يوجد حالياً أي دليل موثوق على استمرار دعم كوبا للإرهاب الدولي".

ان إدراج كوبا ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، ضاعفت إدارة ترامب بشكل كبير من المخاطر التي تهدد العلاقات التجارية مع كوبا، فضلاً عن المساعدات الإنسانية. ويعود ذلك إلى أن آثار العقوبات الأمريكية تتجاوز حدود كوبا لتشمل الشركات والبنوك الأوروبية أيضا. لذا، فإن العديد من المؤسسات المالية الأوروبية، تلتزم باللوائح الأمريكية بدلاً من اتباع تشريعاتها الوطنية، وترفض إجراء المعاملات المالية مع كوبا.

ونشرت صحيفة لوموند مؤخراً تقريراً حول كيف تُقيّد العقوبات الأمريكية المفروضة على قضاة ومدّعي المحكمة الجنائية الدولية حياتهم اليومية. فهم لا يُمنعون من دخول الولايات المتحدة فحسب، بل يُعزلون أيضاً عن جزء كبير من النظام المالي العالمي، بما في ذلك النظام الأوروبي (بطاقات الائتمان، وحجوزات الفنادق، والطلبات عبر الإنترنت، إلخ).

وأفادت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، فرانشيسكا ألبانيز، التي فرضت الولايات المتحدة عليها عقوبات أيضاً، كيف أن تأمينها الصحي الخاص يرفض سداد التكاليف بسبب العقوبات الأمريكية، كما يتم إلغاء حجوزات الفنادق الخاصة بها.

لا يتخذ الاتحاد الأوروبي ولا الحكومة الألمانية أي إجراءات لحماية المصارف والشركات الأوروبية التي تقع ضحية الاثار الخارجية للعقوبات الأمريكية المفروضة على كوبا. بل على العكس، وبصفتهما حليفين مخلصين للولايات المتحدة، فإنهما يطبقان هذه العقوبات بنشاط.

إلغاء لأسباب سياسية
من جهته، أشار الحزب الشيوعي الألماني في بيانه إلى أن ما يُسمى بإلغاء الحسابات المصرفية لأسباب سياسية ليس ظاهرة جديدة، ولم يعد حادثًا معزولًا؛ فقبل سنوات، على سبيل المثال، قرر مجلس إدارة مصرف البريد إلغاء حسابات بعض الأحزاب والمنظمات باعتباره "مساهمة هامة في تعزيز الأمن السياسي".

وكان الهدف من هذه الإجراءات، وفقًا للتبرير الرسمي، استهداف المنظمات اليمينية المتطرفة، إلا أنها استُخدمت لاحقًا بشكل متكرر ضد المنظمات اليسارية. وفقدت العديد من المنظمات ووسائل الإعلام والصحفيين والناشطين حساباتهم المصرفية، وكالعادةً دون تفسير، وفي أغلب الأحيان دون لفت انتباه الرأي العام.