على طريق تعزيز الاستبداد والعنصرية / ترامب يصعّد ضد البنك المركزي الأمريكي
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8450 - 2025 / 8 / 30 - 22:12
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
دخل الصراع على السلطة، المستمر منذ أشهر، بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) مرحلة جديدة، يتصاعد الصراع بين الطرفين حول السياسة المالية "الصحيحة" منذ فترة. ويطالب الرئيس الأمريكي بتخفيضات أعمق وأسرع في أسعار الفائدة. وقد أقال ترامب الآن أحد محافظي الاحتياطي الفيدرالي السبعة، ليزا كوك. ويتهم ترامب، كوك، التي عيّنها سلفه جو بايدن، بالإدلاء بتصريحات كاذبة بشأن طلبات رهن عقاري، مما يُشكك في كفاءتها وموثوقيتها كمشرفة مالية. ومع ذلك، تُصرّ أول امرأة أمريكية سوداء في مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي على موقفها، وتتهم ترامب بعدم امتلاكه صلاحية اقالتها. ولم تفلح محاولات ترامب لإقناع رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بتنفيذ قرار الاستقالة.
في حين تهدف مطالب ترامب بخفض أسعار الفائدة، من بين أمور أخرى، إلى خفض تكاليف الاقتراض الحكومي، يشير الاحتياطي الفيدرالي التزامه بالمهمة المزدوجة التي كلفه بها الكونغرس الأمريكي، ألا وهي تعزيز استقرار الأسعار والتوظيف الكامل من خلال السياسة النقدية. في قراره الأخير بشأن أسعار الفائدة في نهاية تموز، أبقى الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في حدود 4.25- 4.50 في المائة، مما أثار استياء ترامب، الذي حثّ على خفض كبير. مع ذلك، أشار باول، في خطاب ألقاه مؤخرًا في منتدى الاحتياطي الفيدرالي إلى استعداده لتسهيل السياسة النقدية، ربما في بداية أيلول المقبل.
اتهامات من هيئة تمويل
الإسكان الفيدرالية
وفقًا لهذه الادعاءات، أدلت كوك بتصريحات كاذبة عن عمد عند تقديمها طلبات للحصول على قروض عقارية. وفي غضون أسبوعين، قدمت طلبات منفصلة مدّعيةً أن عقارًا في ميشيغان وآخر في جورجيا هما محل إقامتها الرئيسي. أكد ترامب بأن هذا السلوك يدل على إهمال جسيم في إدارة المعاملات المالية، مما يُشكك في "كفاءة كوك ومصداقيتها" كعضو في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي.
نشرت الاتهامات ضد كوك الأسبوع الفائت بعد أن طلب مدير إدارة التمويل الإسكاني الفيدرالي بيل بولتي من المدعية العامة بام بوندي إجراء تحقيق في القضية.
وصرح بولتي بأنه لا يهدف إلى أي أجندة سياسية من الاتهام الموجه لكوك. وفي الوقت نفسه، أعطى ترامب مبررًا لإقالة كوك، مما أكسبه شعبية داخل إدارة ترامب. وبما أن كوك رفضت الامتثال لقرار الإقالة، فمن المرجح أن يُحال القرار في النهاية إلى المحكمة، وربما يصل إلى المحكمة العليا.
ترامب، الذي يدعو منذ أشهر إلى خفض سعر الفائدة، زاد من التشكيك في استقلالية البنك المركزي بإقالته كوك. يُحظر قانونٌ صدر عام ١٩١٣ للحد من نفوذ الحكومة على الاحتياطي الفيدرالي على الرئيس إقالة محافظٍ فيه من تلقاء نفسه. وللقيام بذلك، يحتاج إلى "سبب وجيه".
يقترب المرء من الحقيقة إذا اعتبر الهجوم على موظفي الاحتياطي الفيدرالي جزءًا من إعادة هيكلة شاملة لجهاز الدولة، نُفِّذت وفقًا لأجندة "مشروع 2025"، والتي تهدف جميعها إلى تعزيز السلطات التنفيذية. لكن حتى هذه البونابرتية، وهي النتيجة المحتملة لهذه الجهود، ستبقى مجرد كلام فارغ إذا لم يكن هدفه توسيع السلطة السياسية.
ردود الفعل
ردّ الديمقراطيون بغضب على تصرفات ترامب. ووصفت السيناتور إليزابيث وارن إقالة كوك بأنها "استيلاء استبدادي على السلطة" يجب التراجع عنه. وقالت وارن: "إن المحاولة غير القانونية لإقالة ليزا كوك هي أحدث مثال على رئيس يبحث يائسًا عن كبش فداء للتغطية على فشله في خفض تكاليف الأمريكيين.
كان رد فعل الأسواق المالية مقلقًا بعض الشيء. وصرح المحلل تيم جراف من شركة ستيت ستريت للخدمات المالية: "نشهد مجددًا إقبالًا كبيرًا من المستثمرين المؤسسيين على بيع الدولار". وهم مستعدون لزيادة استثماراتهم في اليورو. وانخفض مؤشر الدولار، ولجأ المستثمرون بشكل متزايد إلى الذهب. ويبقى أن نرى ما إذا كان ترامب سيتمكن من تحقيق مراده مع كوك. فالقانون الأمريكي لا يسمح بإقالة عضو مجلس إدارة حالي إلا لسبب وجيه. ولم يجرؤ أي رئيس أمريكي قبل ترامب على اتخاذ هذه الخطوة.